الرقة وحلب وملامح النهاية لداعش
مسلم عباس
2016-06-05 12:36
تمكنت قوات تابعة للجيش السوري - تدعمها طائرات حربية روسية - من الدخول إلى الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. ويقول المرصد، إن الجيش السوري يضغط على مسلحي داعش بهدف الوصول إلى سد مهم على نهر الفرات. حيث يتخذ تنظيم داعش من مدينة الرقة عاصمة له.
ولم يصدر تعليق من جانب السلطات السورية أو الروسية على هذه الأنباء. وقالت وكالة أعماق المرتبطة لتنظيم داعش إن مسلحيه "أحبطوا هجوما عنيفا لقوات من الجيش السوري كانت تسعى للوصول إلى قاعدة الطبقة، في محافظة الرقة.
ووقعت اشتباكات عنيفة بين القوات السورية ومسلحي داعش أسفرت منذ فجر الخميس عن مقتل 26 مسلحا من التنظيم و9 من القوات التابعة للحكومة، بحسب المرصد الذي يقول إنه يعتمد على مصادر محلية. فيما ذكر مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، لوكالة فرانس برس أن "هذه المرة الأولى التي تتمكن فيها قوات سورية من الدخول إلى محافظة الرقة منذ أغسطس/آب 2014". وأوضح المرصد أن القوات السورية تحاول التقدم إلى بحيرة الفرات وطريق الرقة - حلب ب وبحيرة الفرات الواقعة في منطقة الطبقة.
وتعرض تنظيم داعش لهجمات خلال الأيام الأخيرة شمال مدينة الرقة، حيث يشن تحالف قوات سوريا الديمقراطية، المدعوم من الولايات المتحدة، هجوما منفصلا. وتعهدت روسيا بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية، التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، وواشنطن في هذا الهجوم. وتشير التقديرات الأمريكي إلى أن قرابة 3 آلاف إلى 5 آلاف مقاتل تابع للتنظيم في الرقة.
جبهة جديدة
من جانب اخر فتح آلاف المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة جبهة رئيسية جديدة في الصراع السوري بعد أن شنوا هجوما لطرد تنظيم داعش من منطقة في شمال سوريا يستخدمها التنظيم كقاعدة لوجستية ويبدو أنهم يحققون تقدما أوليا سريعا في ساحة القتال بحسب ما ذكر موقع (دويتشية فيلة) الالماني.
وتهدف العملية التي بدأت يوم الثلاثاء بعد أسبوعين من التحضيرات الهادئة إلى منع التنظيم من استخدام أراض سوريا على امتداد الحدود التركية وهي منطقة يستخدمها الارهابيون منذ وقت طويل لنقل المقاتلين الأجانب ذهابا وإيابا إلى أوروبا.
وقال مسؤول عسكري أمريكي لرويترز "إنها (العملية) مهمة كونها تستهدف منفذهم الأخير" إلى أوروبا. وكان المسؤول هو أول من أعلن عن بدء الهجوم. وأضاف المسؤولون الذين رفضو ذكر اسمهم أن عددا صغيرا من قوات العمليات الخاصة الأمريكية سيدعم الهجوم على المنطقة للسيطرة على "جيب منبج" من خلال عملهم كمستشارين وسيظلون بعيدا عن الخطوط الأمامية. وذكر المسؤول العسكري "سيقتربون بالقدر المطلوب من أجل أن يتمكن (المقاتلون السوريون) من إتمام العملية. لكنهم لن يشتركوا بشكل مباشر في القتال".
وستحظى العملية بدعم جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي نفذ 18 ضربة ضد مواقع داعش قرب منبج منها ست وحدات تكتيكية عسكرية ومقران وقاعدة تدريب. وتوقع مصدر كردي طلب عدم نشر اسمه وصول الفصائل المسلحة السورية إلى منبج الخاضعة لسيطرة داعش خلال أيام بعد تقدم تلك القوات لمسافة عشرة كيلومترات من البلدة. وأضاف المصدر أن من السابق لأوانه التكهن بما ستسفر عنه معركة منبج لكنه أشار إلى أن دفاعات داعش المتمركزة على الضفة الغربية لنهر الفرات انهارت في بداية الحملة.
من جانبها ذكرت بسمة قضماني عضو وفد المعارضة السورية لمفاوضات السلام أن قوات تحالف سوريا الديمقراطية شنت بدعم أمريكي هجمات على مجموعات مسلحة تعارض الرئيس بشار الأسد وإن مصالحها تبدو في بعض الأحيان متوافقة مع الحكومة السورية. وقالت قضماني عضو وفد الهيئة العليا للمفاوضات للصحفيين إن الهيئة ترغب في الحصول على توضيح بشأن أهداف قوات سوريا الديمقراطية. وأضافت أن هذه المخاوف تشمل "كيف ينظر إليهم السكان المحليون وما هي مواقفهم السياسية ولأنهم أيضا هاجموا بعض فصائل الجيش السوري الحر ومناطق تحت سيطرته".
وفي وقت سابق نهاية شهر مايو الماضي أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، إطلاق عملية لطرد تنظيم داعش من شمال محافظة الرقة، معقله في سوريا، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وكتبت قوات سوريا الديمقراطية على تويتر نقلا عن روجدا فيلات، القيادية في هذه القوات، "نبدأ عملية تحرير شمال الرقة بمشاركة جميع وحدات قوات سوريا الديمقراطية" بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وأضافت فيلات أن الهدف من العملية "صد العمليات الإرهابية عن الشدادي (جنوب الحسكة) وتل أبيض (شمال الرقة) وكوباني (شمال حلب)"، وهي جميعها مناطق نجح المقاتلون الأكراد من طرد تنظيم داعش منها.
وبدأت قوات "سوريا الديمقراطية" هجومها من مدينة تل أبيض في شمال الرقة والمحاذية للحدود مع تركيا، ومن مدينة عين عيسى على بعد أكثر من خمسين كيلومترا من مدينة الرقة، بحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن. وقال عبد الرحمن "تقصف طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي منذ الصباح بعشرات الغارات مواقع لتنظيم داعش في ريف الرقة الشمالي، والأطراف الشمالية لمدينة الرقة وداخلها، تمهيدا لتقدم قوات سوريا الديمقراطية في شمال الرقة".
وكان بريت ماكغورك، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لدى التحالف ضد تنظيم داعش أعلن في تغريدة على تويتر أن قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال جوي فوتيل زار سوريا السبت "للتحضير للهجوم على الرقة".
غارات خجولة واوباما يدافع
قيادة الاسطول السادس الاميركي في نابولي (ايطاليا) اعلنت تنفيذ طائرات اميركية الجمعة "طلعات قتالية" انطلاقا من حاملة الطائرات هاري ترومان في البحر المتوسط، دعما لعمليات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش في سوريا والعراق.
وافاد بيان مقتضب للقيادة ان العملية "تعكس سهولة التحرك والمرونة وقدرة التكيف التي تتمتع بها قوات البحرية الاميركية المنتشرة حول العالم، في اي وقت واي مكان"، من دون تفاصيل حول اهداف الطلعات، مكتفيا بالإشارة الى عبور حاملة الطائرات قناة السويس الخميس.
وتنتشر حاملة الطائرات ترومان في الخليج ضمن قوة الاسطول الخامس منذ كانون الاول/ديسمبر، عندما شاركت طائراتها بكثافة في ضربات على مواقع للتنظيم الارهابي. وقال قائد الاسطول السادس جيمس فوغو "في اثناء تواجد حاملة الطائرات هاري ترومان في منطقة الاسطول السادس" يشكل عملها ضد الارهابيين اثباتا على "التزامنا تنفيذ سلسلة متكاملة من العمليات العسكرية بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا الاوروبيين الذي لا غنى عنهم". لكن البيان لا يحدد ما إذا كانت الطائرات شنت غارات.
وفي سياق الحرب على داعش دافع الرئيس الاميركي باراك اوباما عن مقاربته المثيرة للجدل حيال النزاع السوري، محذرا من خطر انزلاق الولايات المتحدة الى حرب اهلية جديدة في الشرق الاوسط.
وقال امام الاكاديمية العسكرية التابعة لسلاح الجو الاميركي في كولورادو سبرينغز (غرب) ان "المقترحات بتدخل عسكري اميركي اقوى في نزاع مشابه للحرب الاهلية في سوريا يجب دراستها بدقة صارمة (…) مع الاخذ في الاعتبار المخاطر التي تنطوي عليها بشكل صادق".
وتساءل "ماذا سيكون تأثير (هذا التدخل) على النزاع؟ وما هي الخطوة المقبلة". وقد اكد الرئيس الاميركي مرارا انه سيكون من الخطأ ارسال قوات الى سوريا لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد او محاربة تنظيم داعش.
وشدد اوباما على ان "الحل الحقيقي الوحيد للنزاع السوري هو الحل السياسي"، داعيا مرة اخرى الى رحيل الاسد لكنه اكد ان ذلك يتطلب جهودا دبلوماسية وليس "انجرار الجنود الاميركيين الى حرب اهلية اخرى في الشرق الأوسط".
وقال الرئيس الاميركي لطلاب الاكاديمية العسكرية الاميركية "يجب ان تكون سياستنا الخارجية قوية، لكنها يجب ان تكون ذكية أيضا"، مدافعا مجددا عن قراره في صيف عام 2013 عدم شن ضربات في سوريا بعد استخدام النظام السوري اسلحة كيميائية، واوضح "لاننا اخترنا الدبلوماسية مدعومة بالتهديد باستخدام القوة، انجزنا اكثر بكثير مما كانت ستحققه الضربات العسكرية"، مشيرا الى ان ذلك سمح بتدمير الاسلحة الكيميائية السورية.
الأوضاع الإنسانية
وفي الجانب الإنساني أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة 3 يونيو/حزيران، أن سوريا وافقت على إيصال قوافل من المساعدات الإنسانية إلى 12 منطقة محاصرة خلال الشهر الجاري. وأوضح مكتب العمليات الإنسانية التابع للمنظمة الدولية أن دمشق أعطت أيضا ضوءا أخضر لإيصال مساعدات إنسانية محدودة إلى ثلاث مناطق أخرى، مع أن السلطات السورية رفضت السماح بإيصال المساعدات المماثلة إلى منطقتين محاصرتين أخريين.
وسبق أن أعلنت البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، الخميس 2 يونيو/حزيران، عن موافقة دمشق على إرسال قوافل مساعدات إنسانية إلى 11 منطقة محاصرة، خلال يونيو/حزيران الحالي. وجاء في بيان للبعثة أن مناطق كفر بطنا، وسقبا، وحمورية، وجسرين، والزبداني، وحرستا الشرقية، وزملكا، ومضايا، والفوعة، وكفرايا، واليرموك، أصبحت على قائمة المناطق التي وافقت السلطات السورية على إدخال مساعدات إليها، إلى جانب نحو 25 منطقة أخرى.
وأضاف البيان أن داريا ودوما، وهما منطقتان محاصرتان أيضا أصبحتا على قائمة تضم 8 أماكن تمت الموافقة على إدخال مساعدات طبية إليها وإمدادات دراسية وحليب للأطفال، مشيرا إلى أن داريا لم تتلق أي مساعدات غذائية منذ 2012، ولم تكن على قائمة المناطق السورية التي تمت الموافقة على وصول قوافل الإغاثة الإنسانية إليها.
من جهة أخرى، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر دبلوماسية أن الأمم المتحدة ستطلب من الحكومة السورية الموافقة على إنزال المساعدات الإنسانية جوا إلى المناطق السورية المحاصرة. وأوضحت الوكالة أن ستيفن أوبراين، منسق الأمم المتحدة لشؤون الإغاثة، أبلغ الجمعة 3 يونيو/حزيران مجلس الأمن الدولي بأن الأمم المتحدة ستتوجه إلى دمشق بالطلب المناسب يوم الأحد المقبل.
يذكر أن أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم أيضا الولايات المتحدة وروسيا وافقوا في الشهر الماضي على ضرورة قيام برنامج الأغذية العالمي بإنزال المساعدات جوا إلى المناطق المحاصرة اعتبارا من الأول من يونيو/حزيران إذا مُنعت قوافل المساعدات من الدخول برا إلى تلك المناطق.
وفي سياق منفصل أعلن المركز الروسي في حميميم للمصالحة بين الأطراف المتنازعة في سوريا، السبت 4 يونيو/حزيران، أن "جبهة النصرة" استغلت الهدنة لإعادة تمركز قواتها وزيادة احتياطيات الأسلحة بمحافظة حلب.
وقال المتحدث باسم المركز، للصحفيين: "قام تنظيم "جبهة النصرة"، مستغلا نظام وقف العمليات القتالية ووجود فصائل ما يسمى بالمعارضة المعتدلة التي لا تستهدفها القوات الجوية الروسية والطيران السوري، في المناطق نفسها التي ينتشر فيها الإرهابيون، بإعادة تمركز قواته وزاد من احتياطياته من الأسلحة والذخيرة، وشن عمليات نشطة. ولا يوجد أي نقص في الذخائر والأسلحة لدى الفصائل الإرهابية المسلحة".