الاثار العربية: تاريخ مزدهر وسط مستقبل مجهول
زينب شاكر السماك
2017-05-08 04:40
الاثار هي تأريخ البلدان واستقرارها وازدهارها فهي ثروة تاريخية وحضارية وعلامة فاصلة تدل على تأريخ الأمم وديمومتها فالأثار تعد بصمة وثيقة تربط الأجيال السابقة بالأجيال القادمة من ليس له ماضي ليس له حاضر ولا مستقبل. ان الأمم تميزها حضاراتها فلكل امة حضارتها التي تفخر بها فهي تاريخ الأمم المهم وهويتها التي تميزها عن بقية الأمم.
ان من يتميز بالحضارات العريقة والاثار المدهشة هي الدول العربية التي تعد أساس الحضارات حيث كل دولة من الدول العربية تتميز بحضارتها وجمالية اثارها واساس هذا الجمال الخلاب هي تصاميمها المميزة وطرق تشيدها وبناءها الذي اثار ذهول ودهشة الكثير من الناس والدارسين والباحثين، حيث بقيت دول العالم تتغنى بآثار وجمالية الدول العربية الى يومنا هذا.
ولاتزال الدول العربية ولادة بالآثار وتشهد اكتشافات اثار جديدة ومعالم لها تاريخ وعنوان كان اخرها اكتشاف اول حديقة جنائزية في منطقة طيبة العاصمة القديمة لمصر ويعود تاريخها الى 4000 عام. فقد عثر على هذه الحديقة في فناء مكشوف لإحدى المقابر الصخرية التي تعود لعصر الدولة الوسطى" (2123 -1773قبل الميلاد). وقد سلط هذا الكشف الضوء على أعمال البستنة التي كانت سائدة في طيبة المعروفة اليوم بالأقصر.
في نفس الموضوع وبعد 41 عام على اقفال متحف بيروت لأنه يقع في وسط بيروت، في منطقة كانت تعرف سابقا بخط التماس بين شطري العاصمة المتنازعين ابان الحرب التي عصفت بهذا البلد بين العامين 1975 و1990، والتي ظل المتحف فيها مقفلا ومهجورا. والان اعيد فتح المتحف من جديد وعرض فيه وللمرة الأولى في العالم مجموعة من الكنوز الاثرية، تضم اكبر مجموعة من النواويس المجسمة في العالم، اضافة الى نصب فينيقية ومومياوات تعود للقرون الوسطى اكتشفها في العام 1989 متخصصون في سبر المغاور في وادي قاديشا (الوادي المقدس) المدرج على قائمة منظمة يونسكو للتراث العالمي.
ان للآثار دور كبير وواضح في ازدهار السياحة وانتعاشها وجذب عدد كبير من السواح وهذا يؤدي بدوره الى تحسين الوضع الاقتصادي للدول وتنشيط الحركة التجارية في المواسم السياحية هذا كله يتحقق وينشط اذا كان هذا المعلم مدرج على قائمة منظمة يونسكو للتراث العالمي. فجبل قرنطل من المعالم الشامخة في مدينة أريحا بالضفة الغربية، يحمل دلالات تاريخية ودينية تؤهله للظهور بوضوح على خريطة السياحة الدولية.
وتستعد وزارة السياحة والآثار الفلسطينية لتسجيل المكان ضمن مجموعة أخرى من المواقع الأثرية في مدينة أريحا، ويرى المختصون ان خطوة دخول هذا المعلم التاريخي في قائمة التراث العالمي ستساهم في زيادة الاستثمار في القطاع السياحي بالمدينة التي قال إن فيها ميزات كثيرة تجعلها وجهة سياحية.
رغم جمال الحضارات العربية وروعة مناظر اثارها انه ارث ثمين تفخر به أجيال المستقبل لكن هذه الذخيرة باتت تضمحل ويندثر تأريخها في المناطق التي تعاني من صراعات وحروب فحتى الاثار لم تسلم من الحرب في اليمن وبداخل الصناديق الزجاجية في متحف قسم الآثار بالجامعة الرئيسية في العاصمة صنعاء ترقد المومياوات في سباتها العميق دون أن تدري بقصف الطائرات الحربية لموطنها.
المومياوات: تعاني من اثار الحرب
بدأت مومياوات تتحلل في متحف كبير بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر المواد الكيماوية الحافظة التي تستورد من الخارج في مؤشر على أن الصراع لا يضر فقط بحاضر اليمن ومستقبله بل يمتد لإفساد ماضيه الثري أيضا. ويعود تاريخ المومياوات الهزيلة التي يبلغ عددها 12 مومياء وتعرض في صناديق زجاجية إلى حضارة وثنية مندثرة ازدهرت في اليمن قبل 2500 عام أي قبل مجيء الإسلام بكثير.
وقال عبد الرحمن جار الله رئيس قسم الآثار بالجامعة "الآن أصبح لدينا مشكلة كبيرة وعويصة جدا. المومياء بدأت تتحلل. المومياء بدأت تصاب بالبكتيريا... أولا معندناش كهرباء. الأجهزة التي تحافظ على الجو المهيأ لعرض المومياء أصبحت تتلاشى. بعض الأجهزة ليس لدينا".
وتعاني صنعاء من انقطاع الكهرباء مما يضعف أجهزة التخلص من الرطوبة في قاعة المومياوات. وعانى تمويل كيانات حكومية كالجامعة نتيجة للصراع بين الأطراف اليمنية للسيطرة على البنك المركزي. وفق رويترز.
ويناشد خبراء آثار الجامعة ووزارة الثقافة توفير التمويل والمعدات لحماية المومياوات من البكتيريا التي تنخر فيها. لكن إغلاق مطار صنعاء وفرض ما يشبه الحصار على ميناء مهم يطل على البحر الأحمر بهدف وقف شحنات الأسلحة أدى إلى منع دخول بضائع ذات أهمية خاصة كالمواد الكيماوية اللازمة لدرء خطر البكتيريا.
الحرب في اليمن تشوه كنوزا ثقافية مهمة في البلاد. وسوت ضربات جوية أبراجا طينية قديمة في الحي القديم بصنعاء بالأرض وكذلك فعلت بمسجد أثري وحصن يعود للعصر العثماني. لذا عبرت عميدة شعلان أستاذة الآثار عن أملها في الحفاظ على المومياوات وقالت بمرارة "مواقع كثيرة دمرت بسبب هذه الحرب. مدن تاريخية دمرت الآن عندنا هذه الأشياء المحفوظة التي لابد أن نحافظ عليها".
جبل قرنطل: ينتظر ضمه لقائمة التراث العالمي
في مدينة أريحا بالضفة الغربية، يبرز جبل شامخ بارتفاع 350 مترا يعرف بأسماء عديدة أشيعها "جبل قرنطل" لأنه يرتبط باسم الدير المحفور بين صخوره، ويحمل دلالات تاريخية ودينية تؤهله للظهور بوضوح على خريطة السياحة الدولية. وتستعد وزارة السياحة والآثار الفلسطينية لتسجيل المكان ضمن مجموعة أخرى من المواقع الأثرية في مدينة أريحا، أو كما يسميها البعض "مدينة القمر"، على لائحة التراث العالمي.
وقال إياد حمدان مدير عام دائرة السياحة والآثار في محافظة أريحا في مقابلة مع رويترز "وزارة السياحة سجلت عددا من الأديرة على القائمة التمهيدية لليونسكو لترشيحها لقائمة التراث العالمي ضمن ما يسمي البرية والأديرة الصحراوية تمهيدا لتسجيلها في أوقات لاحقة على قائمة التراث العالمي."
وأصبحت فلسطين عضوا في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في 2011 ونجحت خلال السنة الماضية في تسجيل المدرجات المائية في قرية بتير على لائحة التراث العالمي. وقال حمدان إن وزارة السياحة والآثار "لا تترك أي مجال في معارضها الدولية إلا وتروج لهذه الأديرة كأحد المقاصد السياحية الهامة."
ويأمل حمدان أن يساهم تسجيل دير قرنطل على لائحة التراث العالمي في الترويج له عالميا. وقال "لا شك أن تسجيل أي موقع فلسطيني على لائحة التراث العالمي سيساهم في ترويجه. وهذا الدير هو أحد الأعمدة الرئيسية لتسجيل أريحا على لائحة التراث العالمي."
ويأتي الجبل زوار منهم تلاميذ وطلبة في رحلات مدرسية من أنحاء الضفة الغربية ومنهم سياح أجانب يزورون المكان لقدسيته الدينية. وإلى جانب قدوم الأجانب لجبل قرنطل بغرض السياحة الدينية يأتي أيضا سياح من دول إسلامية مثل ماليزيا وإندونيسيا وتركيا. ويتيح الصعود إلى الجبل سيرا على الأقدام تخيل تجربة من عاشوا في المكان منذ نشأته عندما كان السير عبر ممرات ضيقة متعرجة هو السبيل الوحيد للوصول إليه.
المتحف اللبناني: كنوز تعرض للمرة الاولى
يعرض المتحف الوطني اللبناني مجموعة من الكنوز الاثرية يكشف عنها للمرة الاولى، تضم اكبر مجموعة من النواويس المجسمة في العالم، اضافة الى نصب فينيقية ومومياوات تعود للقرون الوسطى. وتضم هذه المجموعة 529 قطعة اثرية تتصل بالجنائز ودفن الموتى، وتمتد من العصر الحجري وحتى عهد السلطنة العثمانية، وهي معروضة في طبقة تحت الارض من المتحف افتتحت اخيرا.
وتقول مديرة المتحف آن ماري عفيش لوكالة فرانس برس "انه درس في الشجاعة والامل، لاننا بعد 41 عاما على اقفال المتحف في العام 1974، نحن الآن قادرون على استقبال الزوار في طبقاتنا الثلاث". ومن بين المعروضات ناووس روماني عثر عليه في بيروت تروي نقوشه اسطورة ايكاروس اليونانية القديمة، وهي عن شاب كان محتجزا في متاهة في جزيرة كريت، وهرب من محبسه بجناحين من شمع، لكنه اقترب من الشمس فذاب جناحاه وهوى صريعا.
وللمرة الاولى في العالم، تعرض ثلاث مومياوات اكتشفها في العام 1989 متخصصون في سبر المغاور في وادي قاديشا (الوادي المقدس) المدرج على قائمة منظمة يونسكو للتراث العالمي، والذي شكل ملجأ للمسيحيين الموارنة المضطهدين على يد الروم البيزنطيين ومن ثم المماليك المسلمين.
وقد عثر في مغارة على ثماني مومياوات محنطة طبيعيا وملابسها عليها، ومنها ما حيك من الحرير، وهي على حالها منذ القرن الثالث عشر. وعثر الى جانب المومياوات على كتابات باللغتين العربية والسريانية لتراتيل ونصوص دينية تشير الى انهم كانوا مسيحيين لجأوا الى هذه المغاور.
ولأن لبنان يفتقر الى الخبرات في التحنيط، استعان المتحف بخدمات الايطالي ماركو ساماديلي للحفاظ على هذه المومياوات. واضافة الى جهود الخبراء الايطاليين مثل انتونيو غياناروستي، ساهمت ايطاليا بمبلغ مليون وعشرين الف يورو لترميم المجموعة المعروضة في القسم الجديد.
وتستعرض مقتنيات هذه المجموعة تطور مراسم الدفن على امتداد العصور التي تعاقبت على لبنان، مثل القبر العائد للعصر الحجري الحديث في الالفية السادسة قبل الميلاد، وجرة دفنت في قبر ابان العصر النحاسي في الالفية الرابعة قبل الميلاد، عثر عليها في مدينة جبيل.
منطقة طيبة: اول حديقة جنائزية
كشفت بعثة أثرية إسبانية قرب مدينة الأقصر عن أول حديقة جنائزية في منطقة طيبة العاصمة القديمة لمصر يعود تاريخها إلى 4000 عام، على ما أعلنت وزارة الآثار المصرية، وأشارت الوزارة في بيان إلى أن البعثة الإسبانية العاملة في دراع أبو النجا في البر الغربي للأقصر برئاسة خوسيه غالان، عثرت على الحديقة "في فناء مكشوف لإحدى المقابر الصخرية التي تعود لعصر الدولة الوسطى" (2123 - 1773 قبل الميلاد).
وقال رئيس قطاع الآثار الفرعونية في وزارة الآثار محمود عفيفي في تصريحات أوردها البيان، إن "هذا الكشف فريد من نوعه، حيث إنها المرة الأولى التي يعثر فيها على حديقة جنائزية في هذه المنطقة وتعود لهذا العصر إلى جانب أن الحدائق الجنائزية لم تكن معروفة من قبل لدى العاملين في الآثار إلا عن طريق النقوش والجداريات المرسومة على مداخل مقابر الدولة الحديثة". وتابع عفيفي أن "الكشف قد يساعد على تسليط الضوء" على أعمال البستنة التي كانت سائدة في طيبة المعروفة اليوم بالأقصر.
ووصف رئيس البعثة الإسبانية خوسيه غالان هذا الاكتشاف، موضحاً أن "الحديقة صغيرة الحجم ومستطيلة الشكل، وهي بطول ثلاثة أمتار وعرض مترين ومقسمة إلى مربعات صغيرة يقدر حجم كل منها بحوالي 30 سنتمتراً، ومن المرجح أنها كانت تحتوي على أنواع مختلفة من النباتات والزهور".
كذلك عثرت البعثة في المكان عينه على مقصورة جنائزية صغيرة بالقرب من واجهة المقبرة الصخرية تضم ثلاثة أنصاب جنائزية ترجع للدولة الوسطى ويحمل كل نصب منها اسماً مختلفاً. وقال عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق زاهي حواس لوكالة فرانس برس إن "المصريين القدماء كانوا يذهبون لزيارة المقابر لتوزيع القرابين عن روح المتوفى، فمن الممكن أن يكون هؤلاء الأهالي قد أقاموا حدائق في الفناء المفتوح للمقابر تزرع بالأشجار والزهور وتستخدم لتقديم القرابين كما يفعل المصريون اليوم بالذهاب إلى المقابر وتوزيع الصدقات".