هل تقسيم العراق دائم؟
رنين الهــندي
2015-11-07 03:06
ماكس بوت – مجلة الكومينتاري-ترجمة: رنين الهــندي
هل الحملة ضد تنظيم الدولة الاسلامية بنحو أفضل الان مما كان يتم تصوره بالعادة؟ هذا ما اقترحه مايكل نايتس من مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الادنى في مقاله الذي كتبه مباشرة بعد عودته من جولة في العراق ولقائه بعدد من القادة العراقيين والاميركيين. وكتب في مقاله أنه بعد زيارته "من الواضح من ان هناك الكثير من الامور تسير بشكل صحيح على المستوى التكتيكي من المعارك والضربات الجوية أكثر من اي مراقب، من ضمنهم انا، من الذين قد يشكون في الامر".
وافاد من ان المشكلة الكبرى هي ببساطة عدم وجود دعاية لجميع الاحداث الجيدة التي تحدث على ارض المعركة "أن الاثر الايجابي للتحالف في الحرب ضد تنظيم داعش لا يزال الى حد ما سري بشكل افضل في الحرب". وعندما بدأ داعش بإضعاف المنطقة المحيطة ببيجي بشكل بالغ هنا لا يمكننا أن نتوقع بأن يقول العراقيين الحقيقة: كانت قواتنا الجوية تمزق بالخفاء شبكة من شبكات تغذية داعش بالمجندين والتفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة في ميدان هذه المعركة، وان هذا هو السبب في ضخ تعزيزات قليلة نسبياً من الحكومة العراقية لكي ترجح كفة الميزان ضد داعش في تلك المدينة المحاصرة".
وأشار الى ان كل هذا الامر مطلوب لكي يستمر في إحراز حتى تقدم أكبر وهو ان تزيد في تدريب وتسليح القوات العراقية، للتنسيق بصورة أكبر معهم، وتخفيف القواعد المقيدة للاشتباك والتي تحد من قدرة القوة الجوية الاميركية في أن تستخدم قوتها الى أقصى حد.
آمل أنه على حق، ولكن أنا متشكك. حيث يركز تحليله بشكل كامل تقريباً على المستوى التكتيكي، الذي يكون فيه معظم القادة الاميركيين أكثر راحة. في جيشنا هناك ميل للاعتقاد من انه إذا كان بالامكان أن تجلب تلك الوحدة أو هذه الوحدة، أو أضافة نظام الاسلحة هذا الى القتال فأن النتيجة من الممكن ان تؤدي الى تحول كامل لأرض المعركة. يتجاهل هذا التحليل السياق السياسي الأكبر الذي هو في الواقع أكثر أهمية من الصورة تكتيكية في ساحة المعركة.
تذكر عندما كان الجيش الاميركي في عام 2006 بحوزته 150.000 جندي وان قواعد الاشتباك مرنة التي كانت تسمح لنا باستخدام القوة العسكرية الكاملة بحوزتنا، وكانت اجزاء كبيرة من المناطق السنية بيد تنظيم القاعدة في العراق، في حين ان اغلب المناطق الشيعية كانت بيد الميليشيات المدعومة من قبل ايران مثل جيش المهدي. أن "الموجة" حولت الوضع عن طريق تغيير التكتيكات بشكل حاسم، ولكن ايضاً من خلال معرفة كيفية تحول السنة من كونهم انصار لتنظيم القاعدة الى أعدائهم. ان الوضع قد تحول بصورة سريعة لأن السنة انضموا للقتال بجانب الحكومة العراقية بصورة مفاجئة.
السبب في ان العراق في حالة يرثى لها هو انه بعد الانسحاب الاميركي من العراق في عام 2011، قام الطائفيون الشيعة المسؤولين في الحكومة العراقية بإبعاد السنة مرة أخرى، مما جعلهم يعودون الى احضان وريث تنظيم القاعدة في العراق وهو تنظيم داعش. اليوم، العراق مقسم: الاكراد الذين هم مستقلون تقريباً، وداعش يسيطر على المناطق السنية، والميليشيات الشيعية المدعومة من قبل ايران تسيطر على المناطق الشيعية. طالما هذا هو الحال، وأنا ما زلت أشك في ان يكون هناك أي تغيير جذري في ميزان القوى على الأرض. في الواقع، ان قوات الامن العراقية التي يهيمن عليها الشيعة وقوات الحشد الشعبي (كما هي معروفة بالميليشيات الموجهة من ايران) ليست مهتمة بشكل كامل في إرجاع المناطق السنية حيث يعرفون انهم لن يستطيعوا السيطرة عليها. بالتأكيد، هم سعداء باستعادة بيجي لأنها موطن لمصفاة تكرير النفط وباستطاعته ان يحقق ايرادات لبغداد. ان اقتراحات القوات الامنية بالزحف نحو استعادة الموصل او الرمادي بطيئة.
هذا ليس لأنهم غير قادرين جسدياً من إرجاع تلك المدن من عدد قليل من مسلحي داعش، والذي يبلغ عددهم بضعة الاف مقاتل في كل مدينة. بل بسبب ان الميليشيات الشيعية ترى أنه من غير الفائدة إعادة هذه المدن السنية. في الواقع، ما دام داعش يسيطر على هذه المناطق وغير قادر على التقدم الى بغداد أو اي من المناطق التي يسيطر عليها الشيعة، فأن الوضع الراهن سيصب في مصلحة ايران، والتي هي المتوسط الاكثر اهمية في العراق والتي تغيبت بشكل كبير في تحليل نايتس: ان تهديد داعش يبرر استيلاء ايران على المناطق الشيعية، مثلما تم تبرير تهديدات اسرائيل لاستيلاء ايران على لبنان، حيث ان تهديدات داعش اليوم تبرر استيلاء ايران على مناطق كبيرة من سوريا.
وكما أشار نايتس من اننا لن نكسر الجمود الحالي من خلال التعاون مع القوات العراقية بشكل وثيق أو من خلال ارسالهم المزيد من المعدات، هذا من شأنه أن يزيد من قوة ايران وعملائها ويؤدي الى مزيد من إلابعاد للسنة. الطريقة الوحيدة لتغيير هذا الوضع هو بعرض صفقة أفضل للسنة من التي يعرضها عليهم داعش حالياً. وهذا يعني منحهم حكومة اقليم سنية، اقرب بالترتيب الى ما لدى الاكراد اليوم، مع استقلالية مكفولة بضمانات امنية أميركية وبمليشيات خاصة بهم على غرار البيشمركة لديهم. وان حلول الترقيع والتكتيك لن تسفر عن نتائج استراتيجية في العراق وسوريا.