تكدس السيارات الكهربائية في المخازن رغم انخفاض الأسعار

موقع الطاقة

2023-11-12 05:51

بقلم: أسماء السعداوي

سجل الطلب على السيارات الكهربائية سقوطًا مدويًا مقارنة بالعام الماضي (2022)؛ وهو ما دفع شركات عالمية إلى التدخل بصورة عاجلة لمواجهة تراكم المخزون، وأخذ خطوة للوراء فيما يتعلق بالإنتاج.

وبينما يبحث المستهلكون عن تقليل الفارق بين سعر السيارة الكهربائية المرتفع ونظيرتها التقليدية العاملة بالبنزين، لجأت شركات تصنيع السيارات الكهربائية إلى تقديم عروض جذابة لجعل إنتاجها ألمع بريقًا في عيون المشترين، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وقررت عدة شركات -وعلى رأسها تيسلا (Tesla) الأميركية، وهيونداي موتور (Hyundai Motor) الكورية الجنوبية، وفورد موتور (Ford Motor) الأميركية- تقديم حسومات نقدية تصل إلى 7 آلاف و500 دولار على بعض الطرازات خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري (2023).

وبينما لجأت شركات إلى إبرام عقود إيجار للسيارات الكهربائية بأقساط شهرية منخفضة، أو بآجال قصيرة لجذب المستهلكين، قدمت أخرى عروضًا بأسعار فائدة منخفضة.

وتحمل تلك الحسومات التي قد يعدّها المستهلكون فرصة، خسائر للشركات والوكلاء الذين يعتمدون على القروض المصرفية لتمويل أعمالهم التجارية، كما تخفض قيمة أرباحهم.

إلا أن مديرين تنفيذيين من داخل الصناعة يقولون إنها ضرورية، لأن المشترين أصبحوا أقل استعدادًا للدفع من أجل شراء سيارة كهربائية، ولأنه كلما طالت مدة بقاء السيارات دون بيع تنخفض أرباحها المحتملة، وفق تقرير نشرته صحيفة "ذا وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal).

حسومات مغرية

تُعد السيارات الكهربائية أحد أبطأ المنتجات مبيعًا حاليًا، وفي شهر سبتمبر/أيلول 2023 استغرق بيع سيارة كهربائية واحدة شهرين، مقابل نحو شهر لنظيرتها العاملة بالبنزين، و3 أسابيع فقط للهجينة العاملة بالبنزين والكهرباء، وفق بيانات حسب موقع إدموندس (Edmunds) المتخصص.

وتساعد الحسومات في خفض تكلفة السيارات الكهربائية التي بيعت في المتوسط بنحو 50 ألفًا و683 دولارًا في سبتمبر/أيلول 2023، بانخفاض عن أكثر من 65 ألفًا في العام الماضي، بحسب بيانات شركة "كوكس أوتوموتيف" (Cox Automotive).

وخفّضت عملاقة صناعة السيارات الأميركية تيسلا أسعار بيع طرازاتها خلال هذا العام (2023)، ليتراجع السعر المبدئي لبعض الطرازات إلى الثُلث تقريبًا.

بدورها، قللت شركة فورد موتور سعر سيارتها الدفع الرباعي الكهربائية "موستانغ ماخ" (Mustang Mach) مرتين خلال هذا العام أيضًا.

ويقول تجار ومديرون تنفيذيون لشركات السيارات، إن المشترين أصبحوا أقل رغبة في دفع أموال أكثر لشراء سيارة كهربائية، ولذلك فالحسومات ضرورية.

وعادة ما يلجأ صناع السيارات إلى الحسومات لاقتناص حصة سوقية أو بيع طرازات لا تحظى بشعبية، إلا أنهم يتكبدون خسائر، لأن تلك الحسومات تقلل الأرباح، وقد تضر بقيمة تلك الطرازات عند إعادة بيعها من قبل المشترين.

وخلال فترة جائحة كورونا، لم تلجأ الصناعة إلى تلك الإجراءات، لأنه -جزئيًا- لم يكن هناك ما يكفي داخل المخازن.

وإلى الآن ما زالت هناك قيود على الإنفاق على الحوافز والعروض الترويجية، من أجل الإبقاء على الأرباح مرتفعة.

كما تواجه صناعة السيارات الكهربائية قيودًا أخرى تتعلق بالإعفاء الضريبي بقيمة 7 آلاف و500 دولار لمشتريها وبطء الطلب عمومًا، وهو ما تزامن مع وجود تحديات أخرى مثل توفر نقاط الشحن.

وبموجب قواعد الدعم الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل/نيسان المنصرم (2023)، أصبح عدد طرازات السيارات الكهربائية المؤهلة للحصول على الإعفاء الضريبي بموجب قانون خفض التضخم بقيمة 7 آلاف و500 دولار، محدودًا.

ولتعويض ذلك الدعم، لجأت الكثير من الشركات المتضررة إلى تقديم حوافز بقيمة المبلغ نفسها.

ويتزامن ذلك القيود، مع تسبب تخفيضات شركة تيسلا، في الضغط على نظيراتها الأخرى للقيام بالمثل.

وبالفعل، قدمت شركة فورد حسمًا بقيمة 7 آلاف و500 دولار، إلى جانب إعفاء ضريبي إضافي على شاحنتها الكهربائية البيك أب، طراز إف-150 لايتنينغ (F-150 Lightning).

وأعلنت شركة فولكسفاغن (Volkswagen) الألمانية عن طرح عقد إيجار لسيارة الدفع الرباعي الكهربائية آي دي. 4 (ID.4) دون دفعة مقدمة.

ويقول المدير المالي لشركة فورد، جون لولر: "رأينا انخفاض الأسعار بصورة أسرع بكثير من توقعاتنا".

وفي المتوسط، حصل كل مشترٍ لسيارة كهربائية على حسم بقيمة 2000 دولار خلال شهر سبتمبر/أيلول المنصرم (2023) مقارنة بالعام الماضي عندما دفعوا مبلغ أكبر بمقدار 1500 دولار، بحسب موقع إدموندس.

تحديات خطيرة

تهدد موجة الحسومات بتفاقم المشكلات التي تتعرض لها الشركات الناشئة التي تتكبد خسائر، إذ إنها تستنزف سريعًا أموالها المتبقية.

وخفّضت شركة لوسيد غروب (Lucid Group) لصناعة السيارات الكهربائية الفارهة في أغسطس/آب 2023 أسعارها بما يصل إلى 13 ألف دولار، في خطوة وصفها محللون بأنها علامة على ضعف الطلب.

كما قالت شركة فيسكر (Fisker) الناشئة في صناعة السيارات الكهربائية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إنها خفضت سعر بيع سيارة الدفع الرباعي أوشن إكستريم (Ocean Extreme) رغم أنه طراز جديد وطُرح للبيع في هذا العام، بمقدار 7 آلاف و500 دولار، في خطوة قالت إنها جاءت استجابة إلى "الحقائق التنافسية".

يُشار هنا إلى أن سيارات شركة فيسكر غير مؤهلة للحصول على الدعم الحكومي، لأنها تُنتج خارج الولايات المتحدة.

بدورهم، حلل تجار الوضع بقولهم إن جزءًا من المشكلة يرجع إلى أن المجموعة الأكثر ثراءً من مستعملي السيارات الكهربائية قد اشتروا، إلا أن الصناعة في الوقت الحاضر أمام مجموعة أكثر تحفظًا من المشترين المحاصرين بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتكاليف.

ويقول المحلل في موقع إدموندس، جوزيف يون: "أعتقد أنه كان هناك سوء تقدير بشأن حجم الطلب ومدى الإقبال على السيارات الكهربائية".

وعلى صعيد آخر، يمثّل تباطؤ الطلب على السيارات الكهربائية مشكلة بالنسبة إلى الشركات التي ضخت مليارات الدولارات لإنشاء مصانع البطاريات والسيارات الكهربائية الجديدة، إلا أن تلك الاستثمارات كانت في وقت ارتفاع الطلب، وكانت قوائم انتظار المبيعات طويلة.

كل ذلك تسبّب في اتخاذ بعض صناع السيارات خطوة إلى الوراء، لمنع تكدس السيارات الكهربائية لدى الوكلاء.

وقالت شركة جنرال موتورز (General Motors) الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إنها ستؤجل افتتاح مصنعها لإنتاج الشاحنات الكهربائية إلى نهاية عام 2025، أي بعد عام من الموعد المقرر.

كما قالت شركة فورد في الشهر الماضي، إنها ستقلل عدد نوبات العمل في مصنع لإنتاج شاحنتها الكهربائية إف-150 لايتنينغ، وبحسب وثيقة فمن المحتمل إلغاء الإنتاج كليًا بسبب تراجع الطلب.

ويتوقع مسؤولون وتجار بأن تستمر الحسومات خلال الوقت الحالي، خاصة على عروض إيجار السيارات الكهربائية التي أصبحت خيارًا شائعًا.

ويؤكد رئيس شركة سونيك أوتوموتيف (Sonic Automotive) للبيع بالتجزئة، جيف ديك، إن الحسومات وسيلة مكلفة لتعزيز الطلب، إلا أنه تساءل: "هل تظل باقية إلى الأبد؟ الإجابة لا، سيتعيّن على الشركات البحث عن سبل لجعل تلك الأشياء أرخص".

ذات صلة

مصائر الظالمينترامب يصدم العالم.. صنعنا التاريخفوز ترامب.. فرح إسرائيلي وحذر إيراني وآمال فلسطينيةالنظامُ التربوي وإشكاليَّةُ الإصلاح والتجديدالتأثير البريطاني على شخصية الفرد العراقي