حرب الطعن والدهس استراتيجية الإرهاب الجديدة

عبد الامير رويح

2017-08-21 05:00

الهزائم العسكرية الكبيرة التي تعرض لها تنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق، فرضت عليه وكما نقلت بعض المصادر، تغيير ثقافته في المواجهات والإرهاب، فمن إطلاق نار أو تفجير مفخخة أو انتحاري بحزام ناسف، تغيرت في الآونة الأخيرة، سعى التنظيم المنكسر إلى إدخال ثقافات جديدة وهي «الطعن والدهس»، ففي الآونة الأخيرة، ازدادت العمليات الدهس بالسيارات والطن بالسكاكين في العديد من الدول الاوروبية ، حيث كان آخرها ما عاشته برشلونة ومدن اخرى، حيث أعلنت وسائل إعلام إسبانية، أن سيارة دهست عددًا من المارة في برشلونة، ما أدى إلى وقوع 13 قتيلًا، على الأقل، وهي الحصيلة التي ارتفعت فيما بعد. كما أصيب عدة أشخاص في حادث طعن، في مدينة توركو الفنلندية.

والحادثان السابقان ليسا الأولين من نوعهما، فسبقهما عدد من الحوادث التي نفذت بنفس الطريقة، "الدهس أو الطعن"، ففي يوليو من العام الماضي، دهس إرهابي ينتمي إلى تنظيم "داعش" باستخدام شاحنة بسرعة في مدنية نيس الفرنسية، حشدًا متجمعًا للاحتفال بالعيد الوطني، ما أدى إلى مقتل 86 شخصا، وإصابة 300 آخرين. وبعد الحادثة السابقة بعدة أشهر، قاد أحد أفراد "داعش" شاحنة اصطدمت بزوار سوق عيد الميلاد في برلين، أدى لمقتل 12 شخصًا وإصابة 48 آخرين.

ولم تسلم لندن من حوادث الدهس هي الأخرى، ففي مارس الماضي، صدم خالد مسعود، المنتمي لـ"داعش"، عددًا من المارة على جسر "وستمنستر" في لندن، ثم صدم سياج البرلمان البريطاني، وحاول التسلل إلى داخله، وعندما حاول أحد الشرطيين إيقافه وجه له عدة طعنات، لكنه قتل على يد شرطي آخر، وأسفر الحادث عن سقوط 4 قتلى، وإصابة أكثر من 50 شخصا. أما حوادث الطعن فكان منها الحادث الذي وقع في مارس الماضي، عندما أعلن داعش مسؤوليته عن الهجوم الذى نفذه لاجئ أفغاني مسلح بفأس فى إحدى قطارات ألمانيا، فيما قُتلت سائحة أمريكية وأصيب 5 أشخاص، في أغسطس العام الماضي، بعد عملية طعن في ميدان "راسل"، وسط لندن، ثم اعتقلت الشرطة المهاجم الذى اعترف بتنفيذه الجريمة. وفي مايو 2014، نفذ إرهابي فرنسي عائد من سوريا هجومًا بالسلاح الأبيض، على المتحف اليهودي في العاصمة البلجيكية بروكسل، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص. كل تلك الأحداث تؤكد أن تنظيم داعش بدأ في تغيير عقيدته التي كانت عبارة عن استخدام متفجرات تُلقى في أماكن تجمع أكبر عدد من المواطنين ليلحق الضرر بهم، أو احتجاز رهائن وقتل العديد منهم.

روسيا

وفي هذا الشأن أكدت روسيا أن هيئة عليا تتولى التحقيق في عملية طعن أسفرت عن إصابة سبعة أشخاص بجروح وتبناها تنظيم داعش في شمال البلاد، في وقت تم الكشف عن تفاصيل جديدة تتعلق بالاعتداء. وأعلن التنظيم مسؤوليته عن الاعتداء الذي وقع في مدينة سورغوت إلى جانب الهجمات التي أسفرت عن مقتل 14 شخصا في اسبانيا، واصفا المنفذين بأنه "من جنود الدولة الإسلامية".

وجرى المنفذ الملثم بالاسود في شوارع المدينة الواقعة على بعد 2100 كلم شمال شرق موسكو وراح يطعن المارة بشكل عشوائي على ما يبدو قبل أن تطلق الشرطة النار عليه وترديه قتيلا. وبعد أن اعتبرت أن الدوافع الإرهابية "ليست الفرضية الأساس"، فتحت روسيا تحقيقا جنائيا مرتبطا بالقتل العمد دون أن تعلق رسميا على إعلان تنظيم داعش. وأفاد بيان للجنة التحقيق الروسية، التي تتولى الجرائم الكبرى، أنه "نظرا لرد الفعل الشعبي الواسع"، فإن رئيسها الكسندر باستريكن وضع القضية مباشرة تحت سلطة جهازها المركزي في موسكو. وقال المحققون إنهم قاموا بعمليات بحث في منزل المهاجم فيما يحاولون معرفة ظروفه و"دافعه". وأضافت اللجنة أن منفذ الاعتداء من مواليد عام 1998، بعدما كانت ذكرت أنه من مواليد 1994.

ووصفت تقارير إعلامية غير مؤكدة المهاجم بأنه شخص يبلغ من العمر 19 عاما ويتحدر والده من داغستان في منطقة شمال القوقاز الروسية والتي يشكل المسلمون غالبية سكانها. وأظهر تسجيل مصور نشرته صحيفة "ازفستيا" على موقعها الالكتروني الأحد المهاجم ملقى على الأرض بلباس أسود ولف شيء أحمر حول خصره. وبثت قناة "ان تي في" تسجيلا صوره أحد الشهود يظهر شرطيا يطارد المهاجم ويطلق النار على رأسه على ما يبدو، قبل أن يسقط على الأرض. بحسب فرانس برس.

وأفاد المحققون في وقت سابق أنهم ينظرون في مسألة إن كان المهاجم يعاني من "اضطرابات نفسية محتملة". ولا تزال حالة أحد ضحايا الاعتداء خطرة فيما أوضاع الباقين مستقرة، بحسب المحققين. وزارت حاكمة الإقليم ناتاليا كاماروفا المصابين في المستشفى، مؤكدة أن أحد الضحايا بين الحياة والموت. وأسفر اعتداء استهدف مترو سان بطرسبورغ في الثالث من نيسان/ابريل وارتكبه شخص من قرغيزستان يحمل الجنسية الروسية عن مقتل 15 شخصا.

فنلندا

الى جانب ذلك أعلن المكتب الوطني للتحقيقات في فنلندا، أن المشتبه به الرئيسي في اعتداء توركو كان يستهدف النساء على وجه التحديد. من جانبه، قال مدير مركز الصليب الأحمر في المدينة إن المشتبه به والذي يحمل الجنسية المغربية كان قد تقدم بطلب للجوء. في حين أضافت إحدى القنوات التلفزيونية المحلية أن طلبه قوبل بالرفض من قبل السلطات. وقالت كريستا جرانروث من المكتب الوطني للتحقيقات الفنلندية ، في مؤتمر صحفي حول اعتداء توركو، والذي أسفر عن مقتل امرأتين وإصابة ثمانية أشخاص آخرين، "يبدو أن المشتبه به كان يستهدف النساء لأن الرجال المصابين جرحوا أثناء محاولتهم المساعدة أو منع الهجمات"، في الهجوم الذي وقع وسط مدينة توركو في جنوب غرب فنلندا.

وقال مدير مركز استقبال الصليب الأحمر في توركو، حيث نكست الأعلام، إن المشتبه به طالب لجوء. وأضاف هيمو نورمي "لا أستطيع التعليق على نتيجة طلب اللجوء". وتابع أن الشرطة زارت المركز الجمعة واعتقلت عددا من الأشخاص. وأضاف "عمليات الاعتقال لم تنطو على عنف". من جهته، قال أنتي بيلتاري المدير في المخابرات الفنلندية "ملف المشتبه به مماثل لملفات عدد من منفذي الهجمات الإرهابية من الإسلاميين المتشددين في أوروبا". وصرح يوها سيبيلا رئيس وزراء فنلندا "هذا العمل جبان... كنا نخشى من وقوع مثل هذه الهجمات وكنا مستعدين لها. لم نعد جزيرة كما كنا وكل أوروبا تأثرت".

وإلى جانب القتيلتين قالت الشرطة إن هناك ست مصابات بين الجرحى الثمانية. وذكرت أن القتيلتين فنلنديتان وأن بين الجرحى مواطنا من إيطاليا واثنين من السويد. وذكر تلفزيون (إم.تي.في) الفنلندي نقلا عن مصدر لم يحدده أن السلطات كانت قد رفضت طلب لجوء تقدم به المشتبه به الرئيسي. ولم تقل الشرطة سوى أنه كان "طرفا في عملية اللجوء". وكانت الشرطة الفنلندية قد ألقت القبض السبت على مغربي عمره 18 عاما، مشيرة أنها تتعامل مع الأمر على أنه أول هجوم في البلاد على صلة بالإرهاب. وقالت الشرطة إنها ألقت القبض على المشتبه به بعد أن أصابته بالرصاص في ساقه مشيرة إلى أنه وصل إلى فنلندا العام الماضي. وأضافت أنها اعتقلت أربعة مغاربة آخرين لاحتمال صلتهم به. بحسب فرانس برس.

وأدان زعماء الجاليتين العراقية والسورية في توركو الهجمات وقالوا إنهم كانوا سينظمون تجمعا في الميدان الرئيسي بالمدينة تعبيرا عن التضامن مع الضحايا لكنهم ألغوا الحدث لدواع أمنية. وقال عبد الرحمن محمد رئيس الجالية الإسلامية في توركو "الفنلنديون والمهاجرون والناس من مختلف الديانات على علاقة جيدة مع بعضهم البعض في توركو... نحن مصدومون لكني لا أري أن هذا الحادث سيغير من الوضع الحالي". من جانبه، قال فيل تافيو عضو البرلمان عن حزب "الفنلنديون": "نظام اللجوء، الذي هو أول طريق نحو الهجرة غير الشرعية، يستغله أيضا الإرهابيون. الهجرة التي تسبب ضررا يمكن الحد منها بتقليل عوامل الجذب وفرض قيود على الحدود".

اسبانيا

في السياق ذاته قتل 13 شخصا وأصيب العشرات في عملية دهس بواسطة حافلة صغيرة (فان) وسط مدينة برشلونة الإسبانية، وتبنى تنظيم "داعش" الإرهابي الهجوم. وكشف مصدر مسؤول مقتل 13 شخصا وإصابة أكثر 100 آخرين في الدهس، وأوضحت الشرطة أن الحافلة اصطدمت بعشرات الأشخاص في شارع "لا رامبلا" السياحي في قلب برشلونة، فيما نصحت خدمة الطوارئ المحلية بالابتعاد عن المنطقة المحيطة بساحة كاتالونيا القريبة.

وفرضت الشرطة طوقا أمنيا حول المنطقة، التي وصلت إليها 5 سيارات إسعاف، فيما أغلقت محطات المترو وسكك الحديد. وقال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إنه على تواصل مع كل السلطات بعد الحادث، مؤكدا أن الأولوية هي الاهتمام بالمصابين واعتقال المهاجمين. وتناقلت مصادر صورة لشخص يدعى إدريس أكابير قالت إنه هو من استأجر الحافلة التي نفذ الهجوم بواسطتها، وأشارت المصادر إلى أنه مشتبه به في الهجوم.

وتحدثت صحيفة إسبانية عن مقتل أحد منفذي هجوم برشلونة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة، دون تحديد عدد المهاجمين، كما أكدت صحيفة أخرى القبض على شخصين يشتبه بصلتهما بالهجوم. وفي وقت لاحق نقلت وكالة رويترز، عن حسابات موالية للتنظيم في الإنترنت تبنيه للهجوم. من جهة أخرى كشفت شرطة إقليم كاتالونيا أن سائقا دهس شرطيين عند نقطة تفتيش في مدينة برشلونة، بعد الهجوم الدامي في وسط المدينة. ولم تشر الشرطة في التغريدة، التي نشرتها في حسابها على "تويتر" إلى ما إذا كان الحادث الجديد، مرتبط بالهجوم الأول الذي قتل فيه 13 شخصا على الأقل، وجرح العشرات.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي