الانتصار العظيم
الموصل عراقية بالكامل
عبد الامير رويح
2017-07-10 07:43
أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن معركة تحرير الموصل من تنظيم "داعش" محسومة وأنها "مسألة وقت لإعلان الانتصار العظيم"، والقضاء على عناصر التنظيم.
وعقد العبادي اجتماعا مع قادة الصفوف والتشكيلات في مقر قيادة عمليات نينوى داخل مدينة الموصل، بعد جولة تفقدية بالمناطق المحررة. وقال إن "النصر محسوم وبقايا داعش أصبحوا محاصرين في الأشبار الأخيرة"، وفقا لما نقله موقع رئيس الوزراء.
وأضاف: "إنها مسألة وقت لنعلن لشعبنا الانتصار العظيم، وذلك يأتي لاحترامي وتقديري لقواتنا الغيورة التي تواصل عملية التطهير ولإعطائها المزيد من الدعم والعزم لإنهاء أكذوبة وخرافة داعش إلى الأبد والقضاء على آخر إرهابي على أرض الموصل".
وتابع العبادي بالقول: "لقد جئنا اليوم لنطلع ميدانيا ونشرف على المعركة التي لم يتبق منها سوى جيب أو جيبين لفلول داعش وليس أمامهم مهرب سوى الموت أو تسليم أنفسهم، وبالتالي فإن المعركة محسومة والنصر الكبير باليد".
وأوضح العبادي أنه "تم خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية قتل عدد كبير من الدواعش، وقواتنا تقاتل ببسالة من أجل تحرير المدنيين الذين يتخذهم داعش دروعا بشرية في نحو خمسين إلى مائة بيت"، قائلا إن "المدنيين المحاصرين يستغلون فرصة تقدم قواتنا للهروب من عصابة داعش".
وأشاد العبادي بـ"الروح العالية لمقاتلينا وبتعاون أبناء الموصل واحتفالهم بالنصر وبعودة الحياة الطبيعية في الجانبين وعودة النشاط التجاري وافتتاح المدارس والمستشفيات". ودعا العبادي جميع الموظفين للالتحاق بأعمالهم، مؤكدا أن "عمليات إعادة الاستقرار تجري على قدم وساق بالتوازي مع عمليات التحرير، وأن المرحلة المقبلة لتعزيز الأمن والجهد المدني في ظل التعاون الكبير للمواطنين مع قواتنا الأمنية".
ماتزال القوات العراقية المشتركة تتقدم للسيطرة على الأمتار الأخيرة في مدينة الموصل القديمة، والتي سيتم بعدها وبحسب ما أعلن التلفزيون العراقي إعلان النصر النهائي في هذه المعركة، حيث تتوقع القوات العراقية السيطرة على كامل مدينة الموصل في الساعات القليلة القادمة، وبدأت القوات العراقية هجومها على الموصل في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، فاستعادت الجانب الشرقي من المدينة في كانون الثاني/ يناير، قبل أن تطلق بعد شهر هجومها على الجزء الغربي حيث الكثافة السكانية أكبر. وأعلنت تلك القوات في 18 حزيران/ يونيو اقتحام المدينة القديمة، وباتت الآن في المراحل الأخيرة من الهجوم.
وأعلن قائد عمليات قادمون يا نينوى الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، أن قوات الشرطة الاتحادية حررت باب الطوب بالكامل وسوق الصاغة وشارع النجفي و"بذلك تكون قد أكملت المهام المنوطة بها في المدينة القديمة والساحل الأيمن من الموصل". وأفاد الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول بأن "القوات الأمنية تمكنت من السيطرة على المدينة القديمة بالموصل"، وقال إن "القوات الأمنية تحبط محاولة إرهابيي داعش الهروب من المدينة القديمة عبر نهر دجلة".
ورغم أن المنطقة التي يسيطر عليها التنظيم صغيرة جدا، غير أن أزقتها وشوارعها الضيقة بالإضافة إلى تواجد مدنيين بداخلها، تجعل العمليات العسكرية محفوفة بالمخاطر. خصوصا وان التنظيم الارهابي قد عمد بعد هذه الهزيمة الكبيرة الى استهداف سكان المدينة بشكل مباشر، وهو ما اثار قلق العديد من الجهات والمنظمات الانسانية. ولفت قادة عسكريون إلى أن التنظيم المحاصر في مساحة صغيرة بالموصل القديمة، صعد من عملياته الانتحارية خلال الأيام الأخيرة، مستخدما خصوصا النساء لتنفيذ هذه الهجمات، يضاف الى ذلك ان التنظيم سعى ايضا الى اعتماد خطط واساليب جديدة في هذه المعركة، التي يسعى الى تحويلها الى مناطق ومدن اخرى من اجل اشغال القوات العراقية.
المرحلة الأخيرة
وفي هذا الشأن أعلن جنرال كندي في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش ان التنظيم الجهادي على وشك الاندحار من معقله السابق في الموصل، مؤكدا ان دحر الجهاديين بالكامل من المدينة. وقال الجنرال ديف اندرسون الذي يشرف على تدريب القوات العراقية ان هذه القوات دفعت تنظيم داعش الى جيب صغير أخير في المدينة القديمة في الموصل عند نهر دجلة.
واضاف "يمكن رؤية القوات العراقية عند نهر دجلة من جهة الغرب، وهم يواجهون عدوا في مراحله الأخيرة". وردا على سؤال عن عدد مقاتلي تنظيم داعش المتبقين في الموصل أجاب الجنرال انه لا يعرف، لكنه اشار انه "لا شك" لديه بان احدا منهم لن يكون موجودا في الايام المقبلة..
وقال اندرسون ان التحالف بدأ بتسليم مساعدات للشرطة العراقية لتكون قادرة على تكثيف حضورها في الموصل والانتشار في المدينة بعد تحريرها. وتتضمن هذه المساعدات الموجودة داخل حاويات كل ما يمكن لوحدة شرطة ان تحتاجه من البزات الى اجهزة الاتصال والاسلحة ومعدات اقامة نقاط التفتيش والسيارات الرباعية. وأوضح اندرسون انه "بالمبدأ، كل ما يحتاجونه لاثبات وجودهم".
الى جانب ذلك قال قادة عسكريون إن مسلحي تنظيم داعش الذين يبدون مقاومة في شريط من الأرض بالموصل على امتداد نهر دجلة يستخدمون المفجرين الانتحاريين على نحو متزايد في محاولة يائسة لوقف التقدم المستمر للقوات العراقية. وتمكنت القوات العراقية التي تتقدم من اختراق دفاعات المتشددين وباتت على مسافة امتار من ضفة النهر.
والموصل هي أكبر مدينة حكمتها داعش على الإطلاق. وأعلن منها التنظيم قبل ثلاث سنوات "خلافته" على أجزاء من العراق وسوريا. وقال اللواء سامي العريضي من جهاز مكافحة الإرهاب إن مقاتلي داعش يفجرون على نحو متزايد مواد ناسفة بين المدنيين الفارين صوب قوات الأمن بل إنهم يستخدمون النساء دروعا بشرية. وأضاف أن مقاتلي التنظيم ينتظرون وصول القوات العراقية إليهم ثم يفجرون أنفسهم. وأضاف أنهم لا يستطيعون فعل شيء أكثر من هذا. بحسب رويترز.
وتابع أنهم يتقدمون لعرقلة القوات وليس للتشبث بأرض أو استعادة مواقع أخرى لأن نهايتهم واضحة للجميع وهم مقتنعون إن هذه هي نهايتهم. وإذا فقد التنظيم المتشدد الموصل فستنحصر المناطق التي يسيطر عليها في العراق في جيوب إلى الغرب والجنوب من المدينة حيث يعيش عشرات الآلاف من المدنيين ومن المتوقع أن يواصل التنظيم هجماته في أنحاء البلاد.
هجمات جديدة
على صعيد متصل قالت مصادر أمنية إن متشددي تنظيم داعش هاجموا قرية جنوبي الموصل وقتلوا عددا من الأشخاص بينهم صحفيان رغم أنهم على وشك خسارة معقلهم الأخير بالمدينة في مواجهة هجوم الجيش العراقي. وبدا الهجوم على قرية الإمام غربي نوعا من التشتيت وهو أسلوب حرب عصابات من المتوقع أن تركز عليه داعش مع استعادة القوات العراقية السيطرة على مدن اجتاحها التنظيم المتشدد في هجوم خاطف عام 2014.
وقالت مصادر أمنية إن متشددي داعش تسللوا إلى قرية الإمام غربي التي تبعد نحو 70 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل على الضفة الغربية لنهر دجلة من جيب صغير لا يزال تحت سيطرتهم على الضفة الشرقية للنهر. ووردت أنباء عن مقتل صحفيين عراقيين وإصابة آخرين أثناء تغطية هجوم مضاد تنفذه قوات الأمن لانتزاع السيطرة على القرية. وقتل وأصيب أيضا عدد غير معلوم من المدنيين والعسكريين في الاشتباكات.
وأجبر القتال المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة على تعليق عمليات الإغاثة في موقعين يضمان نحو 80 ألف شخص قرب القيارة إلى الشمال مباشرة من الإمام غربي. وقالت المنظمة إن النازحين قد يعانون من تناقص المياه في وقت تتجاوز فيه درجات الحرارة 40 درجة مئوية نظرا لأن شاحنات المياه لم تعد قادرة على الوصول إلى الموقعين.
وبخسارة الموصل تتقلص سيطرة داعش في العراق لتقتصر بشكل أساسي على مناطق ريفية وصحراوية غربي وجنوبي المدينة حيث يعيش عشرات الآلاف ومن المتوقع أن يواصل المتشددون هجماتهم المختلفة على أهداف مختارة في العراق. وقال فاضل أبو رغيف وهو خبير في شؤون الجماعات المتطرفة مقيم في بغداد "أتوقع المزيد من هكذا غزوات من أجل تشتيت القوات الأمنية في ساحات المعارك الأساسية" في الموصل وفي مناطق أخرى لاحقا في غربي موصل بما في ذلك الحدود السورية التي لا تزال خاضعة لسيطرة التنظيم المتشدد.
وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي نهاية "خرافة" الدولة الإسلامية بعد أن سيطرت قوات الأمن على مسجد النوري رغم أن المتشددين نسفوه قبل تقهقرهم. وتقول منظمات إغاثة إن الحرب الضروس المستمرة منذ شهور في الموصل أدت إلى نزوح 900 ألف شخص أي نحو نصف سكان المدينة قبل الحرب فضلا عن قتل آلاف. وتتوقع الأمم المتحدة أن تتجاوز تكلفة إصلاح البنية التحتية الرئيسية في الموصل مليار دولار. وقال رئيس إقليم كردستان العراق إن الحكومة المركزية في بغداد تقاعست عن إعداد خطة سياسية وأمنية ولنظام الحكم بعد الحرب. بحسب رويترز.
وأظهرت صور بالأقمار الصناعية أصدرتها الأمم المتحدة أن الهجوم ألحق أضرارا بآلاف المباني في مدينة الموصل القديمة ودمر نحو 500 مبنى. وفي بعض المناطق الأكثر تضررا قال مسؤولون بالأمم المتحدة إن جميع المباني تقريبا تضررت وإن كثافة المباني في الموصل تعني أن تقديرات الدمار قد تكون أقل من الواقع.
المدنيين في الموصل
تواصل القوات العراقية خوض معاركها لطرد تنظيم داعش من آخر مواقعه في المدينة القديمة بغرب الموصل، حيث لا يزال نحو 20 ألف مدني عالقين وسط ظروف "خطيرة جدا"، بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة. وقالت المنسقة الإنسانية للأمم المتحدة في العراق ليز غراندي إن "تقديرنا في المرحلة الحالية أنه في آخر جيوب المدينة القديمة، قد يوجد ما يقارب 15 ألف مدني، واحتمال أن يكونوا عشرين ألفا".
وأضافت أن "هؤلاء العالقون في تلك الجيوب، هم في حالة يرثى لها. نرى صورا مزعجة جدا لأشخاص حرموا من الطعام لفترات طويلة، يبدون في حالة ضعف شديد". وتابعت "هم في خطر كبير جراء القصف ونيران المدفعية المتبادلة. المقاتلون (من تنظيم داعش) الذين ما زالوا هناك يستهدفون المدنيين بشكل مباشر إذا حاولوا المغادرة". وبعد أكثر من ثمانية أشهر على انطلاق أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق لاستعادة الموصل، بات التنظيم محاصرا داخل مساحة صغيرة في المدينة القديمة، بعدما كان يسيطر على أراض واسعة منذ العام 2014.
وأسفرت المعارك عن نزوح ما يقارب 915 ألف شخص من منازلهم في الموصل، ولا يزال نحو 700 ألف منهم نازحون حاليا، وفق غراندي. وقالت المنسقة الأممية "لقد تخطينا عتبة السيناريو الأسوأ منذ أكثر من شهر. ففي أسوأ سيناريوهاتنا توقعنا نزوح 750 ألف شخص". الأضرار الناجمة عن المعارك في غرب الموصل، وتكلفة معالجتها، ضخمة جدا. بحسب فرانس برس.
وأشارت غراندي إلى أن "هناك 44 حيا سكنيا في غرب الموصل. ستة منها دمرت بالكامل تقريبا (...) 22 حيا بشكل متوسط، و16 بشكل طفيف". واستنادا إلى تقييم أولي، فإن المرحلة الأولى من "الاستقرار" في غرب الموصل، والتي تشمل الخدمات الأساسية والبنى التحتية والإسكان والتعليم ومراكز الشرطة، ستكلف 707 ملايين دولار، بحسب غراندي. وأوضحت أن هذا الرقم هو ضعف الرقم المتوقع "لأن مستوى الأضرار في غرب الموصل أعلى بكثير مما كنا نخشاه". وبدأت القوات العراقية هجومها على الموصل في 17 تشرين الأول/أكتوبر، فاستعادت الجانب الشرقي من المدينة في كانون الثاني/يناير، قبل أن تطلق بعد شهر هجومها على الجزء الغربي. وأعلنت في 18 حزيران/يونيو بدء اقتحام المدينة القديمة، وباتت الآن في المراحل الأخيرة من الهجوم.