فَعَلَها ترامب: لقاح قبل الانتخابات بيومين!

علي عواد

2020-09-07 06:56

في تطوّر مثير للأحداث، وبعد تشكيك الإعلام الغربي والعديد من الباحثين في إعطاء الدولة الروسية موافقتها على لقاح «سبوتنيك - في» قبل انتهاء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، بدأت الولايات المتحدة الأميركية الترويج لإمكانية توزيع لقاح محتمل ضدّ مرض "كوفيد - 19" بحلول الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، أي قبل يومين من الانتخابات الرئاسية.

جاء ذلك الإعلان عبر "المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها" (CDC)، فيما حضّ مسؤولو الصحة العامة في جميع أنحاء البلاد، المواطنين، على الاستعداد لتوزيع اللقاح في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد نشرت معلومات في هذا الإطار، قبل أن يؤكّدها المركز المذكور آنفاً لشبكة "CNN"، مُعلِناً أنه أرسل طلبات إلى مسؤولي الصحة العامة في المدن والولايات، تتضمّن تفاصيل حول خطط التوزيع الخاصة بلقاحَين محتملين لفيروس كورونا (لم يتمّ ذكر اسميهما)، علماً بأن ثلاثة لقاحات تخضع حالياً للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية. وبحسب المعلومات، ستشمل الجولة الأولى من اللقاحات عمّال الرعاية الصحية وموظفي الأمن القومي وغيرهم من الفئات الأكثر عرضة للخطر، فيما من المحتمل أن يحتاج متلقّو اللقاح إلى جرعة «معزّزة» ثانية بعد أسابيع قليلة من تلقيهم الجرعة الأولى.

وعلى إثر ذلك الإعلان، واجهت "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" (FDA) انتقادات واسعة من المجتمع الطبّي، واتهامات لها بأنها تخضع لضغوط سياسية من الرئيس دونالد ترامب الذي كان يضغط بشدّة من أجل إنتاج لقاح قبل الانتخابات. وكانت بدأت تلك الانتقادات منذ إعلان مفوّض الهيئة، ستيفن هان، لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، نهاية الأسبوع الماضي، أنه مستعدّ لإصدار إذن استخدام طارئ للقاح قبل نهاية المرحلة الثالثة من التجارب البشرية، والتي يتمّ فيها اختبار الفعالية على عشرات الآلاف من البشر، مشيراً إلى أن قراره سيستند إلى ما إذا كانت «الفوائد تفوق المخاطر في حالة طوارئ الصحة العامة».

أما اللافت فهو تصريح الدكتور أنتوني فاوتشي، خبير الأمراض المعدية الرائد في الولايات المتحدة، إذ قال لمحطة "MSNBC" أول من أمس إن «الأمور تسير على ما يرام حقاً»، مضيفاً: «أعتقد أننا سنعلم بحلول نهاية هذا العام، تشرين الثاني/ نوفمبر أو كانون الأول/ ديسمبر، أن لدينا لقاحاً آمناً وفعالاً»، علماً بأن فاوتشي كان من أبرز المشكّكين في قدرة روسيا على إنتاج لقاح والموافقة عليه بمثل هذه السرعة، معتبراً أن ذلك يتعارض مع الأساليب الطبية المعتمدة في صنع اللقاحات، ومعرباً عن تخوّفه من أن تكون روسيا قد قامت بالتفاف معيّن لتسريع الموافقة.

اللقاح الروسي

حتى قبيل ساعات قليلة، لم يكن اللقاح الروسي من ضمن اللقاحات الموجودة على موقع "منظمة الصحة العالمية" الإلكتروني. وقد جاء آخر تحديث للمعلومات في هذا الصدد عبر وكالة «شينخوا» منتصف الشهر الماضي، حيث نقلت عن الدكتور بروس أيلوارد، كبير مستشاري المدير العام للمنظمة، أن الأخيرة ليست لديها معلومات كافية لإصدار حكم في شأن اللقاح الروسي، وأنه تجري حالياً محادثات مع روسيا للحصول على معلومات إضافية. ولكن الجديد اليوم، هو إضافة "الصحة العالمية"، "سبوتنيك-في"، على موقعها الإلكتروني، إلى جانب عدة لقاحات أخرى حول العالم، مع التنبيه إلى أن ذلك لا يعني أن المنظمة تتبنّى أيّ لقاح مذكور في الوثيقة، وأنه تمّ إعداد الوثيقة هذه لغرض نشر المعلومات، التي تُتخذ الخطوات اللازمة للتحقّق من دقتها مع الشركات والكيانات أو الدول.

وتعرض الوثيقة نتائج المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية على لقاح "سبوتنيك-في"، والتي قَدّمها "مركز غماليا للأبحاث" التابع لوزارة الصحة الروسية، فيما المستغرب أن تلك النتائج كان قد نشرها "غماليا" منذ الـ12 من آب/ أغسطس الماضي من دون أن تلقى آنذاك أيّ اهتمام إعلامي. وبحسب المعلومات المذكورة عن اللقاح، فإن عدد الجرعات هو اثنتان لكلّ شخص، وبفارق زمني يبلغ 21 يوماً. كما ثبت أن اللقاح كان آمناً وأوجد استجابة مناعية جيدة. أما المرحلة الثالثة من التجارب السريرية عليه فلم تنتهِ بعد، علماً بأنه سيبلغ عدد المشاركين فيها 40 ألف شخص، على أن تنتهي في الأول من شهر آذار من العام 2021، في حين أن المرحلة الثالثة من التجارب على اللقاح البريطاني ستنتهي في الـ31 من تشرين الأول 2021، وعلى اللقاح الصيني في الـ30 من كانون الأول 2022، وعلى لقاح "مودرنا" الأميركي في الـ27 من تشرين الأول 2022، وعلى لقاح "بفايزر" الأميركي في الـ11 من تشرين الثاني 2022.

تدحض تلك المعلومات الشكوك بشأن إذا ما كان اللقاح الروسي وهماً أو حقيقة. لكن بحسب الواقع اليوم، وإذا ما أعطت الولايات المتحدة الموافقة على توزيع لقاح خاص بها في الأول من تشرين الثاني، فسنكون أمام لقاحين روسي وأميركي من دون نتائج منشورة عن المرحلة الثالثة من التجارب.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي