الاعتدال وإمكانية تعزيز الهوية الوطنية العراقية

مؤتمر الاعتدال في الدين والسياسة

2017-03-21 09:08

أ.م.د. سداد مولود سبع-الدراسات الاستراتيجية والدولية/ جامعة بغداد
م. ماجد حميد خضير-كلية العلوم السياسية/جامعة النهرين

 

تعد اشكالية الهوية الوطنية في العراق أحد أكثر التحديات التي تواجه إعادة بناء الدولة العراقية بعد العام 2003، وذلك لعدم ترسيخ هوية وطنية عراقية منذ العام 1921، ولبروز قضية الإرهاب التي أدت لاتساع ظاهرة التطرف مقابل تراجع لغة الاعتدال والتي انعكست على عملية تشكيل الهوية الوطنية العراقية.

لذا فإن هنالك ترابطية وسببية بين خطاب الاعتدال وبين تعزيز الهوية الوطنية، فكلما ازداد الخطاب والسياسة المعتدلة كلما أسهم في بناء هوية وطنية ينضوي تحت فنائها كل الهويات الفرعية من احتفاظ كل هوية بخصوصيتها، لكن بالشكل الذي يحفظ الولاء الأعلى للهوية الوطنية.

يعود السبب في الربط بين الاعتدال وتعزيز الهوية الوطنية الى مفهوم الاعتدال الذي يعني الطريق الوسط بين ضدين متطرفين، لذلك هو الطريق السليم في معالجة المشاكل. وللاعتدال مجالات عدة منها اجتماعية وسياسية وثقافية ودينية، الا أن بحثنا يركز على الاعتدال السياسي، وهو أحد اعقد المجالات بسبب صعوبة وجود خطاب سياسي يمثل الوسط في الأفكار والرؤى، فهنالك أحزاب علمانية وبالمقابل هنالك أحزاب ذا توجهات إسلامية، وهنالك أحزاب قومية. وغالبا ما تكون الأحزاب الوسط الأقل تأثيرا في الحياة السياسية والحزبية؛ وهذا ما يقضي الى اختلاف وتباعد في الأفكار ووجهات النظر، وبالتالي هنالك مصالح متعارضة ومتضاربة أحيانا. وعادة ما تكون المواقف المتطرفة هي الوسيلة الأمثل في الدفاع عن الأفكار والمصالح، بل وتتحول في أحيان كثيرة الى وسيلة لحشد الجماهير.

لكن إمكانية الحشد مرهونة بالبناء المجتمعي وطبيعة الأفكار السياسية، فالتطرف ينشأ في البيئة غير المتماسكة وهنا تكون إمكانية الحشد الجماهيري عالية، اما الاعتدال يساهم ويرمي الى إيجاد بيئة اجتماعية وسياسية متماسكة، وذلك لكون الاعتدال يمثل أسلوب في التعبير عن فكرة او قضية أو موقف سياسي أو اجتماعي، يقود الى معالجة الأمور بشكل واقعي ورشيد.

وعليه فان الهوية الوطنية العراقية في ظل الازمات الاجتماعية والسياسية ومتغير الحرب على الإرهاب التي عانى منها العراق بعد التغيير في العام 2003، بحاجة الى تعزيز وترسيخ ثقافة الاعتدال السياسي والابتعاد عن التنافس السياسي، بالشكل الذي يسهم ببناء هوية وطنية عراقية تعلو على الهويات الأخرى.

* ملخص بحث مقدم الى مؤتمر الاعتدال في الدين والسياسة الذي يعقد بمدينة كربلاء المقدسة في 22-23/3/2017، والذي ينظم من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء، ومؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، ومركز الفرات للتنمية للدراسات الاستراتيجية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي