الذكاء الاصطناعي: نعمة أم نقمة على قطاع الطاقة؟

أوس ستار الغانمي

2024-05-22 04:09

خلال الأعوام الأخيرة زاد استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية الأخرى في صناعة النفط والغاز بشكل كبير، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال العقود المقبلة. إن التكامل السريع بين الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في قطاع الطاقة، يفتح آفاقا كبيرة لصناعة النفط والغاز. بالفعل، تم توثيق التحول الرقمي في قطاع النفط والغاز بشكل جيد، حيث يتبنى جميع شركات الطاقة الكبرى تقريبا الذكاء الاصطناعي، وغيره من التقنيات المبتكرة لتحسين عملياتها. في الأعوام الثلاثة الماضية وحدها، تم تقديم وتسجيل أكثر من 523 ألف براءة اختراع في مجال صناعة النفط والغاز، وفقا لتقرير آفاق تكنولوجيا البيانات العالمية حول الذكاء الاصطناعي.

ينظر إلى الذكاء الاصطناعي الآن على أنه عامل تغيير في صناعة النفط والغاز، حيث يستخدم لتقليل التكاليف التشغيلية، تحسين الاستدامة، وتسريع العمليات. وفقا لبعض الدراسات، من المتوقع أن يزداد استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز بمعدل نمو سنوي مركب يقدر بأكثر من 10% بين 2022 و2027، مدفوعا بالحاجة إلى خفض تكاليف الإنتاج والصيانة، ارتفاع الطلب على معايير الأمان والسلامة، زيادة تبني التقنيات المتقدمة في القطاع، وارتفاع الاستثمارات والابتكار السريع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وأظهر استطلاع أجرته شركة إرنست ويونج أخيرا، أن 92% من شركات النفط والغاز تستثمر في الذكاء الاصطناعي أو لديها خطط للقيام بذلك خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وتقدر الشركة حجم الذكاء الاصطناعي في سوق النفط والغاز في 2023 بنحو 2.4 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 4.2 مليار دولار بحلول 2028، أي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 12.0%. بالفعل، دمج الذكاء الاصطناعي في قطاع النفط والغاز لديه القدرة على إحداث ثورة في العمليات، وتحسين استخراج الموارد، وتعزيز السلامة.

تقنيات الثورة الصناعية الرابعة

تعد أرامكو من الشركات الرائدة في المجال الرقمي، وتستغل منطقة الذكاء الاصطناعي ضمن مركز الثورة الصناعية الرابعة في إحداث نقلة في قطاع النفط والغاز. وتستهدف الشركة من تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل الروبوتات، تعزيز السلامة والكفاءة التشغيلية، مع العمل على الحد من الانبعاثات. على سبيل المثال، أسهم برنامج الذكاء الاصطناعي للشركة في جمع البيانات وتحليلها في التمييز بين حرق المواد الهيدروكربونية والمواد غير الهيدروكربونية، ما يساعد المشغلين على معرفة متى ينتج غاز الهيدروجين من الآبار، بدلا من الميثان، ما يتيح استخلاص غاز الهيدروجين واستخدامه بدلا من حرقه. 

يمكن تطبيق الذكاء الاصطناعي بعدة طرق في صناعة النفط والغاز، مثل مراقبة السلامة وتحسينها، أو زيادة الأداء التشغيلي، أو تقديم رؤى وتوقعات. يمكن أن يؤدي أيضا إلى تحسين إدارة سلسلة التوريد بشكل كبير، مع إمكانية تقليل الأخطاء بنسبة تراوح بين 20 و50%. وينظر إلى هذا على أنه ذو أهمية متزايدة في أعقاب اضطرابات سلسلة التوريد في أثناء جائحة كورونا وبعدها، التي شهدت زيادات في التكلفة والوقت.

كما هي الحال في مجالي النفط والغاز، يتم اعتماد الذكاء الاصطناعي في مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها لتحسين الكفاءة من خلال قدر أكبر من التشغيل الآلي. في الوقت الذي تتطلع فيه شركات الطاقة إلى رقمنة عملياتها، فمن المرجح أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا رائدا في تحول الطاقة في المستقبل.

في الأعوام الأخيرة، اعتمدت صناعة الطاقة تقنية الذكاء الاصطناعي لدعم اتخاذ القرار الآلي والمساعدة في اتخاذ القرار. الأول هو عندما تقوم أنظمة الكمبيوتر بمعالجة المعلومات بشكل مستقل، دون تدخل بشري. ويعني هذا في الأغلب أنه يمكن إكمال المهام بشكل أسرع وأكثر كفاءة مما يتطلبه الأمر عندما يحتاج الأمر إلى قرار بشري، حيث يمكن للآلة إجراء تغيير فوري. ومع ذلك، يتطلب بعض المشكلات تدخلا بشريا أكبر لتحديد الاستجابة الصحيحة، وفي هذه الحالة، يمكن أن تكون المساعدة على اتخاذ القرار مفيدة.

يساعد الخوارزميات على مستوى المخاطر

يلعب الذكاء الاصطناعي أيضا دورا رئيسا في التوقعات المستقبلية. يمكن أن يساعد استخدام الخوارزميات المعقدة الشركات على تحديد مستوى المخاطر التي ينطوي عليها مشروع جديد للطاقة، وتوقع إنتاج الطاقة من أنواع مختلفة من المصادر المتجددة في ظروف مختلفة، والتنبؤ بالطلب على الطاقة في أوقات مختلفة من اليوم وفي مواقع مختلفة.

يمكن للتكنولوجيا التي توفر المراقبة والتقييم المستمرين أن تساعد الشركات على منع حالات الفشل أو الحاجة إلى إيقاف العمليات، من خلال توقع التحديات المحتملة والاستجابة لها على الفور. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد استخدام نماذج الطقس، البيانات التاريخية، ومعلومات الطقس في الوقت الفعلي، الشركات على التنبؤ بموعد حدوث عاصفة أو موجة حارة لتكييف عملياتها للاستعداد إلى التغير في الطقس.

إحدى الطرق الرئيسة التي سيدعم بها الذكاء الاصطناعي التحول الفاعل للطاقة هي من خلال إدارة الشبكة، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي تحليلات البيانات لتقدير مستوى استهلاك الطاقة عبر المنازل في أي منطقة معينة. ويأخذ في الحسبان مجموعة متنوعة من العوامل مثل الوقت من العام، وأوقات الذروة وخارجها، والظروف الجوية. يمكن أن يساعد ذلك شركات الطاقة على أن تكون على دراية مستمرة بالاستخدام المحتمل للكهرباء في الأيام المقبلة، وإدارة الشبكة وفقا لذلك وتجنب انقطاع التيار الكهربائي. ويمكن أيضا تغيير الإنتاج استجابة لتوقعات الاستخدام لتلبية الطلب وتجنب الهدر. إن نشر تقنية الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات عمليات الطاقة يمكن أن يؤدي أيضا إلى تعزيز ممارسات الصيانة بشكل كبير.

بالفعل، تجري عملية رقمنة قطاع الطاقة على قدم وساق، حيث تقوم جميع شركات النفط والغاز والطاقة المتجددة تقريبا، بدمج مجموعة واسعة من التقنيات المبتكرة في عملياتها، من أجل زيادة الكفاءة واستقرار الإنتاج وخفض التكاليف. تسمح تقنيات الذكاء الاصطناعي لشركات الطاقة بالتنبؤ بمجموعة من السيناريوهات، وضمان إنتاج طاقة موثوق بها للمستهلكين، والتكيف مع التغييرات المتوقعة، وفي الوقت الحقيقي، لتهيئة الظروف المثلى للإنتاج. نقلًا عن “العربية”.

استهلاك طاقة

تهدد احتياجات الذكاء الاصطناعي الشرهة للطاقة لإجراء عمليات الحوسبة باستهلاك طاقة هائلة من الكهرباء، مما يستدعي من الصناعة تغيير نهجها في التعامل مع هذه التقنيات، وفقا لما ذكره رينيه هاس، الرئيس التنفيذي لشركة "أرم" (ARM)، بحسب تقرير في بلومبيرغ.

وأضاف هاس أنه بحلول عام 2030، من المتوقع أن تستهلك مراكز البيانات حول العالم طاقة كهربائية أكثر من تلك التي تستهلكها دولة الهند، وهي أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان. وأشار إلى أن إيجاد سبل لتفادي تضاعف استخدام الطاقة المتوقع 3 مرات يعد أمرا بالغ الأهمية إذا كان الذكاء الاصطناعي سيحقق وعده المنتظر في المستقبل.

وقال هاس في مقابلة أجريت معه "لا نزال في بدايات هذه الأنظمة من حيث القدرات. ولكي تتطور أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الأفضل، ستحتاج إلى مزيد من التدريب، وهي مرحلة تتضمن تزويد البرمجيات بكثير من البيانات، وهو ما سيصطدم بحدود الطاقة المتاحة لدينا".

ينضم هاس إلى مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يحذرون من الآثار السلبية التي قد يسببها الذكاء الاصطناعي على البنية التحتية حول العالم.

ولكنه يهتم كذلك بتحول الصناعة أكثر نحو تصميمات شرائح "أرم" التي بدأت تكتسب مكانة أكبر في مراكز البيانات. فقد طورت الشركة تقنيتها، المنتشرة فعلا في الهواتف الذكية، لتستخدم الطاقة بكفاءة أكبر من الشرائح التقليدية للخوادم في مراكز البيانات. نقلًا عن “الجزيرة نت”.

الطاقة المتجددة

يبرز دور الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة المتجددة كرفيق ومنقذ للبشر، كما يصفه أستاذ الذكاء الاصطناعي في الجامعة الأردنية إبراهيم الجراح، إذ يساهم في أن يدرك الإنسان المناخ الذي يعيش به ويسانده في مواجهة التحديات التي لا يمكن أن تخطر على باله.

وأكد الجراح في حديث أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة المتجددة يساهم في الحصول على مؤشرات وتنبؤات مستقبلية تساعد في إنتاج طاقة الرياح التي تعتمد على تحليل بيانات ومعلومات الطقس، وإنتاج الطاقة الشمسية والتنبؤ بحجم الإنتاج بدقة كبيرة.

كما يساهم في زيادة كفاءة وجود عمل الطاقة المتجددة، ويمكن لخوارزمياتها أن تحسّن تشغيل وصيانة البنية التحتية للطاقة المتجددة، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة عمرها الافتراضي وخفض التكاليف الإجمالية، وذلك عبر التنبؤ بالوقت المحدد لصيانة المراوح التي تعمل في إنتاج طاقة الرياح أو مزارع الطاقة الشمسية من خلال طائرات من دون طيار التي يمكن أن تحلق فوق تلك المراوح، وفق الجراح.

وينتج عن توظيف تلك الخوارزميات التقليل من انبعاثات الكربون، مما يضمن استخدام الطاقة النظيفة إلى أقصى إمكاناتها، وبجانب ذلك تستخدم لتحسين كفاءة الاستخدام البيئي للموارد، عبر تشغيل وتطوير أنظمة وبنى تحتية ذكية تحد من هدر الطاقة. وفقًا لموقع “الجزيرة نت”.

فرص مهمة

أكد الدكتور سلطان الجابر، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ"أدنوك" الإماراتية ومجموعة شركاتها، خلال زيارته مقر شركة مايكروسوفت في الولايات المتحدة الأميركية، على أهمية تركيز الشركات على الاستفادة من التكامل بين قطاع الطاقة والذكاء الاصطناعي لبناء مستقبل منخفض الكربون وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام.

والتقى الدكتور سلطان الجابر خلال الزيارة مع براد سميث، نائب رئيس مجلس الإدارة رئيس شركة مايكروسوفت حيث سلّط الضوء، خلال البودكاست الذي شاركا فيه، على حجم الطاقة اللازمة لتمكين العالم من تحقيق طموحاته في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأوضح الدكتور سلطان الجابر، وهو أيضا وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، أن تسخير قوة الذكاء الاصطناعي يتيح لقطاع الطاقة فرصاً مهمة لبناء شراكات متنوعة عبر قطاعات مختلفة، وإحداث نقلة نوعية في طريقة عمله من خلال استخدام التقنيات الرائدة للذكاء الاصطناعي للمساهمة في الحدّ من الانبعاثات، وتعزيز معايير السلامة.

وقال: "أمامنا فرصة استثنائية تعد الأهم منذ الثورة الصناعية الأولى، وعلينا استغلالها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة".

نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، عن الدكتور سلطان الجابر قوله إن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى الطاقة والطاقة تحتاج إلى الذكاء الاصطناعي، مضيفا "دعونا نتعاون لخفض انبعاثات الطاقة التقليدية التي سنظل بحاجة إليها، وعلى الطرق التي يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها تعزيز كفاءة استخدام الطاقة".

وتهدف "أدنوك" إلى ترسيخ مكانة رائدة لنفسها كأكثر شركة طاقة اعتماداً على الذكاء الاصطناعي في العالم.

وفي عام 2023 وحده، حققت أدنوك قيمة إضافية قدرها 1.84 مليار درهم من خلال نشر حلول الذكاء الاصطناعي والاستفادة من إمكانات التحول الرقمي والحلول التكنولوجية بدءاً من غرف التحكم والعمليات، وصولاً إلى غرف اجتماعات الإدارة التنفيذية.

يذكر أن الدكتور سلطان الجابر وبوصفه رئيسا لمؤتمر الأطراف COP28 حقق نجاحا باهرا في مفاوضات COP28 العام الماضي، وقاد ببراعة وحكمة أجندة أعمال دقيقة راعت التنوع والتوسع في القضايا والملفات المختلفة المرتبطة بشكل وثيق الصلة بقضايا المناخ، مشددا على الأهمية الواسعة لمواجهة هذا التحدي الكوني الذي يهدد كوكبنا، كما نجح في التوصل لتوافقات دولية حول العديد من الملفات.

وتضمنت الاتفاقيات المبرمة في دبي أول تعهد عالمي بالابتعاد عن الوقود الأحفوري والالتزام بمضاعفة توليد الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030. نقلاً عن “سكاي نيوز عربية”.

رحلة التحول في قطاع الطاقة

وسط المشهد الديناميكي لقطاعات الطاقة والمواد، أصبح الدمج بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل التالي عاملاً محورياً في رحلة تحول المجالات التقنية والتجارية، ويوماً بعد يوم يزداد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لزيادة الكفاءات، ودفع الابتكار، ومواجهة التحديات المعقدة التي تواجه هذه القطاعات.

ويؤكد التقرير الأحدث الصادر عن شركة ماكينزي للاستشارات الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها الذكاء الاصطناعي لإحداث ثورة في العمليات عبر جميع مراحل سلسلة القيمة الخاصة بالطاقة والمواد.

فمن الاستكشاف والإنتاج إلى التكرير والتوزيع، تعمل الحلول المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تعزيز عمليات صنع القرار، وتحسين أداء الأصول، وتخفيف المخاطر.

ويمكن للشركات الاستفادة من الرؤى القائمة على البيانات لتحسين عملية تخصيص الموارد، وتقليل أوقات التوقف عن العمل، وتحسين معايير السلامة، وذلك عبر استخدام التحليلات المتقدمة وخوارزميات التعلم الآلي،

استخدام الذكاء الاصطناعي  

أحد المجالات الرئيسية التي يحقق فيها الذكاء الاصطناعي نجاحات كبيرة هو الصيانة التنبؤية.

ومن خلال الاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات في الوقت الفعلي من أجهزة الاستشعار والمعدات، يمكن للشركات تحديد الأعطال المحتملة بشكل استباقي وجدولة أنشطة الصيانة قبل حدوث اضطرابات مكلفة.

ولا يؤدي هذا النهج التنبؤي إلى تقليل وقت التوقف عن العمل فحسب، بل يعمل كذلك على إطالة عمر الأصول الحيوية، ما يؤدي إلى توفير كبير في التكاليف والكفاءة التشغيلية.

علاوة على ذلك، يقود الذكاء الاصطناعي الابتكار في مجال الطاقة والمواد من خلال تطوير الأنظمة المستقلة والروبوتات.

ففي قطاع التعدين، على سبيل المثال، تعمل شاحنات النقل وأجهزة الحفر المستقلة التي تعمل بخوارزميات الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في عمليات التعدين التقليدية، وتحسين الإنتاجية، وتعزيز معايير السلامة.

وبالمثل في قطاع الطاقة، يتم نشر الطائرات بدون طيار والروبوتات التي تدعم الذكاء الاصطناعي للقيام بمهام التفتيش والصيانة في البيئات الصعبة، ما يقلل من تعرض العمال للمخاطر ويضمن الامتثال التنظيمي بشكل أفضل.

وتتفق وكالة الطاقة الدولية مع هذه الرؤية، إذ تؤكد العلاقة التكافلية بين الذكاء الاصطناعي والطاقة، وسلطت الوكالة الضوء على كيفية عمل تقنيات الذكاء الاصطناعي على إعادة تشكيل مشهد الطاقة من خلال تحسين إنتاج الطاقة وتوزيعها واستهلاكها.

ومن خلال تسخير التحليلات التنبؤية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، يمكن لشركات الطاقة التنبؤ بالطلب بشكل أكثر دقة، وتحسين جداول توليد الطاقة، ودمج مصادر الطاقة المتجددة بشكل أكثر فاعلية في الشبكة.

علاوة على ذلك، يعمل الذكاء الاصطناعي على تسهيل ظهور أنظمة الطاقة الذكية، ما يتيح مراقبة شبكات الطاقة وتحسينها في الوقت الفعلي.

ومن خلال نشر أنظمة إدارة الطاقة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وتقنيات الاستجابة للطلب، يمكن للمرافق الموازنة بين العرض والطلب، وتقليل هدر الطاقة، وتعزيز استقرار الشبكة.

لا يؤدي هذا النهج الذكي لإدارة الطاقة إلى تحسين الكفاءة فحسب، بل يدعم كذلك الانتقال إلى نظام بيئي أكثر استدامة ومرونة في مجال الطاقة.

لكن رغم أن الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة والمواد لا يمكن إنكارها، فإن شركة ماكينزي ووكالة الطاقة الدولية تحذران من التحديات التي تنطوي عليها تلك التقنيات، إذ تعد خصوصية البيانات والأمن السيبراني والاعتبارات الأخلاقية من الاهتمامات القصوى التي تتطلب اهتماماً دقيقاً عندما تتبنى الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي.

بالإضافة لذلك، يعتمد نجاح مبادرات الذكاء الاصطناعي على المواهب الماهرة، والبنية التحتية القوية، والاستعداد التنظيمي، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى استثمارات استراتيجية وشراكات تعاونية.

أمثلة ملموسة

في حين أن إمكانات الذكاء الاصطناعي في أنظمة الطاقة لا يمكن حصرها، فهناك العديد من الأمثلة الملموسة التي يمكن الإشارة إليها في هذا الصدد، على سبيل المثال تعمل منصة بريديكس التابعة لشركة جنرال إلكتريك على تسخير الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين أداء محطات الطاقة والمرافق الصناعية، وبالمثل قامت شركة DeepMind من غوغل بتطوير خوارزميات تعمل على تعزيز كفاءة أنظمة تبريد مراكز البيانات، ما يقلل من استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 40 في المئة.

علاوة على ذلك، تعد الشركات الناشئة مثل «AutoGrid» رائدة في حلول إدارة الطاقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ما يمكّن المرافق من تحسين عمليات الشبكة ودمج مصادر الطاقة المتجددة بسلاسة.

ويؤكد تقرير ماكينزي أن الدمج بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل القادم يعمل على إعادة تشكيل صناعات الطاقة والمواد، وفتح فرص جديدة للنمو والكفاءة والاستدامة.

وبينما تتنقل الشركات في هذا المشهد المتطور، سيكون تبني الحلول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على قدرتها التنافسية وتشكيل مستقبل الطاقة والمواد. نقلاً عن “الاقتصادية “CNN.

تحذيرات من استهلاك الذكاء الاصطناعي 

أفاد تقرير حديث بأن منصة ChatGPT تستهلك نصف مليون كيلو وات من الكهرباء للرد على 200 مليون استفسار يومياً، وهو ما يعادل 17 ضعف ما يستهلكه المنزل في الولايات المتحدة، والذي يصل إلى 29 ألف كيلو وات.

وذكر موقع "ذا نيويوركر"، في تقرير، أنه مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وزيادة تعقيدها، وتباينها على نطاق واسع، فإن استهلاك الطاقة سيتضاعف.

وذكرت دراسة أجراها الباحث في البنك القومي الهولندي، أليكس دي فريز، أن منصة جوجل ستحتاج إلى 29 مليار كيلو وات سنوياً، إذا قررت استخدام الذكاء الاصطناعي في كل عملية بحث عبر محركها "جوجل سيرش"، مؤكداً أن هذا القدر الهائل من الطاقة يفوق الاستهلاك السنوي من الطاقة لدول، مثل كينيا وكرواتيا وجواتيمالا.

وأشار فريز، إلى أن كل خادم من الخوادم التي تشغل أنظمة الذكاء الاصطناعي يستهلك طاقة تفوق ما تحتاج إليه أكثر من 12 منزل في المملكة المتحدة.

وقال، في تصريحات لموقع "بيزنس إنسايدر"، إن "الذكاء الاصطناعي من أكثر الأنشطة الرقمية استهلاكاً للطاقة، وهذا الكم من الاستهلاك سيتزايد بشكل سريع".

وتوقع الباحث في دراسته، أن يتراوح استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة بحلول 2027، بين 85 و134 تيرا وات للساعة (التيرا تساوي مليار كيلوات)، اعتماداً على إحصائيات نشرتها شركة "نفيديا".

وأضاف: "بعد 3 سنوات من الآن، سيكون استهلاك الذكاء الاصطناعي من الطاقة الكهربائية يساوي 0.5% من الاستهلاك العالمي سنوياً، وهو ما يُعد نسبة ضخمة".

وذكر موقع "بيزنس إنسايدر"، أن متوسط الاستهلاك الحالي للشركات التقنية من الطاقة يبلغ ثُمن توقعات دي فريز بشأن استهلاك الذكاء الاصطناعي بحلول 2027، موضحاً أن جوجل تستهلك 12 تيرا وات كل ساعة سنوياً، ومايكروسوفت 10 تيرا وات، بينما تستهلك سامسونج 23 تيرا وات، لتشغيل مراكز بياناتها وشبكاتها وأجهزة المستخدمين، بحسب تقرير حديث لشركة "كونسيومر إينيرجي سوليشنز". نقلاً عن “الشرق للأخبار”.

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد