في استراليا .. تغيير دفة الارهاب قد تهدد نسيجها الاجتماعي

شبكة النبأ

2014-12-20 08:12

شبكة النبأ: كان قادة الدول الغربية قد حذروا في وقت سابق من هجمات محتملة قد يشنها متطرفون (بشكل فردي او بتخطيط جماعي مرتبط بمنظمات جهادية) لتطال اهداف مدنية او مواقع حيوية داخل بلدانهم، فيما شكل الاعتداء الأخير الذي وقع في سيدني (والذي سبقه عدة هجمات منفردة في استراليا أيضا)، حلقة أخرى لسلسلة الاعتداءات السابقة التي طالت عدد من الدول الاوربية والغربية، بعد ان زادت القوات الأمنية والأجهزة الاستخبارية من وتيرة عملها، ورفع حالة التهب في بعض البلدان الى درجات غير مسبوقة، مع تنامي خطر التهديدات الإرهابية التي اطلقها تنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية/ داعش)، والذي بات اليوم يشكل التهديد رقم واحد بالنسبة للأمن والسلم الدولي، بحسب مراقبين، بعد ان تمكن التنظيم من الحصول على عوائد مالية ضخمة جراء سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسوريا، اغلبها مناطق غنية بعشرات الإبار النفطية، استثمرها للحصول على عوائد مالية تقدر ب 2 مليون دولار يوميا استغلها لتغطية عملياته العسكرية وتجنيد المزيد من المقاتلين من اكثر من 60 جنسية حول العالم مع التركيز على المقاتلين الاوربيين.

واقر رئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت بان عملية احتجاز الرهائن في سيدني هي بمثابة "انذار" للسلطات الأسترالية، وقال ابوت "انه انذار قوي جدا"، واضاف ان "المأساة هي انها حصلت وكان يمكن تحاشي هذه الفظاعات ومن هنا اهمية اجراء تحقيق سريع وشامل"، وشاركت استراليا مع قوات التحالف الدولي الذي دعت اليه الولايات المتحدة الامريكية (قبل أكثر من أربعة أشهر) لمكافحة تنظيم داعش، وانظمت اليه عشرات الدول الغربية، إضافة الى عدد من الدول العربية، وهدد التنظيم (الذي تضرر كثير من الضربات الجوية التي شنها التحالف الدولي لإسناد القوات العراقية على الأرض) جميع الدول التي شاركت بالضربات الجوية باعتبار مواطنيها من المدنيين وغيرهم أهدافا لعناصر التنظيم، وتخشى الدول الغربية، ومنها استراليا، من وجود خلايا نائمة او متعاطفين مع التنظيم (الذئاب المنفردة) قد تهاجم في أي لحظة (كما حدث مؤخرا) أهدافا ومواقع مدنية بصورة عشوائية ودون تخطيط مسبق، الامر الذي يزيد من صعوبة التصدي لها، كما ان تداعيات استمرار الاعتداءات الإرهابية قد ينعكس سلبا على النسيج الاجتماعي الأسترالي والمخاطر التي قد يتعرض لها المسلمون خصوصا ردود الأفعال الانتقامية التي قد يستغلها متطرفون من اليمين ضد الجالية المسلمة التي تتجاوز النصف مليون مسلم.

حال المسلمين بعد الاعتداء

في سياق متصل وبعد ساعات من مقتل الإسلامي الملتحي واثنين من الرهائن الذين كان يحتجزهم في مقهى بمدينة سيدني الأسترالية في واقعة أثارت مشاعر مناهضة للمسلمين في المدينة أطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي حملة للتضامن مع مسلمي استراليا، ومع انتشار هاشتاج على موقع تويتر يحمل عبارة "سأكون معك"، وانتشر الهاشتاج في أنحاء العالم وورد في أكثر من 300 ألف تغريدة، وأضفى الممثل راسل كرو الذي نشأ في سيدني بريق نجوميته على الحملة، ويعيش في سيدني نحو نصف مسلمي استراليا الذين يقدر عددهم بنحو 500 ألف ويأتي كثيرون إلى المدينة من ضواحيها الغربية للعمل بها، وفي قطار متجه إلى الحي التجاري في وسط المدينة علقت شابة لافتة صغيرة عليها الهاشتاج في حقيبة يدها، وقالت الفتاة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها "أردت أن أفعل شيئا، وهذا يبدو شيئا سهلا وذا قيمة"، ورغم تأكيد الشرطة على أن اللاجئ الإيراني مان هارون مؤنس الذي احتجز الرهائن على مدى 16 ساعة كان يعمل منفردا وأنه يعاني اضطرابا شديدا إلا أن إجباره الرهائن على رفع علم الدولة الإسلامية أثار على الفور ضجة في بعض الدوائر، وصاح رجل يقف قرب المقهى أثناء احتجاز الرهائن بعبارات معادية للمسلمين واقتادته الشرطة بعيدا وقال زعماء الطائفة المسلمة إن عددا من المحجبات تعرضن للبصق.

وقال سمير دندن المتحدث باسم مجلس الأئمة الوطني الاسترالي "مازلنا نتلقى تقارير عن حوادث وقعت، لكننا متفائلون بشدة بهذه الحملة، إنها تظهر تأييد المواطنين الاستراليين ومدى سعة صدرهم"، وصدمت واقعة احتجاز الرهائن مواطني استراليا وأفسدت عليهم أسبوعا مشمسا كان يفترض أن يكون هادئا قبل عطلة عيد الميلاد، وقال رئيس الوزراء توني أبوت للصحفيين "اعتاد الاستراليون التوقف في مقهى لتناول القهوة في الصباح، وإنه لشيء مأساوي لا يمكن وصفه بالكلمات أن يحاصر أناس ماضون في شؤونهم اليومية في مثل هذا الحادث المروع"، وقال إن التحقيق في دوافع المسلح سيستغرق وقتا، وبدأ الهاشتاج ينتشر على تويتر قبل فترة الذروة في المواصلات العامة وفجره موقع على فيسبوك لامرأة من سيدني تدعى راشيل جيكوبز حكت أنها صادفت مسلمة خلعت حجابها وقالت "ركضت خلفها في محطة القطار وقلت لها ضعيه (الحجاب) مرة أخرى، سأسير معك"، وبعد هذا استخدم عدد من سكان سيدني موقع تويتر لتقديم تفاصيل عن خط سيرهم بالحافلة أو القطار للعودة إلى المنزل عارضين الركوب مع أي شخص يشعر بعدم الارتياح مستخدمين هاشتاج "سأسير معك"، وقالت جيكوبز إنها سعيدة بالحملة التي بدأتها دون قصد وقالت "لفتتي كانت بسيطة بسبب الحزن الذي يمكن أن يشعر به شخص ما لأنه ليس موضع ترحيب بسبب معتقداته".

وسعى زعماء دينيون وأستراليون عاديون الى نزع فتيل توترات طائفية، ودعت رابطة الدفاع الأسترالية اليمينية اتباعها الى الاحتجاج عند مسجدين كبيرين، ولم تحدث الاحتجاجات ولا يعرف الكثير عن الدوافع الحقيقية للمسلح محتجز الرهائن في المدينة الساحلية التي يوجد بها نصف عدد المسلمين في استراليا البالغ 500 ألف فرد، لكن الشرطة تحركت ضد رجل صاح بكلمات مناهضة للاسلام عند موقع احتجاز الرهائن، وتقدم الرجل الى طوق من رجال الشرطة وهتف "شخص ما سيموت هنا بسبب الإسلام، لا يوجد شيء اسمه اسلام معتدل، استيقظوا وافهموا الوضع على حقيقته"، وتصدى له رجل آخر رد عليه صائحا "مرحبا بالمسلمين هنا"، وطلبت الشرطة من الرجل الأول المغادرة وسط مزيج من صيحات الاستهجان لتحرك الشرطة والتصفيق تأييدا لها، ويتزامن احتجاز الرهائن مع تزايد المخاوف في استراليا بشأن المخاطر التي يمثلها المتشددون الاسلاميون. بحسب رويترز.

ورفعت وكالة الأمن الاسترالية مؤشرها الوطني للتحذير العام من الارهاب الى "مرتفع" في سبتمبر أيلول، وقالت شرطة مكافحة الارهاب انها احبطت تهديدا وشيكا لذبح شخص عشوائي من الجمهور وبعد ايام قتل فتى في مدينة ملبورن بالرصاص بعد ان هاجم بسكين اثنين من ضباط مكافحة الإرهاب، وقال مفوض شرطة نيو ساوث ويلز اندرو سيبيون إنه يعمل عن كثب مع الجماعات المحلية وإن وجود الشرطة سيكثف في المدينة "لضمان أن يبقى الجميع في أمان"، وأصدر مجلس الائمة الوطني الاسترالي ومفتي استراليا بيانا مشتركا قال إنه "يدين هذا العمل الإجرامي بشكل صريح"، ودعت منظمة تضم كل الجماعات المسلمة الرئيسية في البلاد الى الهدوء وعبرت عن "الصدمة والرعب التامين"، وأكدت المنظمة أن العلم الابيض والأسود الذي عرضه رهائن متوترون عبر نافذة المقهى والى جانب لافتة "عيد ميلاد سعيد" له يمثل تعبيرا دينيا وليس سياسيا، وقالت الجماعة في بيان "نذكر الجميع بأن الكتابة العربية على العلم الأسود ليست تمثيلا لبيان سياسي لكن تؤكد شهادة بالإيمان اختلسها افراد مضللون لا يمثلون سوى انفسهم"، وانتشرت أنباء احتجاز الرهائن في انحاء سيدني بعد قليل من بدء أغلب المدينة يوم العمل لتبدد ما كان ينبغي أن يكون يوما هادئا في العاصمة التجارية الاسترالية المشمسة قبل عشرة ايام من عيد الميلاد.

انتهاء ازمة الرهائن

 

الى ذلك قتل ثلاثة اشخاص اثنان منهم رهينتان عندما اقتحم عناصر الشرطة الاسترالية مقهى في وسط مدينة سيدني وانهوا عملية احتجاز رهائن استمرت اكثر من 16 ساعة قام بها اسلامي مولود في ايران، واعلنت الشرطة مقتل المسلح اضافة الى رهينتين اخريين، كما اصيب اربعة اشخاص بجروح، واضافت ان المسلح (50 عاما) تصرف بمفرده واحتجز 17 رهينة طوال 16 ساعة، مضيفة انه اصيب بعيارات نارية واعلنت وفاته بعد نقله الى المستشفى، كما اعلنت وفاة رجل (34 عاما)، وامرأة (38 عاما) بعد نقلهما الى المستشفى، بحسب الشرطة، وقال مفوض شرطة نيوساوث ويلز اندرو سكيبيوني في مؤتمر صحافي ان احتجاز الرهائن "كان عملا فرديا، يجب ان لا يدمر هذا او يغير طريقة حياتنا"، وجاء في بيان الشرطة انه "عند نحو الساعة وقعت مواجهة بين الشرطة ورجل احتجز عددا من الناس رهائن داخل مبنى في (منطقة) مارتن بليس"، واضاف البيان "اطلقت عيارات نارية خلال المواجهة، ونتيجة لذلك اعلنت وفاة الرجل البالغ 50 عاما بعد نقله الى المستشفى"، وذكر الاعلام الاسترالي ان الرجل يدعى هارون مؤنس ووصل الى استراليا في 1996 كلاجئ من ايران.

ونقلت امرأتان الى المستشفى بعد اصابتهما بجروح غير خطيرة، كما اصيب شرطي بجروح غير خطيرة في وجهه نتيجة شظايا رصاصات وجرى نقله الى المستشفى، ونقلت امرأة ثالثة الى المستشفى بعد اصابتها بطلق ناري في كتفها، وجاء في بيان الشرطة انه تم نقل امرأة عمرها 35 عاما الى المستشفى كاجراء احترازي، واكدت الشرطة انها لم تعثر على متفجرات في المقهى بعد ان اشارت تقارير الى احتمال وجود العديد من القنابل التي زرعت في مناطق مختلفة من المدينة، واقتحمت قوات الامن المقهى وسمعت اصوات انفجارات في المكان الواقع في قلب اكبر المدن الاسترالية بعد ان تمكن عدد من موظفي وزبائن المقهى من الفرار، وبعد ذلك تم ارسال روبوت لرصد القنابل وتفكيك المتفجرات الى المبنى الذي يقع فيه المقهى فيما اعلنت الشرطة انتهاء حصار المقهى، وقالت الشرطة على موقع تويتر "انتهى حصار مقهى سيدني، سيتم الكشف عن مزيد من التفاصيل تاليا"، وذكر تلفزيون ايه بي سي وغيره من وسائل الاعلام ان محتجز الرهائن، الذي رفع في وقت سابق علما اسلاميا، هو "رجل دين" ايراني يبلغ من العمر 49 عاما واسمه هارون مؤنس.

ونشرت وسائل الاعلام صورا له وهو ملتح ويرتدي عمامة بيضاء، وقالت انه مفرج عنه بكفالة بعد اتهامه بارتكاب عدد من جرائم العنف، وبدأ حصار مقهى "لينت" الواقع في ساحة مارتن في وسط سيدني، وقامت الشرطة على اثر ذلك باغلاق الحي المالي في سيدني فيما حاصر مئات من رجال الشرطة المقهى، وقال ماني كونديتسيس المحامي السابق لمؤنس انه يؤكد للاستراليين ان عملية احتجاز الرهائن ليست من تنفيذ جماعة ارهابية منظمة، وصرح لتلفزيون ايه بي سي "هذا عمل فردي عشوائي، وهو ليس عملا ارهابيا منظما، انه شخص مضطرب فعل شيئا مشينا"، وذكرت صحيفة "ذي استراليان" ان مؤنس "نصب نفسه شيخا" وانه بعث رسائل مسيئة الى عائلات جنود قتلى، وهو مفرج عنه بكفالة بعدما اوقف بتهمة التآمر في قتل زوجته السابقة، وقالت انه وصل الى استراليا كلاجئ في العام 1996 وعاش في جنوب غرب سيدني، ولم تنف الشرطة هذه التقارير، وقالت انها تعرفت الى محتجز الرهائن، الا انها لم تكشف عن هويته بينما كانت تحاصر المقهى، وذكرت الحكومة في وقت سابق ان دوافع محتجز الرهائن غير واضحة. بحسب فرانس برس.

وتردد ان المسلح الذي كان يحمل بندقية، قدم العديد من المطالب عبر وسائل الاعلام الاسترالية، الا ان الشرطة طلبت عدم نشرها، وكانت استراليا التي تشارك الى جانب الولايات المتحدة في الحملة ضد تنظيم الدولة الاسلامية، رفعت في ايلول/سبتمبر مستوى الانذار من الخطر الارهابي الى حال الانذار القصوى ولا سيما حيال خطر المقاتلين الجهاديين العائدين من القتال في سوريا والعراق، وعقد رئيس وزراء استراليا توني ابوت اجتماعا لمجلس الامن القومي للتعامل مع هذا التطور "المقلق"، وبعد حوالى ست ساعات على بدء عملية الاحتجاز خرج ثلاثة رهائن رجال، وبعد ساعة تلتهم موظفتان فرتا كذلك من المقهى، وبعد ذلك تمكن عدد اخر من الاشخاص من الخروج من المقهى في وقت متاخر من الليل، ومن بين الاشخاص الذين تمكنوا من الفرار ايلي شين التي قالت شقيقتها نيكول على صفحتها على فيسبوك "نعم، لقد تمكنت اخيرا من ان اراك، انا مسرورة جدا لانك بامان"، وصرح كريس ريزون الصحافي في تلفزيون القناة السابعة التي تقع غرفة تحريرها مقابل المقهى في تغريدة "احصينا حوالى 15 رهينة، لا 50، وهم نساء ورجال وشبان وعجائز، لكن لا اطفال بينهم"، واضاف "نرى ان المنفذ يقوم بتبديلهم، ويجبرهم على الوقوف مداورة امام النوافذ، احيانا طوال ساعتين".

ويعتبر حي مارتن بليس حيث يقع المقهى، المركز المالي لمدينة سيدني ويضم العديد من المباني المهمة ومن بينها مبنى برلمان ولاية نيوساوث ويلز، والقنصلية الاميركية، والبنك المركزي الاسترالي وبنك كومنولث الأسترالي، واغلقت العديد من المتاجر والمكاتب في المنطقة ابوابها مبكرا بسبب الحادث، ولم يشاهد سوى عدد قليل من الناس يسيرون في الشوارع التي عادة ما تكتظ بالمارة، وتزامنا، اعلنت الشرطة الاسترالية انها تنفذ عملية اثر "حادث" وقع في دار اوبرا سيدني التي تم اخلاؤها، بعد العثور على طرد مشبوه على ما يبدو، والغيت الحفلات المسائية في دار الاوبرا، ودانت اكثر من اربعين منظمة اسلامية استرالية احتجاز الرهائن و"اساءة استخدام" الشهادتين من طرف "افراد مضللين لا يمثلون الا انفسهم"، وفي ايلول/سبتمبر رفعت الحكومة مستوى التحذير من الهجمات الارهابية، وقامت الشرطة بمداهمات واسعة لمكافحة الارهاب في ارجاء البلاد ولم تعتقل سوى شخصين، ويقاتل اكثر من سبعين استراليا في صفوف الجهاديين في العراق وسوريا، وقتل عشرون على الاقل من هؤلاء مع تصاعد المخاوف من تطرف عدد متزايد من الشبان وامكان شنهم هجمات لدى عودتهم الى بلادهم، وفي اواخر تشرين الاول/اكتوبر شددت استراليا تشريعاتها لمكافحة الارهاب فمنعت بشكل خاص اي سفر بلا سبب موجب الى دول تعتبر بؤرا للإرهاب الدولي.

فيما تساءل رئيس الوزراء الأسترالي، توني أبوت، عن السبب في عدم إدراج المسلح الذي احتجز رهائن في مقهى بسيدني على قائمة الإرهاب، وكانت عملية احتجاز الرهائن قد انتهت باقتحام القوات الخاصة "الكوماندوز" للمقهى، وأسفرت عن مقتل المسلح، ويدعى هارون مؤنس، وهو إيراني المولد، مع رهينتين آخرين، وقال أبوت إن الحكومة ستدرس لماذا أفرج عن مونس بكفالة في جرائم سابقة، ونعى أبوت الرهينتين اللذين لقيا حتفهما في عملية تحرير الرهائن، ووصفهما بأنهما "شخصان فاضلان"، وبدأت الشرطة أيضا التحقيق في الأسباب التي دفعت مونس، وهو لاجئ إيراني معروف لدى السلطات بتاريخه الطويل مع جرائم العنف وتبنيه لأفكار متطرفة، لتنفيذ هذا الاعتداء، وكيف حصل على السلاح، وكان هارون مونس معروفا للسلطات الاسترالية بتبنيه لأفكار متطرفة واضطرابه العقلي، وتساءل أبوت في مؤتمر صحفي: "كيف يمكن لشخص لديه مثل هذا التاريخ الطويل والمريب ألا يكون مدرجا على قائمة المراقبة المناسبة، وكيف يمكن لشخص مثل هذا أن يكون طليقا تماما وسط المجتمع؟"، وقال: "هذه أسئلة تحتاج إلى النظر فيها بعناية وهدوء وطريقة منهجية".

لكنه أضاف بأنه "من الممكن" أن يحدث هذا الحصار حتى إذا كان مونس مدرجا على قائمة المراقبة، وتابع بأن "مستوى المراقبة، الذي سيكون ضروريا لمنع الناس من ممارسة حياتهم اليومية، سيكون مرتفعا جدا بالفعل"، وأعلن عن أسماء الضحيتين وهما المحامية كاترينا داوسون البالغة من العمر 38 عاما، وهي أم لثلاثة أطفال، وصاحب المقهى توري جونسون البالغ من العمر 34 عاما، ووصف أبوت الضحيتين بأنهما "شخصان محترمان وفاضلان كانا ضحية للخيال المريض لشخص مختل بشدة"، وكان أبوت صرح في وقت سابق بأن محتجز الرهائن سعى الى تغطية أفعاله برموز تنظيم الدولة الإسلامية، وأشار أبوت إلى أن "هذا الحادث المروع" في المقهى "مأساة تعجز الكلمات عن وصفها" مشددا على أن "ثمة دروسا يجب تعلمها" من هذه "المواجهة مع الإرهاب"، وفي ساحة "مارتن بليس" بوسط سيدني، بدأ الأستراليون يتوافدون على المكان لتوقيع دفاتر التعازي ووضع أكاليل الزهور تكريما للضحيتين.

استراليا في حداد

فيما دخلت استراليا في حداد على مقتل شخصين في عملية انهاء احتجاز الرهائن من قبل مسلح قتل هو ايضا في مقهى في سيدني فيما بدأت التساؤلات حول كيفية تمكن هذا الرجل الذي له سوابق في العنف والتطرف من الافلات من رقابة الشرطة، وعلم الاستراليون صباحا بالنهاية الدموية لعملية احتجاز الرهائن التي استمرت 16 ساعة في مقهى لينت شوكولا في منطقة مارتن بليس المخصصة للمارة الواقعة في وسط اكبر مدينة استرالية، وبدأ السكان بوضع الورود بالقرب من مكان المأساة تعبيرا عن حزنهم والمهم، وكانت وحدات النخبة من الشرطة اطلقت الهجوم في ساعات الفجر الاولى بعدما سمعت طلقات نار، والقى رجال الشرطة القنابل الصوتية واطلقوا النار داخل المقهى الذي دوت داخله اصوات الانفجارات بعد ان تمكن عدد من الموظفين والزبائن من الفرار، واقتحمت الشرطة المقهى بعد تبادل لاطلاق النار ما ادى الى مقتل "المسلح الذي تصرف بمفرده" والبالغ من العمر 50 عاما وعرفت عنه الشرطة على انه هارون مؤنس وهو من اصول ايرانية. بحسب فرانس برس.

وقتل رهينتان ايضا هما توري جونسون (34 عاما) مدير المقهى وكاترينا دوسون وهي محامية (38 عاما) وام لثلاثة اطفال، واصيب ستة اشخاص بجروح، وخلال قداس اقيم في كاتدرائية السيدة العذراء بالقرب من المقهى، اشاد الاسقف انتوني فيشر ب"بطولة" الضحيتين، واضاف ان توري جونسون حاول كما يبدو تجريد محتجز الرهائن من سلاحه وقتل برصاصة انطلقت منه، وكانت كاترينا دوسون تريد حماية صديقة لها حامل، وقال الاسقف "هذان البطلان كانا مستعدان للتضحية بحياتهما لكي يتمكن اخرون من العيش"، ولم تؤكد الشرطة هذه الرواية قائلة ان التحقيق لا يزال جاريا، وكان هناك 17 رهينة في المقهى، وتمكن خمسة اشخاص من الهرب قبل ساعات حيث باغتوا محتجز الرهائن الذي "له سوابق كثيرة من العنف الاجرامي والميول للتطرف والاضطراب العقلي" بحسب ما قال رئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت، وقال ابوت ان الاستراليين "يجب ان يطمئنوا بسبب الطريقة التي تعاملت فيها قواتنا لتطبيق القانون واجهزتنا الامنية لهذه المواجهة مع الارهاب"، واضاف ابوت ان المسلح حاول "وضع تصرفاته تحت غطاء" تنظيم "الدولة الاسلامية" واشاد بعمل قوات الامن الاسترالية.

وكان المسلح افرج عنه بكفالة رغم عدة حوادث عنف وخصوصا التآمر في قتل زوجته، واقر وزير العدل في نيو ساوث ويلز براد هازرد بان هذا الامر يطرح تساؤلات خطيرة، وقال "نطالب الاجهزة الفدرالية والدولة بدرس اسباب افلاته من الرقابة والتوقيف"، ونكست الاعلام في مختلف انحاء نيو ساوث ويلز وعاصمتها سيدني، وقالت انجيليكا هايفا وهي تحمل باقة من الورود "جئت الى هنا لاحيي الاشخاص الذين خسروا حياتهم، هذا امر محزن جدا" واضافت "كانوا متوجهين الى العمل مثل الجميع، وتوقفوا لتناول القهوة، كان يحتمل ان يكون اي شخص آخر مكانهم"، وشارك ممثلو المجموعات الاسلامية التي دانت بشدة عملية احتجاز الرهائن، في تكريم الضحايا، وتعتبر منطقة مارتن بليس المركز المالي في قلب سيدني وتقع فيها عدة ادارات بينها مكاتب رئيس وزراء نيو ساوث ويلز مايك بيرد وكذلك مقر البنك المركزي، وبحسب صحيفة "ذي استراليان" فان المسلح كان اسلاميا متطرفا وقام في السابق بتوجيه رسائل تهجم لعائلات جنود قتلوا في عمليات، ووصل عام 1996 الى استراليا بوضع لاجئ وكان يقيم في ضواحي سيدني، وتحول من الاسلام الشيعي الى السني بحسب موقعه على الانترنت، وكانت استراليا التي تشارك الى جانب الولايات المتحدة في الحملة ضد تنظيم الدولة الاسلامية، رفعت في ايلول/سبتمبر مستوى الانذار من الخطر الارهابي الى حال الانذار القصوى ولا سيما حيال خطر المقاتلين الجهاديين العائدين من القتال في سوريا والعراق، ويقاتل اكثر من سبعين استراليا في صفوف الاسلاميين المتطرفين في العراق وسوريا، وقتل عشرون على الاقل من هؤلاء مع تصاعد المخاوف من تطرف عدد متزايد من الشبان وامكان شنهم هجمات لدى عودتهم الى بلادهم، وفي اواخر تشرين الاول/اكتوبر شددت استراليا قوانينها لمكافحة الارهاب فمنعت بشكل خاص اي سفر بلا سبب موجب الى دول تعتبر بؤرا للارهاب الدولي.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي