من صالة لعرض الأعمال الفنية في أبوظبي إلى تجارة لقاحات كوفيد-19
وكالات
2021-04-27 01:30
من مكتب صغير في إحدى البنايات الشاهقة في أبوظبي تدير الأوكرانية ناتاليا موزاليفا وزوجها المجري استفان بيرجر صالة لعرض الأعمال الفنية ووكالة عقارية وشركة لخدمات حقول النفط، والآن اتجه الزوجان إلى نشاط جديد يتمثل في بيع لقاحات كوفيد-19 في أوروبا، فقد كتبت موزاليفا اقتراحا وأرسلته إلى السفير التشيكي لدى الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 24 فبراير شباط واطلعت عليه رويترز تعرض فيه شراء وبيع ما لا يقل عن مليون جرعة من لقاح كوفيشيلد الذي تنتجه شركة الأدوية الإنجليزية السويدية أسترا زينيكا لصالح جمهورية التشيك، وقالت في الاقتراح إن اللقاحات سيتولى توريدها شريك لم تذكر اسمه من مصانع أسترا زينيكا في بريطانيا والهند وإن التسليم سيتم خلال 45 يوما من استلام الثمن. بحسب رويترز.
ورغم أن الحكومة التشيكية لم تقبل هذا العرض فقد خرج للنور في الثالث من مارس آذار عندما قال رئيس الوزراء أندريه بابيش في مؤتمر صحفي إنه لن يدعم "السوق السوداء" وذكر موزاليفا بالإسم، وقالت موزاليفا عند الاتصال بها على هاتفها المحمول إنه لم يتم إبرام صفقة لكنها امتنعت عن الخوض في هذا الأمر. ولم ترد على أسئلة مكتوبة أرسلت إليها فيما بعد، وبعد أن كشفت الحكومة التشيكية عن هذا العرض على الملأ قالت أسترا زينيكا إنه يجب ألا تكون هناك صفقات عن طريق القطاع الخاص لبيع اللقاح أو لتوزيعه في أوروبا، ولم ترد الشركة على طلبات للتعليق على الاقتراح الذي تقدمت به موزاليفا.
ولم يرد المكتب الإعلامي لحكومة أبوظبي عندما سئل عما إذا كانت السلطات على علم بالعرض الذي قدمته موزاليفا أو ما إذا كانت السلطات قد أجرت تحقيقا في الأمر، وتوفر رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلتها موزاليفا ولم يسبق نشر أي شيء عن تفاصيلها فرصة أخرى للتعرف على كيفية محاولة أفراد من القطاع الخاص الاستفادة ماديا من عرض بيع كميات من اللقاح لدول وسط النقص العالمي في المعروض منها وانتشار الإصابات.
وفي ألمانيا قالت الحكومة إنها تلقت عدة عروض للحصول على اللقاحات عن طريق وسطاء. وكان ردها على ذلك هو إبلاغ الشركة المصنعة والمفوضية الأوروبية وفي بعض الحالات سلطات إنفاذ القانون الدولية.
وقال وزير الصحة ينس شبان في مؤتمر صحفي في برلين في التاسع من إبريل نيسان عن جهود مكافحة فيروس كورونا "هذه الجائحة تخلق جوا أشبه بالتهافت على تحقيق الثروات يحاول فيه الناس إبرام أي شكل من أشكال الصفقات".
وأضاف ردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة قد استقبلت اقتراحات غير رسمية للحصول على اللقاحات وكيف تعاملت معها "حكومتنا تشتري حصريا من الشركات المصنعة"، وقال المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال التابع للاتحاد الأوروبي إن أكثر من عشر دول أوروبية أبلغت عن تلقيها عروضا من وسطاء لبيع كميات كبيرة من اللقاحات في حالات يبدو أن الهدف فيها كان الحصول على دفعة تحت الحساب قبل الاختفاء بالأموال.
وقال المكتب ردا على أسئلة لرويترز إن تعاملات مثل هؤلاء الوسطاء كانت خاملة أو أنهم كانوا يتعاملون بأنواع مختلفة للغاية من السلع حتى عهد قريب. وامتنع عن بحث حالات بعينها، وأضاف المكتب أن هؤلاء الوسطاء غالبا ما يكونون في دول ثالثة خارج الاتحاد الأوروبي "من أجل زيادة صعوبة الكشف عن هوياتهم والتحقيق في الأمر".
ولاحظ المكتب محاولات للاحتيال أو عروضا زائفة لبيع حوالي مليار جرعة من اللقاحات مقابل حوالي 14 مليار يورو (17 مليار دولار). وقال إنه لم يصل إلى علمه أن إحدى الحكومات دفعت مبلغا من المال مقابل عرض زائف.
رسالة موزاليفا
صيغت رسالة البريد الإلكتروني التي كتبتها موزاليفا بعبارات متكلفة باللغة الإنجليزية واحتوت على أخطاء في استخدام علامات الترقيم، وأحالت السفارة التشيكية رويترز إلى وزارة الخارجية في براغ، وقالت متحدثة باسم الوزارة "السفارة اعتبرت أن العرض يحظى بمصداقية أيضا لأنها تلقت إشارات إيجابية (عن العرض) من قيادة السفارة المجرية".
ولم تستطع رويترز التحقق من مصدر مستقل من هذا الأمر. ولم ترد السفارة المجرية في أبوظبي ولا الحكومة المجرية على طلبات للتعليق، قدمت موزاليفا العرض بصفتها المدير المالي لشركة مسجلة في أبوظبي باسم شركة الاستخراج المعزز الشرق الأوسط.
وتغطي رخصة الشركة خدمات النفط والغاز والتجارة العامة والاتجار في الشاي والأدوية البديلة والمكملات الغذائية وذلك وفقا لما ورد في سجل الشركات الذي لم ترد فيه تفاصيل عن أصحاب الشركة، وطلبت موزاليفا أن تدفع السلطات التشيكية المبلغ بالكامل مقدما مقابل ضمان من بنك دبي التجاري أو بنك أبوظبي الأول أو دفع مقدم يبلغ 25 في المئة والباقي عند التسليم. ولم يرد أي من البنكين على طلبات للتعليق.
ويطابق عنوان الصندوق البريدي بأبوظبي الذي ذكرته موزاليفا للشركة عنوان قاعة لعرض الأعمال الفنية تعرض فيها أساسا أعمال أوكرانية وهو أيضا عنوان وكالة عقارية. ويدير الوكالة زوجها بيرجر وفقا لما قاله لرويترز اثنان من العاملين بالوكالة أحدهما ترك العمل فيها، وأضافت موزاليفا عنوان البريد الإلكتروني لبيرجر في الرسالة كما ورد اسمه على أنه من سيستقبل رسالة نوايا أرسلتها تطلب فيها من السلطات التشيكية توقيعها للحصول على اللقاحات. ولم يرد بيرجر على على أسئلة مكتوبة أو طلب للتعليق أرسل إليه عن طريق العاملين بالشركة، وقد عانت جمهورية التشيك بشدة من الجائحة إذ أن عدد الوفيات فيها من جراء الإصابة بكوفيد-19 هو أعلى عدد في العالم بالنسبة لعدد السكان وفقا لموقع "أور ورلد إن داتا" (عالمنا بالبيانات)، واستخدمت جمهورية التشيك 2.47 مليون جرعة من اللقاحات.
وأظهرت أرقام وزارة الصحة أنها أعطت 15 في المئة من السكان جرعة أولى من اللقاحات وأنه تم تحصين ثمانية في المئة بالكامل، وقال بابيش في معرض شرح فيه أسباب رفض الحكومة التشيكية للعرض في المؤتمر الصحفي الذي عقد في الثالث من مارس آذار إن الحكومة تعهدت بشراء لقاح أسترا زينيكا من الشركة مباشرة، وقال إن العرض مبالغ فيه، وأضاف "إذا كان العرض 22 دولارا للجرعة من لقاح أسترا زينيكا وبوسعنا الشراء بسعر 2.50 دولار تقريبا فلا يمكنني أن آخذه على محمل الجد".