كيف ستواجه ألمانيا الذئاب المنفردة؟
عبد الامير رويح
2017-04-24 07:50
اصبحت ألمانيا التي استقبلت أكبر عدد من المهاجرين واللاجئين، تعاني اليوم من تفاقم المشكلات الامنية المرتبطة بالإرهاب والعنف الداخلي الذي ازداد مع تنامي نفوذ احزاب اليمين المتطرف، التي استفادت كثيرا من بعض العمليات الارهابية وملف الهجرة واللاجئين، ويرى بعض المراقبين ان بعض الاحزاب والشخصيات اليمينية المتشددة، عمدت الى تكثيف عملياتها الاجرامية والقيام بعمليات اجرامية وارهابية داخل المجتمع الالماني، بهدف اثارة الرأي العام والحصول مكاسب سياسية خاصة.
وشهدت ألمانيا في الفترة الاخيرة حدوث العديد من العمليات الارهابية التي راح ضحيتها العشرات من الاشخاص، كان أخرها الهجوم الذي نفذ على حافلة فريق بوروسيا دورتموند الالماني، حيث كان أكبر تلك الهجمات الإرهابية التي شهدتها برلين أثناء الاحتشاد بسوق عيد الميلاد ببرلين، وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن أغلب تلك العمليات. وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف فقدنقلت صحيفة عن مصدر مشارك في التحقيقات قوله إن المتفجرات التي استخدمت في الهجوم على حافلة فريق بروسيا دورتموند لكرة القدم قد تكون من الإمدادات الخاصة بالقوات المسلحة الألمانية.
وشكك الادعاء الألماني في صحة رسائل أشارت إلى أن إسلاميين متشددين هم الذين نفذوا الهجوم ونقلت صحيفة بيلد عن محقق قوله إن متطرفين يمينيين مسؤولون على الأرجح عن الهجوم. ونقلت صحيفة فيلت ام زونتاج عن مصدر مشارك في التحقيقات قوله "المتفجرات في القنابل الأنبوبية التي كانت مليئة بمسامير قد تكون جاءت من مخزون القوات المسلحة الألمانية ولكن ما زلنا نتحرى صحة هذا الأمر." وأضاف المصدر أن أجهزة التفجير العسكرية، التي لا يمكن الحصول عليها بسهولة، في حاجة إلى معرفة وخبرة حتى يمكن استخدامها.
رسائل وشكوك
من جانب اخر قالت متحدثة إن ممثلين للادعاء الألماني لديهم شكوك بشأن صحة رسائل زعمت أن إسلاميين متشددين هم الذين نفذوا هجوما على حافلة فريق بروسيا دورتموند لكرة القدم. وذكرت محطة (إيه.آر.دي) الألمانية نقلا عن وسائل إعلام أخرى أن السلطات عثرت على ثلاث رسائل متطابقة مطبوعة باللغة الألمانية قرب موقع الهجوم كتب فيها أنه نُفذ "باسم الله".
وأشارت الرسائل لاستخدام طائرات استطلاع من طراز تورنادو في سوريا نشرتها ألمانيا في إطار الحملة العسكرية ضد تنظيم داعش. لكن المحطة التلفزيونية أضافت أن تقريرا أمر محققون بإعداده قال إنه توجد "شكوك كبيرة" بشأن الرسائل وأشار إلى أنها قد تكون كتبت لتضليل الناس ليظنوا أن الهجوم له دافع إسلامي متشدد.
وقالت فراكو كولر المتحدثة باسم مكتب الادعاء العام الاتحادي عندما طلب منها التعقيب على تقرير إيه.آر.دي "هذا صحيح" وقالت عن الرسائل "إنها مشكوك فيها بالفعل". ولدى سؤالها عن سبب تلك الشكوك قالت إنها لا يمكنها إعطاء المزيد من المعلومات عن تحقيق جار. وذكرت صحيفة تاجسشبيجل الألمانية في موقعها على الإنترنت في وقت لاحق إنها تلقت رسالة بالبريد الإلكتروني من مجهول من اليمين المتطرف يزعم المسؤولية عن الهجوم. وقالت الصحيفة إن البريد أشار إلى أدولف هتلر وهاجم تعدد الثقافات وأشار إلى أن هجوما آخر ربما يحدث في وقت لاحق. بحسب رويترز.
وقالت كولر إن ممثلي الادعاء وصلتهم نسخة من تلك الرسالة لكنها رفضت الإدلاء بالمزيد من التعقيب. وعبر خبراء عن تشككهم بشأن مصدر الرسائل. وقالت مصادر أمنية إن محققين يحاولون معرفة ما إذا كان الهجوم ربما نفذه متطرفون من اليمين أو اليسار. وبعد يوم من الهجوم وصف وزير داخلية ولاية نورد راين فستفاليا الرسائل بأنها "غير عادية".
مزيد من التشدد
على صعيد متصل قال المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا إن حزب البديل من أجل ألمانيا يسير في مسار سيجعله حزبا أكثر تشددا ومناهضا للإسلام بعد أن أعلنت زعيمته فراوكه بيتري أنها لن تقوده في الانتخابات العامة التي ستجرى في سبتمبر أيلول. وأصبحت بيتري الوجه المعبر عن الحزب المعادي للهجرة الذي ألحق ضررا بالمحافظين بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل أثناء أزمة المهاجرين لكن التأييد له انحسر هذا العام.
وبعد صراع على النفوذ في الحزب على مدى أشهر أعلنت بيتري أنها لن تقود الحملة الانتخابية الوطنية للحزب. واعتبر الكثيرون هذه الخطوة المفاجئة تسليما بالهزيمة حتى رغم أن بيتري ستبقى كأحد زعيمين للحزب. وفي اختبار لحجم النفوذ الذي ما زالت تتمتع به ستحاول بيتري في تمرير اقتراح في مؤتمر حزبي يهدف إلى جعل حزب البديل قادرا على الانضمام إلى ائتلافات في المستقبل.
وقالت إن منافسيها يريدون أن يكون حزب البديل من أجل ألمانيا حزبا "معارضا أساسيا". وقال أيمن مزيك رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا "في حين أن بيتري كانت مستعدة دائما لحوار موضوعي مع المجلس المركزي للمسلمين فإن قوى أخرى في قيادة الحزب رفضت ذلك تماما". وأضاف مزيك في مقابلة صحفية أن حزب البديل "يتماهى" مع الحزب الديمقراطي الوطني الذي يمثل أقصى اليمين والذي قالت المحكمة الدستورية في ألمانيا في وقت سابق هذا العام إنه ينتهج أفكارا نازية. بحسب رويترز.
وأيد حزب البديل العام الماضي برنامجا انتخابيا يقول إن الإسلام غير متوافق مع دستور ألمانيا. واستبعدت أحزب التيار الرئيسي حزب البديل كشريك محتمل في ائتلاف. وقبل الانتخابات الاتحادية التي ستجرى في سبتمبر أيلول سعت بيتري إلى جعل الحزب أكثر قبولا لدى التيار الرئيسي للناخبين ومن المحتمل أن قرارها عدم قيادة الحملة الانتخابية لحزبها قد يخدم الأحزاب الرئيسية.
احكام مشددة
الى جانب ذلك حكم على اربعة عناصر في خلية متطرفة في المانيا بعقوبات راوحت بين السجن تسع سنوات والمؤبد، على خلفية اعتداء فاشل في محطة بون (غرب) وعدد من محاولات الاغتيال. واصدرت محكمة دوسلدورف على المتهم الاول ماركو غايبل وهو الماني في التاسعة والعشرين من العمر، حكما بالسجن مدى الحياة، من دون امكان طلب الافراج المشروط بعد مضي خمس عشرة سنة.
واعتبر المسؤول الوحيد عن محاولة اعتداء بالمتفجرات في محطة بون المركزية اواخر 2012، فيما حكم على ثلاثة آخرين من خليته على خلفية خطة منفصلة كانت تستهدف اغتيال مسؤولين في اليمين المتطرف. وفي 10 كانون الاول/ديسمبر 2012، عثر على حقيبة رياضية تحوي قنبلة يدوية الصنع على رصيف محطة بون. ولم تنفجر القنبلة لسبب غير معروف، وكانت النيابة الاتحادية الالمانية اعتبرت بعد التحقيقات ان الانفجار "كان يمكن ان يؤدي الى مقتل اشخاص على رصيف" المحطة.
وحكم على المتهمين الثلاثة الاخرين -الباني في السادسة والاربعين وتركي-الماني في الثامنة والعشرين والماني في السابعة والعشرين، بالسجن على التوالي 12 عاما وتسعة اعوام وستة اشهر مع النفاذ، لحيازتهم اسلحة نارية في اطار خطة لاغتيال قادة من حزب اليمين المتطرف. والحزب الصغير الذي ينشط فقط في مقاطعة رينانيا شمال وستفاليا (غرب) حيث كان يعيش الرجال الاربعة، استخدم رسوما كاريكاتورية للنبي محمد في حملته للانتخابات الاقليمية في ايار/مايو 2012 والتي حصد خلالها 1،4% من الاصوات. وكان المتهمون قد تجسسوا على منازل قادته. وكانت الشرطة اعتقلت اعضاء هذه الخلية المتطرفة عشية عملية الاغتيال التي قرروا القيام بها في 13 اذار/مارس 2012. بحسب رويترز.
وتبدي السلطات الالمانية اقصى درجات الحذر بسبب التهديد الجهادي المخيم على البلاد، وخصوصا منذ اعتداء بشاحنة اسفر عن 12 قتيلا في كانون الاول/ديسمبر في برلين، واعلن تنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليته عنه. وتقدر اجهزة الاستخبارات الداخلية بنحو 10 الاف عدد الاسلاميين المتطرفين في المانيا، منهم 1600 قد يرتكبون أعمال عنف.
من جهة اخرى قالت مجلة فوكوس الألمانية في موقعها الإلكتروني إن الشرطة ألقت القبض على ثلاثة أشخاص للاشتباه بأنهم ساعدوا متشددا إسلاميا مشتبها به في الإعداد لهجوم بقنبلة على الشرطة أو جنود الجيش. ونقلت المجلة عن كبير ممثلي الادعاء في بلدة تسيله بشمال ألمانيا قوله إن مذكرة اعتقال صدرت بحق رجلين وامرأة للاشتباه بمساعدتهم في الإعداد لعمل عنف خطير ضد الدولة.
والسلطات الألمانية في حالة تأهب مرتفعة منذ ديسمبر كانون الأول عندما تسبب هجوم بشاحنة نفذه إسلامي متشدد في سوق لعيد الميلاد في برلين في مقتل 12 شخصا. وعثرت السلطات على ثلاث رسائل متطابقة مطبوعة باللغة الألمانية قرب موقع الهجوم تشير إلى دافع إسلامي محتمل. ولم يتضمن تقرير فوكوس أي إشارة إلى أن المشتبه بهم الثلاثة الذين ألقي القبض عليهم لهم صلات بهجوم برلين أو هجوم دورتموند.
وذكرت المجلة أن المشتبه بهم، وهم أفغاني وتركي وألماني، في العشرينات من العمر وألقي القبض عليهم في ثلاث مدن ألمانية مختلفة ورهن الاحتجاز حاليا. وأضافت أن الإسلامي المتشدد الذي يشتبه بأنهم يدعمونه ألقي القبض عليه في فبراير شباط. واعترف الرجل بالتخطيط لاستدراج أفراد من الشرطة أو جنود من الجيش إلى فخ وقتلهم بقنبلة منزلية الصنع.
طرد ملغوم
الى جانب ذلك قالت الشرطة إن جماعة "خلايا مؤامرة النار" اليونانية المسلحة أعلنت مسؤوليتها عن إرسال طرد ملغوم إلى وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله. وأرسل الطرد إلى شيوبله من مركز للبريد في أثينا لكن إدارة البريد بوزارة المالية الألمانية ضبطته. وسبق أن أعلنت المجموعة مسؤوليتها عن موجة من الطرود الملغومة التي أرسلت إلى سفارات أجنبية في أثينا عام 2010.
وقالت المجموعة في بيان على الانترنت "ما زلنا نشعر بغضب عارم. أرسلنا الطرد إلى وزير المالية الألماني في إطار العملية الثانية لخطة نيميسز." وأضافت "لم ينته شيء. كل شيء مستمر." ولم توضح المجموعة ما هي "خطة نيميسز". وتعتبر الشرطة أن المزاعم ذات مصداقية.
ولا يحظى شويبله بالشعبية في ألمانيا إذ ينظر إليه على أنه متشدد فيما يتعلق بإجراءات التقشف خلال الأزمة المالية الطويلة لبلاده. وتخصصت خلايا مؤامرة النار، وهي واحدة من مجموعة كبيرة من المنظمات العنيفة المناهضة للدولة في اليونان، في بادئ الأمر في الإحراق المتعمد للممتلكات لكنها تحولت إلى التفجيرات في مايو أيار 2009. وفي عام 2011 حكم على ستة من أعضائها بالسجن لفترات تتراوح بين 11 و37 عاما.
وبدأت المجموعة بالظهور بشكل أكبر منذ الأزمة الاقتصادية التي ضربت اليونان وتتهمها الشرطة بتنفيذ 150 عملا إجراميا منذ عام 2009. وتحوي قنابلها عادة كميات صغيرة من المتفجرات معبأة في أوعية للطهي تعمل بالضغط أو أوعية مشابهة. وحددت الشرطة فرع مكتب البريد الذي أرسل منه الطرد وتفحص المقاطع المصورة المأخوذة من كاميرا للمراقبة. وقال مسؤول في الشرطة مشترطا عدم ذكر اسمه "لم يدخل المرسل مركز البريد بل ترك الطرد في صندوق في الخارج يستخدمه الناس عندما لا يريدون الوقوف في طابور."
وأبلغت الشرطة الألمانية نظيرتها اليونانية أن الطرد كان يحتوي على متفجرات داخل كتاب متصلة بأسلاك. ولم يتضح ما إذا كان هناك إمكانية لانفجار العبوة. وأشارت الشرطة إلى أن اسم السياسي المحافظ البارز أدونيس جورجيادس، نائب رئيس الحزب الديمقراطية الجديدة، استخدم كمرسل للطرد. ويتصدر حزب جورجيادس حاليا استطلاعات الرأي في الحكومة الائتلافية التي يقودها اليسار. بحسب رويترز.
وأكد جورجيادس إن اسمه استخدم كمرسل للطرد. وقال في تغريدة "للأسف هذا صحيح وغير مضحك على الإطلاق. استهداف الإرهابيين لي مستمر." وكان مهاجمون اعتدوا على مكتبة يملكها جورجيادس بعبوات غاز في اليوم السابق لإرسال الطرد متسببين في أضرار طفيفة.