عندما تنفجر السدود في ليبيا: كارثة طبيعية أم كارثة يمكن منعها؟

مجموعة الازمات الدولية

2023-10-09 05:18

بقلم: كلوديا غازيني

في أعقاب الفيضان الكاسح الذي أودى بحياة نحو 20,000 شخص، زارت خبيرة مجموعة الأزمات كلوديا غازيني ليبيا لتنظر فيمن سبَّب الكارثة ومن قد يتحمل مسؤولية حدوثها.

بعد زيارة درنة ورؤية الدمار الذي سبَّبه انهيار سدَّي المدينة في الساعات الأولى من الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، قررت رؤية ما تبقى من أكبر الحاجزين المائيين، وهو سد وادي بومنصور. كان انهيار هذا السد وسد آخر أصغر منه في ضواحي المدينة، والمعروف محلياً بسد البلاد، هو الذي حوَّل فيضان درنة إلى كارثة إنسانية. أردت أن أفهم ما حدث تلك الليلة ولماذا لم يصمد السد أمام الأمطار الغزيرة التي تسبب بسقوطها الإعصار المتوسطي الهائل دانيال على شرق ليبيا في اليوم السابق.

أردت أن أعرف لماذا انهار هذا السد الذي بنته شركة يوغسلافية في منتصف سبعينيات القرن العشرين. لقد حمَّل الليبيون، الذين يشعرون بغضب مشروع جراء الكارثة التي قتلت ما يقدر بـ 20,000 شخص (مع وجود آلاف ما يزالون مفقودين)، المسؤولية للسياسيين لفشلهم إما في صيانة السد أو عدم إعطاء الأوامر في الوقت المناسب لسكان درنة لإخلاء المدينة، رغم أنهم كانوا يعرفون بأن عاصفة خطيرة في طريقها إلى المدينة. ثمة نظريات أخرى تدور حول الانهيار. فبعض سكان درنة يقولون إن صمامات السد لم تكن مفتوحة عندما ضربه دانيال، الأمر الذي جعله أكثر عرضة للانهيار في وجه عاصفة بتلك القوة. كما أن ثمة مزاعم مثيرة للقلق تشير إلى اختلاس السياسيين أموالاً كانت مخصصة لإعادة تأهيل السد.

أما من هم السياسيون الذين يلقي الليبيون عليهم اللوم فهذا يعتمد على الطرف الذي يوالونه في النظام السياسي المنقسم في البلاد. منذ عام 2022، والإدارة منقسمة بين حكومة معترف بها دولياً يرأسها عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، ومنافستها في شرق ليبيا، التي يرأسها أسامة حماد. حكومة حماد، المدعومة من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر هي التي تشرف على المنطقة الشرقية وتسيطر على درنة. ناشطو غرب ليبيا المعارضون لحفتر يوجهون أصابع الاتهام إليه وإلى قواته. بالمقابل، فإن قوات حفتر تجد كبش فداء في رئيس بلدية درنة السابق، وهو قريب رئيس البرلمان في المنطقة الشرقية، عقيلة صالح. يتحدر كلا الرجلين من منطقة درنة. ويدعم صالح الحكومة التي تتخذ من المنطقة الشرقية مقراً لها، وهو متحالف اسمياً مع حفتر، ولكنه كان على خلاف معه على مدى السنة الماضية. إسلاميو طرابلس يلمّحون إلى أن مصر (التي تدعم حفتر) فجَّرت السدين عمداً، رغم إني لم أرَ أدلة تدعم هذا الاتهام. بصرف النظر عن الطرف الذي يؤيدونه، فإن معظم الليبيين العاديين يميلون إلى تحميل المسؤولية عن الكارثة لمزيج من الإهمال والمخالفات، وليس لقوى الطبيعة وحسب.

في الموقع

عندما وصلت إلى جرف يطل على وادي بومنصور، خطر لي ما يمكن أن يكون قد حدث تلك الليلة المرعبة. ففي الأسفل ثمة وادٍ لا يقل عمقه عن 200 متر يمتد نزولاً من الجنوب إلى الشمال. وهو وادٍ جاف تتجمع فيه المياه عندما يسقط المطر وحسب. كان بوسعي أن أرى آخر 10 كيلو مترات فقط، لكني أعرف من الخرائط أنه يمتد باتجاه المنبع لما لا يقل عن 100 كم إلى الغرب، حيث يمتد تقريباً بموازاة ساحل البحر الأبيض المتوسط. وفي قاع الوادي، تمكنت من رؤية ما تبقى من السد، وهي تلة صغيرة من الطين كانت مغطاة بالصخور. (الأشخاص ذوي المعرفة التقنية يسمّون بنية وادي بومنصور ’سدّ ترابي مركب محقون بالطين’.) خرقت المياه الجزء الأوسط منه، وقطعت الطريق الذي يمر إلى جانب قمة السد. ويقول الخبراء إن هذا النوع من السدود الحجرية والطينية قوي تماماً، لكن أساساته عرضة لآثار الحت الذي تسببه التدفقات المفرطة، ولا سيما أنه مبني على قاعدة طينية، كما يبدو عليه الحال هنا.

أبلغني شهود عيان أن الفيضان بدا وكأنه قادم من مكان غير محدد. شاب يعيش في الجوار قال: “عند الغروب، كان الوادي ما يزال جافاً. كان يشير إلى وادٍ بعمق لا يقل عن 200 متر يصب في وادي بومنصور. انضم إلينا حارس السد وسرد علينا أحداث ذلك المساء بطريقة أكدت ما قاله الشاب. قال: “بدأ السد بالامتلاء نحو الساعة الثامنة مساءً، لكن عند منتصف الليل كان قد امتلأ نصفه فقط. لكن بين منتصف الليل والثانية صباحاً بدأت المياه بالارتفاع بسرعة خطيرة. وفي الساعة الثانية صباحاً، وصلت المياه إلى ارتفاع مترين فوق السد، وبدأت تصب على الجانب الآخر. أدى هذا إلى إضعاف بنية السد تدريجياً، وتسبب في انهياره. كان بوسعنا سماع احتكاك الصخور عندما بدأت بالانزياح، وتركت رائحة خاصة لمواد محترقة في الجو“. وأخيراً تداعى السد في الساعة 2:40 صباحاً.

أضاف الحارس معلومة مهمة لوصفه، إذ قال إن صمامات ممرات السد مفتوحة – وقد كانت كذلك منذ تسعينيات القرن العشرين. في وقت لاحق، تحدثت هاتفياً إلى رئيسه في درنة، عبد الله التونسي، المسؤول عن الجسور في الوادي؛ ولاحقاً، تحدثت إلى رئيس التونسي في بنغازي، عبد القادر سويسي، الذي يدير جميع السدود في شرق ليبيا. وكلاهما يعملان تحت سلطة وزارة المياه في الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها. وكلاهما أكدا أن الصمامات كانت مفتوحة منذ تسعينيات القرن العشرين. وشرح التونسي أن السد بُني أصلاً من أجل الري، لكن في أواخر ثمانينيات القرن العشرين أدرك المسؤولون أنه يعاني من مشاكل بنيوية (لأن المياه كانت تتسرب من تحته، محدثة قناة جديدة)، ومن ثم توقفوا عن استعماله لتجميع المياه. ولهذا السبب، كانت الصمامات قد تُركت مفتوحة. لو كانت الصمامات مفتوحة فعلياً، فإن ذلك كان سيقوض الزعم الذي كان يُتداوَّل في درنة ويحمِّل بعض عبء الكارثة للمسؤولين عن تشغيل السد. لكن عدداً من سكان درنة يقولون إنهم لا يصدقون أن الصمامات كانت مفتوحة. يدَّعون أن المزارعين المحليين أغلقوا الصمامات من أجل ري أشجار الرمان في قاعدة الوادي الجاف تحت السد.

لست في موقع يمكنني من تحديد من المصيب، لكن طبقاً لحسابات وزارة المياه في طرابلس، فإن السد كان محكوماً بالانهيار بصرف النظر عن الطريقة التي كان يشغَّل بها. ربما بلغت كمية المياه التي ملأت الوادي تلك الليلة نحو 100 مليون متر مكعب. وأدى الضغط الذي ولّدته هذه الكمية في النهاية إلى انهيار السد المصمم لاحتجاز لا أكثر من 22 مليون متر مكعب من المياه. أخبرني سويسي أن الطاقة الكلية لتدفق مياه السد كانت 170 متر مكعب في الثانية لكن، تلك الليلة، “حسبنا أنه لتصريف كل المياه التي كانت تدخل إلى الوادي، كان ذلك سيتطلب طاقة تصريف تبلغ 1,200 متر مكعب في الثانية“. بشكل أساسي، وطبقاً لحساباتهم، فإن ما أصاب درنة كانت كارثة طبيعية وليست من فعل بشري.

ثم يبدو أن ثمة نقطة تحظى بتوافق واسع النطاق وهي أنه لا أحد تقريباً في درنة أو في جوار السد توقَّع حدوث الفاجعة. فقبل العاصفة ببضعة أيام، التقت مجموعة من سكان درنة لمناقشة كيفية حماية أنفسهم. أحد الأشخاص الذين حضروا الاجتماع قال إنه لا أحد بدا مذعوراً. وقال: “كان نقاشاً نظرياً وافتراضياً، ولم يدفع أي شخص لتنبيه السلطات والتحذير من خطر جدي بالانهيار“.

بعد بضعة أيام، التقيت عبد المؤمن الغيثي، رئيس بلدية درنة الذي أقيل من منصبه في أعقاب الإعصار، في ردهة فندق في البيضاء، وهي مدينة إلى الغرب. (بعد أربعة أيام من لقائنا، اعتقل وسُجن.) خلال لقائنا، ادعى أن “لا أحد في المدينة كان قد ألمح لنا إلى أن الإعصار يمكن أن يؤدي إلى انهيار السد“. علاوة على ذلك، في الأيام التي سبقت وصول الإعصار إلى شرق ليبيا، كان الهاجس الأول للسلطات المحلية يتمثل في بنغازي، المدينة الرئيسية في المنطقة، التي تقع في المسار المتوقع لدانيال. بدلاً من ذلك، تحول الإعصار على نحو غير متوقع إلى الشرق، الأمر الذي أبقى بنغازي سليمة نسبياً. كما أنه رفض الادعاء بأن مجلس درنة البلدي الذي كان يرأسه يتحمل أي مسؤولية عن صيانة السد. وقال إن “السدود مواقع إستراتيجية، وهي تقع تحت سلطة الوزارات المعنية، وليس المجلس المحلي.”

في درنة، كان الخوف الأكبر قبل الإعصار أنه يمكن أن يلحق الضرر بالمنطقة السكنية الساحلية. إذ قال الغيثي: “اعتقدنا أن الخطر سيأتي من البحر“. كما كان السكان يحضّرون أنفسهم لتدفق المياه الزائدة عن طاقة السدود – وهو شيء كانوا قد شهدوه مرتين من قبل – لكن ليس الانهيار الفعلي للسدود. رغم ذلك، أصر رئيس البلدية أن لجنة طوارئ المدينة التي شُكلت قبل الإعصار بثلاثة أيام كانت قد أعطت أوامر لإخلاء الأحياء الثلاثة (السيدة خديجة، وحي البلاد والجبيلة) التي كانت معرَّضة أكثر من غيرها للفيضان لأنها تقع على أرض منخفضة. كان على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر رجال شرطة في سياراتهم يأمرون الناس بالمغادرة. وأخبرني رئيس البلدية: “للأسف، فإن قلة من الناس أخذت التحذير على محمل الجد“.

أسئلة تظل دون جواب

إلا أن الليبيين في جميع أنحاء البلاد يشكّون في أن السلطات تتحمل المسؤولية، وشكوكهم مفهومة. فمنذ وقوع المأساة، ذُكر على نطاق واسع أنه في حين أن السلطات كانت تعرف بأن السد بحاجة للصيانة، لم يتم إجراء الصيانة الضرورية. وقال سويسي: حتى بالعودة إلى تسعينيات القرن العشرين، عندما كان العقيد معمر القذافي ما يزال يحكم ليبيا، كان المسؤولون الحكوميون يعرفون أن وادي بومنصور فيه نقاط خلل بنيوية. وأخبرني: “تعاقدنا مع شركة استشارية سويسرية لدراسة القضية ووضع خطة لكيفية حلها. في النهاية، تعاقدنا مع شركة تركية لإجراء أعمال تجديد السد“. وقَّعت الشركة، وهي شركة آرسل (Arsel)، عقداً في عام 2008 وبدأت العمل على السد في عام 2010. وقال سويسي إن سبب التأخر سنتين للبداية في العمل كان التأخر في دفع المستحقات. ثم، مع الانتفاضة ضد القذافي في عام 2011 وما نجم عنها من تدخل بقيادة حلف شمال الأطلسي أدى إلى الإطاحة به، غادر الفريق التركي. وفي وقت لاحق، سرق اللصوص المعدات التي كانت قد تركتها شركة آرسل وراءها.

ومضى سويسي ليشرح أنه في عام 2014، وقّعت الحكومة (التي كانت حينذاك برئاسة رئيس الوزراء علي زيدان) عقداً مع آرسل، وعوضتها عن المعدات التي فقدتها. لكن بحلول ذلك الوقت، كان مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية قد سيطروا على درنة، ولم يسمح الوضع الأمني للشركة باستئناف أعمال التجديد. عندما تمكن إسلاميون محليون من إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية، وتقدم الجيش الوطني بقيادة حفتر للسيطرة على درنة، كنا قد أصبحنا في عام 2018. بحلول ذلك الوقت، كانت ليبيا قد انقسمت إلى حكومتين متنافستين، واحدة في الشرق والأخرى في طرابلس. كانت تركيا تدعم حكومة طرابلس، التي كانت آرسل قد وقعت العقد معها. ومن ثم كان من المستحيل على الشركة العمل في الشرق.

إلا أن سويسي كان قاطعاً في تأكيده أنه ما كان من الممكن منع الكارثة حتى لو كان الحاجز المائي سد جديد تماماً وفي أحسن حال وبالأبعاد بنفسها. وأخبرني: “ما كان من الممكن حتى لسد جديد تماماً أن يحجز تلك الكمية من المياه. بالنسبة لنا، كانت هذه كارثة طبيعية 100 بالمئة“، في تكرار لموقف مسؤول وزارة المياه في طرابلس.

قد يكون سويسي محقاً، لكن من الصعب التأكد من ذلك. لقد بدأت المأساة فعلياً بوصفها ظاهرة طبيعية: إعصار يتسبب في سقوط كميات غير مسبوقة من الأمطار. لكن من الواضح أيضاً أن البنية التحتية التي تحمي درنة لم تكن في الوضع الأمثل وأن كثيرين مسؤولون عن إهمالها. ومن بين هؤلاء الكثيرين الحرب، والانقسامات السياسية، لكن هناك أيضاً أسئلة حول الكيفية التي أدير بها العقد مع شركة آرسل. وعلى نحو خاص، طرحت نيويورك تايمز أسئلة حول ما إذا كانت بعض الأموال المخصصة لإعادة تأهيل السد قد بُددت على شكل عمولات لمسؤولين ليبيين.

ديوان المحاسبة الليبي، الذي بحوزته مئات الوثائق المتعلقة بعقد آرسل، سلَّمها لمكتب المدعي العام من أجل التحقيق. ويجري المكتب الأخير جملة من التحقيقات بشأن انهيار السد ويُذكر أنه أمر باحتجاز عدة أشخاص بشأنها. يمكن أن يكون التونسي وسويسي من بين أولئك الذين احتُجزوا كجزء من هذه التحقيقات (لم أتمكن من التواصل معهما هاتفياً عند كتابة هذا التقرير). إذا كانا قد احتجزا، فإن ذلك لا يعني أنهما مذنبين أو أن جريمة قد ارتُكبت، بالطبع. في ليبيا، يمكن أن يُعتقل الأشخاص دون سبب موجب. سيكون الالتزام بالضمانات القانونية مهم على نحو حاسم في نظر السلطات الليبية في سبب انفجار السدين، سواء لتجنب سجن أشخاص أبرياء أو للمساعدة في ظهور الحقيقة.

أخيراً، ثمة سبب آخر للتساؤل عما إذا كان من الممكن أن تقع مثل هذه المأساة في بلد فيه حكومة موحدة وفعالة، حكومة يثق في ظلها السكان بمؤسسات الدولة. كثير من سكان درنة قلقون بعمق من سيطرة قوات الأمن على المدينة بعد سنوات من الصراع، إضافة إلى الحرب التي خيضت لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، التي استهدفت قوات حفتر في مرحلتها الأخيرة أيضاً المجموعات الإسلامية التي كانت تحظى بدعم شعبي. يشير البعض إلى أن هذا التاريخ هو الذي دفع الناس إلى مقاومة أوامر الشرطة بالإخلاء.

ما العمل الآن؟

لكي يتم التوصل إلى تقييم حاسم لما حدث في 10-11 أيلول/سبتمبر، سيتعين على الخبراء المحليين والدوليين التحقق من مستويات الهطول، وإجراء عمليات تفتيش على الموقع لما تبقى من جسر وادي بومنصور، وتحليل العقود والوثائق الأخرى، والتحدث إلى شهود العيان. من المفهوم أن يرغب الليبيون في الحصول على أجوبة. فبالنظر إلى انعدام ثقة الناس الشامل في مؤسسات البلاد، ينبغي على السلطات وشركائها الخارجيين النظر في تعيين لجنة تحقيق مستقلة مهمتها إجراء تحقيق كامل في المأساة. لقد فات الأوان بالنسبة لآلاف الناس الذين فُقدوا في فيضانات درنة، لكن الدروس المستفادة يمكن أن تساعد المدينة على التحضير لمستقبل أكثر أماناً، وفي الوقت نفسه تقديم أفكار معمقة مفيدة لمجتمعات محلية أخرى تقطن في مناطق قريبة من مجرى الوديان بعد السدود وقد تكون عرضة لحوادث مماثلة.

https://www.crisisgroup.org/

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي