مجزرة كفريا والفوعة: العالم صمّ أذنيه وابتلع لسانه
حسين درويش
2017-04-18 08:39
مع أن حالة اللامبالاة هي السائدة في العالم الآن إزاء ما يجري من انتهاكات صارخة لكرامة الإنسان وحياته، واستساغته الملايين من أبناء البشر لمشاهد الموت المجاني بشكل يومي، إلا أن صور جثث الاطفال المحترقة والمقطعة المتدلية من حافلات النقل أيقظت –نوعاً ما- دهشته كانت منسية منذ عقود.
126 شهيداً من بينهم 68 طفلاً من سكان كفريا والفوعة لم تكن هذه النتيجة من اختيارهم بل أجبروا هرباً من الموت على أن يكونوا في ضفة أكثر أماناً وهي الموت نفسه!.
في الساعة الرابعة من عصر السبت (13:00 ت غ)، استهدف تفجير انتحاري حافلات كانت تقل على متنها خمسة آلاف شخص، بينهم 1300 مقاتل، تم إجلاؤهم يوم الجمعة من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين.
إلى ذلك، طالب مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، من كربلاء، بالتحرك السريع من أجل إجراء تحقيق محايد ومهني يحدد مسؤولية الجهة التي استهدفت موكب المدنيين ومتابعة الجناة والأطراف الداعمة لهم وتقديمهم إلى العدالة الدولية.
وحمل المركز الدول الداعمة لأطراف الصراع في سوريا مسؤولية إزهاق أرواح المدنيين وطالبهم بالكف عن ممارسة هذا النهج العدائي الذي فتك بالإنسان في سوريا وفي دول المنطقة.
جثث وحافلات محترقة
وأدى التفجير إلى تحطم حافلات وإضرام النار في سيارات، مخلفا عددا كبيرا من الجثث، ووقع بينما كانت قافلة الحافلات تنتظر في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وفقاً لرويترز.
وأظهرت صور نشرتها وسائل الإعلام جثثا مسجاة على الأرض بجانب الحافلات المحترقة التي تحطمت نوافذها فيما تصاعد الدخان الأسود الكثيف من عربات تحترق.
ووقع التفجير غداة إجلاء هؤلاء إلى جانب 2200 آخرين، بينهم نحو 400 مقاتل من بلدتي مضايا والزبداني في إطار اتفاق بين الحكومة االسورية والفصائل المعارضة برعاية إيران وقطر الداعمة لما يعرف بالمعارضة السورية.
ولم تتمكن القافلتان من إكمال طريقهما الجمعة إلى وجهاتهما النهائية نتيجة عراقيل منعت إتمام العملية.
إلا أنه بعد بضع ساعات على التفجير، استأنفت القافلتان طريقهما لتصلا ليلا إلى وجهاتهما النهائية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الأحد إن عدد قتلى تفجير استهدف قافلة حافلات خارج حلب يوم السبت ارتفع إلى 126 على الأقل في أكثر هجوم من هذا النوع دموية تشهده سوريا خلال ما يقرب من عام.
وبين القتلى، بحسب المرصد السوري، عناصر من فرق الإغاثة والفصائل المعارضة الذين رافقوا قافلة الفوعة وكفريا، فضلا عن أشخاص كانوا بانتظار أفراد من عائلاتهم على متن القافلة القادمة من بلدتي مضايا والزبداني قرب دمشق.
واستند المرصد والأمم المتحدة إلى تقارير تفيد بأن من بين القتلى أكثر من 60 طفلا.
وقال عمال إنقاذ من الدفاع المدني السوري إنهم نقلوا مئة جثة على الأقل من مكان الانفجار.
وكان سكان قريتي الفوعة وكفريا ينتظرون في منطقة الراشدين بينما كان مقاتلو المعارضة وسكان مضايا القريبة من دمشق ينتظرون عند موقف حافلات الراموسة الواقع على بعد بضعة أميال. وكان من المقرر نقلهم إلى محافظة ادلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
اتفاق..
وكانت قافلة الحافلات المستهدفة متوقفة في مرأب على مشارف حلب وعلى مقربة من مكان الانفجار. وقال أشخاص تم إجلاؤهم من مضايا إنهم سمعوا دوي الانفجار.
وفي وقت سابق، أبرم اتفاق لإجلاء المحاصرين ينص على السماح لأكثر من ألفي شخص من بينهم مقاتلون من المعارضة بالخروج الآمن من بلدة مضايا القريبة من دمشق والتي تحاصرها القوات الحكومية وحلفاؤها.
لكن تنفيذ الاتفاق تأجل مما جعل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم عالقين عند نقطتي عبور على مشارف حلب منذ وقت متأخر يوم الجمعة.
والاتفاق من بين عدة اتفاقات تم التوصل إليها في الشهور الأخيرة واستعادت بمقتضاها حكومة الرئيس بشار الأسد السيطرة على مناطق حاصرتها لفترة طويلة قواتها وحلفاؤها.
ووفق المرصد السوري فإن تأخير تنفيذ الاتفاق يرجع إلى عدم السماح بعد بالخروج الآمن لمقاتلي المعارضة في بلدة الزبداني التي يشملها الاتفاق وتقع قرب دمشق.
هجوم حقير..
من جهته، وصف بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس، خلال عظته في أحد الفصح، التفجير بأنه "هجوم حقير على لاجئين فارين".
وقال: "ليبارك الرب جهود الذين يعملون على تقديم الغوث والراحة للمدنيين في سوريا الحبيبة، الذين يعانون من الحرب التي تزرع الارهاب والقتل".
فيما طالبت منظمة شيعة رايتس ووتش "مجلس الامن الدولي بادانة تلك الجريمة وملاحقة الجهات المسؤولة عن ارتكابها، وعدم الاستمرار في محاولة تزوير الحقائق عبر اضفاء الشرعية على تلك الجماعات الارهابية لمزاولة عملها الاجرامي".
وحذرت المنظمة من أن استمرار بعض الدول الغربية في غض الطرف عن الانتهاكات الجسيمة لتلك الجماعات يجعل منها شريكا في جرائمها البشعة.
واعتبرت أن استمرار دعم بعض الدول الخليجية للارهاب والتطرف انتهاكا صارخا للمواثيق الدولية والامن العالمي يستدعي مراجعة شاملة في التعامل مع تلك الدول.
الهجوم سيكلف العالم الكثير
وفي السياق ذاته، قال المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي، في بيان له، إن العالم يجب أن يعرف أن التغاضي عن الإرهابيين ومن وراءهم ممن يؤيدونهم بالمال والسلاح والدعم السياسي والإعلامي إنه سيكلف العالم كثيراً".
وأضاف، بحسب البيان الصادر عن مكتبه في مدينة كربلاء المقدسة، "إن الله سبحانه وتعالى قائم بالقسط ولن يرضى أن يكون البشر طعمة لأهواء وعصبيات ثلة من الشاذين في هذا العالم ممن لفظتهم بلادهم وممن باعوا ضمائرهم وممن خسروا الدنيا والآخرة".