داعش والانترنت... حرب افتراضية توازي المعركة على الأرض
شبكة النبأ
2014-12-18 07:28
شبكة النبأ: لم يكتفِ تنظيم ما يسمى (الدولة الاسلامية/ داعش) بالسيطرة على الاراضي الواقعة على جانبي الحدود بين العراق وسوريا واعلان الخلافة الاسلامية في الشرق الاوسط، كمنطلق لغزو العالم بحسب ايدلوجيته المتطرفة، وانما استخدم، في سبيل تحقيق هذا الهدف، اضافة الى العنف المفرط (والذي فاق في قسوته جميع التنظيمات الجهادية الاخرى)، معرفة العناصر الجهادية التابعة له والمتعاطفين معه بالأنترنت وعالم مواقع التواصل الاجتماعي الواسع، كوسيلة لاستقطاب الآلاف من الشباب عبر مختلف طرق الاغراء والكسب، واكد العديد من الخبراء التقنيين، ان تنظيم داعش نجح في استمالة العديد من العناصر نحو الانضمام الى التنظيم من مختلف الجنسيات، خصوصا من القارة الاوربية التي غالبا ما يستهويهم متابعة مواقع التواصل الاجتماعي بصورة يومية.
وأوضح الدكتور (اعليا العلاني) الخبير في الجماعات المتشددة أن الانتداب عن طريق الإنترنت أصبح أحد وسائل داعش في الفترة الأخيرة حيث أن التنظيم لم يعد يحتاج إلى مقاتلين عراقيين بل إلى الأجانب وهو ما اعتبره الدكتور أعليا له إيجابيات عدّة بالنسبة إلى مثل هذه التنظيمات الإرهابية، أولها أن الدعاية على الإنترنت كلفتها أقل في ظل صعوبة عمل الشبكات التقليدية، إضافة إلى أنه أسلوب يستهوي الشباب كثيرا، ويهدف إلى فتح جبهات جديدة في القتال غير الجبهتان العراقية والسورية، واضاف الدكتور العلاني "إن عملية تجنيد الشباب بالنسبة لداعش أصبح نوعا من التجارة والإنترنت هي وسيلة للتقريب من الموت"، واكد أن "داعش بدأ يشعر بخطر التراجع وبالتالي أصبح يستخدم الانتداب عن طريق الإنترنت لكي يسترجع بعض مواقعه داخل العراق ويفتح جبهات قتال في البلدان التي تتوفر على بعض الهشاشة الأمنية مثل ماهو الحال في ليبيا وسوريا".
ويبدو ان هناك معركة موازية تختلف عن التي تقوم بها القوات العراقية، اضافة الى التحالف الدولي (بقيادة الولايات المتحدة الامريكية)، وتجري خلف الحواسيب والهواتف المحمولة، بأدوات تقنية ومراقبة مستمرة، حيث صعدت اغلب الدول العربية والغربية من حملتها المناهضة لتنظيم داعش لتفكيك منظومته الالكترونية واعتماده الكبير على تجنيد المزيد من المقاتلين في صفوف التنظيم، بالمقابل فان تنظيم داعش زاد من حذره في استخدام المواقع الجهادية وشبكات التواصل الاجتماعي، بعد ان اصبحت هدفا سهلا لوحدات المراقبة الالكترونية التابعة لأجهزة الاستخبارات الغربية، والتي قد حددت من خلالها بعض الاهداف الدقيقة في عملياتها العسكرية التي تستهدف مكافحة التنظيم خصوصا في العراق، وأشارت صحيفة لوموند الفرنسية، استنادا إلى وثائق خاصة بالتنظيم قامت بالاطلاع عليها، إلى قيامه بتزويد عناصره بالأدوات والنصائح التقنية، وإتاحته للبرامج والتقنيات المتعلقة بحماية بيانات عناصره عبر الإنترنت، ويشدد التنظيم في تعليماته على ضرورة حجب عناوين بروتوكول الإنترنت IP الخاصة بعناصره، واستخدام شبكات VPN وتشفير نشاطهم ورسائلهم عبر الإنترنت، من خلال اللجوء إلى برامج إلكترونية يشتهر النشطاء السياسيون وتجار السلاح والمخدرات عبر العالم باستخدامها، التي تتيح لهم في معظم الأحيان إمكانية استخدام شبكة الإنترنت دون التعرض للتعقب.
ملاحقة حسابات الجهاديين
فقد أوقفت الشرطة الهندية هنديا في الرابعة والعشرين من العمر بتهمة ادارة حساب يدعم الآلة الدعائية لتنظيم "الدولة الاسلامية" على تويتر، وقال مسؤولون انه يعتقد ان مهدي مسرور بسواس الذي يعمل لدى شركة للاغذية في مدينة بنغالور في الجنوب مسؤول عن موقع @شاميويتنس الذي جمع 17700 متتبع بينهم العديد من الاجانب المقاتلين في صفوف التنظيم في سوريا والعراق قبل اغلاقه اثر تقرير نشرته القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني، ونشر الحساب تغريدات دعائية ومعلومات للراغبين بالالتحاق بالجهاديين ورسائل تمجد المقاتلين القتلى باعتبارهم شهداء، واقتحمت شرطة بنغالور منزل مهدي في وقت مبكر وصادرت هاتفه المحمول وجهاز الكمبيوتر ووثائق اخرى كادلة، وقال المدير العام للشرطة ل. ار. باشوا خلال مؤتمر صحافي "استنادا الى معلومات استخباراتية موثوقة احتجزنا مهدي مسرور بيسواس من شقته المستأجرة".
واضاف انه "اعترف بانه كان يدير حساب شامي ويتنس لعدة سنوات، كان يعمل في المكتب في النهار واصبح ناشطا على الانترنت في الليل"، ولا يبدي مسلمو الهند الذين يعدون 150 مليونا اهتماما بالنزاعات الطائفية في الشرق الاوسط وغيره، ولكن قبل فترة قليلة، اتهم طالب هندي بارتكاب اعمال ارهابية بعد عودته من العراق حيث قيل انه عمل مع الجهاديين، ويغذي توقيف بسواس المخاوف من سعي تنظيم الدولة الاسلامية لاستقطاب متطوعين اسلاميين متطرفين شبان عبر الانترنت، وقال باشوا ان بسواس استخدم تويتر "بكثافة" بعد جمع معلومات من مواقع اخبارية ومن محطات تلفزيونية حول الوضع في العراق وسوريا وباقي المنطقة المضطربة، واضاف ان مهدي بسواس "كان مقربا بشكل خاص من الارهابيين الذين يتحدثون الانكليزية" واصبح مصدرا "للتحريض والمعلومات" للشباب الساعين للالتحاق بالتنظيم المتطرف، وقال انه "من خلال الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعم اجندة تنظيم الدولة الاسلامية في شن حرب" على الدول الآسيوية. بحسب فرانس برس.
وتم فتح دعوى بحق بسواس على خلفية دعم الحرب على الدولة، وذكرت القناة الرابعة البريطانية ان مهدي قال انه لم ينضم الى صفوف التنظيم الاسلامي لان عائلته تعتمد عليه ماديا، ونقلت عنه قوله "لو كانت لدي الفرصة لأترك كل شيء وانضم اليهم، لفعلت"، وقالت القناة انه كان يشارك نكاتا وصورا مضحكة ويتحدث عن افلام بطولية على صفحته على فيسبوك، كما كان ينشر صورا عن حفلات عشاء مع اصدقائه وزملائه في العمل، ولكن، في مقابلة مع صحيفة اكسبرس الهندية نشرت مؤخرا، قال بسواس ان ما قاله لمراسل القناة الرابعة كان هدفه ان يدفع الصحافي لتركه وشأنه، وقال "عندما اتصلت بي القناة الرابعة اول مرة وسألت ان كان موقع شامي ويتنس حسابي على تويتر، لم انف ذلك، لو اني نفيت ذلك لما صدقوني، ولذلك قررت ان اقر بأنني انا من يدير شامي ويتنس آملا في انهم لن يذيعوا البرنامج"، ويستخدم تنظيم الدولة الاسلامية مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة كجزء من آلته الدعائية المرعبة لاستقطاب الجهاديين وبث اشرطة فيديو تتضمن مشاهد اعدام وحشية بحق صحافيين وجنود ومدنيين.
وقال مفوض الشرطة للصحفيين "كان مقربا على وجه الخصوص من الإرهابيين الذين يتحدثون الإنكليزية من تنظيم "الدولة الإسلامية"، وأصبح مصدرا للتحريض والمعلومات للمجندين الجدد الذين يحاولون الانضمام للتنظيم"، وأقامت الشرطة دعوى ضده للتحريض على الحرب ضد الدولة، لكن والده قال لقناة "تايمز ناو" إن ابنه بريء وإن التهمة لفقت له. وقال الأب الذي لم تذكر القناة اسمه "ابني ليس مرتبطا بأي جماعة جهادية"، لكن مسؤولين يقولون إن من الصعب تعقب عدد المتعاطفين مع إيديولوجية تنظيم "الدولة الإسلامية"، لأنه لا توجد شخصية محورية أو جهة تجنيد، وعرضت القناة الرابعة مقابلة مع مهدي قال خلالها إنه كان يود لو انضم لتنظيم "الدولة الإسلامية"، لكن أسرته تعتمد عليه، وقالت القناة إن مهدي كثيرا ما ينشر النكات والصور المضحكة، ويتحدث عن أفلام الأبطال الخارقين في صفحته على موقع فيس بوك كما ينشر صورا لتناول الطعام مع أصدقائه ولحفلات تقام في مكتبه، ويوجد في الهند ثالث أكبر تجمع للمسلمين في العالم لكن الشرطة تقول إن أربعة رجال فقط، المعروف أنهم سافروا إلى الشرق الأوسط للانضمام للدولة الإسلامية، وعاد أحدهم منذ ذلك الحين واحتجزته الشرطة.
وحدة الحرب الالكترونية
فيما ضربت طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عشرات العربات والقواعد التابعة لتنظيم الدولة الاسلامية، وبينها "وحدة الحرب الالكترونية" خلال اربع ايام من الغارات، بحسب ما اعلن الجيش الاميركي، وقال الجيش انه في الفترة من 28 تشرين الثاني/نوفمبر و1 كانون الاول/ديسمبر قصفت المقاتلات والطائرات بدون طيار التابعة للتحالف اهدافا في العراق وسوريا حيث اصابت مسلحين يحاصرون بلدة عين العرب (كوباني) ومقر تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة الرقة السورية، وفي الرقة، اصيبت دبابة و14 عربة اخرى ومقرا للجهاديين ووحدة الحرب الالكترونية، وقال الجيش ان 17 من غارات التحالف ال27 في سوريا استهدفت تلك المنطقة خلال الايام الاربعة، مشيرا الى قصف سبع وحدات تابعة للتنظيم المتطرف ومبنيين وثلاث دبابات واربع عربات، من ناحية اخرى استهدفت احدى غارات التحالف ما يسمى ب"مجموعة خراسان" التي تضم عددا من مقاتلي القاعدة قرب حلب. ولم ترد انباء عن وقوع اصابات او اضرار في هذه الغارة، اما في العراق، فقد شن التحالف 28 غارة اخرى اصابت عربات وقطع مدفعية وقواعد ومواقع قتالية للدولة الاسلامية قرب مدن الموصل وهيت وتلعفر وتكريت والرمادي، وتشارك في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا كل من البحرين والاردن والسعودية والامارات العربية المتحدة، اما في العراق فتشارك في التحالف استراليا وبلجيكا وبريطانيا وكندا والدنمارك وفرنسا وهولندا، وبدأت الضربات الجوية في العراق في اب/اغسطس بعد ان استولى التنظيم المتشدد على الموصل وشن هجوما خاطفا استولى خلاله على مناطق واسعة من غرب البلاد، وتم توسيع الحملة لاحقا لتشمل سوريا بعد ان توعد الرئيس الاميركي باراك اوباما ب"اضعاف والقضاء على" تهديد "الدولة الاسلامية" من خلال شن هجمات جوية وزيادة الدعم للقوات الكردية والعراقية. بحسب فرانس برس.
وخلال اجتماع عقد في الكويت خصص لمواجهة الدعاية التي تقوم بها الجماعات المتطرفة على الإنترنت دعت واشنطن حلفاءها لتوسيع حربهم ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" عبر الإنترنت، وقال المنسق الأمريكي للتحالف الدولي الجنرال المتقاعد جون آلن في افتتاح الاجتماع إن هذه الدعاية تشكل "حربا رهيبة، تهدف إلى تجنيد وإفساد عقول أشخاص أبرياء"، واعتبر أن التنظيم المتطرف "لن يهزم حقا إلا عندما يتم إسقاط شرعية رسالته الموجهة إلى الشباب الذين لديهم نقاط ضعف"، وقد ضم الاجتماع ممثلين عن البحرين وبريطانيا ومصر وفرنسا والعراق والأردن ولبنان وسلطنة عمان وقطر والسعودية والإمارات، وأكد المجتمعون في بيان ختامي أنهم ناقشوا الخطوات التي تنوي الحكومات المعنية اتخاذها لتعزيز الحرب ضد الدعاية المتطرفة عبر الإنترنت، وأفاد البيان أن الجهد المشترك يهدف "مضاعفة التزامنا للرد على التطورات المهمة ولتعزيز التواصل والتدريب وبرامج التعاون، ولمواجهة تجنيد المقاتلين الأجانب بشكل فعال"، وسيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على أراض واسعة في العراق وسوريا وأعلن فيها "الخلافة" مستخدما بشكل معقد شبكة الإنترنت لنشر تسجيلات ومجلة، ويستخدم أنصار التنظيم الشبكة بشكل مكثف إذ باتت الإنترنت الوسيلة الأكثر فعالية لتجنيد المقاتلين الأجانب.
الاهتمام بالمواقع الاجتماعية
بدوره قال رئيس مقر الاتصالات الحكومية في بريطانيا ان موقعي تويتر وفيسبوك شديدا الاهمية للمنظمات المتشددة بدرجة يتعين عندها ان يقدم عملاقا التكنولوجيا الامريكية لأجهزة الامن ترتيبات دخول أوسع نطاقا الى محتويات الموقعين للسماح للحكومات الغربية باجهاض الهجمات، وقال روبرت هانيجان المدير الجديد لمقر الاتصالات الحكومية البريطانية ان شركات تويتر وفيسبوك وواتس اب تنتابها حالة إنكار لدورها غير المقصود بأن تكون "شبكات القيادة والسيطرة التي يختارها الارهابيون"، ومقر الاتصالات الحكومية منظمة بريطانية للمخابرات والامن مسؤولة عن تقديم مؤشرات مخابراتية ومعلومات مؤكدة للحكومة البريطانية والقوات المسلحة بهدف تأمين بريطانيا في مواجهة تحديات الاتصالات الحديثة، وقال هانيجان ان متشددي الدولة الاسلامية يسخرون قوة الانترنت لانشاء شبكة للمتشددين يمكنها ان تصل الى انحاء العالم تقريبا، وكتب هانيجان في صحيفة فاينانشيال تايمز "التحدي الذي تواجهه الحكومات وأجهزة المخابرات ضخم ويمكن مواجهته فقط بقدر أكبر من التعاون من جانب شركات التكنولوجيا"، وأضاف "اذا كانوا سيواجهون هذا التحدي فهذا يعني التوصل الى ترتيبات أفضل لتسهيل التحريات القانونية من جانب أجهزة الامن وانفاذ القانون أكثر مما هو عليه الوضع الان". بحسب رويترز.
وامتنعت شركتا تويتر وفيسبوك اللتان تمتلكان واتس اب عن الادلاء بتعليق فوري قبل ساعات العمل في الولايات المتحدة، وامتنع مقر الاتصالات الحكومية أيضا عن التعليق على المقال، ومثل هذا التحذير العلني القوي من جانب واحد من أقوى أجهزة المخابرات الغربية يشير الى مدى جسامة التهديد الذي يدركونه واحساس بخيبة الامل يشعر به العديد من رجال المخابرات بشأن الضرر الذي أحدثه ادوارد سنودن الموظف السابق بوكالة الامن القومي الامريكية، وكشفت التقارير الاعلامية التي استندت الى الوثائق السرية التي سرقها سنودن (وهو مواطن أمريكي يعيش الان في موسكو) مدى أعمال المراقبة التي تقوم بها الاجهزة الامريكية والبريطانية ومن بينها مطالب قدمت الى شركات الهاتف والتكنولوجيا، ونفى وزراء بريطانيون أي اجراءات غير قانونية ورفض كبار ضباط المخابرات أي نوايا شريرة قائلين انهم يسعون فقط للدفاع عن الحريات في الديمقراطيات الغربية، وكان المدير العام لجهاز المخابرات الداخلي (إم آي فايف) اندرو باركر قد حذر في العام الماضي من ان الوثائق التي تم الكشف عنها كانت بمثابة هدية للارهابيين لانها كشفت قدرة مقر الاتصالات الحكومية على رصدهم والتنصت عليهم ومراقبة المتآمرين، وقال هانيجان "المقاتلون الاجانب الشبان علموا واستفادوا من تسريبات العامين الماضيين".
محاربة الجهاديين
من جهته قرر الاتحاد الأوروبي طلب مساعدة عمالقة شبكة الإنترنت لمساعدته في محاربة الجهاديين لمنعهم من تجنيد الآخرين ووقف بث الأشرطة الدعائية وتلك المشيدة بأعمالهم الإرهابية، وذلك خلال لقاء مع وزراء الداخلية في لوكسمبورغ، وقالت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية سيسيليا ملمستروم إن "قطع شبكة الإنترنت ليس أمرا واردا لم يكن هذا فحوى اللقاء"، وأضافت كان "عشاء غير رسمي لبحث سبل التعاون وشرح المسؤولون في شركات الإنترنت للوزراء سياساتهم حيال الرقابة على المحتوى ولم يتم اتخاذ أي قرار"، وشارك في العشاء ممثلون عن شركات غوغل وفيس بوك وتويتر ومايكروسوفت، وتستخدم المجموعات الجهادية شبكات التواصل الاجتماعي ومنتديات الإنترنت لبث الصور والأشرطة المتعلقة بنشاطاتهم من أجل تجنيد الآخرين، وأعرب وزير الداخلية الإيطالي أنجلينو الفانو عن الأسف لأن "هذه الوسائل فعالة جدا في نشر التطرف"، وقال مسؤولون أوروبيون إن أشرطة الفيديو المصورة أثناء قطع رؤوس الرهائن تشكل أدوات للدعاية كما أنها تستخدم لممارسة الضغوط على القادة الغربيين الذين تعهدوا بمحاربة الجهاديين.
وفي غضون عام واحد، ارتفع عدد الأوروبيين الذين تم تجنيدهم للقتال في سوريا والعراق من بضع مئات إلى قرابة ثلاثة آلاف، وفقا لأرقام منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل دو كيرشوف، وتسمح شبكة الإنترنت بتحديد الأمكنة، وعلمت عائلات كثيرة بتوجه أبنائها أو أقربائها للقتال في سوريا عبر تلقي رسائل بواسطة تويتر أو فيس بوك، وتقتفي الشرطة الأوروبية أثر الجهاديين تجبنا لعودتهم ومواجهة التهديدات بحصول اعتداءات فهي بالتالي بحاجة إلى هذه الرسائل لتحديد مكانهم، بحسب ما أعلنه مسؤول أوروبي، ويهدف التعاون مع شبكات التواصل الاجتماعي إلى منع بث الرسائل وصور الجهاديين ويجب أن تكون العملية سريعة نظرا لسهولة استخراج نسخ عن الأفلام والصور بسرعة كبيرة، ويؤكد فيس بوك، أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم مع 1,3 مليار مستخدم، أنه يعمل على إقصاء كل المجموعات الإرهابية، وتتدخل الشركة في محتويات الحسابات التي تعتبرها مخالفة لشروط الاستخدام وخصوصا الدعوة إلى العنف فور الإبلاغ عنها، بحسب مونيكا بيكيرت المسؤولة عن سياسة المحتويات. بحسب فرانس برس.
من جهته، اتخذ موقع توتير إجراءات "أحالت الأمور أكثر صعوبة للدولة الإسلامية وقال كيرشوف "تخلوا عن تويتر وانتقوا إلى منتدى آخر واضطروا أن يتخلوا عنه أيضا لاختيار نظام آخر في روسيا"، وقال مسؤول أوروبي "إن النقاش يدور حول التوازن بين حرية التعبير واحترام كرامة الإنسان"، كما يسعى الوزراء أيضا إلى تعزيز الأمن على الحدود لمنع المغادرة ومراقبة عودة الإرهابيين المحتملين، وأضاف كيرشوف "لا أعتقد أن هجوما كبيرا سيقع، لكن على أوروبا أن تخشى اعتداءات مخيفة مثل ذلك الذي استهدف المتحف اليهودي في بروكسل عندما أطلق رجل النار فقتل أربعة أشخاص قبل أن يتمكن من الفرار"، وتم توقيف شاب فرنسي متطرف بتهمة قتلهم، وكان الشاب عائدا من سوريا عبر ألمانيا ودول آسيوية، وتبحث أوروبا عن وسائل لتعزيز الرقابة على مواطنيها على حدودها الخارجية لكن قواعد "شينغن" تمنع المراقبة بشكل منتظم كما يعرقل البرلمان الأوروبي قانونا للكشف عن معطيات شركات النقل الجوي، بالتالي، يجب تحديد معايير للرقابة على المرافئ والمطارات من دون انتهاك الحريات، بحسب مصدر أوروبي.
صمت يثير التساؤلات
الى ذلك وبعد التفاخر بأعمال العنف التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية على موقع تويتر ساد صمت مفاجئ بين المستخدمين المرتبطين بالتنظيم على موقع التدوين المصغر، ووفقا لمصادر حكومية أمريكية فقد ساد الصمت عددا من الحسابات التابعة للتنظيم المتشدد الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن إن كانت الحكومة قد ضغطت على تويتر للحد من هذه الأنشطة أو إن كانت الجماعة قد انتقلت إلى مواقع أخرى للتواصل الاجتماعي، وقال عدد من المسؤولين الأمريكيين طالبين عدم نشر أسمائهم إنهم ليسوا على علم بأي محاولات لإلغاء هذه الحسابات على تويتر، كما يأتي الصمت المفاجئ بعد أيام من ورود تقارير بان هذه الحسابات المرتبطة بالدولة الإسلامية هددت العاملين في تويتر رغم أن لا يوجد أي دليل يربط بين هاتين الواقعتين، ورفضت شركة تويتر التعقيب على ما قامت به فيما يتصل بالحسابات المرتبطة بالدولة الإسلامية لكنها ألغت عددا من الحسابات المرتبطة بالجماعة في الشهور الأخيرة ومن بينها حساب لمستخدم هدد بالانتقام من موظفي تويتر.
وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه إن الحكومة عندما ترصد أشخاصا على مواقع التواصل الاجتماعي تعتقد أنهم "إرهابيون" أو "متطرفون" فانها تلفت نظر شركات مثل تويتر وفيسبوك لهم وتتصرف هذه الشركات عادة وفق ما تراه مناسبا، وقال المسؤول "الناس (في الحكومة) وخارجها دائما يلفتون انتباه هذه الشركات لمن يتم التعرف عليهم من الإرهابيين، لن أقول إن الحكومة الأمريكية تتبع سياسة منهجية بأن تطلب (من شركات مثل) تويتر أن تغلق هذه الحسابات، فهم يعاودون الظهور بسرعة ويغيرون أسماء حساباتهم"، وذكر مصدر حكومي أخر مطلع على الأمر أن هناك تغيرا واضحا في الأساليب التي يتبعها تنظيم الدولة الإسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي في أعقاب الخطاب الذي أدلى به الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقال أوباما آنذاك إنه أمر بتنفيذ غارات جوية في سوريا والعراق في تصعيد واسع لحملة ضد التنظيم. بحسب رويترز.
ويقول بعض الخبراء إن المتشددين ربما باتوا يلجأون بشكل متزايد لمواقع أخرى مثل موقعي كونتاكت وداياسبورا الروسيين ضمن شبكة تواصل اجتماعي عمرها أربعة أعوام تعتمد على شبكة من الخوادم المستقلة اللامركزية، وأضاف المصدر أنه يتم اللجوء عادة لمثل هذا الأسلوب عندما يريد المتشددون تفادي التعقب، وتسلط هذه الممارسات الضوء على التحديات التي تواجه مسؤولي الحكومة وشركات الانترنت في الوقت الذي تكتشف فيه المنظمات المتشددة مدى قوة مواقع التواصل الاجتماعي في الدعاية والحشد، وبسبب نهج تويتر الذي يعتمد على عدم التدخل في مراقبة المحتوى وموقفه الصارم بشأن رفض طلبات الرقابة والحصول على معلومات عن مستخدمين أصبح تويتر قبلة مؤيدي الحقوق المدنية والمحتجين السياسيين من حركة احتلوا وول ستريت في نيويورك إلى الطلبة في ميدان التحرير بالقاهرة، وأصبح تويتر الذي يفرض قيودا أقل على المحتوى مقارنة بمنافسيه أداة اتصال حيوية للنشطاء والمحتجين السياسيين وكذلك الجماعات المتشددة.
ومن عناصر الجذب لجماعات مثل الدولة الإسلامية هو إمكانية استخدام الموقع بشكل مجهول على النقيض من مواقع أخرى، كما يمكن استخدامه من أي هاتف محمول بفضل خاصية الرسائل النصية، وتحظر قواعد تويتر نشر أي تغريدات تتضمن "تهديدات مباشرة ومحددة بالعنف ضد آخرين" وستلغي الشركة أي حسابات تستخدم تويتر لأنشطة غير مشروعة، لكن الحسابات التي تدعي أنها مرتبطة أو تدعم جماعات متشددة تدرجها وزارة الخارجية الأمريكية على قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية مثل الدولة الإسلامية ربما لا تنتهك بشكل تلقائي قوانين الموقع، وقال متحدث باسم الموقع "تويتر ليس لديه سياسة استخدام الاسم الحقيقي مما يجعل من الصعب تحديد هوية المستخدم، لكن قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية هي واحدة من عدة عوامل نضعها في اعتبارنا عندما نراجع حسابا تم الإبلاغ عنه"، ويعتمد تويتر على تقارير من مستخدميه ومن مسؤولين حكوميين، بينما يلجأ فيسبوك إلى فريق خاص يراقب ما تنشره جماعات إرهابية مثل الدولة الإسلامية التي حظرها الموقع، وعلى سبيل المثال فان تويتر أزال مقاطع فيديو تظهر إعدام الدولة الإسلامية للصحفي الأمريكي جيمس فولي والتي انتشرت على صفحاته الشهر الماضي، لكنه يعتمد في رفع صور لأشخاص متوفين بوجه عام بناء على طلبات من أفراد أسرهم.