ما هي أسباب الانفجار الأمريكي في عمليات القتل الجماعي؟
وكالات
2022-06-08 07:30
من عملية إطلاق النار الدامية في مدرسة في يوفالدي في تكساس إلى أخرى في مستشفى في تولسا في أوكلاهوما، تذكّر الموجة الأخيرة من عمليات إطلاق النار في الولايات المتحدة بظاهرة لطالما تنبّهت إليها الشرطة، هي ارتفاع نسبة جرائم القتل مع ارتفاع درجات الحرارة.
ويزداد العنف بالأسلحة النارية عندما ترتفع درجات الحرارة في الولايات المتحدة حيث قدّر عدد الأسلحة النارية المتوافرة لدى السكان بحوالى 393 مليونا عام 2020، وهو رقم يتجاوز عدد السكان.
فهل السبب هو في ارتفاع درجات الحرارة ام في كثرة الأسلحة النارية ام في الحرية الدستورية باقتنائها، ام هناك مشكلات اقتصادية واجتماعية ونفسية عميقة تختزن الكثير من الغضب المخبوء في النفوس حيث قد ينفجر في لحظة ما.
حادثا إطلاق نار بولاية تنيسي الأمريكية
قالت الشرطة يوم الأحد إن حادثي إطلاق نار وقعا في فيلادلفيا وتشاتانوجا بولاية تنيسي الأمريكية أسفرا عن مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 25 آخرين، في أحدث أعمال عنف بالسلاح بعد مذابح وقعت مؤخرا في تكساس ونيويورك وأوكلاهوما.
وأطلق عدة مسلحين النار في شارع ساوث ستريت المزدحم في فيلادلفيا، وهي منطقة بها العديد من الحانات والمطاعم، في منتصف الليل تقريبا. وقال مسؤولون إن رجلين وامرأة قتلوا.
وأظهر مقطع فيديو من كاميرا مراقبة في فيلادلفيا أشخاصا في شارع مزدحم يركضون مذعورين في آخر لحظات من المقطع الذي مدته 22 ثانية، وكان ذلك على الأرجح بعد إطلاق النار. ولا يحتوي المقطع على صوت. وتمكنت رويترز من التحقق من صحة الفيديو.
وقال مفتش شرطة فيلادلفيا “كان هناك المئات من الأفراد يستمتعون بوقتهم في ساوث ستريت، كما يفعلون في نهاية كل أسبوع عندما وقع حادث إطلاق النار”.
وفي حادث منفصل، قالت السلطات إن ثلاثة أشخاص لقوا حتفهم وأصيب 14 آخرون بأعيرة نارية بعد إطلاق نار بالقرب من حانة في تشاتانوجا مضيفة أن شخصين لقيا حتفهما متأثرين بجروح جراء أعيرة نارية في حين توفي الثالث متأثرا بجروحه بعد أن صدمته سيارة أثناء فراره من مكان الحادث.
وقال مسؤولون في ولاية تنيسي إن ثلاثة ضحايا أصيبوا أثناء محاولتهم الفرار وصدمتهم سيارات، وأضافوا أن العديد من المصابين ما زالوا في حالة حرجة.
ووقع هذان الحادثان في أعقاب عدة حوادث إطلاق نار أسفرت إحداها عن مقتل 10 أشخاص في محل بقالة في بوفالو في نيويورك. فيما أودى آخر بحياة 21 في مدرسة ابتدائية في يوفالدي بتكساس. ولقي أربعة حتفهم في مركز طبي في تلسا بولاية أوكلاهوما. ويطالب المدافعون عن السلامة الحكومة الأمريكية باتخاذ تدابير أقوى للحد من عنف السلاح.
ووفقا لأرشيف عنف السلاح، وهي مجموعة بحثية غير ربحية، وقع ما لا يقل عن 240 عملية إطلاق نار عشوائي في الولايات المتحدة حتى الآن هذا العام. ويعرف إطلاق النار العشوائي بأنه عمل يتم فيه إطلاق النار على أربعة أشخاص على الأقل، باستثناء مطلق النار.
وصرحت الشرطة بأن ضباط شرطة فيلادلفيا لاحظوا عدة أشخاص يطلقون النار مع وجود ضابط واحد “على بعد حوالي 10 إلى 15 ياردة” من مسلح كان يطلق النار على الحشد. وقالوا إن ذلك الضابط أطلق النار على المشتبه به.
وقالت السلطات إنه تم العثور على مسدسين في مكان الحادث، أحدهما كان به خزنة طلقات إضافية. ولم تحدث حتى الآن أي عمليات اعتقال لمشتبه بهم.
ووصف رئيس بلدية فيلادلفيا جيم كيني إطلاق النار بأنه “مروع وخسيس ومجنون”. وذكرت صحيفة فيلادلفيا إنكويرر أن المتوفين تتراوح أعمارهم بين 22 و27 و34 عاما بينما تراوحت أعمار المصابين بين 17 و69 عاما.
وتورط عدة أشخاص في واقعة تشاتانوجا أيضا، لكن قائدة الشرطة سيليست مورفي قالت إن الشرطة تعتقد أنه كان حادثا فرديا ولا تعتقد السلطات أن هناك تهديدا قائما للسلامة العامة. ولم تتوفر على الفور تفاصيل أخرى عن إطلاق النار.
وقال المفتش في شرطة فيلادلفيا دي إف بيس للصحافيين إن رجلين وامرأة قتلوا، مشيرا إلى أن عناصر الأمن الذين سارعوا للاستجابة إلى الحادث "لاحظوا وجود عدد من الأشخاص الذين أطلقوا النار على الحشد".
وأضاف "يمكنكم أن تتخيلوا أن مئات الأشخاص كانوا يستمتعون بوقتهم في +ساوث ستريت+ كما هو الحال كل عطلة نهاية أسبوع، عندما بدأ إطلاق النار".
ولفت إلى أن "العديد" من العناصر كانوا في المكان عندما سُمعت أولى الطلقات النارية، في إطار "انتشار عادي" في المنطقة بالنسبة لليلة صيفية نهاية الأسبوع.
وأطلق شرطي النار على أحد المهاجمين الذي ترك مسدّسه وهرب، لكن لم يعرف ما إذا أصيب، بحسب بيس.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطات لم تعتقل أحدا حتى الآن.
وأوضح بيس أنه تم العثور في الموقع على مسدسين شبه آليين، في أحدهما مخزن كبير للرصاص.
لكنه أشار إلى أنه سيتعين على الشرطة الانتظار حتى الصباح للاطلاع على التسجيلات التي التقطتها كاميرات المراقبة التابعة لأعمال تجارية كانت مغلقة ليل السبت.
وتحدّث بيس في تعليقه على التحقيق عن "العديد من الأسئلة التي ما تزال من دون إجابات".
وقال جو سميث (23 عاما) الذي كان في المكان لمنصة "ذي فيلادلفيا إنكوايرر" الإعلامية أنه استذكر الأحداث الأخيرة عندما سمع أولى الطلقات النارية.
وأفاد "عندما بدأت، لم أتصور أنها ستتوقف.. كان هناك صراخ شديد.. سمعت صرخات فقط".
وشاهد إريك والش أشخاصا يفرون من إطلاق النار "في الشارع وبدت أحذيتهم البيضاء ملطخة بالدماء بينما ظهرت خدوش على ركبهم ومرافقهم"، وفق ما أفاد "ذي إنكوايرر".
وذكرت المنصة أن شخصا آخر قتل بإطلاق النار عليه في مكان قريب من موقع الهجوم بعد نحو ساعتين، لكن الشرطة استبعدت وجود صلة بين الحادثين.
ويزداد العنف بالأسلحة النارية عندما ترتفع درجات الحرارة في الولايات المتحدة حيث قدّر عدد الأسلحة النارية المتوافرة لدى السكان بحوالى 393 مليونا عام 2020، وهو رقم يتجاوز عدد السكان.
ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي إلى تمرير تشريع لضبط الأسلحة النارية ردا على أعمال عنف ارتكبت مؤخرا، منددا بتحول "أماكن يرتادها الناس يوميا في أميركا إلى ساحات قتل ومعارك".
واجتمع أعضاء من مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديموقراطي الخميس لمناقشة حزمة إجراءات لضبط استخدام الأسلحة النارية، علما أن الجمهوريين لطالما قاوموا تشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية.
مسلّح يقتل أربعة أشخاص على الأقلّ في أوكلاهوما وينتحر
كما قُتل أربعة أشخاص على الأقلّ وأصيب آخرون بجروح في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما الأميركية الأربعاء برصاص مسلّح أطلق النار في مجمّع طبّي قبل أن ينتحر، بحسب ما أفادت السلطات.
وقال مساعد قائد شرطة المدينة إريك دالغليش للصحافيين إنّه "حتى الساعة لدينا أربعة مدنيين موتى، ولدينا مطلق نار واحد ميت، ونعتقد أنّه انتحر".
وأضاف أنّ وحدات الشرطة تدخّلت فور تلقّيها بلاغاً يفيد بأنّ رجلاً مسلّحاً ببندقية ومسدّس اقتحم الطابق الثاني من أحد مباني مجمّع سينت فرانسيس الطبي.
وكان ريتشارد مولنبرغ الكابتن في شرطة تولسا قال للصحافيين في وقت سابق إن قوات الأمن تتعامل مع وضع "كارثي" إذ أصيب "العديد" من الأشخاص بالرصاص وهناك "عدد من الجرحى".
ولم يتّضح عدد الذين أصيبوا بجروح في هذا الهجوم ولا مدى خطورة إصاباتهم.
وبحسب مساعد قائد الشرطة فإنّ الهجوم بأكمله استغرق، منذ لحظة تلقّي الشرطة أول بلاغ بشأنه وحتى تبادل إطلاق النار بين عناصرها والمهاجم، حوالي أربع دقائق.
وأوضح دالغليش أنّ "عناصر الشرطة فتّشوا كلّ غرفة من غرف المبنى للتأكّد من عدم وجود أيّ تهديد"
من جهته قال عضو مجلس بلدية المدينة جايمي فاولر لقناة تلفزيونية محلية إنّ مطلق النار انتحر.
وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس جو بايدن أُخطر بالحادثة وهو يتابع الوضع من كثب وقد أمر بتوفير أيّ مساعدة ممكنة للسلطات المحلية.
وتُعتبر عمليات إطلاق النار في الولايات المتّحدة آفة مزمنة، وتشهد البلاد في كلّ مرة يقع فيها حادث من هذا النوع تجدّداً للنقاش حول تفشّي الأسلحة النارية لكن من دون إحراز أي تقدّم على هذا الصعيد.
ويرفض الكثير من الأميركيين التخلّي عن حقّهم الدستوري في حيازة الأسلحة النارية.
أرقام مقلقة
يمثل إطلاق النار في مدرسة ابتدائية في أوفالدي بولاية تكساس، والذي أسفر عن مقتل 18 طفلا و3 بالغين، الحادث رقم 27 في المدارس الأميركية هذا العام لوحده، وفقا لمنظمة متخصصة بتعقب هذه الحوادث.
ويأتي الحادث بعد 10 أيام فقط من إطلاق النار في سوبر ماركت توبس في بوفالو، نيويورك، والذي أودى بحياة 10 أشخاص.
ووفقا لمنظمة "Education Week" المعنية بمتابعة أمور التعليم في الولايات المتحدة، فقد وقع نحو 119 حادث إطلاق نار في المدارس، منذ بدء المنظمة تتبع هذا النوع من الحوادث.
لكن حادث مدرسة روب في أوفالدي بولاية تكساس، هو الأعنف منذ إطلاق النار في ولاية كونيكتيكت عام 2012، عندما أطلق مسلح النار وقتل 26 شخصا، منهم نحو 20 من طلبة الصف الأول، في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في مدينة نيوتاون بالولاية .
وثاني أعنف حادث خلال الأعوام العشرة المنصرمة حصل في 2018، حيث قتل 17 شخصا في إطلاق نار في مدرسة مارجوري ستونمان الثانوية في باركلاند بولاية فلوريدا.
وتتعقب المنظمة عمليات إطلاق النار التي أطلق فيها سلاح ناري وحيث يصاب أي شخص (بخلاف المشتبه به) برصاصة ناجمة عن الحادث.
ولا تشمل إحصاءات المنظمة حوادث إطلاق النار التي تحدث في الكليات أو الجامعات.
ووفقا لإحصائية المنظمة، فإنه – منذ بداية العام وحتى الآن – حدث إطلاق نار أدى إلى إصابات أو وفاة في 27 مدرسة، وقتل 27 شخصا في تلك الحوادث، منهم 24 طالبا بالإضافة إلى 3 موظفين في المدارس، فيما أصيب 40 شخصا.
ووفقا للمنظمة، فقد شهد عام 2021، 34 حادثا من هذا القبيل في المؤسسات التعليمية (وهو أعلى مستوى منذ أن بدأت المنظمة قاعدة بياناتها). وفي عام 2020، كان هناك 10 عمليات إطلاق نار، وسجل كل من عامي 2019 و2018، 24 عملية إطلاق نار.
وبالإضافة إلى حوادث المدارس، تنقل شبكة NPR الإخبارية عن "أرشيف العنف المسلح" وهي منظمة مستقلة لجمع البيانات حدوث 212 عملية إطلاق نار جماعي حتى الآن هذا العام.
ويعرف إطلاق النار الجماعي بأنه حادث قتل فيه أربعة أشخاص أو أكثر، من دون احتساب مطلق النار.
وأنهت الولايات المتحدة عام 2021 بـ 693 عملية إطلاق نار جماعي، وفقا لأرشيف العنف المسلح، فيما شهد العام السابق 611 حادثا، وشهد عام 2019، 417 حادثا.
وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في أحدث بياناتها إن الولايات المتحدة شهدت 19350 جريمة قتل بسلاح ناري في عام 2020، بزيادة تقارب 35 بالمئة مقارنة بعام 2019.
بايدن يطالب بتحرّك لوقف العنف الناجم عن الأسلحة النارية
ناشد الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس المشرّعين إقرار قوانين أكثر تشددا بشأن حيازة السلاح تشمل حظرا على بيع الأسلحة الهجومية، في مسعى لوضع حد لعمليات إطلاق نار واسعة قال إنها تحوّل المجتمعات الأميركية إلى "ساحات قتل".
ووجّه بايدن خطابه الذي استمر 17 دقيقة، وهو آخر دعوة يصدرها لتشديد إجراءات حيازة الأسلحة النارية، بينما وضعت في الرواق خلفه 56 شمعة مضاءة تمثّل الولايات والأراضي الأميركية التي تعاني من تداعيات العنف الناجم عن استخدام الأسلحة النارية.
وتساءل الرئيس في الخطاب بينما بدا التأثر واضحا في صوته "كم من مذبحة علينا أن نتحمل بعد؟". وأضاف "لا يمكننا أن نخذل الشعب الأميركي مرة أخرى"، مدينا رفض غالبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ دعم تشديد القوانين على اعتباره "غير مقبول".
وأشار إلى أنه يتعيّن على الأقل على النواب رفع السن التي يسمح فيها بشراء الأسلحة الهجومية من 18 إلى 21.
وحضّهم على القيام بخطوات من بينها تعزيز التحقيقات المرتبطة بتاريخ الأشخاص الساعين لشراء الأسلحة وحظر مخازن الذخيرة القادرة على تخزين عدد كبير من الرصاصات وفرض التخزين الآمن للأسلحة النارية والسماح بتحميل الشركات المصنّعة للأسلحة النارية مسؤولية الجرائم المرتكبة بواسطة منتجاتها.
وقال بايدن "على مدى العقدين الأخيرين، تجاوز عدد الأطفال في سن المدرسة الذي قتلوا بالأسلحة النارية العدد الإجمالي لعناصر الشرطة والجيش" الذين قتلوا أثناء تأدية مهامهم. وأضاف "فكروا في ذلك".
وأشار خصوصا إلى قصة طالبة لطّخت نفسها بدم أحد زملائها في الصف الذين قتلوا للاختباء من المسلّح الذي فتح النار في مدرسة ابتدائية في تكساس. وقال "تخيّلوا كيف سيكون السير في ممر أي مدرسة بالنسبة إليها بعد الآن".
وتابع "توجد العديد من المدارس الأخرى والعديد من الأماكن التي يرتادها الناس يوميا التي تحوّلت إلى ساحات قتل ومعارك هنا في أميركا".
وبينما قاوم النواب الجمهوريون إلى حد بعيد أي تشديد للقوانين المرتبطة بحيازة الأسلحة النارية، عقدت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديموقراطي محادثات الخميس بشأن حزمة ضوابط.
ويجتمع تسعة أعضاء في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع لمناقشة رد على عمليات إطلاق النار الواسعة التي روّعت البلاد، واعربوا عن تفاؤلهم حيال إمكانية إدخال إصلاحات متواضعة.
وركّزت المجموعة على أمن المدارس وتعزيز خدمات الصحة النفسية وتقديم حوافز للولايات لتمنح المحاكم سلطة نزع الأسلحة النارية موقتا من أي أشخاص تعتبر أنهم يشكّلون تهديدا، وهو إجراء دعا إليه بايدن ايضا في تصريحاته.
ويدرك المشرّعون أنهم قد يخسرون الزخم مع تلاشي الحاجة الملحة لإدخال إصلاحات والتي أثارتها عمليات القتل، بينما تعقد مجموعة أصغر من النواب محادثات موازية لمناقشة توسيع عمليات التحقيق في تاريخ الساعين لشراء الأسلحة.
ويستبعد فرض إصلاحات أوسع نطاقا في مجلس الشيوخ المنقسم بين 50 جمهوريا وعدد مماثل من الديموقراطيين، إذ أن تمرير أي مشروع قانون يتطلب ستين صوتا.
وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل للصحافيين إن أعضاء المجلس يحاولون "استهداف المشكلة" التي اعتبر أنها "المرض النفسي والسلامة في المدارس" بدلا من مسألة توافر الأسلحة النارية.
مع ذلك، يتوقع أن يقر الديموقراطيون في مجلس النواب "قانون حماية أطفالنا" الأوسع بكثير رغم كونه رمزيا إلى حد بعيد والذي يدعو إلى رفع السن القانوني لشراء البنادق نصف الآلية من 18 إلى 21 عاما وحظر مخازن الذخيرة القادرة على تخزين كم كبير من الرصاص.
ويرجّح أن يتم تمرير الحزمة في مجلس النواب الخاضع لهيمنة الديموقراطيين الأسبوع المقبل قبل أن تقضي عليها معارضة الجمهوريين في مجلس الشيوخ.
وفيما يعد التنظيم صعبا للغاية على المستوى الفدرالي، تجري جهود في أوساط مشرّعي الولايات لتشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية.
وقدّم النواب في كاليفورنيا حزمة ترتبط بضبط الأسلحة في أعقاب عملية إطلاق النار في يوفالدي تضمنت مقترحات يمكنها أن تعرّض مصنّعي الأسلحة لعواقب قانونية في بعض الحالات.
وتعكس المقترحات خطوات قام بها المشرّعون في ولاية نيويورك بينما سيعرض مشروع قانون ينص على طلب إذن لشراء الأسلحة في مجلس ديلاوير التشريعي. كما تشهد تكساس تحركا لرفع "توصيات تشريعية" ردا على عملية إطلاق النار في يوفالدي.
لكن يخشى الناشطون المدافعون عن تعزيز القيود من انتكاسة على المستوى الفدرالي في وقت يتوقع بأن تصدر المحكمة العليا أول رأي لها منذ أكثر من عقد بشأن "التعديل الثاني" في الدستور المرتبط بحيازة الأسلحة.
ويتوقع أن يصدر القضاة حكمهم في الأسابيع المقبلة بشأن النزاع المرتبط بالقيود المشددة التي وضعتها ولاية نيويورك على حمل الأسلحة الفردية بشكل خفي خارج المنازل.
ومن شأن قرار ضيّق أن يؤثر على عدد ضئيل من الولايات التي تفرض قوانين مشابهة، لكن الناشطين يخشون إمكانية أن تصدر الأغلبية المحافظة حكما أوسع سيمهّد الطريق لطعون دستورية في القوانين المرتبطة بالأسلحة النارية في أنحاء البلاد.
نيويورك ترفع السن القانوني لحيازة البنادق شبه الآلية
رفعت حاكمة نيويورك كاثي هوكول السن القانوني لشراء بندقية شبه آلية من 18 إلى 21 عاما الاثنين، في إطار إجراءات تشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية في أعقاب مجزرة عنصرية وقعت في متجر تسوق في بوفالو.
وأقرّت هوكول حزمة إصلاح قوانين حيازة الأسلحة النارية التي مررها مجلس شيوخ الولاية غداة عملية إطلاق نار الشهر الماضي أودت بعشرة أشخاص من أصول إفريقية.
وتأتي الإجراءات في ظل سلسلة عمليات إطلاق نار في الولايات المتحدة أثارت دعوات جديدة لتشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية.
واتّهم بايتون جندرون (18 عاما) بقتل متسوّقين في متجر في 14 أيار/مايو باستخدام بندقية هجومية من طراز AR-15 اشتراها بشكل قانوني.
وإلى جانب مسألة العمر، سيتعيّن الآن على مشتري البنادق شبه الآلية الحصول على إذن لحيازتها، ما يعني خضوعهم لتحقيق مرتبط بتاريخهم.
وتفرض ولاية نيويورك التي يحكمها الديموقراطيون في الأساس قوانين مرتبطة بالأسلحة النارية تعد الأكثر تشددا في الولايات المتحدة.
ووافقت هوكول أيضا على توسيع نطاق قوانين الولاية التي تسمح للمحاكم مصادرة الأسلحة النارية من أشخاص تعتبر أنهم يشكّلون خطرا لأنفسهم وغيرهم.
وبعد عشرة أيام على إطلاق النار في بوفالو، قتل مراهق 19 طفلا ومدرّستين في مدرسة ابتدائية في يوفالدي في تكساس.
ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى سن قوانين جديدة لضبط حيازة الأسلحة النارية تشمل حظر تلك الهجومية.
وقال إنه على الأقل، يتعيّن على النواب رفع السن القانوني لشراء الأسلحة الهجومية من 18 إلى 21 عاما.
لكن قضية تنظيم حيازة الأسلحة النارية تواجه مقاومة شديدة في الولايات المتحدة، يأتي الجزء الأكبر منها من الجمهوريين وبعض الديموقراطيين القاطنين في الولايات الريفية.
لماذا تزداد عمليات إطلاق النار في الولايات المتحدة مع ارتفاع الحرارة؟
من عملية إطلاق النار الدامية في مدرسة في يوفالدي في تكساس إلى أخرى في مستشفى في تولسا في أوكلاهوما، تذكّر الموجة الأخيرة من عمليات إطلاق النار في الولايات المتحدة بظاهرة لطالما تنبّهت إليها الشرطة، هي ارتفاع نسبة جرائم القتل مع ارتفاع درجات الحرارة.
طرح علماء الجريمة لعقود هذا الربط، فيما حددت أبحاث جديدة العلاقة الدقيقة بين درجات الحرارة ونسبة الجرائم.
من جهة، يرى ديفيد هيمينواي، الأستاذ في السياسة الصحية في جامعة هارفرد، في حديث لوكالة فرانس برس، أن "من الصعب أن تطلق النار على شخص ما إذا لم يكن هناك آخرون في الجوار"، مشيرًا بذلك إلى سبب انخفاض نسبة الجريمة مع ازدياد سوء الأحوال الجوية.
من جهة أخرى، تُطرح فكرة أن الحرّ في ذاته قد يمهّد لنشوب خلاف.
ففي حين هناك أسباب عدة لتصاعد موجة العنف المسلح في الولايات المتحدة، يمكن أن تؤدي الأحوال الجوية دورًا متزايد الأهمية في التسبب في ارتكاب الجريمة في عالم يشهد ارتفاعًا سريعًا في درجات الحرارة بسبب تغيّر المناخ.
الحرّ والحرّ النسبي
يلفت هيمينواي إلى أنه لطالما كان مهتمًا بالعلاقة بين الحرّ وارتفاع نسبة الجريمة، نظرًا الى الفوارق في طِباع سكان شمال الولايات المتحدة وجنوبها، وسكان شمال ايطاليا وجنوبها، وسكان دول شمال أوروبا الاسكندينافية ودول جنوب البحر المتوسط.
في العام 2020، شارك في كتابة بحث في مجلة "انجوري ايبيديميولوجي" Injury Epidemiology مع طالب الدراسات العليا حينها بول ريبينغ، للبحث في نسبة الجريمة في مدينة شيكاغو بين 2012 و2016.
واستخدم البحث تقارير من صحيفة "شيكاغو تريبيون" Chicago Tribune لإحصاء العدد اليومي لعمليات إطلاق النار، ثم قارن الأرقام بدرجات الحرارة اليومية ونسبة الرطوبة وسرعة الرياح والاختلاف في درجة الحرارة بالنسبة لمتوسط درجة الحرارة في سنوات سابقة ونوع الأمطار ونسبة هطولها.
وجد معدو البحث أن ارتفاعًا بالحرارة بعشر درجات مئوية كان مرتبطًا بشكل لافت بارتفاع نسبة عمليات إطلاق النار بـ34% في منتصف الأسبوع وبـ42% في عطلة نهاية الأسبوع أو الأعياد.
ولفتت الدراسة أيضًا إلى أن ارتفاعًا للحرارة بعشر درجات مئوية عن المعدّل مرتبط بارتفاع بنسبة 33,8% بجرائم القتل.
بمعنى آخر، ليس الحرّ وحده الذي يؤثر على ارتفاع نسبة الجريمة، بل أيضًا الحرّ النسبي، بحسب هيمينواي، أي أنه "في فصل الشتاء، حصل عدد أكبر من عمليات إطلاق نار في أيام كانت دافئة بالنسبة لفصل الشتاء ولكن ليس بالنسبة للصيف".
وفي ورقة بحثية أخرى عملت عليها ليا شيناسي من جامعة دريكسل في فيلادلفيا ونشرتها في مجلة "جورنال اوف اوربان هيلث" Journal of Urban Health في 2017، تمّ التركيز على الجرائم العنيفة في فيلادلفيا.
وتقول شيناسي لوكالة فرانس برس "أعيش في فيلادلفيا، وأذكر كيف كنت على الدرّاجة في يوم حار جدًا، أُراقب كيف كان الجميع يبدو في مزاج سيّء. كنت مهتمّة بمعرفة ما إذا كان هذا يُترجم ارتفاعا في نسبة الجريمة في الأيام الحارّة".
ووجدت شيناسي مع زميلها غسان حمرا أن الجرائم العنيفة حدثت بنسبة أعلى في الأشهر الأكثر دفئًا - من أيار/مايو إلى أيلول/سبتمبر - وكانت الأعلى في الأيام الأكثر حرارة.
وكان التباين أكثر وضوحًا في الأيام الدافئة في الأشهر الأكثر برودة - من تشرين الأول/أكتوبر حتى نيسان/أبريل - مقارنة بالأيام الباردة أكثر في هذه الأشهر.
وعندما بلغت درجات الحرارة 21 مئوية خلال تلك الفترة، كانت النسبة اليومية للجريمة أعلى بنسبة 16% مقارنة بالأيام التي سجّلت فيها ست درجات مئوية.
تراخي السلطات
يرى هيمينواي أن الفرضيتين الرئيسيتين حول الموضوع، أي أن وجود مزيد من الناس في الخارج يترك مزيدا من الاحتمالات للتفاعلات العدائية وأن الحرارة نفسها تجعل الناس أكثر عدوانية، قد تكونان صحيحتين.
وفي إطار دراسة نشرها المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في 2019 وضع طلاب جامعيون في كينيا وكاليفورنيا في غرف ساخنة أو باردة وتم قياس تأثير الحرارة على عدد من سلوكياتهم.
وتوصّلت الدراسة إلى أن "الحرّ أثّر بشكل ملحوظ على استعداد الأفراد للتدمير الطوعي لممتلكات مشاركين آخرين" اتخذت شكل بطاقات هدايا وقسائم شرائية.
وبالنسبة لمسألة العنف المسلّح بشكل عام، هناك مسببات أكبر بكثير من درجات الحرارة، بحسب هيمينواي، أبرزها تراخي السلطات في وضع قوانين صارمة. والنتيجة وجود نحو 393 مليون قطعة سلاح في أيدي سكان الولايات المتحدة في 2020، في رقم يفوق عدد السكان، في وقت عمدت عدة ولايات في السنوات الأخيرة إلى تخفيف القيود بدل تشديدها.