المدارس في زمن الحروب: عندما يصبح التعليم اخر أحلام الأطفال
زينب شاكر السماك
2017-05-07 05:00
في الوقت الذي يشغل اهتمام دول العالم المختلفة المشهد السياسي الذي يعاني من صراعات وحروب مستمرة في الدول التي تعاني من نزاعات دامية فيكون الاهتمام بالطفولة وتعليمهم في ذيل تلك الاهتمامات، ان العالم اليوم متجه صوب الحروب واثارها ومتغيب عن مستقبل الأطفال في ظل تلك الحروب الدامية وما عانوا منها فقد دمرت الحروب كل شيء جميل لديهم قتلت طفولتهم وحطمت بيوتهم ودمرت مدارسهم ومزقت كراريسهم واقلامهم وبات مستقبل الطفولة في الدول التي تعاني من صراعات ونزاعات مهدد وغامض.
ان تلك الحروب كانت السبب الرئيسي في حرمان 25 مليون طفلا وشابا من فرص الوصول إلى المدارس. اما بسبب النزاعات الدامية القائمة او بسبب تهديم مدارسهم من جراء تلك الصراعات كما جاء في تقرير منظمة الأمم المتحدة لشؤون الطفولة "اليونيسيف". وأكدت المنظمة، إلى أن 20 في المئة من التلاميذ في سن المرحلة الابتدائية لا يمكنهم التوجه إلى المدارس بشكل عام في مناطق الصراع في 22 دولة حول العالم.
الوضع الاقتصادي المتردي الذي خلفه الصراع المسلح بين الحكومة النيجيرية وحركة بوكو حرام في جنوب السودان والذي أثر على طبيعة الحياة السكانية وحياتهم الاقتصادية ما ادى الى مواجهة75% من التلاميذ في سن المرحلة الابتدائية صعوبة في الذهاب إلى مدارسهم واستكمال تعليمهم بشكل طبيعي.
ان اليوم الدراسي الأول في جميع دول العالم يكون بمثابة العيد بالنسبة للتلاميذ والأهالي لكنه كان عكس ذلك في أفغانستان لهذا العام حيث كان يوم مأساوي لثلث الاطفال في أفغانستان اي ما يوازي 3,7 ملايين تلميذ تغيبوا عن الحضور. بسبب انعدام الامن المتزايد في بلادهم وهو ما يجعلهم معرضين بشكل خاص الى العمل القسري والى التجنيد في المجموعات المسلحة.
عند الحديث عن اليمن تتخيل منظر الأطفال وهم يعانون الجوع والعطش بسبب صراع مستمر لم يحصدوا منه سوى الدمار والتشريد والجوع فقد تعطلت جميع المرافق الصحية والخدمية ومنها المدراس. فالمدارس في اليمن قد تحولت من مبنى ثقافي تعليمي الى ملاجئ لألاف النازحين من الحرب المدمرة.
وفي المناطق القليلة التي تشهد هدوءا أمنيا نسبيا وتفتح مدارسها أبوابها، فان اكتظاظ الصفوف بالطلاب، والاضرابات التي ينفذها استاذة احتجاجا على عدم تسلم رواتبهم، وعجز الاهالي عن تامين مستلزمات الدراسة، تمثل تحديات اضافية امام قطاع ينهار بسرعة. فقد حذرت الأمم المتحدة من استمرار الحرب في اليمن قد تحرم جيلا كاملا من التعليم.
ومن اليمن الى العراق الذي حالة تلاميذه لا تختلف كثيرا عن تلاميذ اليمن، فبعد ان كانت نسبة التعليم مرتفعة في العراق الغني بالنفط وخلال فترة الثمانينات بلغت نسبة التعليم في المرحلة الابتدائية 100 في المئة باتت اليوم شبه معدومة واغلب التلاميذ العراقيين لا يذهبون الى المدرسة بعد ان اجتاح تنظيم داعش الإرهابي الموصل وأعلن دولة الخلافة في العام 2014. لذا سارعوا اغلب العوائل بأخراج أولادهم من المدارس وذلك خوفا من تلقينهم أفكار التنظيم وتجنيدهم للقتال في صفوف المتشددين.
العراق: يرسلون الأطفال للحرب
من اجل ذلك تقول الأمم المتحدة إن إعادة هؤلاء الأطفال إلى الدراسة يمثل أولوية للعراق من أجل إنهاء دائرة العنف الطائفي التي يسهم الفقر والجهل في تغذيتها. وقالت ليلى علي المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) "الاستثمار في التعليم مطلوب بشكل عاجل ومن دونه قد يخسر العراق جيلا كاملا". وأضافت أن "وجود أطفال من أعراق وديانات مختلفة في فصل واحد سيدعم مجتمعا متماسكا وسيجعل الأطفال يفكرون بشكل مختلف".
وحتى في الشطر الشرقي من الموصل شرقي نهر دجلة والذي استردته القوات العراقية وأعيد فيه فتح 320 مدرسة من بين 400 مدرسة أجرت رويترز مقابلات مع عشرات الأطفال الذين يعملون في جمع القمامة وبيع الخضر أو يعملون في ورش إصلاح السيارات. وقال فلاح البالغ من العمر 12 عاما وهو يقف بجوار عربة يد يبيع الخضر "لم أذهب للمدرسة لأن تنظيم داعش جاءت وكانوا سيعلمون الأولاد القتال ويرسلونهم للحرب".
وترددت حيث يقف أصداء الاشتباكات. فعلى الضفة الأخرى من النهر كانت القوات الحكومية ومدفعيتها وطائراتها تهاجم آخر معاقل تنظيم داعش في الشطر الغربي من الموصل. ولفلاح أربعة أشقاء أصغر سنا لم يذهب أي منهم إلى المدرسة. وتقدر إدارة التعليم المحلية في محافظة نينوى التي تمثل الموصل عاصمتها أن عشرة في المئة من الأطفال في شرق الموصل ما زالوا خارج المدارس.
وقالت الإدارة إنه لم يحدث إحصاء رسمي منذ ما يقرب من أربع سنوات. ويقول نواب ومنظمات أهلية استنادا إلى نتائج تحقيقات أجريت عامي 2014 و2016 إن الأموال الحكومية المخصصة للتعليم عادة ما تستنفد بسبب الفساد وسوء الإدارة. وكانت نسبة التعليم مرتفعة في العراق الغني بالنفط وخلال فترة الثمانينات بلغت نسبة التعليم في المرحلة الابتدائية 100 في المئة.
بدأت المدارس تعيد فتح أبوابها في الشطر الشرقي من الموصل في يناير كانون الثاني وحتى الآن عاد للدراسة حوالي 350 ألف تلميذ بالمقارنة مع 183229 تلميذا في عام 2013. ويرجع جانب كبير من الزيادة إلى النازحين من غرب الموصل والقرى الواقعة في محيطها. وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن حوالي 1.2 مليون طفل عراقي لا يذهبون للمدارس على مستوى البلاد.
اليمن: عرضة لخطر التجنيد
هذا وقد قالت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) باليمن ميرتشيل ريلانو في مؤتمر صحفي بالعاصمة صنعاء إن عدم دفع الرواتب لشهور أثر على ثلاثة أرباع المعلمين في البلد الفقير مما يعني أن ما يصل إلى 4.5 مليون طفل قد لا يستكملون عامهم الدراسي. وأضافت "لدينا في الوقت الحالي أكثر من 166 ألف معلم لم يتلقوا راتبا منذ أكتوبر العام الماضي. ويمثل هذا تقريبا 73 بالمئة من العدد الإجمالي للمعلمين في البلاد."
وتابعت "هؤلاء الأطفال الذين لا يذهبون للمدرسة عرضة لخطر التجنيد (للخدمة العسكرية) أو تصبح البنات عرضة للزواج المبكر." وتقول الحكومة إن الحوثيين نهبوا البنك وإنها تحاول تسديد كل المدفوعات رغم ما تصفه بأنه عرقلة الحوثيين للتحويلات. وتنفي الجماعة هذه الاتهامات. وفق رويترز.
ويقول موظفون بالقطاع العام في المناطق الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون إن رواتب سبعة أشهر متأخرة مما يجعل الانتقال للوصول إلى أماكن العمل أو شراء الضروريات الأساسية أكثر صعوبة. وقالت هدى خولاني وهي معلمة في مدرسة ابتدائية بصنعاء "الفلوس عصب الحياة بدونها أعتقد الجميع ما يعرفوش يعيشوا هتكون معاناة... تقريبا بنشحت."
بدأ النزاع في اليمن منذ ثلاثة أعوام تقريبا و1640 مدرسة (من بين نحو 16 الفا) توقفت عن التعليم، 1470 منها دمرت او تضررت، والبقية تحولت الى ثكنات او ملاجئ للنازحين، بحسب منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف). وحرم توقف المدارس عن التعليم 1,84 مليون طفل من الدراسة لينضموا الى نحو 1,6 مليون طفل اخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل النزاع، كما اشار راجات مادهوك من اليونيسف. ويبلغ عدد سكان اليمن اكثر من 27 مليون نسمة، نصفهم دون سن ال18.
ودفع هذا العدد الهائل وكالات الامم المتحدة الى التحذير من عواقب اجتماعية وامنية وخيمة قد تستمر لعقود. وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن شابيا منتو لفرانس برس "هناك جيل بكامله يخشى أن يخسر مستقبله". وحذرت اليونيسف من جهتها من آثار طويلة الامد، ورأت في تقرير ان "الابتعاد عن المدرسة يخلق جيلا جديدا من المتوقع ان يواصل دوامة العنف".
تشاد: الأوضاع الاقتصادية السيئة
ففي جنوب السودان على وجه التحديد يصعب على 75 في المئة من التلاميذ في سن المرحلة الابتدائية الذهاب إلى مدارسهم واستكمال تعليمهم بشكل طبيعي. وتقول جوزفين بورن من "اليونيسيف" إن هذه المشاكل "تؤثر على طبيعة وشكل الأسر والمجتمعات السكانية والعلاقات الاقتصادية".
وتأتي تشاد ضمن أبرز الدول المتأثرة بهذه الظاهرة حيث يُحرم نصف الأطفال في سن المرحلة الابتدائية في مختلف أنحاء البلاد من فرص التوجه إلى المدارس بسبب الصراع المسلح هناك.
وفي محاولة منها لدعم قطاع التعليم هناك رغم قلة الميزانية المتوفرة لها، استعانت "اليونيسيف" بميسون المليحان وهي ناشطة في مجال التعليم كانت لاجئة من سوريا وتمكنت من زيارة عدة مشروعات في تشاد لمحاولة دعم الأسر التي هجرت مناطق الصراع بين الحكومة النيجيرية وحركة بوكو حرام.
وتقول اليونيسيف إنها لا تمتلك إلا 40 في المئة فقط من الميزانية الكافية لدعم التعليم في بلد مثل تشاد. وتؤكد اليونيسيف أن 90 في المئة من بين الأطفال النازحين إلى تشاد من نيجيريا لم يذهبوا إلى المدارس ولو مرة واحدة في حياتهم. حسب موقع BBC الاخباري.
أفغانستان: ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر
من جهتها حذرت منظمة "سيف ذي تشيلدرن" غير الحكومية من أن أكثر من 400 الف تلميذ افغاني سيضطرون الى ترك المدرسة هذه السنة بسبب انعدام الامن المتزايد في بلادهم وهو ما يجعلهم معرضين بشكل خاص الى العمل القسري والى التجنيد في المجموعات المسلحة.
وتقدر المنظمة بان اكثر من 1100 طفل يتركون كل يوم المدرسة وهو ما يجعلهم معرضين اكثر الى العمل القسري او تجنيدهم من قبل مجموعات مسلحة او للزواج القسري او يصبحون ضحايا لمجموعات الاتجار بالبشر. وحذرت "كلما طالت فترة ابتعادهم عن النظام التعليمي قلت فرص عودتهم في المستقبل".
وكان العام 2016 الاكثر دموية بالنسبة الى الاطفال الافغان مع مقتل 923 طفلا. ويزيد من صعوبة الوضع قيام باكستان بترحيل قسري للاجئين الافغان الذين لا يقيمون فيها بصورة شرعية. العام الماضي، أعيد 600 الف لاجئ بشكل قسري الى أفغانستان وسيضطر اكثر من مليون اخرين هذا العام الى مغادرة اراضي باكستان. وفق فرانس برس.
علاوة على ذلك، فان اكثر من نصف الاطفال الذين عادوا الى افغانستان لن يحصوا اي تعليم وسيعملون في الشوارع، لان ذويهم غير قادرين على العمل، بحسب المنظمة. يقول جويد (14 عاما) المولود في باكستان لكنه اضطر الى مغادرتها هذا العام "عندما أجمع القمامة اشعر بالحزن فعلا واسأل نفسي لماذا علي العمل بينما يجب ان اكون في المدرسة"، حسبما نقلت عنه المنظمة.
الحروب: اضرار ثقافية
في نفس الموضوع قالت منظمة الأمم المتحدة لشؤون الطفولة "اليونيسيف" إن الصراعات في مختلف مناطق العالم تحرم 25 مليون طفلا وشابا من فرص الوصول إلى المدارس. وأكدت المنظمة، في تقرير صادر عنها، أن الصراعات المسلحة طويلة الأمد في مختلف مناطق العالم تتسبب في أضرار ثقافية أوسع أثرا على المستوى البعيد، ولا سيما في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. حسب موقع BBC الاخباري.
وتشير المنظمة إلى أن 20 في المئة من التلاميذ في سن المرحلة الابتدائية لا يمكنهم التوجه إلى المدارس بشكل عام في مناطق الصراع في 22 دولة حول العالم. وإذا لم يتلقى هؤلاء الأطفال تعليما مناسبا فسيدخلون في الغالب في حلقة مفرغة من العمالة غير العادلة والفقر، كما قد يكونون عرضة للانتهاكات الجنسية والانضمام لجماعات متشددة.