آثار الحرب النفسية: الشك أخطرها
مروة الاسدي
2022-04-14 06:44
تعريف الآثار النفسية:
تعرف الآثار النفسية: بانها " النتائج التي تتمخض عن الظواهر الاجتماعية والسياسية التي يعيشها الإنسان والتي تؤثر في حالته النفسية وتؤثر في شخصيته تأثيراً واضحاً من شأنها أن تقود الفرد إما إلى الاستقرار والتكيف للوسط الذي يعيش فيه، أو تقوده إلى الانسحاب من ذلك الوسط والتعرض إلى التصدع والتفتيت والتداعي نتيجة الظاهرة الاجتماعية التي يتعرض له، وتتمثل الآثار النفسية بالأعراض على شكل انطواء، وشك وخوف، وتوتر وهواجس، وتشاؤم وتوقع الأسوأ وحقد، وهناك أشكال كثيرة أخرى لهذه الآثار بعضها تظهر بشكل مباشر والبعض الآخر لا تظهر إلا في ظروف معينة".
آثار الحرب النفسية
وفي التعليق على الآثار السلبية للحرب النفسية فلا يخلو الأمر من آثار سلبية عززتها وسائل الإعلام المعاصرة، ومن أهم الآثار ما يأتي:
1- الخوف من المستقبل هو السمة البارزة في المجتمعات العربية والإسلامية بحكم معطيات الواقع، وزاد من آثاره ما يسود المنطقة العربيـة مـن صـراعات وحروب داخليـة، وتدخلات أجنبية، وهجـرات جماعيـة، وفتن داخليـة وخارجية.
2- القلق والترقب الذي يتجاوز الخوف الطبيعي، ويترتب على هذا القلق ما نراه من زيادة ملحوظة في نسب الانتحار في البلدان العربية والإسلامية، ومن محاولات للهجرة الشرعية وغير الشرعية، ومـن زيـادة ملحوظة في العنف المجتمعي والأسري، ومن زيادة نسب التطرف والالتحاق بالمجموعات الخارجة عن القانون والجماعات الارهابيـة الـتي تتخـذ مـن العنف وسيلة لتحقيـق اهدافها، ومن زيادة نسب تعاطي المخدرات والممنوعات، ومـن زيـادة نسـب الاتجار بالمخدرات، ومـن زيـادة نسب الجريمة، وزيادة نسب الطلاق، والعزوف عن الزواج، وزيادة نسب العنوسة في المجتمعات، فالقلق فعاليـة كبيرة على الأفراد والمجتمعات.
3- الشك بالموروث الاجتماعي والثقافي والديني، فحين تكـون هـنـاك بـرامج إعلامية تشكك بالموروث الاجتماعي والتاريخي تحدث الحيرة لـدى الفـرد، وتزداد هذه الحيرة بزيادة عدد هذه البرامج وطبيعتها وشدتها، ودرجة التأثير في ما يعرض فيها، وتزاد الخطورة فيها عندما يتم توظيف التقنية المعاصرة بفاعلية مثل: الفيس بوك، الواتس أب، التويتر، إذ يصبح من الصعوبة دفع هذا الشك.
4- الشـك بـالرموز التاريخية والدينية والثقافية، فالعديـد مـن المسلسلات التاريخية للشخصيات التاريخية والدينية لا تخلو من عمليات تشوية متعمدة في إظهار بعض السلوكيات الخاطئة لتلك الرموز، او التركيز على جانب سلبي من جوانب الشخصية كالميل إلى النساء، أو علـى حـدث تاريخي بني على مغالطة تاريخية حمالة اوجه في العرض والفهـم وطريقة الاخـراج، أو إظهـار فتوى شاذة لا يقاس عليها بهدف الانتقاص من مكانتها لتصبح في نظر الناس شخصية غير موثوق بها، وتركيز بعـض الوسائل المعاصرة على شخصيات بعينها لا يخلو من عمليات التشويه مما يدخل في سياق الحرب النفسية الثقافيـة والفكرية.
5- السلبية في التفكير والسلوك والميل نحو الانعزالية لعدم الثقة بالواقع وفقدان الأمل بالمستقبل.
6- الاحباط المتمثل بعدم الجدية في العمل، والميل نحو اللامبالاة، فالعزيمة في العمل تكاد تكون معدومة، ومن أمثلة ذلك: عـدم المشاركة بجدية بقضـايا المجتمع الاساسية.
7- التأثر بالإشاعات، فأكثر الفئات تأثراً بالقيل والإشاعات في المجتمع هم الذين يتأثرون بالحروب النفسية ويرددونها دون تثبت وتأن، وتكثر الإشاعات في فترة الحروب، وفي منطقتنا العربيـة شـهـدنـا نـزوع الأفـراد نحو ترديد الاشاعات مهما كان مصدرها ونوعيتها وواقعيتها، ولاحظنا تأثر الناس بها وكأن حالهم كما وصفهم القرآن الكريم في قوله تعالى: (يحسبون كل صيحة عليهم) المنافقون: 4.
8- التأثر بالأفكار الخاطئة: فالمجتمعات التي تتأثر كثيرا بوسائل الإعلام والـتي تستهدف المجتمعات هي التي لا تمتلك المناعة الثقافية والفكرية، ولا تتسلح بالمعرفة السليمة الكافية.
9- فقدان الثقة بالنفس: فقدان الثقة بالنفس هو نتيجة طبيعية للهزيمة النفسية التي يصاب بها الفرد، أو المجتمع المهزوم، إما بفعل العوامل الداخلية الضاغطة على الفرد، وإما بفعل العوامل الخارجية القاهرة التي تترك آثارها في المجتمع بصورة عامة، وبالتالي يترتب على ذلك تراجع الكفاءة الاجتماعية، وصعوبة النجاح في الحياة.
10- كثرة الشكوى والتذمر فالـذي يستمع إلى وسائل الإعلام العربـي والإسلامي يجد أن كثيرا منها ليس لديه سوى بث الشكوى والأنين مما يترك آثاره السلبية.
الانماط الناتجة لآثار الحرب النفسية
وضع المتخصصون في الحرب النفسية انماط عديدة لآثار الحرب النفسية ابرزها الآتي:
1 - استخدام القوة المفرطة: من أنماط الحرب النفسية التهديد باستخدام القوة بهدف التخويف والوعيد والردع، ومن ثم استغلال دافع الخوف لتحقيق سياسة الردع وخلق حال من الذعر والفوضى، وقد يتم استغلال بعض الأحداث، أو القيام بمجموعة من الأعمال بهدف إلقاء الرعب على الناس.
2 - العقاب الجماعي: يتمثل العقاب الجماعي في عقاب عائلات وأحياء ومدن ومجتمعات بسبب فعل قام به فرد أو أفراد قلائل، ويتمثل أيضا في محاصرة البيوت، وهدمها، وفي منع التجول، ومصادرة الممتلكات، والأراضي، واقتلاع الأشجار وحرق الزرع أو إتلافه، وفي تدمير بنى تحتية كمصادر المياه وشبكاتها، وشبكات الكهرباء، ومياه الصرف الصحي، والاتصالات، والمواصلات، وإغلاق المواقع الثقافية والتعليمية في القرى أو المدن أو الأحياء أو حتى في الشوارع، كما يتمثل العقاب الجماعي بأبشع صوره في الترحيل الجبري والطرد من الوطن.
3 - سياسة الاعتقال: تعود وسيلة الاعتقال لدى إسرائيل إلى ما قبل عام 1967، ولكن مع انتهاء الحرب الإقليمية في ذلك العام، وبداية تصاعد الحركة الوطنية الفلسطينية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، تصاعدت وتيرة الاعتقالات، وتعد سياسة اعتقال المواطنين الفلسطينيين من طرف الاحتلال الإسرائيلي، سياسة ممنهجة لها أبعادها وأهدافها على الأسير وعائلته ومحيطه الاجتماعي، وهي ظاهرة طالت أغلب العائلات الفلسطينية، بل هناك عائلات بأكملها تعرضت للاعتقال، ويهدف الاحتلال من وراء الاعتقال، القضاء على المقاومة الفلسطينية.
4 - التجريم على الصعد المختلفة: لا تتهاون إسرائيل في تجريم الشعب الفلسطيني على كافة الأصعدة، وتهدف من ذلك القضاء على هذا الشعب، فطرأ تصعيد على السياسة الإسرائيلية تجاه فلسطينيي 48، إلى درجة التجريم السياسي، على خلفية الاجتماع الذي عقده أعضاء (كنيست) عرب، من حزب التجمع الوطني الديمقراطي، مع عائلات فلسطينية مقدسية، لمناقشة السبل الكفيلة بتحرير جثامين أبنائهم المحتجزة طرف إسرائيل، الذين قتلوا برصاص قوات الأمن الإسرائيلي في أثناء تنفيذهم عمليات ضد جنود ومستوطنين إسرائيليين.
آثار الحرب النفسية على الاطفال
إن الآثار النفسية والسلوكية الناتجة من التأثر النفسي الشديد (الصدمة) والمتمثل في الضغط النفسي الذي يتجاوز قدرة الأفراد على التحمل والعودة إلى حالة التوازن الدائم بعدها، دون ترك آثار مترسبة، وهناك من الصدمات ما تجعل الإنسان في مواجهة الخوف من الموت، الإبادة، الإيذاء، العجز، الألم أو الخسارة، والآثار النفسية وقد تظهر في سلوك الأفراد، وتقاس بكمية وكيفية التغيرات التي طرأت على سلوكهم، والمتمثلة في صعوبة العلاقات الشخصية مع الآخرين، وإن من أهم تأثيرات الصدمة على الأطفال هي الاضطرابات النفسية والسلوكية التي تأخذ أشكالا متعددة، كالقلق الشديد والخوف من المجهول وعدم الشعور بالأمان والتوتر المستمر والانطواء والهواجس التي تصاحبه، فيشعر الطفل بأنه مهدد دوما بالخطر، وأن أسرته عاجزة عن حمايته، فعلى الرغم من أن الوالدين هما مصدر قوة الطفل وأمانه، إلا أنهما عاجزان عن توفير ذلك.
ازالة آثار الحرب النفسية
المواجهة بالحقيقة الدامغة: ليس هناك متل الحقائق وسيلة للقضاء على الحرب النفسية وازالة آثارها تلك حقيقة علمية يقررها علماء النفس وخبراء الحرب النفسية، فان غيبة الحقيقة تولد لدى الانسان فراغا فكريا يجعله فريسة سهلة للإشاعات والاخبار المضللة التي يذيعها الاعداء مستغلين ذلك المناخ الذي يتهيأ لهم لتحقيق اغراضهم في تدمير الروح المعنوية، ولا تفلح وسائل تكذيب الاشاعات والاخبار المضللة في ازالة تلك الآثار الهدامة كما تفلح الحقيقة التي هي السبيل الأوحد لقطع الشك والقضاء على البلبلة والغموض. فضلا عن ازالة الاثار بالعمل العسكري.
الوقاية من آثار الحرب النفسية تتمثل بالاتي:
1 – عدم الاستهانة بالدعاية او الخبر او الموقف، وعدم تبسيطها.
2 – التحرر من طغيان الخصم وصورته الدعائية.
3 – رفض القوالب الجاهزة في الحكم على الأمور والاحداث.
4 – عدم خداع النفس بالإسقاط (ينسب الشخص سلبياته للأخرين.
5 – عدم الاستلام للاحداث أو الدعايات أو الانجرار ورائها.
6 – عدم الليونة او الانحدار في الحكم حتى القضايا المصيرية.
7 – الثبات والوضوح في الاحكام، والثقة والخلفية الفكرية والوطنية.
8 – التمسك بمرجعية فكرية، وجهة قيادية.
9 – تجنب الربط الخاطئ (المتسلط يعني القوي).
10 – الانتباه واليقظة والتشكك الدائم في مرامي الخصم.
11 – تجنب أو لفظ والتشكيك والسلبية في المجتمع.
12 – التحصن بالايمان.
13 – في حال الضعف الذاتي التجأ الى جماعتك.
14 – مارس تمارين الاسترخاء والتأمل.
15 -التفكير برعاية الخصم بمنطق الكشف عن محاولات تثبيط العزائم والثقة بالنفس.