إتفاق إيران لن يغيّر المواقف حول سوريا والعراق
أحمد عبد الأمير
2015-07-16 08:00
قد يخفف الاتفاق النووي التاريخي العداء مع الغرب الذي غذّى التوترات في الشرق الأوسط لعقود، ولكن من غير المرجح ان يغير مجرى الصراع حيث أن طهران وواشنطن على حد سواء حليفان وعدوان صعبا المراس.
في سوريا، وقفت إيران إلى جانب الرئيس بشار الأسد، ووفرت الدعم العسكري والمالي خلال السنوات الأربع من الحرب الأهلية، التي كانت الولايات المتحدة تقول طياتها إنه يجب على الأسد أن يرحل.
في العراق المجاور، تدعم طهران وواشنطن حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي في معركتها ضد داعش، على الرغم من أن عدائهما التاريخي يعني أنهما لا يتعاونان بشكل مباشر في ساحة المعركة.
ورحب الأسد بالاتفاق عارضا أنه يتوقع المزيد من الدعم من حليفه الإقليمي الأقوى.
وقال الأسد في رسالة إلى القائد الأعلى آية الله علي خامنئي "إننا على ثقة من أن جمهورية إيران الإسلامية سوف تدعم وبزخم أكبر القضايا العادلة للشعوب وتعمل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والعالم".
في العراق، قال السياسي المخضرم هوشيار زيباري، الذي يشغل منصبا وزاريا منذ أن قامت الولايات المتحدة بغزو العراق وأطاحت بصدام حسين قبل 12 عاما، إن بغداد دفعت بقوة إلى الاتفاق الذي قال إنه سيكون له أثر إيجابي.
وأضاف، في الوقت الذي يجري فيه إبرام العناصر الرئيسة للاتفاق هذا الأسبوع، أن "أي خفض للتوتر بين إيران والغرب وبين ايران والولايات المتحدة سيساعد المنطقة".
يذكر أن العراق استضاف احدى أولى الاجتماعات المباشرة منذ عقود بين الولايات المتحدة والدبلوماسيين الإيرانيين قبل ثماني سنوات، إضافة إلى جولة من المحادثات النووية في العام 2013، وكذلك حمل رسائل بين طهران ونيويورك وواشنطن.
وقال زيباري لرويترز "لدينا مصلحة خاصة في هذا الاتفاق لأننا نعتقد أنه سيقلل من التوترات، في الأساس إننا لا نريد أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة وإيران".
على الرغم من أن الاتفاق النووي يتناول الخلاف الرئيسي القائم منذ أمد بعيد، إلا أن الخلافات العميقة ما تزال موجودة بضمنها تلك المتعلقة بمدى قوة الإيرانيين والأمريكيين عبر منطقة الشرق الأوسط.
تلك الانقسامات تعني أن أي إجراء ينطوي على حسن نية سياسية ناتجة عن الاتفاق النووي سيصعب نقلها إلى مناطق أخرى، بما في ذلك تسوية النزاع في سوريا والعراق.
وشن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة غارات جوية في شمال وغرب العراق لمدة ما يقرب من العام لدعم القوات البرية الساعية إلى استعادة الأراضي من تنظيم داعش.
الدعم الجوي كان على نطاق محدود لأن القوات الأكثر فاعلية التي تقاتل الخط المتشدد من المسلحين السنة هي الميليشيات الشيعية، حيث أن الكثير منها مدعوم بشكل مباشر من قبل إيران.
يقول أيهم كامل، وهو محلل في مجموعة أورآسيا الاستشارية، إنه من غير المتصور أن يؤدي الاتفاق النووي إلى تنسيق مباشر بين الولايات المتحدة وإيران في العراق.
وأضاف أن دعم إيران العسكري للفصائل العراقية كان بيد الحرس الثوري، وقد سعى الحرس لإبراز النفوذ الإيراني في الخارج منذ قيام الثورة الإسلامية في العام 1979.
وأوضح كامل أن "قادته لن يتخذوا اي خطوات إلى الأمام مالم يكن هناك أمر جوهري". وقال "فيما يتعلق بالسياسة، ربما ان الاتفاقية ستخفف من بعض الحساسيات إلا أن سياسة الولايات المتحدة في العراق تتناقض مع تلك التي تنتهجها إيران على عدة مستويات، وإن الاتفاق النووي لن يغير ذلك."
وقلل دبلوماسي غربي بارز في بغداد أيضا من احتمالات التغيير الجذري، قائلا إن الأشهر الأخيرة أظهرت أن الولايات المتحدة وإيران يمكنهما متابعة الاستراتيجيات العسكرية في العراق بشكل متوازي من دون الحاجة إلى العمل سوية بصورة مباشرة.
وقال، في إشارة إلى الفهم الواضح الذي سمح من خلاله للطائرات الحربية الإيرانية بالطيران أثناء الهجوم البري في محافظة ديالى العراقية الواقعة شرقي العراق على الحدود مع إيران، إن "ما يتعين عليهما فعله هي عمليات إزالة الصراع، كما فعلا بالقرب من الحدود الإيرانية"، مضيفا إذا كان الاتفاق يؤدي بإيران إلى أن تكون أكثر حزما، فإن الأقلية السنية في العراق، التي تشكو أصلا من التهميش من قبل الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد، يمكن أن تشعر أنها مهددة بشكل أكبر.
وأبدى رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، وهو شيعي علماني متحالف مع الأحزاب السنية، ترحيبا حذرا بالاتفاق، لكنه قال إنه كان ينبغي ان تتضمن المحادثات الأمن الإقليمي أيضا، وقال "يشمل الأمن الإقليمي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول"، مشيرا بذلك إلى التدخل العسكري والسياسي الإيراني العميق في العراق. واضاف "لسوء الحظ تم تجاهل هذه المسألة، إلا أنها تبقى موضوعا هاما".
في سوريا، فإن خلافات إيران مع الولايات المتحدة أعمق بكثير، على الرغم من أن كلا الجانبين يعارضان مسلحي تنظيم داعش الذين يسيطرون على معظم الجزء الشرقي من البلاد، ونزاعهما حول ما إذا كان ينبغي بقاء الأسد رئيسا يبدو أنه من غير الممكن تجاوزه.
ومع اختتام المحادثات النووية الآن، قد يعيد دبلوماسيون من جميع الأطراف التركيز على الصراع السوري- على الأقل بهدف نزع فتيل القتال حتى لو لم يتمكنوا من الاتفاق على طريقة ما للمضي قدما إلى تسوية سياسية.
وقال المتحدث باسم تحالف مجموعات متمردة تقاتل الأسد جنوبي سوريا إن إيران كانت تدعم الأسد "بكل قوتها"، وأفاد المتحدث أنه كان قلقا من أن الضغط الأمريكي سيكون غير كاف لوقف التدخل الإيراني.
وقال مقاتل متمرد آخر في شمال البلاد يدعى أياد شمسي إن الاتفاق يشكل تطورا خطيرا. واضاف "مخاوفنا من الاتفاق تكمن في زيادة التأثير الإيراني في المنطقة وهذا ما يجعل الأسد سعيدا".
وقال نوح بونسي، وهو كبير محللي مجموعة الأزمات الدولية، "لكن على الرغم من أن عقوبات الإغاثة ربحتها إيران من خلال الاتفاق النووي الذي أعطاها حق الوصول إلى المزيد من الأموال لدعم الأسد، فقد تكون لهذه الأموال تأثير محدود فقط ".
وقال إن قوة الأسد العسكرية تتآكل تدريجياً وإن تكلفة جهود إيران لملء الفراغ ستستمر بالإرتفاع. واضاف "حتى مع وجود المزيد من الأموال تحت تصرفها، فإن استدامة استثمارات إيران في حكم الأسد أمر غير مؤكد".