نهاية داعش في العراق.. بدايته في دول أخرى
باسم حسين الزيدي
2015-01-08 01:59
العديد من التقارير الاستخبارية التي تناولت قدرة التنظيم الجهادي الاخطر على مستوى العالم ما يسمى بـ(الدولة الاسلامية/ داعش)، ومصادرة قوته، اشارت الى اعتماد التنظيم على امرين اساسيين في المحافظة على قوة الزخم والاستمرار في عملياته الجهادية المتطرفة وهما (استقلال الدعم المالي والسيطرة على الاراضي)، وهو ما ميزها عن التنظيمات الجهادية الاخرى (القاعدة، طالبان، بوكو حرام...الخ) التي تعتمد على الهجمات الخاطفة والخلايا النائمة، اضافة الى طرق التمويل التقليدية.
وفي هذا السياق قال مصدر استخباري امريكي إن "التنظيم لا زال لديه مواقع كثيرة ليحتمي بها ولينفذ عمليات التدريب والتخطيط وتنفيذ هجماته إلى جانب حرية تنقل مقاتليه بين العراق وسوريا، وتابع قائلا إن من أهم العوامل المساعدة لداعش هو مواردها، وباعتبارها أغنى تنظيم إرهابي في التاريخ، فلديهم الملايين من الدولارات التي تساعدهم على تجنيد عناصر جديدة والقيام بدعاية تجلب للتنظيم المال والمجندين الجدد"، واضاف إن "الضربات الجوية التي تشنها الدول المشاركة في التحالف الدولي أفقدت التنظيم الزخم الذي كان يتحرك به في السابق وأن المعدل الذي كان التنظيم يستغرقه للسيطرة على أراض جديدة قد تراجع عما كان في السابق، إلا أن بصمته في سوريا لا تزال كما هي"، وذكر الأمر الإيجابي الآخر هو أن "داعش يعاني من صعوبات في إيصال بعض الخدمات إلى عدد من المناطق، إلى جانب أن هناك عددا من القبائل قد ثارت ضدهم، وبالنسبة للمقاتلين الأجانب"، واكد إن "هناك نحو 18 ألف مقاتل أجنبي منخرطين في القتال إلى جانب عدد من الجماعات في سوريا والعراق، ثلاثة آلاف منهم قدموا من دول غربية".
وفي حالة اراد المراقب تفكيك المواقف التي ينشط فيها تنظيم داعش، خصوصا في العراق وسوريا، مصدر قوة التنظيم الاساسية، يمكن الاستنتاج بسهولة، فيما يتعلق بالعراق، ان التنظيم تراجع بصورة ملحوظة في الاشهر الاخيرة (بعد الهجوم الواسع الذي شنه في التاسع من حزيران الماضي على ست محافظات عراقية)، وتحول موقفه الهجومي الى موقف دفاعي اكثر بعد ان استردت القوات العراقية المدعومة من قبل المتطوعين الشيعة والمقاتلين الاكراد والعشائر السنية زمام المبادرة، فيما تعد الحكومة العراقية الجديدة، العدة لمعركة الموصل التي يعتقد على نطاق واسع انها ستكون الفيصل في تحديد مصير داعش في بلاد وادي الرافدين، وهو ما اكدته تصريحات اغلب المسؤولين الحكوميين في العراق، ومنهم وزير الدفاع العراقي (خالد العبيدي) الذي قال "إن تحرير الموصل من براثن الإرهاب هو نهاية الإرهاب والدواعش التي استباحت كل شيء في الموصل"، على الرغم من وجود كتاب ومحللون يعتبرون ان في هذا الامر (معركة الموصل) نوعا من المبالغة، ومنهم (تيم ليستر) الذي يعتقد انه "وفي مرحلة ما بعام 2015 ستعمل القوات العراقية على استعادة الموصل، ولكن إجراء هجوم حاسم خلال هذا العام قد يبدو تفاؤلياً زيادة عن اللزوم".
ومع انه من حق القوات الامنية والحكومة العراقية، ان تتفاءل بالمستقبل في القضاء على تواجد تنظيم داعش في الاراضي العراقية، الا ان للتشاؤم ايضا ما يبرره، سيما وان ارتباط التنظيم بالأزمة السورية (امنيا وسياسيا) ينعكس بوجه او اخر، على ما يمكن تحقيقه في العراق على المدى القريب، وحتى لو استطاعت الحكومة العراقية تحقيق انتصارات ميدانية على عناصر التنظيم في الداخل، فان الموقف الاخير يبقى مرتبطا بطبيعة الحل الامني والسياسي الذي ينتظر الحرب الاهلية في سوريا، والتي لم تتضح، حتى اللحظة، اي معالم توافقية بين مختلف اطراف الازمة داخليا (النظام السوري والمقاتلين) وخارجيا (الاطراف الاقليمية والدولية الداعمة لطرفي النزاع)، ويرى محللون ان عزل مجريات الصراع مع التنظيم في العراق عن سوريا، ربما يكون ضربا من الخيال، ويبدو ان افضل الخطوات التي يمكن للحكومة العراقية العمل عليها، هو الاستمرار في توجهاتها القوية في مقاتلة التنظيم واسترداد الاراضي التي خسرها في الماضي، مع الاستعداد جيدا لمعركة الموصل القادمة، والتي تعني (في حال تمكنت القوات العراقية من استردادها من التنظيم) عودة التنظيم الى داخل سوريا بعد ان يفقد اخر اكبر المعاقل له في العراق، وهو امر من شانه ان يعزز موقف الحكومة العراقية الامني والسياسي بصورة جيدة، كما يمكنها ان تلعب دورا دبلوماسيا فاعلا في الازمة السورية وتقريب وجهات النظر الدولية والاقليمية، وربما ايجاد هدنه سياسية لإنهاء الازمة السورية التي اضرت بمصالح العراق الامنية والاقتصادية والسياسية.