باكستان على قائمة تمويل الإرهاب: ماذا يعني لأمريكا؟

عبد الامير رويح

2018-04-12 06:26

ماتزال الحكومة الباكستانية تواجه الكثير من التحديات بسبب الضغوط الأمريكية المتواصلة، بخصوص اتهام باكستان بدعم الحركات الارهابية ومنها حركة طالبان باكستان وشبكة حقاني وغيرها من الحركات الإسلامية المتشددة، والتي تنشط وبحسب بعض المراقبين، بشكل كبير في هذه الدول الامر الذي قد يسهم في خلق ازمات ومشكلات امنية خطيرة، وتدهورت العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة منذ ان اتهم ترامب اسلام اباد بايواء "وكلاء الفوضى" في المنطقة. وقرر ترامب في كانون الثاني/ديسمبر تعليق تمويل يصل إلى 1,9 مليار دولار لباكستان لأنها لا تلاحق برأيه كما ينبغي حركة طالبان وشبكة حقاني الاسلامية المتشددة.

ويعتقد مسؤولون اميركيون ان اجهزة استخبارات باكستانية وكيانات عسكرية أخرى ساعدت وسلّحت لفترة طويلة حركة طالبان لاسباب ايديولوجية، ولكن ايضا لموازنة النفوذ الهندي في افغانستان التي تدعم واشنطن حكومتها. وتنفي اسلام اباد هذه الاتهامات. وقد اكد دونالد بحسب بعض المصادر، أكثر من مرة إبان حملته لانتخابات الرئاسة الأمريكية على نيته مواصلة الضغوط على الحكومة الباكستانية للقضاء على حركة «طالبان باكستان» وشبكة حقاني، من خلال تجميد وقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية المقدمة لها. وطوال الفترة الممتدة بين بداية يناير ونهاية ديسمبر 2017 صدرت عشرات التهديدات والتصريحات الغاضبة من مسؤولي الإدارة الأمريكية، بدءاً من نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية تيلرسون ونهاية بنيكي هيلي، المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، والتي اتفقت جميعاً على اتهام باكستان بعدم الجدية في جهود مكافحة الإرهاب، وإيواء متطرفين أفغان من حركة «طالبان»، علاوة على ادعاء المسؤولين الأمريكيين قيام ضباط من الاستخبارات الباكستانية بدعم شبكة سراج الدين حقاني المتشددة والتي تتخذ، حسب الادعاءات الأمريكية، من منطقة شمال وزيرستان القبلية المحاذية للحدود الأفغانية مقراً وقاعدة للتخطيط لشن هجماتها ضد القوات والمصالح الأمريكية والغربية في أفغانستان.

عقوبات أمريكية

وفي هذا الشأن دافعت باكستان عن سجلها للأمن النووي قائلة إنه لا ينبغي استخدام الشكوك تجاه الشركات لتشويه سمعتها وذلك بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سبع شركات باكستانية للاشتباه في أن لها صلات بالتجارة النووية. وتأزمت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان في السنوات القليلة الماضية بسبب مزاعم عن دعم باكستان لإسلاميين متشددين يقاتلون في أفغانستان وهو ما ينفيه المسؤولون الباكستانيون.

وفرض مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية العقوبات على الشركات الباكستانية بإدراجها على قائمة ”الكيانات“ التابعة له مما يجعل من الأصعب عليها العمل في الولايات المتحدة أو العمل مع شركات أمريكية. وقد توجه العقوبات ضربة لطلب باكستان الانضمام إلى مجموعة الموردين النوويين التي تضم 48 دولة وتهدف إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية عن طريق السيطرة على تصدير وإعادة نقل المواد التي قد تستخدم في تطوير أسلحة نووية.

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إن الكثير من الشركات في أنحاء العالم مدرجة في قائمة ”الكيانات“ بوزارة التجارة الأمريكية وبعضها من دول أعضاء في مجموعة الموردين النوويين. وأضافت أنه لا ينبغي تسييس العقوبات من جانب خصوم باكستان. وقالت الوزارة في بيان صدر في وقت متأخر الاثنين ”جهود باكستان معروفة في مجال قيود التصدير والحد من الانتشار النووي وكذلك الأمن والسلامة النوويين. وهناك تاريخ من التعاون بين باكستان والولايات المتحدة في هذه المجالات“.

وأضافت ”نرفض محاولات من يهاجمون باكستان لاستغلال هذه الإدراجات لتشويه سجل باكستان في منع الانتشار النووي“. وتقدمت باكستان بطلب الانضمام للمجموعة في 2016 لكن لم يتحقق تقدم كبير في هذا الصدد. وتشعر الولايات المتحدة بالقلق بشأن تطوير باكستان نظم أسلحة نووية جديدة تشمل أسلحة نووية تكتيكية صغيرة وتحاول إقناعها بإعلان ”قيود“ من جانب واحد. بحسب رويترز.

وتواجه الشركات الباكستانية السبع الخاصة التي لا تحظى بشهرة في باكستان اتهامات إما بالتورط في ”نشر أنشطة نووية غير آمنة“ أو مساعدة شركات باكستانية أخرى مدرجة على القائمة بالفعل. ووجهت اتهامات من قبل لمسؤولين باكستانيين بنقل أسرار نووية إلى كوريا الشمالية. ونفت الحكومة هذه الاتهامات. وقالت هيئة مراقبة نووية تابعة للأمم المتحدة في عام 2008 إن شبكة محيطة بالعالم الباكستاني عبد القدير خان، المعروف محليا بلقب أبو القنبلة الذرية الباكستانية، قامت بتهريب مخططات أسلحة نووية لإيران وليبيا وكوريا الشمالية وإنها كانت تنشط في 12 دولة.

حرب مستمرة

من جانب اخر أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار نظير الإدلاء بمعلومات عن الملا فضل الله زعيم حركة طالبان الباكستانية. وأضافت في بيان أنها تعلن أيضا عن مكافأة قدرها ثلاثة ملايين دولار نظير معلومات عن عبد الولي، وهو زعيم جماعة تابعة لطالبان الباكستانية، وأخرى بنفس القدر نظير الإدلاء بمعلومات عن منجل باغ وهو زعيم جماعة باكستانية متشددة متحالفة مع طالبان ومتهمة بمهاجمة قوافل حلف شمال الأطلسي.

من جانب اخر قال مسؤولون إن طائرة بدون طيار يشتبه في أنها أمريكية نفذت ضربة جوية على معسكر للتدريب في منطقة معزولة داخل إقليم كونار بشرق أفغانستان مما أسفر عن مقتل أكثر من 20 من حركة طالبان الباكستانية كانوا يعدون لشن هجمات انتحارية داخل باكستان. وقال مسؤولان في المخابرات الباكستانية إن الهجوم الذي استهدف قرية ساريشا سلطان شاه أسفر عن مقتل اثنين على الأقل من قياديي الحركة إضافة إلى من يعتقد أنه مدرب على الهجمات الانتحارية.

وحركة طالبان الباكستانية لا تتبع طالبان الأفغانية وتضم عددا من الجماعات التي تقاتل حكومة باكستان. والحركة مدرجة على قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وأكدت مصادر في طالبان باكستان أن الضربة الجوية أسفرت عن مقتل أكثر من 12 من أعضائها لكنها قالت إن فضل الله خراساني زعيم الحركة الذي كان يزور معسكر التدريب وقت الهجوم لا يزال حيا.

ولم يؤكد متحدث باسم مهمة الدعم الحازم التي يقودها حلف شمال الأطلسي والقوات الأمريكية في العاصمة الأفغانية كابول صحة هذا التقرير. وقال في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني ”ليس لدينا علم بهذا التقرير (وبالتالي) ليست لدينا معلومات نضيفها“.

على صعيد متصل قال جنرال أمريكي كبير إن الجيش الأمريكي يرى بعض ”المؤشرات الإيجابية“ من باكستان تظهر أنها أصبحت أكثر تجاوبا مع المخاوف الأمريكية بشأن وجود ملاذات آمنة للمتشددين في البلاد لكنه قال إن إسلام آباد لم تجر بعد تحولا إستراتيجيا. وقال الجنرال جوزيف فوتيل رئيس القيادة المركزية للجيش الأمريكي ”بدأنا نرى الآن مؤشرات إيجابية للغاية... تفيد بأنهم يتحركون في الاتجاه الصحيح“ مستشهدا بتحركات باكستانية غير محددة ”تجري على الأرض“. وأضاف في جلسة بمجلس النواب الأمريكي ”لم تصل إلى حد الإجراء الحاسم الذي نريده منهم فيما يخص التحول الإستراتيجي لكنها مؤشرات إيجابية“.

من جانب اخر قال مسؤول أمريكي كبير إن باكستان غير مضطرة لقتل أو اعتقال متشددين مثل أعضاء شبكة حقاني التي تستخدم أراضيها لشن هجمات في أفغانستان ولكن يمكنها أن تطردهم عبر الحدود بدلا من ذلك. ومن شأن طرد هؤلاء المتشددين أن يعرضهم لخطر التعرض لهجمات القوات الأفغانية والأمريكية التي تحاول الحيلولة دون أن تصبح أفغانستان منصة انطلاق لضربات تستهدف الغرب وذلك بعد أكثر من 16 عاما على هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001 التي استهدفت نيويورك وواشنطن. وتضغط الولايات المتحدة على باكستان لوقف توفير الملاذ للمتشددين الذين يطلقون العنان للفوضى في أفغانستان المجاورة. وتنفي باكستان ذلك.

على لائحة الإرهاب

الى جانب ذلك تعهد حزب سياسي باكستاني أدرجته الولايات المتحدة على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية بمواصلة أنشطته السياسية والمشاركة في الانتخابات المقبلة. ويهيمن على حزب رابطة ملة المسلمين الزعيم الإسلامي حافظ سعيد الذي رصدت الولايات المتحدة عشرة ملايين دولار مكافأة للقبض عليه. وذاع صيت الحزب بعدما قدم مرشحا في الانتخابات التي جرت في سبتمبر أيلول 2017 لاختيار خليفة لرئيس الوزراء المخلوع نواز شريف.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن رابطة ملة المسلمين تعد واجهة لمنظمة عسكر طيبة المتشددة المتهمة بهجوم دموي في مومباي بالهند عام 2008. وقال سيف الله خالد رئيس الرابطة وهو يتلو بيانا بمدينة كراتشي ”فيما يتعلق بما أعلنته أمريكا نقول بوضوح إننا لن نوقف أنشطتنا السياسية مهما كان الثمن. ستشارك رابطة ملة المسلمين بشكل كامل في انتخابات 2018 وستطرح مرشحين بمختلف أنحاء باكستان“. وأسس سعيد جماعة عسكر طيبة التي أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية أيضا وتتهمها واشنطن ونيودلهي بالضلوع في هجوم في مومباي بالهند عام 2008 استمر أربعة أيام وأودى بحياة 166 شخصا. ونفى الرجل مرارا أي دور له في الهجوم.

وظهرت صور لسعيد على ملصقات للرابطة خلال تجمعات حاشدة في مدينتين باكستانيتين كبيرتين قبل انتخابات العام الماضي. وبعد ذلك منعت اللجنة الانتخابية الحزب من المشاركة في الانتخابات في قرار ألغته المحاكم. وقال خالد ”نثق في السلطة القضائية العليا...سيتم تسجيل رابطة ملة المسلمين وستصعد كحزب قومي كبير في المستقبل“. كما وصف القرار الأمريكي بأنه انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية وتدخل صريح في الشؤون الداخلية الباكستانية مطالبا الخارجية الأمريكية بعرض ما لديها من أدلة على المحاكم. بحسب رويترز.

وكانت الخارجية الأمريكية قالت في بيانها إن عسكر طيبة ”أيا كان الاسم الذي تختاره لنفسها لا تزال جماعة إرهابية تنتهج العنف. وإن الولايات المتحدة تدعم كل الجهود لضمان ألا يكون لها صوت سياسي حتى تتخلى عن العنف كوسيلة للتأثير“. وتحت ضغوط من الولايات المتحدة والأمم المتحدة ومنظمات دولية لشن حملة صارمة على تمويل الإرهاب، أعدت باكستان خططا سرية في ديسمبر كانون الأول الماضي للسيطرة على المنظمات الخيرية المرتبطة بسعيد.

وتم وضع سعيد رهن الإقامة الجبرية في يناير كانون الثاني 2017 بعد سنوات من العيش بحرية في باكستان لكن محكمة أمرت بإطلاق سراحه في نوفمبر تشرين الثاني من نفس العام. ورحبت الهند بالقرار الأمريكي قائلة إن باكستان لم تتخذ إجراءات صارمة مع المتشددين. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الهندية ”يسلط التصنيف ... الضوء على تقاعس باكستان عن الوفاء بالتزامها الدولي بتفكيك ملاذات الإرهابيين وقطع تمويل الإرهاب“. ونفت باكستان من قبل أي دور للدولة في هجوم مومباي أو أي صلة لها بجماعة عسكر طيبة أو أي جماعات متشددة أخرى. ووضعت باكستان عسكر طيبة على قائمة المنظمات المحظورة في عام 2002.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي