غياب الاعتدال وحضور التطرف: الارهاب أنموذجاً
المنطق المعاصر للسياسية الدولية
مؤتمر الاعتدال في الدين والسياسة
2017-03-21 09:05
د. باسم علي خريسان/جامعة بغداد- كلية العلوم السياسية
المتتبع للسياسة الدولية من خلال تاريخها يجدها محكومة بمنطق معين يحدد حركتها ويرسم ملامحها ويعين طرق البقاء والفناء فيها، وفي زماننا هذا نجد ذات الأمر حيث تحكم السياسية الدولية بمنطق خاص بها ولكن المتميز فيه هذه المرة كونه مغاير بصورة جذرية عن سابقاته، فهو منطق الإرهاب بحيث نكون امام واقع سياسي دولي محكوم بمنطق يجعل من الإرهاب الإطار العام والرئيسي الحاكم لحركة الدول وسياساتها المختلفة.
ما يدخل العالم الى مشهد سياسي ليس جديد فقط وإنما مشهد خطر يظهر فيه الإرهاب هو اللاعب الرئيسي الذي تختفي خلفه مختلف السياسات الدولية، بحيث تؤسس على هذا المنطق أطر والآليات ومصالح تجعل من الإرهاب مرجعية عامة وشاملة للسلوك السياسي والحياتي، هذه المرجعية التي منها وبها يؤسس كل طرف سياسته الخاصة، بحيث تجد الكل يدين الإرهاب ولكن في ذات الوقت يمارسه ولكن بصورة خفيه، حيث تسعى الدول الكبرى والصغرى لولوج ساحة الإرهاب لتصفية ما بينها من صراعات وفي ذات الوقت تسعى إلى بناء تحالفات كبرى لمواجهة ذات الإرهاب.
وهنا لابد ان لايفهم من حديثي بان عقدة التآمر هي الحاكمة وانما العكس فالإرهاب موجود اليوم مثلما كان موجود على مر العصور والأزمنة، لكن المختلف في الأمر ان الإرهاب اليوم اصبح المرجعية والإطار العام للحركة العامة للسياسة الدولية، أي ان حالة الإرهاب الطبيعية التي هي جزء من أجزاء الحياة الإنسانية لم تعد كما كانت وانما أصبحت مرجعية تحدد في إطارها وبها الدول والقوى السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية حركتها اتجاه الأخر، الذي لم يعد اكثر من إرهابي يجب العمل على مواجهته بنفس الأداة وهي الإرهاب، لذلك اصبح الإرهاب معولم متجاوز للحدود وعابر للثقافات، فهو ينتقل مع انتقال مصالح القوى الداعمة له.
وهنا لابد من الإشارة إلى مسألة بالغة الأهمية، أن الإرهاب هذا اليوم وقوده الفقراء والسذج من المسلمين، كون هؤلاء تم استغلالهم دون ان وعي وإدراك من قبل أطراف مختلفة لتحقيق مصالحها، في حين يحسبون بأنهم يجاهدون الكفر والإلحاد والظلم في العالم، في حين نراهم يوجهون اغلب ضرباتها الى المسلمين بدلاً من توجيه طاقاتهم لضرب العدو مما جعلهم أداة لضرب بعضهم البعض الأخر وفي ذات الوقت أداء لتصفية الصراعات بين القوى الداخلية والإقليمية والدولية الساعية لتحقيق مصالحها الذاتية، وبذلك اصبح المنطق الحاكم للسياسية الدولية ليس منطق الاعتدال وانما العنف والتطرف وما الارهاب فيه الا اداة توظف من الجميع ضد الجميع للتحقيق مصالح ذاتية دون النظر الى التكلفة الانسانية والمادية الكبيرة التي تنتج عن ذلك.