كيف يتم استغلال وتجنيد النساء في تنظيم داعش؟
عبد الامير رويح
2016-04-05 11:46
تجنيد واستغلال النساء والممارسات اللاخلاقية من قبل تنظيم داعش الإرهابي، الذي سعى الى توسيع عملياته الاجرامية وتجاوزاته الواسعة التي تتضمن أعمال القتل والتعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي وتجنيد الأطفال، لا تزال محط اهتمام واسع خصوصا وان بعض التقارير قد اكدت ان هذا التنظيم الارهابي قد ارتكاب جرائم وحشية ضد النساء، حيث اختطف التنظيم وبعد سيطرته على مساحات واسعة في سوريا والعراق كما نقلت بعض المصادر، الكثير من النساء والفتيات وعمد الى بيعهن في الاسواق بأسعار تراوحت بين 500 دولار و43 ألف دولار أمريكي للمرأة أو الفتاة الواحدة. أما غيرهن من الأسيرات فجرى تزويجهن عنوة إلى أعضاء التنظيم، فيما حولت الأخريات إلى أداة المتعة لهم. هذا وذاع صيت الدواعش كمعذبي النساء ومغتصبيهن، الأمر الذي دفع الكثيرات منهن إلى الانتحار.وقد وثقت بعض المنظمات الحقوقية ومنهامنظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان العديد من الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش في حق فتيات قاصرات ونساء أيزيديات وقعن في قبضة مقاتلي التنظيم.
وتتصدر الجرائم المتعلقة بالاعتداء الجنسي ممارسات مقاتلي داعش في حق مئات الأيزيديات، فأغلب اللواتي اختطفهن التنظيم المتشدد كـ(سبايا) تم اغتصابهن أو تزويجهن قسرا، وأكثر من ذلك تبادلهم مقاتلو داعش كـهدايا لإشباع رغباتهم الجنسية، وتم بيعهن في أسواق النخاسة. وفي شهادات تضمنها التقرير، تحدثت نساء وفتيات أيزيديات هربن من قبضة التنظيم عن صنوف من العذاب الجسدي عانينه خلال فترة اختطافهن، إذ اغتصبت الكثيرات منهن عدة مرات، ومورس عليهن الجنس قسريا يوميا من قبل عدة رجال. يضاف الى ذلك عمليات التجنيد الواسعة التي يقوم بها التنظيم حيث اشارت بعض التقارير الى أن تنظيم داعش يسعى إلى تجنيد المزيد من النساء، لا سيّما أنّه بات يعتمد على العنصر النسائي في الكثير من المهمات وأصبح سلاحه الجديد. ويرى الباحثون أن جذب التنظيم النساء الغربيات أسهل من نظائرهن في البلدان العربية، لما يحظين به من عقل متفتح، وتعليم جيد، واستخدام للتقنية، وحرية السفر، والاستقلال عن الأهل.
وأشاروا إلى أن المحاور الرئيسة التي يعمل عليها التنظيم المتشدد هي مداعبة حلمهن بالعيش إلى جانب بطل مقاتل ومشاركته في وطن جديد، أو من طريق التخويف من شبح العنوسة، أو تحقيق حلم الاستقلالية وإثبات الذات وربح الكثير من الأموال. وأوضحت بعض التقارير التي صدرت في وقت سابق أن اعمار المجندات تتراوح بين 16 و27 عاماً، وغالبية النساء الغربيات اللاتي يسافرن إلى داعش من بريطانيا وهولندا وفرنسا والنمسا ويقمن بالدعاية للتنظيم على شبكة الإنترنت. وقال خبير أمني فرنسي لصحيفة لوباريزيان، أن داعش يولي النساء الفرنسيات أهمية خاصة، لأنهن يظهرن تطرفاً "وراديكالية" أكثر من النساء الأوروبيات الأخريات، لهذا السبب يعمد تنظيم داعش إلى إطلاق دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للفتيات الفرنسيات القاصرات للانضمام إلى صفوفه، مقدماً الكثير من التسهيلات، لضمان وصولهن إلى الأراضي السورية من دفع أجور السفر وتمويلهن ورعايتهن. وبدأ التنظيم المتشدد الاعتماد على النساء أيضاً في هجماته الإرهابية.
داعش وموانع الحمل
وفي هذا الشأن كشف تحقيق اجرته صحيفة نيويورك تايمز ان مسلحي داعش يجبرون الفتيات الايزيديات السبايا على تناول وسائل لمنع الحمل وذلك حتى يتمكن المسلحون من استخدامهن جنسيا. وقالت الصحيفة - التى اجرت مقابلات مع اكثر من خمسة وثلاثين امراة ايزيدية هربن من مسلحي التنظيم في العراق- انهن تناولن عقاقير منع الحمل عن طريق الفم او الحقن او الاثنين معا. وقالت الصحيفة إنه "في حالة واحدة على الاقل، اجبرت احدى السبايا على اجهاض حملها من اجل ان تكون في متناول مسلحي التنظيم، وان اخريات تعرضن لضغوط لاجبارهن على ذلك."
يذكر ان التنظيم المذكور يعتبر الايزيديين - الذين تقوم ديانتهم على خليط من التعاليم المسيحية والزرادشتية والاسلامية - "من عبدة الشيطان". وما زال معظم اتباع هذه الديانة في العراق البالغ عددهم نصف مليون تقريبا يقيمون في مخيمات للنازحين في اقليم كردستان العراق منذ استيلاء التنظيم على مناطقهم في صيف عام 2014. وقالت النيويورك تايمز نقلا عن طبيب اخصائي بالامراض النسائية قام بفحص الايزيديات الـ 35 إن من الايزيديات المغتصبات الـ 700 اللواتي راجعن عيادة تديرها الامم المتحدة في العراق لم تحمل الا 5 بالمئة منهن خلال فترة اسرهن.
وقال الدكتور نزار عصمت طيب مدير دائرة صحة محافظة دهوك العراقية الشمالية التي تشرف على العيادة إن العدد كان اقل كثيرا من المتوقع، حسبما اوردت الصحيفة. وتتهم الامم المتحدة والجماعات المدافعة عن حقوق الانسان تنظيم داعش بالاختطاف والاغتصاب الممنهج لآلاف النسوة والفتيات (بعضهن لم يبلغن سن الـ 12). وقد اهديت بعضهن لمسلحين كمكافئات فيما بيعت اخريات. ولا يحاول التنظيم التستر على هذه الممارسات فحسب، بل يتشدق بها واسس مكتبا "لغنائم الحرب" لادارة نشاطات العبودية الجنسية حسبما تقول وكالة رويترز للانباء.
مارلين السويدية
من جانب اخر كانت مارلين نيفالاينين لا تتعدى ال15 عاما وحاملا عندما غادرت السويد مع شاب من طالبي الجهاد ولم تدرك الخطأ الجسيم الذي ارتكبته حتى وصولها الى العراق. ومن الموصل معقل تنظيم داعش في شمال العراق، اتصلت يائسة بمنزلها من متوسلة المساعدة ليتم انقاذها بنهاية الامر على ايدي قوة كردية عراقية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيرونيكا نوردلوند ان نيفالاينين وهي من بلدة بوراس جنوب غرب السويد، "عادت الى السويد مع اسرتها". ووصلت الى ستوكهولم مع والديها اللذين سافرا عدة مرات الى العراق في الاشهر الثمانية الماضية سعيا لاعادتها الى السويد، بحسب الصحيفة المحلية بوارس تايدنينغ.
وقالت الشرطة ان صديقها وهو مغربي وصل السويد قبل ثلاث سنوات وكان قاصرا، توفي. وانقذت قوة كردية الشابة قرب الموصل ، بحسب بيان من مجلس الامن اقليم كردستان. وفي مقابلة بثت على القناة التلفزيونية كردستان-24 قالت الشابة السويدية بانكليزية ركيكة انها التقت صديقها في 2014 واعتنق الجهاد بعد مشاهدة فيديوهات لتنظيم داعش.
واضافت "قال انه يريد الالتحاق بالتنظيم وقلت حسنا، لا مشكلة لانني لم اكن ادرك ما يعني تنظيم داعش او ما هو الاسلام". وكانت حاملا عندما غادرا السويد في ايار/مايو 2015 واستقلا قطارات وحافلات في انحاء اوروبا حتى عبرا الحدود بنهاية المطاف من تركيا الى سوريا. ثم نقلهما جهاديو داعش الى الموصل. وقالت "في منزلي لم يكن لدينا شيء، لا كهرباء لا ماء، لا شيء. كان مختلفا تماما عن حياتي في السويد، لاننا في السويد لدينا كل شي. وعندما كنت هناك لم يكن لدي شيء، ولا حتى المال". واضافت "عندما حصلت على هاتف، بدأت الاتصال بوالدتي وقلت انني اريد العودة الى المنزل. فاتصلت بالسلطات السويدية".
ونشرت وسائل الاعلام السويدية رسائل نصية يائسة ارسلتها الشابة الى والدتها عندما كانت عالقة في العراق. وكتبت "سأموت في قصف او انهم سيوسعونني ضربا حتى الموت او انني سأقتل نفسي يا امي، ليس لدي القوة للاستمرار". وقالت وسائل الاعلام السويدية انها انجبت طفلا في العراق وعادت مع الطفل الى السويد. وكان صديقها المغربي مختار محمد احمد وصل السويد في آب/اغسطس 2013 في سن ال17 بمفرده.
وقال المحقق في الشرطة اولف هوفمان "كان مشتبها به في سرقة في ستوكهولم". واضاف ان الشاب المشتبه به ايضا في قضايا مخدرات، توفي دون اعطاء تفاصيل حول ظروف وفاته. وفي فيديو نشر على الانترنت لم يتم التأكد من صحته ولا تحديد تاريخه، يكشف احمد عمره (ولد في 8 تموز/يوليو 1996) قبل اعلان كرهه السويديين "العنصريين". وتزامن فرار الشاب من السويد مع مذكرة توقيف دولية بحقه. بحسب فرانس برس.
واستولى تنظيم داعش على الموصل ومناطق اخرى من العراق في هجوم مباغت في 2014. ومنذ ذلك الحين مني بخسائر امام هجمات قوات عراقية وكردية على الارض، اضافة الى حملة جوية بقيادة اميركية. ويسيطر الجهاديون ايضا على مساحات شاسعة من سوريا. وارتكب التنظيم فظائع ضد مدنيين في الدولتين اللتين تمزقهما الحرب ومنها عمليات خطف واستغلال الاف النساء والفتيات جنسيا.
ادانة بريطانية
على صعيد متصل دانت محكمة في برمنغهام (شمال غرب انكلترا) شابة بريطانية بتهمة الالتحاق بتنظيم داعش مع طفلها في اول حكم من نوعه يصدر بحق امرأة في بريطانيا. وادينت تارينا شاكيل (26 عاما) بالانتماء الى داعش وتشجيع الارهاب في تغريدات وضعتها على موقع تويتر للرسائل القصيرة قبل مغادرتها بريطانيا. وقالت محكمة برمنغهام ان الشابة تبنت الاسلام المتطرف عبر الانترنت وقالت لعائلتها في تشرين الاول/اكتوبر 2014 انها ستتوجه الى تركيا لقضاء عطلة على الشاطئ. لكنها عبرت الحدود وذهبت الى الرقة معقل التنظيم الجهادي.
وكتبت في رسالة وجهتها الى قريب لها "ذهبت لابني بيتا في الجنة لنا جميعا. الله وعدنا اذا ضحينا بالحياة الدنيا"، مؤكدة في رسالتها "لن اعود". كما انها كتبت على صفحتها على فيسبوك التي تحمل في اعلاها علم التنظيم الجهادي "اذا كان ما يجري في سوريا حاليا لا يعجبكم، فلتكن يدكم على السلاح وليس على لوحة مفاتيح الكومبيوتر". ومن مراسلاتها واحدة اجرتها مع والدها عبر خدمة واتساب في كانون الاول/ديسمبر 2014 حين كانت في سوريا لتقول له فيها انها تريد "الموت هنا شهيدة".
وفي الرقة وضعت في بيت واسع مع نساء اخريات عازبات والتقطت لنفسها صورا مع طفلها وهي ترتدي البرقع الاسود. وظهرت في صور اخرى على هاتفها النقال وهي تحمل رشاش كلاشنيكوف ايه-كي47 ومسدسا. لكن شاكيل وجدت الحياة في ظل تنظيم داعش قاسية جدا. وكتبت في كانون الثاني/يناير 2015 على الانترنت "اريد ان ارحل من الدولة الاسلامية" وسافرت برا مع طفلها الى الحدود التركية. وقالت للمحكمة انها استقلت مع طفلها حافلة اوصلتهما الى مقربة من الحدود التركية، واضطرت لان تركض مسافة كيلومتر لعدم الوقوع في قبضة دورية للتنظيم الجهادي، قبل ان تنجح في عبور الحدود وتسليم نفسها للجيش التركي. بحسب فرانس برس.
وخلال محاكمتها دفعت شاكيل ببراءتها مؤكدة انها ذهبت الى سوريا بقصد العيش تحت حكم الشريعة الاسلامية فقط. كما اكدت خلال محاكمتها ان ذهابها الى سوريا كان نتيجة "غلطة ارتكبتها". لكن هيئة المحلفين دانت بالاجماع الشابة بانها "كانت بين 23 تشرين الاول/اكتوبر و9 كانون الثاني/يناير عضوا في تنظيم محظور". وفي شباط/فبراير الماضي عادت الى بريطانيا عن طريق مطار هيثرو حيث كانت الشرطة في انتظارها.
اسبانيا والولايات المتحدة
الى جانب ذلك وافقت اسبانيا على تسليم جهادي الى الولايات المتحدة حيث تتهمه السلطات الاميركية بتجنيد جهاديين عبر الانترنت مع مواطنة اميركية تعرف باسم "الجهادية جين"، بهدف ارتكاب اعتداءات في اوروبا وآسيا. ويحمل علي شرف دعماش الجنسيتين الجزائرية والايرلندية وكان اعتقل في كانون الاول/ديسمبر في برشلونة بناء على مذكرة اعتقال دولية بطلب من انتربول الولايات المتحدة. ويؤكد القضاء الاميركي ان دعماش عمل مع الاميركية كولين لاروز، التي اعتنقت الاسلام وتعرف باسم "الجهادية جين"، على انشاء "منظمة جهادية عنيفة" عبر تجنيد رجال ونساء في اوروبا والولايات المتحدة. بحسب فرانس برس.
وحكم على كولين لاروز المعروفة ايضا باسم فاطمة لاروز بالسجن عشر سنوات عام2014 بعد ادانتها بالتخطيط لارتكاب اعتداءات. ومن ضمن ما اتهمت به ايضا التخطيط لاغتيال لارس فيلكس الرسام السويدي الذي نشر عام 2007 رسما مسيء للنبي محمد. ويتهم القضاء الاميركي دعماش مع آخرين بتجنيد اشخاص عبر الانترنت "للجهاد العنيف في اوروبا واسيا الجنوبية" كذلك تجنيد نساء يحملن جوازات سفر اوروبية للقيام بهجمات هناك. ووافقت الحكومة الاسبانية على تسليم دعماش الى الولايات المتحدة. لكن دعماش اعلن رفضه تسليمه خلال جلسة في مدريد غداة اعتقاله. ويمكن ان يسجن دعماش 45 سنة بسبب نوعية التهم الموجهة اليه. وكان اعتقل في ايرلندا عام 2009 في اطار تحقيق في مؤامرة لاغتيال رسام الكاريكاتور السويدي. الا انه سرعان ما افرج عنه "بعد فشل طلب تسليمه من قبل الاميركيين لاسباب لها علاقة بالقانون الدولي" حسب ما افاد مصدر قضائي اسباني.
طليقة البغدادي
على صعيد متصل أعلنت طليقة زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي سجى الدليمي أنها تريد الاستقرار في أوروبا والعيش فيها حرة، وذلك في مقابلة مع صحيفة "إكسبرسن" السويدية تم تصويرها في "مكان سري" في لبنان. وقالت سجى الدليمي (28 عاما) التي لها ابنة من البغدادي، في المقابلة "أريد العيش في بلد أوروبي، وليس في بلد عربي". وأضافت "أريد العيش حرة"، مدافعة في الوقت نفسه عن فضائل الشريعة الإسلامية التي تؤمن "حرية النساء وحقوقهن".
وقالت ابنتها هاجر (7 سنوات) إنها تريد الذهاب إلى أوروبا للدراسة. وتم من خلال فحص للحمض النووي التأكد من أن هاجر هي الإبنة الحقيقية للبغدادي. وردا على سؤال عما إذا كان يزعجها أن توصف دائما بأنها "طليقة" البغدادي، قالت الدليمي التي أفرج عنها قبل أشهر من سجن لبناني أودعت فيه منذ عام 2014 مع أولادها (ابنة من البغدادي، واثنتان من زوج آخر) "نعم وضعت في خانة الإرهاب وأنا بعيدة عن هذا الشيء".
وتروي الدليمي التي نشأت في كنف عائلة بورجوازية عراقية، أنها تزوجت من رجل عراقي من الحرس الشخصي لصدام حسين، وأنجبت منه طفلتين توأمين. وبعدما أصبحت أرملة، تزوجت مجددا بناء على نصيحة والدها عام 2008 من البغدادي الذي تصفه بأنه كان "رب أسرة عادي" يعشق تربية الأطفال. وأوضحت "كنت أرملة منذ تسعة أشهر حين قرر والدي أن يزوجني". وأردفت "تزوجت إنسانا عاديا، أستاذا جامعيا (...) لم أسمع منه أو من عائلته أنه كان معتقلا، المخابرات أخبرتني أنني كنت متزوجة من أبي بكر البغدادي وأنه كان معتقلا".
وتابعت "في العام 2008 (...) لم يكن هناك سوى مقاومة تقاتل الأمريكيين (في العراق)، ولم يكن له موقف" من المقاومة، كان رجلا "لديه عائلة، يذهب إلى شغله ويعود إلى عائلته، حتى أنه لم يشارك مع المقاومة. كيف أصبح أميرا، لا أعرف". وعاشت الدليمي مع زوجة البغدادي الأولى وأولاده، ولم تكن سعيدة بهذه الحياة، وفق قولها. وردا على سؤال عما اذا كانت تتجرأ على النقاش معه في البيت، أجابت "لا، فهو لديه شخصية غامضة بعض الشيء".
وهربت الدليمي من منزل البغدادي. وردا على سؤال عما إذا كانت أحبته، أجابت بالنفي، قائلة "الدليل أنني انسحبت". وقالت إنه حاول أن يعيدها إليه "مرارا"، وإن الاتصال الأخير حصل بينهما عام 2009. "اتصل ليعيدني"، وحين علم بعد فترة بولادة ابنته، قال "سآخذها منك حين تتزوجين مجددا". وأعربت الدليمي عن خشيتها من أن يرسل البغدادي من يخطف ابنتها، موضحة "أخاف من كل الجهات". واعتبرت ان ابنتها "هي التي تعيش المعاناة، فقد أصبح كارثة الكرة الأرضية". بحسب فرانس برس.
وفي الأول من كانون الأول/ديسمبر، أفرجت "جبهة النصرة" المحسوبة على تنظيم القاعدة في سوريا عن 16 عسكريا لبنانيا كانوا مخطوفين لديها مقابل إفراج السلطات اللبنانية عن عدد من السجناء الإسلاميين بينهم الدليمي. وشوهدت الدليمي في حينه عبر شاشات التلفزيون التي نقلت مشاهد عن نقلها إلى الحدود اللبنانية مع سوريا، ترفض الانضمام إلى مسلحي "النصرة" في الجانب السوري، وتقول إنها تريد البقاء في لبنان.
الطريق الى اسطنبول
من جانب اخر يروي فيلم "طريق اسطنبول" للمخرج الفرنسي الجزائري رشيد بوشارب والذي عرض في مهرجان برلين السينمائي، تخبط ام فرنسية ادركت ان ابنتها توجهت الى سوريا للانضمام الى صفوف المتشددين. وكانت حياة هذه الام التي تدعى اليزابيت وادعة الى ان التقاها محقق في الشرطة وعرض لها صفحة فيسبوك تنشر مقطع فيديو تظهر فيه ابنتها إلودي وهي تعلن انها "وجدت طريقها".
ارادت اليزابيت الا تصدق ما ترى، وهي التي كانت تظن ان ابنتها تمضي عطلة نهاية الاسبوع عند صديقة لها بهدف مراجعة دروسها..لكن في حقيقة الامر، تبين ان إلودي اصبحت في جزيرة قبرص استعدادا للذهاب منها الى تركيا، ومن هناك الى سوريا، برفقة شاب يدعى عبد القادر. وسبق ان اهتم رشيد بوشارب بقضايا العائلات التي تصيب لوثة التشدد ابناءها، وصور ذلك في فيلم "لندن ريفر" في العام 2009، وهو فيلم يروي الهجمات التي طالت العاصمة البريطانية في العام 2005 والتي نفذها اسلاميون متشددون.
وهو في هذا الفيلم يتتبع هذه السيدة "خطوة بخطوة" في محنتها التي افقدتها صوابها. والتقى المخرج ومساعدوه في كتابة السيناريو، اوليفييه لوريل وزوي غاليرون وياسمين خضرا صاحب كتاب "الاعتداء" الذي حلو الى فيلم سينمائي، مع عائلات عاشت هذه المحنة. وفي الريف البلجيكي الهادئ حيث كانت عائلة إلودي تقيم، تسعى الام الى فهم ما جرى مع ابنتها، وتلتحق بحلقة لنظيراتها من الامهات اللواتي هاجرت بناتهن الى عالم القتال والتشدد.
واهم ما اكتسبته الام من هذه الحلقة، انه ينبغي استعادة اي نوع من التواصل مع الفتاة، علما ان إلودي لم تعد معنية بالحديث عبر سكايب سوى مع "الاخوة المجاهدين والاخوات المجاهدات". وفي احد الاتصالات، تقول إلودي المكتسية بالسواد لامها "لا تقلقي، ان الله معي"، وتقطع الاتصال. عند ذلك، قررت الام ان تركب المخاطر وتنطلق في رحلة البحث عن ابنتها سواء في تركيا او في سوريا. ويركز رشيد بوشارب في فيلمه هذا على الصراع الداخلي الذي تعيشه الام، محاولة ان تكبح غضبها الداخلي وعدم قدرتها على فهم الاسباب التي دفعت ابنتها الى خيار كهذا، لمحاولة استعادة الاتصال بها والتأثير عليها. بحسب فرانس برس.
وتترافق رحلة البحث عن الفتاة في المناطق الخطرة المحاذية للحدود مع سوريا، مع بحث داخلي تقوم به الام للاسباب التي جعلتها تفقد ابنتها. ويضم رشيد بوشارب في فيلمه هذا صوته الى صوت وزيرة العدل الفرنسية السابقة كريستيان توبيرا التي تقول "هناك حاجة ملحة في الوقت الحالي لأن نفهم، ثم بعد ذلك نتصرف". وفيما تعلو اصوات في فرنسا رافضة "اي تبرير اجتماعي او ثقافي" للهجمات التي طالت الابرياء في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مثل رئيس الوزراء مانويل فالس، لا يجد بوشارب بدا من دراسة الاسباب الاجتماعية التي تدفع الشباب الى خيارات عنيفة، وتجنب هذه الاسباب. وقد عرض "طريق اسطنبول" في فئة بانوراما، ضمن الدورة السادسة والستين من مهرجان برلين السينمائي.
على صعيد متصل عادت الفتاتان القاصرتان (إسراء أ. ولويزا بي.) اللتان تشتبه السلطات الفرنسية برغبتهما الذهاب إلى سوريا للانضمام لصفوف داعش ووجه الدرك الوطني الفرنسي لأول مرة، نداء على وسائل الإعلام للإبلاغ عن التلميذتين، وهو ما اعتاد فعله في عمليات اختطاف الأطفال. وبعد ساعات من البحث، عادت إلى بيتيهما الفتاتان القاصرتان اللتان يشتبه بأنهما كانتا تريدان الانضمام إلى صفوف التنظيم في سوريا.
وحسب مصادر قضائية فرنسية، فإن لويزة عادت إلى منزلها بعد سماعها النداء الذي وجهته لها والدتها على شاشات التلفزيون الفرنسية. وعادت إسراء التي كانت موضع مراقبة من مركز الوقاية من الانحرافات الطائفية، ساعات بعد لويزة قبل منتصف الليل. وحسب دنيا بوزار التي أسست الهيئة (مركز الوقاية من الانحرافات الطائفية)، فإن إسراء خرجت مؤخرا من مستشفى للأمراض العصبية بسبب إصابتها بحالة "اكتئاب". ويذكر أن الحكومة الفرنسية أطلقت مبادرة، تبث من خلالها أكثر من عشرين وسيلة إعلامية وموقع إنترنت فرنسي مجانا، إعلانات تلفزيونية، تحمل شهادات مؤثرة وحزينة لأربع عائلات فرنسية ذهب أولادها للجهاد، لثني الشبان عن التوجه إلى سوريا.