دور التربية والتعليم في تعزيز ثقافة الوسطية والاعتدال

مؤتمر الاعتدال في الدين والسياسة

2018-11-01 04:30

أ. د. حسن علي سيد/كلية التربية ابن رشد للعلوم الانسانية – جامعة بغداد.
أ. م. د. ايمان حسن جعدان/كلية التربية ابن رشد للعلوم الانسانية – جامعة بغداد.

(بحث مقدم الى (المؤتمر الوطني حول الاعتدال في الدين والسياسة) يومي 22 و23 اذار 2017، الذي عقد من قبل مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام ومركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء ومركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية)

المقدمة:

ان تعزيز ثقافة الوسطية والاعتدال سلوكاً وممارسة من الأمور المهمة في الوقت الراهن كما هي من قبل، ولكنها اكثر لزاماً لما ظهر اليوم من دعوات الى الغلو والتطرف بشكل واسع وخصوصاً بين فئات الشباب، ولا يقتصر هذا الدور فقط على فئة معينة كعلماء الدين مثلاً، بل ينبغي ان يمتد حتى يعم جميع المؤسسات الفاعلة في وطننا العزيز، واهم تلك المؤسسات هي التي تتعامل مع فئة الشباب لأن مرحلة الشباب في حياة الانسان تعد من اخطر المراحل المؤثرة في حياتهم المستقبلية، فاذا تعهدتها المؤسسات التربوية والشبابية بالرعاية والعناية والتوجيه منذ البداية انعكس ذلك على المجتمع صحة ونقاء، وألفة وبناءً واستقراراً، إذ يجب ان يبدأ هذا الدور منذ اللحظة الأولى من حياة الانسان في مرحلة الطفولة، من خلال ترسيخ الوالدين لثقافة الوسطية والاعتدال بالقول والفعل، بأن يمارس الوالدان هذه الثقافة سلوكاً حياتياً فيتجنبان التنازع والشقاق والخلاف في معظم الأوقات ليرى أولادهم منهم هذا السلوك، فيتأثروا به مع التوجيه المستمر الى سلوكات الاعتدال في كل شيء وبث الثقافة الإسلامية التي تتعلق بهذا الجانب، وذكر الآيات والاحاديث النبوية التي تدعو الى الاعتدال والوسطية، كقول الله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) سورة البقرة الآية 143، وغيرها من الآيات الحاثات على سلوك الاعتدال.

ثم يأتي دور المؤسسات التربوية في صقل شخصيات المتعلمين منذ بداية دخولهم لهذه المؤسسات حتى تخرجهم منها، وعليه يجب ان يكون دور هذه المؤسسات فاعلا وناجحا في بناء شخصية المتعلمين فيها بناء سوياً متكاملاً بعيداً عن الفكر المتطرف وقائماً على الوسطية والاعتدال لان الفكر المنحرف يؤدي في النهاية الى تدمير مستقبل الفرد وبالتالي تدمير جيل بأكمله، ويمكن للمؤسسات التعليمية سواء المدارس او المعاهد او الجامعات تفعيل ثقافة الوسطية والاعتدال في اذهان الدارسين فيها، ولايمكن ذلك عشوائياً ودون تخطيط، ولكن يجب تضافر جهود جميع العاملين في هذه المؤسسات لإنجاح ذلك.

• اهداف البحث:

يستهدف البحث الحالي التعرف على:

 معنى التربية.

 معنى الوسطية والاعتدال.

 المضامين التربوية للوسطية والاعتدال.

 دور التربية والتعليم في تعزيز ثقافة الوسطية والاعتدال.

• منهجية البحث:

استعمل الباحثان المنهج الوصفي التحليلي الذي يسعى من خلاله الإجابة عن تساؤلات البحث من خلال جمع البيانات من المصادر، وتبويبها وتحليلها.

• المعنى الاصطلاحي للتربية عرفها كل من:

 سرحان (1981):

عملية تكيف بين الفرد وبيئته، تنشأ عن طريق اشتراك الفرد في الحياة الاجتماعية الواعية للجنس البشري (سرحان، 1981: 21).

 سلطان (ب ت):

نظام اجتماعي لها جميع خصائص النظم الاجتماعية (سلطان، ب ت: 25).

• المعنى الاصطلاحي للوسطية عرفها كل من:

- القرضاوي 1985):

التعادل او التوسط بين طرفين متقابلين متضادين، بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير ويطرد الطرف المقابل، وبحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه ويطغى على مقابله ويحيف عليه(القرضاوي، 1985: 127).

• المعنى الاصطلاحي للاعتدال عرفه:

التغير عن حالة الاعتدال والاستقامة (الاندلسي، 2001: 505)، والطمأنينة اعتدال وسكون على ذلك الاعتدال فطمأنينة الأعضاء معروفة كما قال صل الله عليه وسلم (ثم اركع حتى تطمئن راكعا)(الوجيز، ب ت:441)، والاستواء: اعتدال العقل وكماله (الخلوتي، ب ت: 225).

الوسطيّة، والاعتدال في هذا البحث يقصد الباحثان:الاتزان والاعتدال في أقوال وأفعال وسائر مظاهر سلوك الفرد، والابتعاد عن الإفراط والتفريط في جميع نواحي الدين والدنيا:فلا مبالغة، ولا تقصير، ولا تساهل، ولا تفريط في حق من حقوق الله سبحانه وتعالى، ولا في حق من حقوق الفرد نفسه، ولا في حق من حقوق الآخرين.

• المضامين التربوية للوسطية والاعتدال:

يمكن تناول المضامين التربوية:

أ - المقصود بالمضامين التربوية:

يقصد بالمضامين التربوية: كافة المقاصد، والأنماط، والأفكار، والقيم، والممارسات التربوية التي تتم من خلال العملية التربوية والتعليمية لتنشئة الأجيال المختلفة عليها تحقيقا للأهداف التربوية المرغوب فيها) الغامدي، 1401 ه:40)، إذ ان المضامين التربوية لمفهوم الوسطية في الإسلام تأتي بمثابة القاعدة والركيزة الأساسية لمختلف جوانب المنهج التربوي الإسلامي الذي يهدف في مجموعة إلي البناء والإعداد التربوي الشامل للشخصية المسلمة المتكاملة الجوانب التي لا إفراط فيها ولا تفريط؛ فإنه يمكن تسليط الضوء على تلك المضامين التربوية للوسطية، والاعتدال في الإسلام من خلال استعراض الجوانب الآتية:

ب- المضمون التربوي للوسطية والاعتدال في الإسلام:

انطلاقا من كون الإسلام هو الدين الوسط الذي ينظر ويتعامل مع مختلف جوانب الحياة الإنسانية من منظور وسطي ومتوازن؛ فإن المضمون التربوي للوسطية، والاعتدال في الإسلام يتجلى في جميع جوانب الحياة دينية كانت أو دنيوية، فردية أو جماعية، قولية أو فعلية، وبخاصة أن مفهوم الوسطية والاعتدال في الإسلام ليس مجرد شعار رفعه الإسلام ونادى به، وإنما هو ممارسة عملية في واقع الحياة وتطبيقاتها فردية كانت أو جماعية.

ونظرا لكون هذه المضمون يشمل جوانب كثيرة جدا وذات ارتباط قوي بشتى جوانب حياة الإنسان والمجتمع المسلم، سواء فيما يتعلق بالعبادات أو المعاملات أو العلاقات الفردية أو المجتمعية؛ فإن ما سنشير إليه سيركز على بعض من مظاهر المضامين التربوية للوسطية والاعتدال في بعض جوانب الحياة المختلفة التي يأتي من أبرزها ما يأتي:

 المضمون التربوي لوسطية الإسلام في الجانب الأخلاقي:

يتضح هذا المضمون عندما نعلم أن الأخلاق تعد في الدين الإسلامي والتربية الإسلامية أحد أهم أركان البعثة النبوية التي جاءت لتخرج الناس بِإذن الله تعالى من الظلمات إلي النور، وهو ما يتضح من دلالة الحديث النبوي الشريف (صل الله عليه واله وسلم) قال: (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) الأًصبحي، الحديث رقم 1609: 904).

وقال (صل الله عليه واله وسلم)(أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) (الترمذي، الحديث رقم 4682: 632).

ويعلق على هذا المعنى أحد علماء الإسلام بقوله: فإذا كانت الأخلاق هي جوهر الإنسانية وملاك أمرها، فلا بد من الإقرار بأن الأخلاق لها القول الفصل في صلاح الحياة الإنسانية وفسادها، وأن القوانين الخلقية هي التي تسيطر على رقي الإنسان وانحطاطه (المودودي، 1400 ه: 20).

ويأتي من الأمثلة التي توضح المضمون التربوي لوسطية الإسلام في الجانب الأخلاقي ما يأتي:

- وسطية الإسلام في نظرته للأخلاق؛ إذ أن تعاليمه وتوجيهاته وتربيته على وجه العموم جاءت وسطا في هذا الشأن، فجعلت للأخلاق حدوداً لا تتجاوزها أو تقصر عنه، وهو ما يعبر عنه أحد العلماء بقوله: للأخلاق حد متى جاوزته صارت عدوانا، ومتى قصوت عنه كان نقصا ومهانة...فأعدل الناس من قام بحدود الأخلاق والأعمال والمشروعات معرفة وفعلا (الجوزية، 1393 ه: 172).

- وسطية الإسلام في تصوره للطبيعة البشرية التي نظرت إلي الإنسان بمنظور وسطي فيما يخص الجانب الأخلاقي فلا هو بالكائن الملائكي في أخلاقه، ولا هو بالكائن الحيواني؛ وإنما هو مخلوق مركب من عقل وشهوة؛ فإن قاده عقله إلي معرفة ربه، وضبط شهوته وفق منهج خالقه سما، وسما حتى تجاوز في سموه الملائكة المقربين، وإن عطل عقله، أو أساء استخدامه فنسي سر وجوده، وجهل منهج ربه، وتحكمت فيه شهواته ونزواته، سقط حتى صار أدنى من الحيوان (النابلسي، 1419 ه: 59 - 60).

- وسطية الإسلام في نظرته إلي أمهات الأخلاق وعمومياتها من حيث المواءمة بين الشرع والعقل، فقد جعل المولى عز وجل أمهات الأخلاق والفضائل واضحة في أذهان المسلمين، فأمهات الفضائل التي أمر الشارع بها وحث عليها معروفة غير منكورة، وأمهات الرذائل التي حذر الشرع منها، ونهى عنها معلومة غير مجهولة.) الصلابي، 1419ه: 362).

 المضمون التربوي لوسطية الإسلام في الجانب الثقافي:

يتضح هذا المضمون من خلال الدعوة إلي ضرورة التأمل والتفكر الإيجابي النافع والمفيد في كل ما له علاقة بالجوانب الثقافية التي يعيشها الفرد في مختلف مراحل حياته سواء أكانت بشكل مباشر أم غير مباشر، وسواء أكانت فردية أم جماعية، خاصة أم عامة، ولا سيما أن للثقافة دلالات كثيرة، واستعمالات متنوعة ومجالات مختلفة في حياة الأفراد والمجتمعات، ولكونها ترتبط ارتباطاً وثيقا بالتربية وتكون نتيجة ذلك أن يتأثر كل منهما بالآخر تأثراً فاعلاً ومستمراً، ويأتي من أبرز الأمثلة التي توضح المضمون التربوي لوسطية الإسلام في الجانب الثقافي ما يأتي:

- وسطية الإسلام في اختيار منهج التفكير على اختلاف مجالاته، فلا يقبل بالتفكير المثالي الخيالي الذي يصعب تحققه في الواقع، ولا يعترف بالتفكير الانفعالي العاطفي البعيد عن الصواب والحكمة، ولكنه يدعو إلي التفكير الواعي الرشيد المتأني المبني على التأمل والتحقق وحسن النظر سواء أكان ذلك في البدايات أم في النهايات والعواقب، وهذا يعني أن الوسطية، والاعتدال مطلوبة في التفكير، وفي الحكم على الأشياء (آل الشيخ، 1422هـ: 9).

- وسطية الإسلام في تقبل الآخر والتعامل معه كائناً من كان، فلا يلغي هذا الفهم ويرفضه بالكلية، وفي الوقت نفسه لا يقبله على إطلاقه دون تفكير أو تمحيص أو تدقيق؛ إذ أنه يخضعه لتعاليم الدين الحنيف ومرئيات العقل الواعي الرشيد، ولا سيما عندما يكون هذا الفهم في الأمور والجوانب التي لها علاقة بالمصالح والمنافع العامة، والتي لا تتعارض أو تتنافى أو تتصادم في اصلها مع ثوابت الدين وتوجيهاته، والتي يمكن أن يستفاد منها في مختلف المجالات والميادين الحياتية فردية كانت أو اجتماعية، وهو ما يؤكده أحد الباحثين بقوله (ولا يغمط الإسلام ثقافة الآخرين ومعارفهم وتجاربهم، لكنه يصحح المعوج منها أو الضار، ويوجه الناس للخير دون إجبار) الزحيلي، 1425 ه: 38).

- وسطية الإسلام في طريقة الحكم على الأشياء، وكيفية التعامل مع مختلف المجريات الحياتية، وبخاصة أن غالبية ما حول الفرد من الكائنات، والمكونات، والظروف، والأحوال قابل للتغيير والتجديد والتنوع والتطور الذي يستمر ويتواصل، ويساير حركة الزمن وتغير الظروف، ومن هنا فإن الحكم الصحيح والمعتدل على الأشياء يجعلها تنعم بمعطيات التقدم والرقي الحضاري فالمجتمعات التي اعتمدت منهجاً وسطاً في التربية الفكرية والثقافية لأبنائها تعيش نهضة إنسانية وعلمية وثقافية (بن تنباك، 1421 ه: 91) 91).

- وسطية الإسلام في توجيه فكر الإنسان وثقافته توجيهاً لا جمود فيه ولا جموح، ولا خروج عن الاعتدال والاتزان، ومرد ذلك بطبيعة الحال راجع إلي المنهج الوسطي المعتدل في كيفية التعامل مع مختلف القضايا والأحوال، وبذلك يمكن القول إن العقل و الاتزان مطلوب لكن مع عدم إلغاء العاطفة، والعاطفة الجياشة مطلوبة، والحماس للدين مطلوب؛ لكن مع عدم غياب العقل السليم (آل الشيخ، 1422 ه: 44).

• دور التربية والتعليم في تحقيق المضامين التربويه للوسطية والاعتدال:

إن التربية والتعليم هو مصدر سعادة الأفراد والمجتمعات، وهو وسيلتها الأساسية لتحقيق أهدافها والوصول إلى غاياتها وطموحاتها. وإن تعليماً مقصوده سعادة الفرد ومجتمعاته، لا يمكن أن يكون مجرد تلقين واستظهار وتزويد بالمعرفة والمعلومات، بل لا بدّ أن يكون عملية بناء شاملة لشخصية الفرد المتعلم من جميع جوانبها، بطريقة متكاملة متوازنة، وإن أهم مؤسسة تعليمية يمكنها القيام بعملية بناء جيل يسير بالمجتمع نحو التطور والرقي والسعادة، هي المدرسة والجامعة ؛ فهي" مؤسسات اجتماعية تربوية علمية ثقافية" التي أوجدها المجتمع من أجل تحقيق أهدافه وغاياته، من خلال إيجاد وسط منظم يساعد على تنمية شخصية الفرد من جميع جوانبها الجسمية، والعقلية، والانفعالية، والروحية بشكل متكامل ومتوازن، وتمكنه من اكتساب القيم والاتجاهات والمعارف والأنماط السلوكية التي تجعله فرداً سوياً، تحميه من الانحراف والفساد، والخلل القيمي، التي أوجدته عوامل الهدم في المجتمع (العاجر، 2007: 398)

وهي مؤسسات علمية مستقلة ذات هيكل تنظيمي معين وأنظمة وأعراف وتقاليد أكاديمية معينة، وتتمثل وظائفها الرئيسية في التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، حتى تشكل في النهاية شخصية الفرد المسلم المتكامل، المنسجم مع بيئته وحضارة عصره، من هنا فإن التربية والتعليم تسعى إلى وتعمل على بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة للفرد المستوعبة لروح العصر وطبيعة العلاقة بين العلم والعقل من جهة، والإيمان والعقيدة والقيم من جهة ثانية، وهي تتجه وجهة تسعى من خلالها إلى تجديد الاجتهاد، وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام، انطلاقا من كونه طريقة حياة ومنهج عمل في جو من الوسطيّة والاعتدال، بعيدا عن التعصب والغلو والتطرف، من خلال قيام العناصر الأساسية في منظومة التربية والتعليم تتمثل ب (المعلم، والمناهج والمقررات الدراسية، والطالب، والأنشطة الطلابية) بما يجب عليها من أدوار ومهام يمكن الإشارة اليها على النحو الاتي:

 المعلم:

وهو اهم العناصر والركائز التي تقوم عليها العملية التربوية والتعليمية، إذ يقوم بالعديد من المهام والوظائف العلمية والتعليمية والبحثية التي تشكل في مجموعها طبيعة عمله التربوي، وله دور بارز في مختلف المراحل التعليمية بل لعناصر التعليم من منهج وكتاب ووسائل ومعينات وغيرها تفتقد أهميتها اذا لم تصادف معلماً فعالاً، ينفث فيها روحه فتسري فيها الحياة وتنبعث فيها الحركة والنشاط (عبد العال، 1416 ه: 5).

وبناء على ذلك يمكن توضيح دور المعلم في تحقيق المضامين التربوية للوسطية والاعتدال من خلال الآتي:

1- أن يكون قدوة حسنة في قوله وعمله ونيته كل شأنه، ولا سيما أنه يقوم بدور المربي والأب والقائد والموجه لمن يتعامل معه من الطلاب وغيرهم في داخل المحيط التعليمي.

2- أن يكون أميناً في أداء رسالته العظيمة التي تفرض عليه استشعار أهميتها، وأداءها بمهنية عالية، وأن يسعى من خلالها إلي تحقيق أمن الوطن واستقراره، والحرص على سمعته وحفظ مكانته بين المجتمعات الإنسانية الأخرى.

3- أن يغتنم ساعات لقائه بالطلاب في قاعات الدراسة وغيرها في تقديم ما يمكن تقديمه لهم من المعلومات والمعارف والخبرات العلمية والعملية، التي تنبئ عن تمكنه العلمي وسعة إطلاعه وحرصه على كل جديد ومفيد في تخصصه.

4- أن يحرص على القيام بدوره التوعوي الملقي على عاتقه في جانب التوجيه والإرشاد للطلاب والدارسين انطلاقا من شعوره بوجوب دلالتهم على الخير، وتوجيههم إليه، وتحذيرهم من الشر، وتجنيبهم إياه، وحثهم على تقويم وتصحيح السلوكيات الخاطئة لديهم من خلال التصدي الواعي لكل ما كان دخيلاً، أو مستورداً، أو منحرفاً من الأفكار، والقيم، والمبادئ، والمظاهر السلوكية التي تضر بهذا المجتمع، وتؤثر سلبياً على فكر أبنائه وسلوكياتهم بأي صورة من الصور.

5- أن يتميز بالأمانة الفكرية والعلمية القائمة على الوسطية، والاعتدال الإيجابية، من خلال بحثه المستمر عن الحقائق واجتهاده الدائم في معرفتها والعمل بمقتضاها بحيادية وموضوعية، ودونما إفراط أو تفريط أو نحو ذلك.

6- أن يشارك بدور فاعل وإيجابي في التواصل مع طلابه من خلال تنويع مشاركاته في الحملات التوعية والوقائية الموجهة للطلاب وغيرهم من فئات المجتمع، ولا سيما في مواجهة التيارات والتحديات والحملات الفكرية الضالة أو المنحرفة.

7- أن يحرص على التنويع والتطوير الإيجابي في مختلف الوسائل والأساليب التعليمية التي يستخدمها (تدريسا أو بحثاً) مع طلابه، بأن تعتمد في المقام الأول على مخاطبة الفكر الناضج وتنمية القدرات الذهنية الواعية عندهم.

8- أن يسعى لإكساب طلابه مختلف المهارات العقلية والعلمية التي تنمي عندهم مهارات التفكير العلمي الناقد، والقدرة على التمييز بين الحق والباطل والضار والنافع.

9- أن يسهم في ترسيخ المفهوم الصحيح والمضامين التربوية اللازمة لتحقيق المقصود بالمواطنة الصالحة عند الطلاب من خلال تثقيف أفراد المجتمع، وتوعيتهم بضرورة تدعيم القيم والمبادئ والاتجاهات الحسنة والإيجابية التي يتبناها المجتمع، وبذلك يسهم في نشر ثقافة التسامح والتعايش والوسطية والاعتدال والبعد عن الغلو والتطرف والعنف.

 المناهج والمقررات الدراسية:

وهي أحد أهم العناصر الأساسية التي تعتمد عليها العملية التعليمية، ولها أهمية بالغة إذ إنها تعد من أهم مقومات العمليتين التعليمية والتربوية، ويعدها بعضهم أهم المقومات قاطبة، ويرى بعضهم الآخر أنها تأتي في المرتبة الثانية بعد المعلم، ومهما كانت درجة أهميته فبدونها لا يكون هناك تعليم ولا تربية (أبوهلال، 1993: 494)، وتشتمل المناهج والمقررات الدراسية على المضمون العلمي والعملي، والخبرات التعليمية التي يتم تقديمها للطلاب سواء أكانت داخل قاعات الدراسة ام خارجها والتي يمكن من خلالها ترجمة اهداف العملية التعليمية الى مواقف تعليمية يمكن قياسها وتقويمها ويمكن توضيح دور المناهج والمقررات الدراسية في تحقيق المضامين التربوية للوسطية، والاعتدال من خلال الاهتمام بما يأتي:

1- أن تكون منبثقة من طبيعة حياة المجتمع وحاجاته ومتطلباته إلي الاعتدال والوسطية، ومحققة لآماله وتطلعاته، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت متوافقة مع عقيدة وفكر المجتمع، ومتناسقة مع نظمه وتوجهاته، ومنسجمة مع آماله وطموحاته، وغير متعارضة أو مصادمة لثقافة وأهدافه وآماله وطموحاته.

2- أن تخضع موضوعات المناهج والمقررات الدراسية في مختلف المراحل والمستويات والتخصصات العلمية لعملية تحديث علمي ومنهجي حتى تكون متوافقة ومسايرة لمختلف التغيرات التي تفرضها تطورات الحياة المعاصرة في شتى المجالات والميادين الحياتية.

3- أن تساعد الطالب على متابعة تطوير ذاته ومعارفه ومفاهيمه ومهاراته وفقاً للمفهوم الصحيح والإيجابي للوسطية، والاعتدال من خلال ما يعرف حديث باسم التعلم الذاتي الذي يستمر معه طول حياته.

4- أن تسهم المناهج والمقررات الدراسية في إكساب الطلبة صدق الانتماء والولاء لدينه ولوطنه، والتأكيد على ارتباط الطالب بوطنه، واعتزازه بتاريخه، وفخره بمعطياته في شتى المجالات والميادين.

5- أن تعمل على توسيع دائرة الكيفية التي يمكن للطالب من خلالها الحصول على المعلومات والمعارف العلمية والمعرفية الوسطية ولا سيما الفكرية والثقافية منها، وعدم حصرها في ما يحتويه الكتاب المقرر كوعاء وحيد يمكن الرجوع إليه في هذا الشأن.

6- تكثيف الأنشطة التعليمية ولا سيما التطبيقية منها، وربطها المباشر بكل مقرر تدريسي في المرحلة الدراسية، وبذلك يمكن أن تكون هذه الأنشطة في مجموعها مكملة للمحتوى العلمي النظري الذي يستهدف نشر ثقافة الوسطية والاعتدال في البيئة التعليمية قولاً وعملاً.

7- أن يتحقق من خلالها تنمية وتطوير قدرات الطالب على تحكيم العقل الواعي في مختلف القضايا، والقدرة على التفكير الموضوعي، وحسن استخدام المنهج العلمي في الحصول على المعارف واكتشاف الحقائق ومعالجة القضايا والمشكلات المختلفة.

8- أن يتم إخضاع المحتوى العلمي والمعرفي للمقررات والمناهج الدراسية في جميع التخصصات للمراجعة العلمية الدورية الفاحصة التي تستهدف تقويمها العلمي والمعرفي، والعمل على تخليصها من كل ما قد يرسخ معاني ومظاهر الغلو والتطرف والانحراف الفكري، أو ينمي ثقافة العنف والعدوان والجريمة.

9- أن تعمل على بث وغرس القيم الأخلاقية والاجتماعية الفاضلة التي تحث في مجموعها على احترام الآخرين وتقديرهم، والاستعداد للتعاون الإيجابي معهم طمعاً في تحقيق المصالح العامة لأفراد المجتمع.

 الطالب:

الذي يعد محور العملية التعليمية، وهو الموضوع المباشر للعملية التربوية بين أسوار المؤسسة التعليمية بحيث يتمكن خلالها من استكمال نمو شخصيته في جوانبها المختلفة، واكتساب ما يحتاج إليه من المهارات، والمعارف، والقدرات، والعمل على تطويرها وتنميتها من خلال مختلف البرامج والمناشط العلمية والعملية في داخل وخارج المؤسسة التعليمية، وبذلك يكون الطالب الجامعي المستهدف الأول لتحقيق مفهوم الوسطية والعمل بمضامينها التربوية في المجتمع. وبناء على ذلك فإنه يمكن توضيح دور الطالب في تحقيق المضامين التربوية للوسطية من خلال الاهتمام بما يأتي:

1- أن يعتني الطالب (ذاتياً) بتحصيل المعلومات والمعارف المختلفة ولا سيما ما كان له علاقة بالوسطية ومظاهرها سواء من المعلم، أو من المصادر العلمية الأخرى داخل المؤسسة التعليمية لتكون إضافة إيجابية إلي رصيده العلمي ومخزونه الفكري والمعرفي.

2- الحرص على المشاركة الإيجابية في مختلف الأنشطة الطلابية الممكنة التي تنظمها المؤسسة التعليمية لطلابها، والتي يمكن من خلالها تعرف القيم والمبادئ والمثل الصحيحة وممارستها، ولا سيما أن التعليم يعد نظريا كان أو عملياً بمثابة المدخل الطبيعي لتثبيت تلك القيم والمبادئ وترسيخها في النفوس.

3- التدرب على كل ما من شانه تقوية روح المسؤولية الفردية والجماعية والولاء الصادق والانتماء الحق للوطن، والمحافظة على مكتسباته، والاستعداد للمشاركة في حفظ كيانه، والتضحية من أجله.

4- العمل على فتح باب الحوار والنقاش الفكري المتزن مع من حوله من المعلمين والمدرسين والزملاء والرفاق الذين يمكن من خلال النقاش معهم الاستماع إلى كثير من وجهات النظر والآراء المختلفة، وفي ذلك إثراء للجانب العقلي والفكري عنده.

5- أن يحرص الطالب على اكتساب مهارة البحث العلمي الجاد، والتزود بما يلزم ذلك من المهارات والخبرات العلمية والعملية الكفيلة بتأهيله لمواجهة المشكلات الاجتماعية ولا سيما الفكرية منها والمعرفية، وحتى يتمكن من الإسهام الفعلي في بحثها والتأمل في مختلف أبعادها وجوانبها، والعمل على علاجها أو إيجاد الحلول المناسبة لها.

6- الحرص على ارتياد المكتبات والإفادة من تنوع المصادر العلمية والمعرفية التي يمكن من خلالها الحصول على المعلومات والمعارف والعلوم المطلوبة للتحصيل العلمي والمعرفي الوسطي الكفيل بتنمية القدرات، وشحذ الأذهان، والتدرب التدريجي على التمييز والمقارنة وحسن الاستنباط، ومن ثم الوصول إلي النتائج المنشودة.

7- الإسهام في إعداد المطويات والنشرات والملصقات التوعوية حول مختلف القضايا ذات العلاقة بالمضامين التربوية للوسطية والاعتدال، والعمل على توزيعها في مختلف المناسبات لنشر الوعي المطلوب في داخل المؤسسة التعليمية.

8- الإفادة من برامج النشاط الطلابي داخل أسوار المؤسسة التعليمية في تقديم البرامج التوعوية الخاصة بالتثقيف المعتدل بين الطلاب من خلال إعداد المسابقات والمناشط المتنوعة التي تستهدف نشر الوعي اللازم بأهمية الوسطية والاعتدال وضرورته لكل أفراد المجتمع وربط ذلك بالمفاهيم الدينية والثقافية والمعرفية والسلوكية ونحوها.

9- استشعار الواجب الأمني المتمثل في الوعي اللازم بضرورة الحرص واليقظة الفردية، وعدم السكوت عن ما قد يثير الريبة أو الشكوك من الجرائم أو المظاهر السلوكية المنحرفة عن الصواب والتي توحي أو تشير إلي وجود ما قد يخل أو يؤثر على الأمن الفكري خاصة، أو الأمن الشامل عامة.

 الأنشطة الطلابية:

تأتي هذه الأنشطة كواحدة من أهم الحقول التي ينبغي التركيز في الاهتمام بها لشغل وقت الفراغ عند الطلاب، ولتحقيق الإفادة المرجوة من طاقاتهم ومواهبهم واستعداداتهم المختلفة التي تسهم بفاعلية في تحقيق الأهداف العامة للعملية التربوية والتعليمية بحيث إن الأنشطة الطلابية تشمل تلك البرامج التعليمية التي لا تكون -في الغالب- مفروضة على الطلاب؛ إلا أنهم يقبلون عليها برغبتهم المحضة لغرض إشباع ميولهم، أو تنمية مداركهم، أو صقل مواهبهم، أو نحو ذلك، الأمر الذي يميزها ويجعل الإقبال عليها منطلقاً من الدوافع الذاتية عند الطلاب أنفسهم، وبناء على ذلك فإنه يمكن توضيح دور الأنشطة الطلابية في تحقيق المضامين التربوية للوسطية، والاعتدال من خلال الاهتمام بما يأتي:

1- أن يعتني بتنظيم الأنشطة الطلابية داخل وخارج المؤسسة التعليمية، لما تسهم به هذه الأنشطة من أدوار فاعلة في ترجمة الأفكار والمفاهيم وتحويلها إلي تطبيقات وسلوكيات وممارسات حياتية، ويأتي من أبرزها تعزيز ثقافة الوسطية والاعتدال لدى الطلاب سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي.

2- أن تكون هذه الأنشطة تحت إشراف ورعاية وتنظيم من يوثق في دينه وأمانته وعلمه وخلقه من أعضاء هيئة التدريس المؤهلين الذين يقومون على إعداد برامجها وتنظيم فعالياتها بمساعدة الطلاب من مختلف المستويات.

3- أن تعمل هذه الأنشطة في مجموعها على تأصيل وعي الطلاب بمختلف القيم الإيجابية التي تسعى المؤسسة التعليمية إلي تحقيقها وغرسها في نفوس الطلاب داخل أسوارها، والتي -لاشك- أنه سيكون لها بعض الانعكاسات الإيجابية على المجتمع بعامة.

4- أن يتم توجيه الأنشطة لتوجيه وإرشاد الطلاب إلى الوسائل الأولية التي تحول بينهم وبين الوقوع في المحاذير والأخطار الناجمة عن تأثير الرفقة السيئة، ومحاولة الاجتهاد في تعرف الدلالات المختلفة، وقراءة العلامات والمؤشرات الخفية فردية كانت أو مجتمعية -مهما كانت ضعيفة، والتي تنذر باحتمال وقوع الخطر.

5- أن تشجع هذه الأنشطة الطلاب على تعزيز مبدأ الحوار المفتوح، والتعبير الصريح عن وجهات نظرهم وطرح آرائهم بكل شجاعة وجرأة ما دامت تهدف إلي تحقيق الأهداف المنشودة والغايات المأمولة.

6- أن يتم ربط الأنشطة الطلابية بالأحداث والمناسبات المجتمعية التي يعيشها أفراد المجتمع ويتفاعلون معها على مدار العام الدراسي، وأن يعتني من خلالها بمناقشة القضايا الرئيسة في تناول موضوعي وطرح جذاب.

7- أن تكون الأنشطة الطلابية مناسبة لمستويات الطلاب ومراعية لمستوياتهم الفكرية والعمرية، وأن تراعي رغباتهم وميولهم حتى يتحقق التفاعل المطلوب والمنشود من تنظيمها.

8- أن تهتم هذه الأنشطة بنشر الوعي الفكري الصحيح لثقافة الوسطية والاعتدال.

9- أن تتاح الفرصة للشباب الجامعي من خلال هذه الأنشطة حتى يمارسوا أثناء فترة دراستهم بعضاً من الأنشطة في مختلف المؤسسات والمرافق المجتمعية الأخرى ومن ثم يمكن مساعدتهم على اكتشاف ما يمكن لهم تأديته من الأدوار المتنوعة في خدمة المجتمع.

10- أن تعمل هذه الأنشطة على مد جسور التعاون الفاعل بين الطلاب من جهة والمؤسسات المجتمعية من جهة أخرى من خلال القيام بالزيارات الميدانية، والعمل على تبادل المعلومات ذات العلاقة، وإعداد البرامج التوعوية والوقائية المشتركة بين المؤسسة التعليمية وغيرها من المؤسسات الأخرى للعمل على توعية وإرشاد الطلاب وتوجيههم ومساعدتهم على فهم بعض مشكلاتهم وعلاجها بما يناسبها من الحلول والخطوات الإجرائية.

الأهداف العامة للتربية والتعليم:-

1- هدف التربية هو إعداد المواطن الصالح والفرد لذاته ليصل إلى درجة الكمال الإنساني في شخصيته وقدراته وقابليته واستعدادته.

2- تربية الطالب تربية متنوعة تهتم بفكره وأحاسيسه وعواطفه وانفعالاته وجسمه وأخلاقه.

3- إعداد الطالب للحياة ومتطلباتها وتؤكد على الإيمان بالله وجاء من عنده في محكم كتابه.

4- تهدف التربية إلى تكوين الفرد العارف لحقوقه فيمارسها والمدرك لواجباته فيقوم بها المشجع لمبدأ الرأي والرأي المنفتح في عقله وفكره على آراء الآخرين.

5- تهدف التربية إلى تقوية الشعور بالوحدة الوطنية والقومية والقاعدة التي يستند إليها هذا الشعور.

6- تنمي التربية السلوك التربوي للطلبة وتعمل على زيادة قدراتهم الذاتية لتحقيق حاجاتهم وتعمل على حل مشكلاتهم.

7- تهدف التربية إلى تنمية ميول الطلبة وتحقيق رغباتهم.

التوصيات

1- ضرورة العمل على توظيف مختلف وسائل الثقافة والاتصال والإعلام والتعليم داخل المؤسسات التعليمية لإبراز قيم الوسطية والاعتدال، ومن ثم الرفع من مستوى الوعي لدى أبناء المجتمع في مختلف المجالات العلمية والمعرفية.

2- أهمية العناية بنشر الوعي الصحيح من خلال الأنشطة الطلابية ولا سيما فيما يخص ثقافة الوسطية والاعتدال ليكون الجميع أكثر وعياً بمخاطر وسلبيات الغلو والتشدد، وليكونوا قادرين على حماية أنفسهم ومجتمعهم من كل فكر دخيل أو هدام أو مستورد من خلال الاستعداد للتصدي له وكشف زيفه ودحض شبهته.

3- التأكيد على ضرورة مضاعفة الجهود داخل وخارج المؤسسة التعليمية للإسهام الإيجابي في شغل وقت الفراغ بالجديد والمفيد في حياة أبناء المجتمع ولا سيما من فئة الشباب الذين -لا شك- أنهم يتعرضون بشكل خاص للكثير من الحملات المقصودة على اختلاف أنواعها، وليس بخاف على الجميع ما تشتمل عليه تلك الحملات من دعوات تستهدف فساد العقائد، وتمييع الهوية، ومسخ الشخصية، وتغير نمط الحياة، ونحو ذلك.

4- ضرورة عقد الندوات والمؤتمرات واللقاءات المعنية بمناقشة قضايا الوسطية ، والاعتدال، والتشجيع على إقامة المعارض، والمخيمات، والمسابقات، والأمسيات الشعرية، وعقد البرامج والدورات التدريبية الموجهة لدعم الفكر الوسطي.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي