خطف الرهائن.. ارهاب بديل من اجل البقاء

عبد الامير رويح

2016-05-02 10:42

عمليات الخطف بمختلف انواعها، اصبحت من اهم الوسائل التي تعتمد عليها التنظيمات الارهابية المسلحة لتوفير الاموال التي تضمن استمرار عملها، حيث تستخدم بعض هذه التنظيمات ومنها تنظيم داعش الإرهابي وتنظيم القاعدة، عمليات خطف الرهائن كوسيلة ضغط ومصدر للتمويل بالإضافة إلى استغلال عمليات الخطف والإعدام كوسيلة للدعاية ونشر الرعب والإرهاب. وقد كشفت الخبيرة في الأمم المتحدة يوتسنا لاليي في وقت سابق، خلال اجتماع للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن حول عمليات الخطف الإرهابية التي تنفذ للحصول على فدى مالية، إن الجماعات الإرهابية حصلت على فدى مالية تقدر بنحو 120 مليون دولار ما بين 2004 و2012. وأوضحت لاليي، أنه في السنوات الأخيرة جعلت القاعدة والمجموعات الارهابية المنبثقة عنها من عمليات الخطف الأسلوب الجوهري في الحصول على إيرادات.

وأشارت إلى تسجيل صوتي لزعيم القاعدة أيمن الظواهري في تشرين الاول 2012 يحرض فيه المتشددين في جميع أنحاء العالم على خطف الغربيين. وبينت لاليي أن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، والذي ينشط في اليمن حصل على 20 مليون دولار كفدى ما بين 2011 و2013، والقاعدة في المغرب والتي تنشط في شمال أفريقيا جنت 75 مليون دولار خلال السنوات الأربع الماضية. أما جماعة بوكو حرام في نيجيريا والشباب في الصومال فقد جمعتا الملايين من الدولارات خلال السنوات الماضية. وحصلت جماعة أبو سياف الناشطة في الفلبين على “1.5 مليون دولار” وفقا للخبيرة.

وفيما يخص بعض اخبار هذا الملف المهم فقد دفعت براغ فدية قدرها ستة ملايين دولار للافراج عن تشيكيتين خطفتا في اذار/مارس 2013 في باكستان وافرج عنهما بعد عامين كما قالت صحيفة "ريسبكيت". وخطف مسلحون هانا هومبالوفا وانتوني شراستيكا وهما طالبتان في علم النفس في ال24 من العمر في 13 اذار/مارس 2013 في ولاية بلوشستان (جنوب غرب باكستان) على الحدود مع افغانستان وايران. ودخلت الطالبتان بلوشستان كسائحتين من ايران وخطفتا على بعد حوالى 550 كلم غرب كويتا المدينة الرئيسية في هذه الولاية.

واعلنت حكومة رئيس الوزراء بوهوسلاف سوبوتكا الافراج عنهما وعودتهما الى براغ في 28 اذار/مارس 2015 مشيدة باهمية العمل الذي قامت به منظمة انسانية تركية. وكتبت الصحيفة ان النقاش حول دفع فدية تم على مستوى مجلس امن الدولة. وقال احد المشاركين في الاجتماع للصحيفة طالبا عدم كشف هويته "لم تكن النقاشات سهلة. وفي نهاية المطاف لم يرغب اي من المشاركين في تحمل مسؤولية مقتل الشابتين. واتخذ قرار دفع الفدية بالاجماع".

وقال المتحدث باسم الحكومة مارتن آيرر ر ان "رئيس الوزراء لن يعلق على هذه المعلومات". ونشرت الصحيفة هذه المعلومات بعد افراج براغ عن مواطن لبناني يدعى علي فياض مسجون منذ 2014 بطلب من الولايات المتحدة ما سمح ايضا بالافراج عن خمسة تشيكيين خطفوا في لبنان في تموز/يوليو. واعربت السفارة الاميركية عن استيائها مؤكدة ان قرار براغ "سيشجع الارهابيين والمجرمين". واتهمت واشنطن علي فياض بالتخطيط لاغتيال موظفين في الحكومة الاميركية ومحاولة استخدام صاروخ مضاد للطائرات.

ذبح رهينة

الى جانب ذلك ذبحت جماعة أبو سياف الإسلامية المتشددة في الفلبين الرهينة الكندي جون ريدسدل بعدما انقضت المهلة النهائية التي حددتها لدفع الفدية في الوقت الذي تزداد فيه قوة بفضل المبالغ الهائلة التي كسبتها من أعمال الخطف. وقال مسؤولون أمنيون إن الجماعة التي بايعت تنظيم داعش جنت عشرات ملايين الدولارات منذ أن تشكلت في تسعينيات القرن الماضي وتمكنت بذلك من شراء الأسلحة وقاذفات القنابل والقوارب السريعة والمعدات الحديثة. ويواجه الجيش الفلبيني صعوبة متنامية في إضعاف شوكة أبو سياف التي تتمركز في جزيرة جولو الفلبينية.

وعلى الرغم من إعلان الجماعة أنها تخوض قتالا ضد الحكومة من أجل إعلان دولة إسلامية مستقلة في جنوب الفلبين ذات الأغلبية الكاثوليكية غير أن مقاتليها غالبا ما يسعون وراء المال الذي يمكن أن يجنوه من أعمال الخطف والقرصنة. وقالت إندونيسيا المجاورة بعد خطف 14 من مواطنيها هم طاقم سفينة إن القرصنة على المسار الملاحي على طول حدودها البحرية مع الفلبين قد تصل إلى مستويات مماثلة لتلك التي سجلت في السابق في السواحل الصومالية ودعت السفن التجارية إلى ضرورة تفادي المنطقة.

وقالت سيدني جونز الخبيرة في مكافحة الإرهاب من جاكرتا إن هناك صلات بين جماعة أبو سياف وجماعات أخرى موالية لتنظيم داعش في إندونيسيا مشيرة إلى أن الجماعة التي نفذت عملية الذبح و كانت تريد المال فقط فيما يبدو. وأوضحت "أن عمليات طلب الفدية حققت نجاحا هائلا لأبو سياف وجمعت لهم الكثير من المال ووفرت لهم حرية ممارسة نشاطهم." واختطف ريدسدل (68 عاما) من منتجع في العام الماضي وذبح عندما انتهت المهلة المحددة لدفع فديته. وطلبت الجماعة 6.41 مليون دولار مقابل إطلاق سراحه كما طلبت فدى مماثلة لرهينة كندي آخر ظهر معه نرويجي وامرأة فلبينية في تسجيل مصور وهما يناشدان حكومتيهما إنقاذهما.

وقال متحدث باسم الجيش الفلبيني إن جماعة أبو سياف هددت بذبح أحد الرهائن الأربعة إذا لم تدفع الفدية لكل واحد منهم. ونادرا ما تعلن الفلبين دفع الفدى للرهائن لكن يعتقد على نطاق واسع أنه لم يتم الإفراج عن أي من الرهائن السابقين بدون دفع الفدى أولا.

واختطف ألمانيان من على يختهما عام 2014 وأطلق سراحهما بعد دفع 5.3 مليون دولار وفي عام 2000 ودفعت الحكومة الليبية التي كانت تلعب دور الوساطة 10 ملايين دولار إلى الجماعة في مقابل إطلاق سراح عشرة رهائن من أوروبا والشرق الأوسط. وقال الخبير الأمني رومل بنلاوي إن إعدام الغربيين زاد أهمية جماعة أبو سياف مشيرا إلى أن الأموال التي يفترض أن تجنى من هذه الأنشطة ستشجع الجماعات الأخرى على لعب أدوار ثانوية في العملية.

وأضاف أن "ذبح جون ريدسدل زاد من نفوذ جماعة أبو سياف" مشيرا إلى أن "المخاطر زادت بالنسبة إلى (سلامة) الرهائن الآخرين مع إثبات الجماعة أنها لم تكن تمارس الخداع عندما فرضت مهلة نهائية (لدفع الفدية)." وتحتجز الجماعة 23 رهينة بينهم يابانيون ونرويجيون وهولنديون وماليزيون بالإضافة إلى 14 إندونيسيا. وأمر الرئيس الفلبيني المنتهية ولايته بنينو أكينو قوات الأمن بتعقب مسلحي أبو سياف. وأعلن الجيش أن 2500 جندي يشاركون في العملية العسكرية ضدها مشيرا إلى أن مواقع الجماعة الجبلية قصفت بالمدفعية. بحسب رويترز.

وقال مصدر في المخابرات الفلبينية إن الحل السياسي حيوي لأن مكاسب الجماعة من الفدى تحصن شبكتها وتعقد عمل الجيش. وتعاني المنطقة التي تنشط فيها جماعة أبو سياف من الفقر المدقع مما يسهل تجنيد غير المتعلمين والعاطلين عن العمل بعد إغرائهم بالمال والنفوذ. وأضاف المصدر "أنها شريان الحياة الذي يحافظ على انعدام الأمن في المنطقة. المال الذي يتم تقاضيه مقابل الرهائن يستخدم لشراء الأسلحة والقوارب السريعة ومعدات الاتصال." وأضاف "المزيد من الأولاد المنقطعين عن المدارس ينضمون إليهم ويحملون السلاح. الجيش وحده لا يمكنه حل المشكلة."

رهائن وتحركات

في السياق ذاته أعلن تنظيم داعش في مجلته الدعائية "دابق" احتجاز رهينتين أحدهما نرويجي والآخر صيني مطالبا بدفع فدية لإطلاق سراحهما. ونشر التنظيم المتطرف صور الرهينتين لكنه لم يحدد مقدار الفدية ولا حيثيات عملية الاختطاف. وأكدت الحكومة النرويجية اختطاف مواطنها في سوريا وأضافت بأن أوسلو لا تدفع فدية مقابل إطلاق سراح أي رهينة. وخصص التنظيم المتطرف صفحتين من العدد الأخير لمجلته دابق للإعلان عن احتجاز الرهينتين وعن مطالبه لإطلاق سراحهما، ناشرا صورا عدة لكل منهما.

وتحت عنوان "أسير نروجي للبيع" نشرت دابق أربع صور للرهينة النرويجي ألتقطت له من الزوايا الأربع وبدا فيها مرتديا زيا أصفر. وتحت كل من هذه الصور نشرت المجلة تفاصيل تتضمن اسم الرهينة وعمره ومكان ولادته وتحصيله العلمي وعنوان سكنه، وأرفقتها بالعبارة التالية "لمن يرغب بدفع الفدية لإطلاق سراحه ونقله، يمكنه الاتصال بالرقم التالي"، ناشرة رقم هاتفي عراقي. وحذر التنظيم في إعلانه من أن "هذا العرض لمدة محدودة". والأمر نفسه ينطبق على الرهينة الصيني. بحسب فرانس برس.

ولم يوضح التنظيم الجهادي متى أو أين خطف الرهينتين، ولا حدد مقدار الفدية المالية التي يطلبها للإفراج عنهما. وبحسب رئيسة الوزراء النرويجية فإن الرهينة يدعى أولى-يوهان غريمسغارد-اوستفاد، مشيرة إلى أنه خطف في سوريا بعيد وصوله إلى هذا البلد. وكان هذا الرجل البالغ من العمر 48 عاما والذي يعمل في جامعة تروندهايم للعلوم والتكنولوجيا (غرب) أعلن على صفحته على موقع فيسبوك أنه وصل إلى إدلب في شمال غرب سوريا. ولم يتضح حتى الآن سبب توجهه إلى سوريا. وحذرت رئيسة الوزراء النرويجية من أن "هذا الملف شديد الصعوبة"، مؤكدة أن حكومتها شكلت خلية أزمة لمتابعته. أما الرهينة الصيني فيدعى فان جينغوي (50 عاما) ويعمل مستشارا، بحسب دابق.

من جهة اخرى اعلنت مصادر رسمية في بوركينا فاسو واستراليا انه تم الافراج عن الاسترالية جوسلين اليوت التي خطفها في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي مع زوجها الطبيب جهاديون مرتبطون بتنظيم القاعدة. وقال وزير خارجية بوركينا فاسو الفا باري في واغادوغو انه "تم الافراج" عن اليوت، موضحا انها "وصلت بلا مشاكل الى النيجر واستقبلها الرئيس النيجري محمد ايسوفو". واضاف باري "حاليا نعرف ان زوجها (آرثر كينيث اليوت) على قيد الحياة وبصحة جيدة"، مؤكدا ان مفاوضات اخرى ستجرى من اجل التوصل الى اطلاق سراحه. وقال "سنقعل ما بوسعنا لاخراجه". واكد وزير الخارجية انه لم "لم تكن هناك اي فدية او اي شروط" للخاطفين لاطلاق سراح هذه الرهينة.

وفي سيدني، اعلن رئيس الوزراء الاسترالي مالكولم ترنبول الافراج عن جوسيلين اليوت. وقال "اؤكد ان وزيرة خارجيتنا جولي بيشوب (..) تحدثت الى السيدة اليوت قبل قليل" معربا عن "الشكر لحكومة النيجر وحكومة بوركينا فاسو حيث كان الزوجان اليوت يعيشان عندما خطفا". وكان آرثر اليوت (82 عاما) وزوجته جوسيلين (84 عاما) يعيشان في بوركينا فاسو منذ 1972 وشاركا في عمليات انسانية لاهالي منطقة سوم وفي مناطق اخرى في مالي والنيجر المجاورتين.

وتبنت خطفهما جماعة انصار الدين بزعامة القيادي الطوارق السابق المالي اياد اغ غالي حليف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. وخطف الزوجان في جيبو على الحدود بين مالي والنيجر ليل 15 الى 16 كانون الثاني/يناير في عملية منسقة على ما يبدو.

غوانتانامو في سوريا

على صعيد متصل روى رهينة اسباني سابق ان تنظيم داعش جمع 23 رهينة من 11 جنسية، قتل سبعة منهم في سجن في سوريا مثل معتقل غوانتانامو الاميركي. وفي روايته التي نشرتها صحيفته "ال موندو" كشف الصحافي خافيير اسبينوزا الذي افرج عنه في 29 آذار/مارس 2014، للمرة الاولى تفاصيل قتل الرهينة الروسي سيرغي غوربونوف الذي فقد في 2013.

وافاد الصحافي الاسباني انه احتجز لعدة اشهر في فيلا بشمال حلب مع 22 اوروبيا واميركيا وسيدة من اميركا اللاتينية لم يعرف هويتها حتى افرج عنه في 23 آذار/مارس 2014. وقال اسبينوزا ان التنظيم المتطرف جمع الرهائن من العاملين الانسانيين والصحافيين في سجن واحد اراده شبيها بسجن غوانتانامو الاميركي في كوبا حيث اودع مقاتلون اسلاميون متطرفون اوقفوا في افغانستان.

ونقل الصحافي الاسباني عن زميله الاميركي جيمس فولي الذي اعتقل معه بعد خطفه في تشرين الثاني/نوفمبر 2012 واعدم في آب/اغسطس 2014 "انه كان لديهم هذا المشروع منذ فترة طويلة، بحسب فولي. الشيخ العراقي (رئيس الحراس) قال لنا منذ البداية انهم يريدون اعتقال الغربيين في سجن يخضع لحراسة مشددة مع كاميرات والعديد من الحراس وقال لنا اننا سنمضي فيه وقتا طويلا لاننا اول المعتقلين". واضاف الصحافي الاسباني انه لزم الصمت منذ الافراج عنه، وكذلك زميله المصور ريكاردو غارسيا فيلانوفا والصحافي في بيريوديكا دي كاتالونا مارك مارجينيدس الذي بدا روايته للاحداث، لان الحراس هددوا بقتل رهائن آخرين اذا تحدثوا "قبل الانتهاء من كل شيء". بحسب فرانس برس.

وتابع انه من بين 23 رهينة تم الافراج عن 15 واعدام ستة بينما قتلت الاميركية كايلا مولر في غارة للطيران الاميركي، بحسب التنظيم المتطرف. وروى اسبينوزا كيف اجبرهم حراس على مشاهدة صور اعدام المهندس الروسي سيرغي نيكولايفيتش غوربونوف الذي خطف في تشرين الاول/اكتوبر 2031 واغتيل في آذار/مارس 2014، بحسب الصحافي الاسباني. وقال لهم احد الحراس "الشيخ اطلق عليه رصاصة متفجرة في الراس (..) قد يكون هذا مصيركم او سنجبركم على دفنه وحفر قبر جديد لارسالكم لتناموا بجانبه". وكانت روسيا اعلنت في تشرين الاول/اكتوبر 2013 انها تحقق في فقدان غودونوف الذي قال في فيديو نشر على يوتيوب "اذا لم يبادلوني في غضون خمسة ايام، سيقتلوني".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي