من مفاتيح السعادة في القرآن: الزكاة وصلاة القلب الخاشع
مروة خالد
2015-09-07 09:14
(والذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون).
جاء القرآن قبل أكثر من ألف وأربع مائة سنة لتحقيق السعادة للبشر، وقد ضمن لمن يلتزم بالتعليمات الإلهية، ويتجنب النواهي، سيكون سعيدا في الدنيا والآخرة، لقد نهى الله تعالى عن الظلم والفحشاء والمنكر، وأمر باتباع الهدى والخير والمعروف.
ومن بين ما أمر به سبحانه، ما ورد في هذه الآية المباركة التي جاءت بصيغة الخبر، لتصف وتعرف من هم المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون، وتأمرنا بأن نخشع في صلاتنا، ونكون من الخاشعين المستحضرين لتلك الصفة التي في القلب، كي تنعكس على الجوارح لتحدث حالة الخشوع في قلوبنا ومشاعرنا، وليتحقق في صلاتنا ذلك، لابد من حضور القلب في أثناء الصلاة وترك التفكير في أمور الدنيا، فعن النبي (ص) ليس للعبد من صلاته إلا ما اقبل عليها.
وقد نزلت هذه الآية من سورة المؤمنين وبعد شهادة من الله للمؤمنين، بأنهم قد فلحوا، وذلك لتعلم المسلمين ولتربيهم على السلوك الحضاري، لأن فيهم من كان لا يعرف معنى الصلاة، ولا يراعي لها حرمة، فقد كان البعض يتكلمون مع بعضهم أثناء صلاة الجماعة، وكان البعض منهم يلعب بالحصا أثناء الركوع، لذلك حري بالمسلم أن يخشع في صلاته لرب السماء والارض، وبإمامة الرسول (ص) ولابد أن تكون الصلاة بحضور القلب الخاشع، لأن الانسان لو التفت بجسده اثناء الصلاة لبطلت صلاته، ولو التفت بقلبه فإن صلاته غير مقبولة.
لقد كان الامام زين العابدين (ع) مثلا للعبودية والخشوع، فكان عند الصلاة يتغير لونه، ويكون كالخشبة اليابسة، ﻻ يتحرك منه شيء إلا ما حركته الريح من ثوب ورداء.
والذين هم عن اللغو معرضون
ترى ما هو المعني بمفردة اللغو؟، لقد اختلف العلماء في معنى هذه الآية، فمنهم من قال ان معنى اللغو هو:
1- كل ما لا فائدة فيه من قول او فعل، لذلك يأمرنا الله ان نعرض عن اللغو، ونستغل وقتنا ونملأ فراغنا بما يرضي الله تعالى، ونترك الكلام غير المجدي نفعا، فعن الامام علي (ع): (من كثر كلامه كثرت أخطاؤه ومن كثرت أخطاؤه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه ومن مات قلبه دخل النار) ويصف الله المؤمنين في آية اخرى يقول: (واذا مروا باللغو مروا كراما)، لأن الانسان كل ما قل لغوه حضر قلبه في صلاته، ومن أسباب قسوة القلب كثرة الكلام، فمن اراد ان يكون قلبه حاضراً في صلاته ويكون خاشعا عليه ان يعرض عن اللغو.
2- المعنى الثاني لهذه الآية هو الغناء والذي قال الله عنه انه من اللغو لأنه يفسد الخلق، وهو ضياع للوقت ولما فيه من أضرار على النفس البشرية، ومن يستمع للغناء لا يستطيع ان يخشع في صلاته لانه يجعل القلب قاسيا.
3- المعنى الثالث للغو هو الشتم.
لقد كان قريش والمشركون يشتمون النبي (ص) بعد ان يئسوا من القضاء عليه، وكان البعض من الصحابة يجاروهم ويشتمون معهم، وهذه الوسيلة يتبناها أعداء أهل البيت منذ حكم معاوية وبني أمية والى الآن، فقد شتموا الامام علي (ع) على المنابر لمدة ثمانين عاما والى الان، حيث هناك من أبنائهم من مبغضي آل محمد، يشتمون الشيعة وأئمتهم ويتهمون الشيعة بأنهم يشتمون الصحابة، في حين الشيعة لا يشتمون، ولكن يتبرؤون من أعداء آل محمد كما امر الله تعالى ان يتبرأ من يوالي ال محمد (ع) من اعدائهم.
والذين هم للزكاة فاعلون
إن الزكاة تأتي على عدة أنواع:
1- زكاة الابدان وهي زكاة الفطرة والتي جاءت لمساعدة وإنعاش الفقراء والأيتام.
2- زكاة الأموال وقد فرضها الله تطهيرا للأموال.
3- زكاة العلم وزكاته نشر العلم فعلى العالم تعليم الجاهل الحكم الشرعي.
4- زكاة المروءة وهي ان تطعم مما اطعم الله.
5- زكاة الجاه وفلسفتها قضاء حوائج المسلمين.
6- زكاة الأنفس وهي في الاعمال الصالحة.
وهناك الكثير من الأمور التي ينبغي ان نزكيها، هكذا ينبغي ان نقتدي بالفائزين المفلحين المؤمنين، من أجل الفوز برضوان الله تعالى ورحمته.