التكنولوجيا المالية وخلق السيولة المصرفية
شبكة النبأ
2023-09-18 05:46
م.د حيدر محمد كريم الدحيدحاوي _ كلية الامام الكاظم (ع) للعلوم الاسلامية الجامعة
خلاصة
لقد حظي تأثير التكنولوجيا المالية على الصناعة المصرفية باهتمام أكاديمي كبير. وفي حين ركزت الأبحاث الحالية في المقام الأول على تأثير التكنولوجيا المالية على أداء المصارف، إلا أنه لم يتم إيلاء سوى القليل من الاهتمام لتأثيرها على خلق السيولة. تبحث هذه المقالة في العلاقة بين التكنولوجيا المالية وخلق السيولة المصرفية بالرجوع الى ادلة من المصارف العراقية الخاصة من خلال البيانات المنشورة على موقع هيئة العراق للاوراق المالية من سنة 2015 الى 2023. وباستخدام مقارنة الارقام، حيث تظهر النتائج أن تطوير التكنولوجيا المالية يزيد بشكل كبير من خلق السيولة المصرفية. ويتجلى هذا التأثير بشكل خاص في المصارف التي تقدم حجم اكبر من الخدمات الالكترونية. وينبع تأثير التكنولوجيا المالية على خلق السيولة في المقام الأول من التغيرات في الهيكل الائتماني للمصارف. بالإضافة إلى ذلك، تعمل التكنولوجيا المالية على تحفيز المصارف على تحمل المخاطر من خلال قناة خلق السيولة، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى إدارة صارمة للمخاطر. توفر هذه المقالة للإدارة رؤى جديدة حول تأثير التكنولوجيا المالية على الخدمات المصرفية.
المقدمة
في عصر الابتكارات المالية والتكنولوجيا الحديثة، يشهد الاقتصاد العراقي تحولا عميقا تدفعه موجة جديدة من الثورة التكنولوجية مدفوعة بتكنولوجيا المعلومات. ويؤدي تسارع التحول الرقمي إلى إعادة تشكيل نماذج التنمية الاقتصادية. وأصبحت القيود المفروضة على نموذج التنمية التقليدي أكثر وضوحا، مما يستلزم استكشاف نموذج نمو اقتصادي عالي الجودة يتماشى مع متطلبات هذه الثورة التكنولوجية الجديدة. حيث تلعب التقنيات الجديدة دوراً متزايد الاهمية في قطاع الخدمات المالية في مواجهة تحديات مهمة, ان ثورة تكنلوجيا المعلومات والاتصالات جعل وجودها محسوساً في تقديم الخدمات المالية المبتكرة, وان الانتشار الواسع والمتسارع للتقنيات الحاسوبية المرتبطة بخدمات الانترنت ادت الى ابتكار خدمات مالية تتواكب والتطورات الحاصلة في جميع مرافق الخدمات المالية.
التكنلوجيا المالية هي احدى هذه الابتكارات التي تهدف الى تحسين جودة الخدمات المالية, فهي تعمل على اعادة تشكيل الخدمات المالية, من نظم المدفوعات الى خدمات التامين, بناءً على استخدام التكنلوجيا لتحسين الانشطة المالية, من خلال تقديم الخدمات المصرفية والمعاملات المالية عبر الهاتف وتقديم المشورة عند الطلب. تتمثل المشكلة في تطور التكنلوجيا المالية وتشكيلها واقعاً مهماً لمواكبة التطورات المالية العالمية ودورها في تعزيز السيولة المصرفية,لا يمتلك العراق اسس وقاعد بنوية لتطوير استخدام التكنلوجيا المالية في العملات المصرفية والتجارية وان العراق لابد له وان يواكب هذه التطورات من خلال امكانية توفير المتطلبات اللازمة لذلك.
واقع التكنلوجيا المالية في العراق
يختلف النظام المصرفي العراقي عن بعض الدول العربية والنامية المجاورة كالأردن، لبنان، الكويت......إلخ , اذ ان خدمات المصارف العراقية لا ترتقي الى مستوى الطموحات حيث اغلب المصارف قد انشأت او توسعت بعد عام 2003, وعدد فروع هذه المصارف غير متوافق مع السكان في البلد، والمصارف العراقية سواء كانت الحكومية او الخاصة تعتمد في الغالب على العمل التقليدي اليدوي كالأعمال الورقية في اجراء معاملاتها حتى مطلع عام 2017, وبدأت تدريجياً في ادخال التكنولوجيا في عملها, اذ يتضح للجميع أن النظام المصرفي العراقي من أضعف الانظمة المصرفية في الشرق الوسط (Iluba & Phiri, 2021, 334) هو أقل بكثير من الانظمة المصرفية للدول المتقدمة من حيث التكنولوجيا المستخدمة، وتنوع الخدمات، وعدد العملاء والتسهيلات المصرفية المقدمة للعملاء، وكذلك مساهمة البنوك العراقية في دعم الانشطة الاقتصادية المختلفة التجارية/ الصناعية / الزراعية حيث تسهم مساهمة ضعيفة جدًا ولا ترقى إلى الحد الادنى من الطموح (Gu & Luiss, 2021,436) . مع ذلك، من الواضح أن البنوك العراقية بحاجة إلى تحسين أساسي من حيث جودة الخدمة (Kou et al., 2021, 512). فجودة الخدمات المقدمة للعملاء ليست كافية لخلق قيمة وتحقيق ميزة تنافسية على منافسيها، يجب أن تكون المصارف أكثر إبداعًا وسرعة وديناميكية. دون التأكيد على الاساسيات، يجب أن تكون المصارف أكثر استراتيجية في صنع القرار، وأن تضع مناهج أفضل للتواصل مع العملاء من خلال تكنولوجيا المعلومات. وفقًا لـ (Pant Joshi, 2011,322) فقد أصبح الانترنت جزءًا لا يتجزأ من حياة الانسان حيث عزز استخدامه بشكل إيجابي اعتماد الحلول المصرفية المختلفة مثل الخدمات المصرفية عبر الانترنت (Liu et al., 2021, 467) حيث سعت المصارف العراقية بالالتحاق بالابتكارات والتوافق مع متطلبات البنك المركزي بكونه الجهة المنظمة لعمل القطاع المصرفي, حيث حدث تعليمات الدفع الالكتروني عبر الهاتف النقال بهدف تنظيم وادارة العمال خدمات الدفع عن طريق الهاتف ورغبت البيئة العراقية بتبني التكنولوجيا المصرفية من خلال استخدام الشبكات التواصل الاجتماعية, حيث أصبحت البنوك تتنافس فيما بينها من خلال الخدمات المصرفية الالكترونية المقدمة في القطاع المصرفي, وأصبح العملاء أكثر ذكاءً ، وتتغير تفضيلاتهم يومًا بعد يوم. هذا التفضيل المتغير للعملاء يجعل من الصعب عليهم قبول خدمات متوسطة بدلا من الطلب على الخدمات الممتازة. العملاء هم المحدد الرئيسي لما سيحدث لمقدمي الخدمات ، ولهذا السبب يشار إليهم على أنهم ملك السوق. في هذا الصدد ، تسعى البنوك إلى الاحتفاظ بعملائها من خلال تقديم خدمات ممتازة لهم بغرض تحقيق الاحتفاظ بالعملاء وولائهم (Mukherjee, 2021,595). أصبحت تكنولوجيا المعلومات ضرورية لبقاء الاعمال في العصر الحالي. ومع ذلك ، فقد تم الاعتراف بالتقنية المصرفية كواحدة من أهم الابتكارات في الصناعة المصرفية وهي تتطور بوتيرة سريعة. و بإعادة تشكيل الصناعة المصرفية من خلال خفض التكاليف ، وتحسين جودة الخدمات المالية ، وخلق مشهد مالي أكثر تنوعًا واستقرارًا (Salman, 2020, 436) وتقضي التكنولوجيا المصرفة على الوسطاء التقليديين أثناء تقديم الخدمات المالية (Thakor, 2020,284) ان الاتجاهات العالمية الاخيرة والحاجة إلى الوصول بشكل أسرع وفعال من حيث التكلفة الخدمات المصرفية الدافع النهائي لهذا البحث. علاوة على ذلك ، لتطورات الاتجاهات العالمية تأثير مهم و حاسم للقطاع المصرفي العالمي خلال السنوات الاخيرة. حيث تواجه البنوك تحديًا فيما يتعلق بإيجاد الاستثمارات المناسبة في التكنولوجيا المصرفية لزيادة قوتها التنافسية وتلبية طلب العملاء الجدد في مختلف البلدان حيث اصبح من الصعب جداً ان تزدهر الاعمال بدون تكنولوجيا المعلومات و اصبح من الممكن للمدراء اختيار المعلومات ذات الصلة دون اضاعة الوقت (Hashem, 2021,712) وعلى الرغم من توجه الدولة الى اساليب الدفع الرقمي واحلال بطاقات الدفع الرقمي بدلاً من الدفع النقدي إلى ان العراق لا يزال أمامه طريق طويل, وفي هذا الصدد ، ندرس هذه البحث بعمق ونحدد البيئة والبنية التحتية للنظام المصرفي في العراق ، حيث تهدف إلى اعتماد التكنولوجيا المصرفية للتحول المصرفي التقليدي في العراق إلى نظام حديث. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين جودة الخدمات المصرفية بشكل كبير والمساعدة في تحقيق وتعزيز فكرة الشمول المالي المناسب ، وتقديم ميزة تنافسية. وبالتالي ، يمكننا تمكين هذه القطاعات من التنافس مع القطاعات المتقدمة الاخرى.
المعوقات والمتطلبات لتطبيقات التكنلوجيا المالية في العراق
تكاد تشترك اغلب الدول العربية بمجموعة من المعوقات والتحديات في استخدام التكنلوجيا المالية في الوطن العربي, ومن ابرز التحديات والعوائق التي تعرقل انتشار وتوسيع الشركات الناشئة في مجال التكنلوجيا في الوطن العربي بصة عامة هي: (اليافعي, https://fatora.io/blog/electronic-payment-in-iraq/).ضعف بيئة الاعمال والقيود التي لا تزال مفروضة على دخول الكيانات الاجنبية الى الاسواق المحلية. تحد من امكانية دخول شركات التكنلوجيا المالية العالمية القائمة بالفعل لهذه الاسواق.
صعوبة اكتساب ثقة العملاء نتيجة التخوف من الاحتيال في ظل عدم وجود أطر كافية لحماية المستهلك في مجال الخدمات المالية ولا قوانين لخصوصية البيانات, بالاضافة الى عدم وجود تشريعات بشأن الجرائم الالكترونية والامن المعلوماتي الا وفي سبعة دول في المنطقة ( مصر والجزائر والمغرب وقطر وتونس والامارات العربية المتحدة).
تدني جودة خدمة الانترنيت والهواتف المحمولة واسعارها بالرغم من ارتفاع معدلات تغلغل تكنلوجيا المعلومات والاتصالات في السنوات الاخيرة, حيث شهدت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ثاني اعلى معدلات انتشار الانترنيت على مستوى العالم بين عامي 2014-2018 بنسبة 21%. وغم هذا الانتشار الواسع في الوطن العربي الا ان جودتها متباينة من دولة لاخرى. وهذا ما ادى الى اختلاف سرعة انتشار التكنلوجيا المالية في بعض البلدان العربية.
ضعف القدرة التنافسية للشركات الناشئة في مجال التكنلوجيا المالية في حالة عدم تبنيها نموذج اعمال قائم على التعاون مع المصارف التقليدية. نتيجة تقة العملاء وولائهم لهذه الاخيرة, حيث بلغ معدل فشل الشركات الناشئة في التكنلوجيا المالية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا 28%.
الدعم المؤسسي لا يزال محدوداً, حيث قام عدد قليل من الدول العربية بانشاء حاضنات (مصر, لبنان, الامارات العربية المتحدة) للمساعدة على زيادة الشركات الناشئة, او انشاء مختبرات تنظيمية (ابو ظبي والبحرين والمملكة العربية السعودية) والتي تسمح لشركات التكنلوجيا المالية والمؤسسات التقليدية باختبار الابتكارات في البيئة الفعلية.
ان القوانين المفروضة على التكنلوجيا المالية ادت الى عرقلة تطور هذا المجال في الوطن العربي, لكن تمكنت من تحسين الاطار القانوني لاستخدام التكنلوجيا المالية كالامارات العربية المتحدة, وذلك نظراً لصرامة القوانين وغياب ارادة الدولة في تطوير هذا المجال.
ان هذه المعوقات هي ذاتها تنعكس في بيئة الاقتصاد العراقي, اذ لا يختلف الامر كثيرا في العراق, اذ يعد نظام الدفع الإلكتروني في العراق متأخّرًا بالنسبة لنفس النظام في الدول الخليجية على سبيل المثال، كون العراق لا يمتلك تكنولوجيا متطورة في مجال الإنترنت والاتصالات، بالإضافة إلى أن الاقتصاد العراقي لا زال يعاني من أزمات صعبة تمنعه من التقدم.
إن خدمات الدفع الإلكتروني في العراق لا زالت ضعيفة وخجولة نظرًا للإمكانيات والمؤهلات المتاحة في البلاد، ومع ذلك سعت الحكومة العراقية من خلال عدة سياسات اتخذتها إلى تقليل التعامل بالأوراق المالية والتحول تدريجيًا إلى نظام الدفع الرقمي للأموال.
تشير إحصائيات البنك المركزي العراقي إلى أن عدد شركات الدفع الإلكتروني في العراق كان قد بلغ 16 شركة في عام 2022، كما تشير الإحصائيات إلى أن هذه الخدمات الرقمية يتم استخدامها من قبل حوالي 6 ملايين عراقي من الموظفين والمتقاعدين
وهناك معوقات كبيرة هيكلية ومؤسسية وعلى الصعيد السياسات تواجه نمو التكنلوجيا المالية في العراق: (افاق الاقتصاد الاقليمي, 2017,2-4) (اليافعي, https://fatora.io/blog/electronic-payment-in-iraq/)
ضعف بيئة الاعمال بوجه عام, لم تكن هناك سوى اربعة بلدان (ارمينيا وجورجيا وكازاخستان والامارات العربية المتحدة) في الربع الاعلى في مؤشر ممارسة الاعمال الذي يعده البنك الدولي, ولا تزال القيود على دخول الكيانات الاجنبية الى الاسواق تحد من امكانية دخول شركات التكنلوجيا المالية العالمية القائمة بالفعل الى الاسواق.
ندرة حصص الملكية الخاصة ورؤوس الاموال المخاطرة التي ارتكز عليها نمو التكنلوجيا المالية في الاقتصادات المتقدمة.
عدم اليقين القانوني بسبب الفجوات التنظيمية يعيق نمو هذا القطاع, فضلا عن انعدام الامن الالكتروني, اذ لا توجد اطر لحماية المستهلك في مجال الخدمات المالية ولا قوانين لخصوصية البيانات, ولم تتم تهيئة القواعد التنظيمية الاحترازية بما يتلائم مع خصائص التكنلوجيا المالية, ويعتبر العراق من الدول التي لا يوجد فيها أمن إلكتروني كافٍ، فهو يعاني من خرق أمني ومعلوماتي واضح، وبالتالي فإن بيانات العملاء العراقيين الموجودة لدى البنوك تكون عرضة للسرقة بشكل كبير كما حصل عام 2017 نتيجة اختراق شركة اتصالات عراقية.
القيود على خدمات الشحن والتوصيل:في الحقيقة لا يوجد في العراق شركات أو مكاتب شحن يمكنها استيعاب الكم الهائل من الموارد التي يمكن أن تتدفّق في حال تم تفعيل نظام التجارة الإلكترونية، وذلك نظرًا للقيود المفروضة على النظام الاقتصادي العراقي الذي يمنع عنه دخول الكثير من المواد إلى الأسواق.
تشكل "فجوة الثقة" ومستويات الوعي المالي قيوداً رئيسية امام الشركات المبتدئة في مجال التكنلوجيا المالية, وتكاد تكون ثقافة السكان وخبرتهم بمزايا الدفع الإلكتروني في العراق شبه معدومة، كون العراقيون يعتمدون إلى حد كبير على أنظمة الدفع التقليدية في جميع مناحي حياتهم، كما أنهم لا يثقون بالدفع الرقمي خوفًا من عمليات النصب والاحتيال التي تتم عبره, وقد تبين ان الثقة هي احدى العقبات الرئيسة الى جانب الترويج والمستوى التعليمي للعميل, وقد وردت الاشارة كذلك الى "فجوة الثقة" كأحد الدوافع الرئيسة لزيادة التعاون على نطاق أوسع بين الشركات المبتدئة في مجال التكنلوجيا المالية والمصارف.
ضعف المؤهلات والبنى التحتية:لا يمتلك العراق أرضية قوية ومناسبة يمكن الانطلاق منها لتعميم التجارة الإلكترونية والتحول إلى اقتصاد رقمي تختفي فيه الأوراق المالية كليًا، علاوةً على أن شبكات الاتصالات والإنترنت ضعيفة جدًا ولا يمكنها تحمل كل الضغط الذي يمكن أن يفرضه نظام الدفع الرقمي.
الدعم المؤسسي الواسع لا زال محدوداً, قام عدد قليل للغاية من البلدان بانشاء حاضنات ومعجلات للمساعدة على زيادة الشركات المبتدئة, او انشاء مختبرات تنظيمية تسمح لشركات التكنلوجيا المالية التقليدية باختبار الابتكارات في البيئة الفعلية.
ارتفاع معدلات تغلغل تكنلوجيا المعلومات والاتصالات بدرجة كبيرة في السنوات الاخيرة, ولكن جودة خدمة الانترنت والهواتف المحمولة واسعارها لا تزال من معوقات اعتماد التكنلوجيا المالية, فقد وصلت خدمة الانترنت الى جميع البلدان ومنها العراق, لكن خدمة الانترنت عالية السرعة محدودة ومكلفة, مما يقف عائقا امام انتشار استخدام التكنلوجيا المالية بشكلٍ واسع النطاق.
ومن جانب اخر فان الهجمات الالكترونية تودي الى اضطرابات في التشغيل, وتكبد الخسائر المالية, والاضرار بالسمعة, والمخاطر النظامية, وقد تصبح من القيود المعوقة مالم يتم العمل على تقوية أطر الامن المعلوماتي, وبرغم ان الخطر الالكتروني ليس حالة تنفرد بها التكنلوجيا المالية, فان اتساع نطاق الربط من خلال الحلول الرقمية ادى الى زيادة نقاط نفاذ القراصنة الالكترونيين, فضلاً عن ذلك برغم انه لم ينجح سوى عدد قليل من الهجمات الالكترونية على المؤسسات المالية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وافغانستان وباكستان ومنطقة القوقاز واسيا الوسطى, فان التقارير تشير الى ارتفاع عدد الهجمات على المصارف في المنطقة, مع سرعة تطور طبيعة الجرائم الالكترونية وازديادها تعقيداً, وفي ذات الوقت, لا تزال استعدادت مواجهة الخطر الالكتروني بوجه عام تتسم بالضعف في كثير من البلدان, وقد اشارت التقارير الى عدم وجود تشريعات بشأن الجرائم الالكترونية والامن المعلوماتي, الا في بعض البلدان في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
الاستنتاجات والتوصيات:
اولاً: الاستنتاجات
ان التكنلوجيا المالية باتت ضرورة اقتصادية لمواكبة التطورات الاقتصادية الاخرى خصوصاً بعد انتشار المعاملات الالكترونية بشكل كبير, ونتيجة لتطور الابتكارات والتطبيقات على الهاتف المحمول التي تؤدي الاغراض المالية.
ان البلدان العربية قد اخذت بتطوير منظومتها المالية وفقاً لتقنيات التكنلوجيا المالية, وقطعت شوطا كبيرا في هذا المجال, من الاخلال الاستثمار في هذه التكنلوجيا وتوفير البنى التحتية لمواكبة التطورات المالية.
لم يحقق العراق تطوراً ملموساً في مجال التكنلوجيا المالية ويتضح ذلك من خلال المؤشرات المتدنية قياساً بالدول العربية والعالم, فعدم وجود رؤوس الاموال المستعدة للمخاطرة والاستثمار في هذا المجال, فضلاً عن ان عدم توفر البنى التحتية اللازمة لتطور هذه التكنلوجيا, جعل هذه التكنلوجيا غير مؤثرة في التعاملات المالية اليومية للمواطن.
ضعف الثقافة المصرفية لدى جمهور الزبائن لان هناك تخوف من قبل الافراد في التعامل مع هذه الخدمة كما ان النظام المصرفي العراقي لم يشجع المراكز التجارية على فتح حسابات حتى يتمكن الافراد من الشراء من هذه المراكز من خلال البطاقات البلاستيكية, فضلا عن ضعف انتشار أجهزة الصراف الالي في مختلف الأماكن واقتصار تواجدها في المصارف فقط مما يصعب على الافراد الوصول الى الأجهزة لغرض السحب النقدي.
ثانياً: التوصيات
العمل على تطوير البنى التحتية اللازمة لتطوير التكنلوجيا المالية, وتقديم دعم مؤسسي واسع من خلال انشاء حاضنات ومعجلات للمساعدة على زيادة الشركة الناشئة في مجال التكنلوجيا المالية.
رفع مستويات الوعي في المجتمع لزيادة الطلب على خدمات التكنلوجيا المالية, اذ ان توافر الثقة والحد من عدم اليقين احد العوامل المهمة لاستخدام التكنلوجيا المالية كقناة للدفع, فضلا عن توفر قنوات للترويج لهذا النوع من الخدمات.
العمل على وضع التشريعات والتنظيمات القانونية التي تسهل عمل الخدمات المالية الرقمية والتي يجب ان تكون متوازنة مع الرقابة والمتابعة للحد من عمليات غسيل الاموال او التمويل غير المشروع.