نفطنا لمن؟

رياض العبيدي

2017-10-22 05:10

لو سأل المواطن العراقي ماذا لو لم يكن العراق بلدا نفطيا ولا يسبح على بحيرات بترولية؟ ربما سنجد إجابات كثيرة على السؤال المهم و اغلبها يمكن أن تبعث بالأمل والتفاؤل لو أجاب عنها جيل الشعارات الزائفة والاستغفال السلطوي عام 1954 حيث إطلاق أول شعار (نفط العرب للعرب ),أو جيل الثورة وتأميم النفط العراقي من الشركات الاحتكارية وتحول العائدات إلى جيب قائد الضرورة والشعار المضحك المبكي (نفطنا لنا),ذلك التأميم الذي صور للشعب أن تحرير النفط من الشركات النفطية الأجنبية التي احتكرت النفط لسنوات طويلة سيحول المحرر كل أموال الثروة النفطية وعائداتها إلى جيوب الشعب وسيساهم بانتشاله من الفقر المقبع .

بعد 45 عام على مرور تأميم نفط العراق ماذا سيجيبنا الجميع من جيل الأمس واليوم عن سؤالنا القديم والمتكرر بكل الم وحسرة بعد أن انكشف الغطاء وبان المستور وتبدلت أنظمة وولى حاكم واحد وجاء ألف حاكم وحاكم؟!

أن الإجابة على السؤال الملح تنكشف من خلال معرفة تعاطي الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق مع النعمة التي لا تدوم، لقد تعاطى قائد التأميم وحزبه الفاشي سلبيا مع النفط من خلال فشله في جعل النفط نعمة بسبب عدم قدرته على تحويله وتوظيفه ليكون مدخلا للتنمية وبوابه لسعادة شعبه، على عكس البعض من الدول المنتجة للنفط والتي استطاع حكامها من تغيير حياة شعوبها من دون التوقف على ما نقول نحن المنقادون للحكومات المتعاقبة، فقد استطاعت بعض الدول العربية النفطية من تغيير واقعها وتحويل الإنسان والنبات وحتى الحجر فيها إلى أوراق نقدية، وتحويل الصحارى إلى ناطحات سحاب وجعلت الدخل القومي للمواطن متعدد المصادر باستثناء بعض الدول التي وهبت عائداتها النفطية وجعلتها وسيلة دعم للأحزاب والمنظمات المتشددة والإرهابية في العالم حتى لو اختلفت هذه القوى من حيث جنسياتها ولغاتها وتوجهاتها عن العرب.

وربما نحن اليوم نستطيع كشعب عراقي لو تجردنا عن التفاخر بالماضي والتاريخ المؤلم والمزيف كما حاضرنا لاستطعنا أن نعترف وبشجاعة بان الكثير من دول العربية والخليجية على وجه التحديد استطاعت أن تخلق ارتياحا وتغيرا في حياة أجيالها ليصبح الفرد في هذه الدول يعيش بمستوى يفوق الفرد في الدول الصناعية الكبرى على عكس حكومة الدكتاتور صدام حسين الذي بدد العائدات النفطية الكبيرة في الحروب والصراعات وسياسته التوسعية والانقلابات حتى أصبح النفط نقمة على الشعب فلم تنحسر معاناة الشعب في فترة حكم الطاغية بل امتدت إلى يومنا هذا حيث خلفت سياسة المقبور العدوانية وبسبب حروبه التي طالت أهل الدار والجار أجيال اليوم بسبب العبأ الثقيل من الديون للكويت والتعويضات التي تدفع نتيجة احتلال العراق لها عام 1990 وديون كبيرة تدفع اليوم لدول أخرى.

حكومة بعث ولت بكل مفاسدها وإرهاصاتها وتبعياتها ليدخل العراق في مرحلة جديدة، مرحلة ضاعت بها الآمال وتبددت تأملات الفقراء بعد انتظار طويل لسنوات عجاف من حصار ومعاناة شعب من جراء النفط وما فعله حين تفجر في الدول الثورية والانقلابية ,معاناة (35) عام ونهاية لا يحسد عليها المواطن العراقي، قدرنا أن نعيش كشعب مبتلي بالخونة والفاسدين مرحلة التغيير المشؤوم و التي أثبتت الوقائع أن لا جديد على السياسة والسياسيين كما لا جديد لإ كذوبة (النفط لنا) بعد أن تبين لنا أن إسلاميي السياسة هم صورة من صور البعث، فبالأمس وبينما كان الفرد العراقي يقف في طوابير لأيام على أبواب محطات بيع المشتقات النفطية ليحصل على عدة لترات من النفط ليضيء آلته المتطورة (اللالة) كانت الحكومة العراقية تصدر النفط للأردن وفلسطين من دون مقابل وكنا نسال سرا أنفسنا عن سبب ذلك.

واليوم وعلى الرغم من مواقف الأخوة الفلسطينيين الذين كانوا وراء الكثير من أعمال العنف والتفجير التي طالت شعب العراق فقد تنامى الحس القومي عند ساسة التغيير فقد خرج علينا السيد وزير الخارجية كمالك شرعي لثروات العراق من دون أن يسال نفسه من أعطاه صلاحية التصرف بأموال الشعب وهو العالم بالفقه والشريعة متناسيا انه وغيره هم أمناء على ثروات العراق، السيد وزير الخارجية يصرح أن الأردن جارة ومن حقها علينا أن نهب لها النفط من دون مقابل متناسيا أن مفارق الطرق تمتلأ ببائعي المناديل الورقية وان الملايين من الطلاب والخريجين يبحثون عن فرصة عمل كما تناسى أو ربما لا يعلم أن حصة العائلة العراقية الواحدة برميل من النفط عند كل موسم شتاء يباع لها بسعر (37) ألف دينار عراقي، كما تناسى السيد الوزير أن هناك أحياءا مشيدة من الصفيح وان مدارسنا كرفانات وأن أطفال العراق في المدارس يفترشون الأرض كما تناسى آلاف الشباب الذين هاجروا العراق كرها ,نعم تناسى رجل المثالية الأيتام والأرامل والمؤسسات الصحية الخالية من العلاج والبطاقة التموينية التي ذهبت أدراج الريح نتيجة إفلاس الميزانية العراقية التي هي الأخرى ضحية فساد الساسة وسرقاتهم .. ربما البعض فرح اليوم بعودة آبار نفط كركوك للحكومة الاتحادية بعدما كانت بيد سلطة الدكتاتور مسعود البرزاني وربما البعض يريد أن يعيش الأمل بعائدات النفط كما أجيال التأميم ولكن هيهات يكون النفط لنا فلم يكن لنا حين ارتفع سعر البرميل الواحد من النفط إلى 120 دولار كما لم تكن لنا عائداته عندما أصبحت ميزانية العراق حينها انفجارية ولازلنا نبحث عن مصيرها الضائع .. النفط ليس لنا ..النفط للفاسدين والحكام والخونة ..النفط لهم .

...................................................................
* الآراء الورادة في المقال لا تعبر بالضرروة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا