التنظيم القانوني للتأمين الالكتروني
((دراسة مقارنة))
مؤتمر الإصلاح التشريعي
2018-05-26 05:30
بحث مقدم الى مؤتمر (الاصلاح التشريعي طريق نحو الحكومة الرشيدة ومكافحة الفساد) الذي اقامته مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام وجامعة الكوفة/كلية القانون 25-26 نيسان 2018
اعداد: الدكتور المدرس ماهر محسن عبود الخيكاني/جامعة بابل- كلية القانون
المقدمة
تعد صناعة التأمين جزءا "حيويا" من الاقتصاد الوطني، ولايمكن لهذا الاخير ان ينمو ويتطور بمعزل عن الاقتصاد العالمي، وهذا يتطلب ان تكون عملية التأمين تواكب التطورات الحديثة، مما يتطلب عرض خدمات التأمين الكترونيا" والابتعاد عن العمليات التقليدية لإجراء عقود التأمين وهو ما يوفر جملة من المزايا تنسجم مع السرعة والمرونة التي تتميز بها المعاملات التجارية، وحيث ان استخدام شبكات الانترنيت لعرض خدمات التأمين فكرة حديثة على الدول النامية وتتطلب وعي وادراك اهمية التجارة الالكترونية على التنمية الاقتصادية وتحقيق الاهداف المبتغاة من قبل شركات التأمين.
لذلك فإن بيان التنظيم القانوني للتأمين الالكتروني ضرورة تتطلبها واقع الحياة التجارية المليئة بالمخاطر وخصوصا" اصحاب الشركات الاستثمارية الذين يرغبون ابرام عقود تأمين على استثماراتهم بعيدا" عن اجراءات التعقيدات الادارية التي تكون عقبة في جذب الاستثمارات، أضف الى ذلك ان عرض خدمات التأمين الكترونيا يتطلب من الدول تهيئة التقنيات الفنية الحديثة ونشر الوعي الالكتروني لدى المستهلكين وموظفي شركات التأمين باستخدام الشبكة المعلوماتية للتسوق الالكتروني لخدمات التأمين.
وتكمن صعوبة البحث ان أغلب دول العالم لم تنظم التأمين الالكتروني في قانون مستقل، الا ان بعضها قد تبنى فكرة عرض خدمات التأمين الكترونيا" على ارض الواقع مستندا" في ذلك الى قوانين التجارة الالكترونية والتوقيع الالكتروني والتي عرفت العقد الالكتروني بوجه عام وكيفية ابرامه وتنفيذه الكترونيا"، بينما نجد في العراق على الرغم من صدور قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية رقم 78 لسنة 2012، الا أن التأمين ظل يمارس وفق الطريقة التقليدية وهو ما لمسناه واقعيا" لدى شركات التأمين الوطنية التي تمارس التأمين بصورته التقليدية فقط، اضف الى ذلك هناك عدة اسباب قادتنا للبحث في موضوع البحث ومن اهمها:
1ـ ان فكرة التأمين الالكتروني المتولدة من انتشار العمليات التجارية الالكترونية تكاد تكون مجهولة من حيث خلو القانون وكتابات الفقهاء وأحكام القضاء من التأمين الالكتروني كعنوان مستقل، مما يتطلب وضع احكام خاصة بهذا التأمين من خلال الاسترشاد بقوانين التجارة الالكترونية والقواعد العامة لإبرام العقود الكترونيا".
2ـ بزوغ تطبيقات التأمين الالكتروني لاسيما في ظل التعامل التجاري وبشكل قوي، مما دفع بعض الدول الى اصدار قرارات متعلقة بالتأمين الالكتروني، ومن اهمها قرار رقم (2) لسنة2012 بشأن استخدام النظام الالكتروني الفلسطيني للتأمين على المركبات وتنظيم الية عمله بمقتضى احكام قانون التأمين رقم (20) لسنة 2005.
3ـ قصور القواعد العامة في التأمين التقليدي عن مواجهة النتائج التي تترتب على اجراء التأمين الكترونيا".
وعليه خصصنا بحثنا لموضوع (التنظيم القانوني للتأمين الالكتروني ـ دراسة مقارنة)، حيث سنسلط الضوء ومن خلال هذا البحث على عدة أسئلة ومنها مفهوم التأمين الالكتروني؟ وبيان ذاتية التأمين الالكتروني؟ وخصائص ومزايا التأمين الالكتروني؟ وماهي الاثار التي تتولد عن ابرام عقد التأمين الالكتروني؟ وغيرها من التساؤلات التي سوف نثيرها في متن البحث.
وسنتناول موضوع بحثنا على مبحثين مسبوقين بمقدمة وملحقين بخاتمة سنخصص المبحث الأول لبيان مفهوم التأمين الالكتروني، والذي سنتناوله في مطلبين، الاول لبيان تعريف التأمين الالكتروني أما الثاني فسنعقده لذاتية التأمين الالكتروني، اما المبحث الثاني فسنتناول فيه أثار عقد التأمين الالكتروني وعلى مطلبين، الأول لبيان التزامات المستهلك (المؤمن له)، أما الثاني فسنعقده لبيان التزامات المؤمن. ومن الله التوفيق
المبحث الأول
مفهوم التأمين الالكتروني
ان التأمين يعد من الأنشطة الاقتصادية المهمة في اغلب دول العالم كونه على ارتباط مباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال دعم الانشطة التجارية المتنوعة، كالاستثمار واعمال المقاولات وعقود النقل المتنوعة وغيرها من الانشطة الاخرى، حيث يعد التأمين عاملاً مؤثراً في تلك الانشطة، لهذا يتطلب تبسيط الاجراءات والقضاء على التعقيدات الادارية التي تكون عائقاً أمام إقدام المستهلكين للتزود بخدمات التأمين، ولأجل تجاوز مسألة الاجراءات التقليدية في عرض خدمات التأمين، نجد أن اغلب الدول أخذت على عاتقها ربط خدمات التأمين عن طريق التسوق الالكتروني مما يحقق مزايا عديدة للمستهلكين وتشجيعهم نحو التزود بتلك الخدمات الكترونيا، ولكي نفهم عملية اجراء التأمين الكترونيا، لابد من تسليط الضوء على مفهوم التأمين الالكتروني من خلال فهمه وبيان ذاتيته، لذا سنقسم هذا المبحث على مطلبين، نتناول في المطلب الاول تعريف التأمين الالكتروني، اما المطلب الثاني فسنجعله لذاتية التأمين الالكتروني.
المطلب الاول
تعريف التأمين الالكتروني
ان عرض خدمات التأمين فكرة حديثة عند اغلب الدول وخصوصاً النامية منها، فهي تتطلب مستلزمات مادية وفنية تساهم في النهوض بواقع التأمين التقليدي، لذلك نجد على صعيد الفقه القانوني خلو مؤلفاتهم الفقهية من تعريف التأمين الالكتروني تماشياً مع عدم وجود تنظيم قانوني للتأمين الالكتروني، فهم قد عرفوا التأمين بصورته التقليدية على انه ((اتفاق بموجبه يتم التعهد لطرف سواء له شخصياً او للغير لقاء قسط معين، انه سيحصل على مبلغ من النقود أو ايراد أو أي اداء اخر في حالة تحقق الخطر المنصوص عليه في العقد(1). وذهب جانب من الفقه الى تعريفه على انه ((عقد وعملية فنية في آن واحد، ذلك انه يحتوي على جانبين احدهما قانوني والاخر فني، فهو لايقتصر على العلاقة التعاقدية بين طرفيه، ولكنه عملية فنية تقوم اساساً على التعاون بين عدد من الاشخاص والاشتراك في تحمل ما يصيبهم من الكوارث))(2).
يتضح من التعريف المتقدمة أن التأمين كعقد من العقود التجارية الاحتمالية يقوم على جانبين فني وقانوني، فالجانب القانوني يقوم على فكرة أن شخص ما قد يخشى للتعرض الى خطر معين، فيسعى لتأمين نفسه ضد هذا الخطر أو للتأمين على أمواله وذلك من خلال علاقة تعاقدية اساسها عقد التأمين وبه يلتزم المؤمن بدفع التعويض المناسب للمؤمن له في حالة تعرضه للأخطار المؤمن ضدها، أما الجانب الفني فانه قائم على فكرة التعاون التي تؤدي توزيع نتائج الكوارث والخسائر بين أفراد المجموعات، وبالتالي يكون الرصيد المشترك كافيا للوفاء بالتعويضات.
اما على صعيد التشريعات، نجد بحق انها لم تضع تعريفاً للتأمين الالكتروني، فنجد ان المشرع العراقي قد عرف التأمين بصورته التقليدية في نص المادة (983) من القانون المدني العراقي على انه ((عقد يلتزم المؤمن أن يؤدي الى المؤمن له أو الى المستفيد مبلغا من المال أو ايراد مرتباً أو أي عوض مالي آخر، في حالة وقوع الحادث المؤمن ضده وذلك في مقابل أقساط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن))(3).
وبالرغم من صدور قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية رقم 78 لسنة 2012 في العراق، نجد ان التأمين ظل يمارس وفق الطريقة التقليدية وهو ماوجدناه واقعيا لدى شركات التأمين الوطنية التي تمارس التأمين بصورته التقليدية فقط، وان لم يعرف القانون أعلاه التأمين الالكتروني ضمن نصوص مواده، الا انه يمكن أن يسعف شركات التأمين في العراق بضرورة تبني عرض خدمات التأمين الكترونياً، لان هذا الاخير ماهو إلا عقداً الكترونياً يتم فيه اجراء المفاوضات وتقديم الطلبات وابرام العقد بوسائل الكترونية بعيدة عن الصعوبات الادارية المعقدة، وخصوصاً ان المشرع العراقي قد عرف العقد الالكتروني في قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية النافذ على انه ((ارتباط الايجاب الصادر من احد العاقدين بقبول الاخر على وجه يثبت اثره في المعقود عليه، والذي يتم بوسيلة الكترونية(4) وفقا للتعريف المتقدم ان يمكن اجراء التأمين الكترونيا وذلك لكونه عقد تقدم فيه الطلبات والمستندات والمعاملات بوسائل الكترونية(5))).
بالرغم ان اغلب دول العالم لم تنظم التأمين الالكتروني ضمن قانون مستقل، الا ان بعضها قد تبنى فكرة عرض خدمات التأمين الكترونياً على ارض الواقع مستنداً في ذلك الى قوانين التجارة الالكترونية والتوقيع الالكتروني والتي سمحت اجراء العقود الكترونياً، وحيث ان عقد التأمين يمكن ان يبرم الكترونيا ويستند في تنظميه الى قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية رقم 78 لسنة 2012، أضف الى ذلك ان هناك دول أصدرت قرارات لإشاعة مفهوم التأمين الالكتروني، وعلى سبيل المثال قرار رقم (2) لسنة 2012 بشأن استخدام النظام الالكتروني الفلسطيني لتأمين المركبات وتنظيم الية عمله، فهذه خطوة نحو استخدام شبكة الانترنت في عرض خدمات التأمين، وبناءاً على ماتقدم يمكن لنا أن نعرف التأمين الالكتروني وذلك بالاستعانة بقانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية رقم 78 لسنة 2012 على انه ((العقد الذي يلتزم به المؤمن بتقديم التغطيات التأمينية وما يتعلق به من عرض أو تعاون وتعاقد عبر الانترنت في مقابل أقساط أو أي دفعة مالية اخرى يؤديها المؤمن له عن طريق وسائل الدفع الالكتروني)).
المطلب الثاني
ذاتية التأمين الالكتروني
ان بيان معنى التأمين الالكتروني كما تقدم لايكون كافيا لبيان خصوصية اللجوء الى عرض خدمات التأمين الكترونياً، والتوجه نحو تبني هذه الفكرة من قبل شركات التأمين، فلا بد من عرض ذاتية التأمين الالكتروني من خلال بيان اهم الخصائص الخاصة للتأمين الالكتروني مستبعدين من نطاق بحثنا الخصائص العامة لعقد التأمين بوجه عام كونها اصبحت معروفة وشائعة ليكون ذلك منطلقا لبيان مزايا التأمين الالكتروني، ولأجل ذلك سوف نقسم هذا المطلب على فرعين، نتناول في الفرع الاول خصائص التأمين الالكتروني الخاصة، أما في الفرع الثاني فسنجعله لمزايا التأمين الالكتروني.
الفرع الاول
خصائص التأمين الالكتروني الخاصة
يتميز التأمين الالكتروني بخصائص تعكس ذاتيته الخاصة، وتميزه عن غيره من العقود، ويمكن بيان تلك الخصائص من خلال النقاط التالية:
أولاً: التأمين الالكتروني عقداً الكترونياً:
يتميز التأمين الالكتروني بأنه عقد يتم ابرامه عن بعد، لان عملية بيع وشراء خدمات التأمين تتم عبر شبكات الانترنت، حيث ان أطراف العقد غير متواجدين في مجلس العقد من حيث المكان، فهو تعاقد بين غائبين من حيث المكان وتعاقد بين حاضرين من حيث الزمان، كما يتم الوفاء في العقد الكترونياً(6).
وبناءاً على ما تقدم، فإن التأمين الالكتروني عقد يقوم على عمليات ومراحل متعددة من اهمها الاعلان والعرض لخدمات التأمين ومن خلال ذلك تقوم شركة التأمين بعرض موقعها الالكتروني للمستهلكين، ثم تأتي مرحلة الاختيار من قبل المستهلكين تمهيداً للتفاوض مع شركات التأمين وذلك بتبادل المعلومات الكترونيا وصولاً الى ابرام العقد والتزام الاطراف بالتنفيذ وفقاً للشروط التي تضمنها العقد الالكتروني.
ثانيا: التأمين الالكتروني من عقود الاذعان:
ان مايميز التأمين الالكتروني كونه من عقود الاذعان على اعتبار ان المستهلك لايملك الا أن يضغط في عدد من الخانات المقترحة امامه في الموقع الالكتروني لشركة التأمين، فالمستهلك يجد امامه طلب التأمين ثم شروط محددة مسبقاً، فهو لايملك ان يناقش أو يعارض شركة التأمين حول شروط التعاقد، لانه لايملك إلا التوقيع في حالة القبول أو عدم التوقيع في حالة الرفض(7).
لذلك ان على شركات التأمين الالكترونية إذا ارادت الاقبال على التأمين على مواقعها الالكترونية أن تجعل هناك وسيطاً الكترونيا(8)، بعمل على التفاوض مع المستهلكين والاجابة عن كل ما يتعلق بتقديم خدمات التأمين وذلك لتعزيز الثقة لدى المستهلكين وزيادة اقبالهم نحو ابرام عقود التأمين الكترونياً والعزوف عن عقود التأمين التقليدية.
ثالثاً: التأمين الالكتروني من عقود حسن النية:
ان ابرام المستهلك عقد التأمين الكترونيا، وذلك لأجل التزود بخدمة التأمين يعتمد بشكل كبير على الثقة المتبادلة بين شركة التأمين والمستهلك (المؤمن له)، وذلك لعدم التقاء الطرفين، حيث أن آلية بيع هذه الخدمات تكون عن طريق افصاح طالب التأمين عن البيانات التي تتطلبها الشركة، من خلال ملئ نموذج استمارة البيانات الكترونيا، وفي ضوء ماتقدم تقوم شركة التأمين بتحديد درجة الخطر وأسعار خدماتها التأمينية المناسبة له، وفي حالة تحقق الخطر المؤمن ضده، سوف تلجأ شركة التأمين بالتأكد من البيانات التي أفصح عنها المؤمن له، فاذا تبين ان البيانات المقدمة غير صحيحة لايحصل المؤمن له على التعويضات، وهو ماينسجم مع مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود(9). لذلك على اطراف عقد التأمين الالكتروني مراعاة مبدأ حسن النية في مرحلة المفاوضات والتنفيذ والافصاح عن جميع المعلومات والبيانات التي تساعد الاطراف على زرع الطمأنينة والثقة وأن كان العقد قد أبرم الكترونيا، وعليه فإن الالتزام بمراعاة مبدأ حسن النية في عقد التأمين يشكل قيداً على المستهلك وشركات التأمين التي تستمد احكامها من مبدأي سلطان الارادة والعقد شريعة المتعاقدين(10).
الفرع الثاني
مزايا التأمين الالكتروني
إن ما أشرنا اليه سابقا من الخصائص الخاصة بالتأمين الالكتروني يمكن ان تقودنا الى ذكر جملة من المزايا التي يحققها التأمين الالكتروني والتي تكون عاملاً مشجعاً للمستهلكين نحو التوجه لإبرام عقود التأمين الكترونياً، لذلك فأن التأمين الالكتروني بحد ذاته يحقق لنا المزايا التالية:
اولاً: يساهم التأمين الالكتروني في توسيع نطاق التجارة الالكترونية وتقنية المعلومات، بإعتباره من وسائل المبادلات الالكترونية التي تنسجم مع النشاطات التجارية التي تمتاز بالسرعة والمرونة وهذا لايتحقق إلا من خلال تجاوز الاجراءات التقليدية في ابرام عقود التأمين، لأن اللجوء الى ابرام العقد الكترونيا سيشجع العقود الدولية وخصوصا عقود الاستثمار التي ترغب في التأمين على استثماراتها من المخاطر التجارية وغير التجارية من خلال الدخول الى المواقع الالكترونية لشركات التأمين واجراء عقد التأمين الكترونياً(11).
ثانياً: ان اجراء عملية التأمين الكترونياً يساعد في اختصار عمليات التأمين التقليدية والطويلة، لأن التأمين عملية معقدة ذات اجراءات طويلة، فالتأمين الالكتروني يختصر هذه العمليات بأقل خطوات مكنة.
ثالثاً: يساعد التأمين الالكتروني على انتشار وتوسيع انواع معينة من التأمين، كالتأمين على السيارات والتأمين على السكن والمستلزمات المنزلية والمشاريع الاستثمارية، لأنها أكثر ملائمة للتوزيع عبر الانترنت، لان وضعها وتقدير قيمتها يكون باستعمال عدد قليل من المقاييس (12).
رابعاً: يساعد التأمين الالكتروني المستهلكين الوصول مباشرة الى المدراء والمسؤولين في شركات التأمين الالكتروني ويمكن تحقق ذلك من خلال برامج الوسيط الالكتروني وفي أي وقت يشاء وكذلك الاجابات الفورية عن المسائل المتعلقة بالعملية التأمينية(13).
خامساً: ان استعمال تقنيات التأمين الالكتروني يساعد في تقليل الوقت والكلفة على المستهلكين وتوفير آلية سريعة في الوفاء والاداء المالي بعيداً عن الاجراءات التقليدية التي تحتاج الى جهد مادي ومالي وهو قد لانجده في اللجوء الى خدمات التأمين الكترونياً(14).
صفوة القول، ان التطور الهائل في واقع التجارة الالكترونية استلزم ظهور التسوق الالكتروني لخدمات التأمين، لذلك على الدول ان تسعى جاهدة نحو التحول الى اجراء عقد التأمين الكترونياً بما يساهم في زيادة التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الى بلدانها.
المبحث الثاني
آثار عقد التأمين الالكتروني
أشرنا في المبحث المتقدم أن من خصائص التأمين الالكتروني أنه عقد الكتروني، وحيث أن آثار أي عقد تتمثل بالحقوق والالتزامات التي تترتب على عاتق كل من طرفيه، وطالما ان الامر كذلك، لذا سنبحث الالتزامات فقط لانها تمثل حقوقاً للطرف الاخر. لهذا سنقسم هذا المبحث على مطلبين، نتناول في المطلب الاول التزامات المستهلك (المؤمن له)، اما المطلب الثاني فسنعقده لالتزامات المؤمن.
المطلب الاول
التزامات المستهلك (المؤمن له)
يلتزم المستهلك (المؤمن له) بمقتضى عقد التأمين الالكتروني بالإفصاح عن البيانات المتعلقة بالخطر المضمون عند ابرام العقد وبعد ابرامه حتى يتمكن المؤمن ((شركة التأمين)) تقدير المخاطر التي يمكن ان تقع على عاتقه، وكذلك يلتزم المؤمن له بأداء قسط التأمين واخطار المؤمن بوقوع الخطر المؤمن ضده، لذا سوف نتكلم عن هذه الالتزامات تباعاً ونخصص لكل منهما فرعاً مستقلاً.
الفرع الأول
الالتزام بتقديم البيانات الخاصة بالخطر عند ابرام العقد وبعد ابرامه
يمثل الخطر حجر الزاوية التي يقوم عليها التأمين الالكتروني، فالمقصود من هذا الاخير هو تفادي أو تخفيف أثر الخطر(15)، فالمؤمن يحرص على معرفة اكبر قدر من المعلومات عن الخطر(16).
وفي ضوء ذلك يمكن لشركات التأمين ان تتخذ قرارها في قبول التأمين من عدمه، وهذا مانصت عليه الفقرة (ب) من نص المادة (986) من القانون المدني العراقي على انه ((يلتزم المؤمن له بما يأتي: ان يقرر وقت ابرام العقد كل الظروف المعلومة له، والتي يهم المؤمن معرفتها، ليتمكن من تقدير المخاطر التي يأخذها على عاتقه، ويعتبر مهما في هذا الشأن الوقائع التي جعلها المؤمن محل اسئلة مكتوبة)).
يتضح من نص المادة اعلاه ان على المستهلك طالب التأمين الالتزام بالشفافية والافصاح عن البيانات والمعلومات عن محل التأمين والظروف المحيطة بالخطر المؤمن منه، اضف الى ذلك انه يجب على المؤمن له الادلاء بتلك البيانات اثناء سريان العقد وكل مايستجد من احوال تؤدي الى زيادة حدة الخطر المؤمن منه(17)، والالتزام المتقدم قد اصبح من الامور المسلم بها في العرف التأميني الالكتروني، لان عملية تقديم خدمات التأمين عبر الانترنت تعتمد بشكل كبير على الثقة المتبادلة بين اطراف التعاقد، حيث ان آلية بيع هذه الخدمات تكون عن طريق افصاح طالب التأمين عن البيانات التي تتطلبها شركة التأمين من خلال ملئ نموذج خاص متاح على الموقع الالكتروني لشركة التأمين، وبناءاً على البيانات المقدمة من قبل المستهلك الكترونيا تقوم شركة التأمين بتحديد درجة الخطر وأسعار خدماتها التأمينية المناسبة له.
الفرع الثاني
الالتزام بأداء قسط التأمين
يعد الالتزام بأداء قسط التأمين من ابرز الالتزامات على عاتق المستهلك (المؤمن له)، لأنه يعد المقابل الذي يدفه نظير التزام شركة التأمين بضمان الخطر، والواقع ان هذه الاقساط تكون لشركات التأمين الالكترونية سلطة في تقديرها حسب نوع الخطر المؤمن ضده وبناءاً على البيانات التي تم الحصول عليها من قبل المؤمن له (18). أن مايميز التأمين الالكتروني هنا أن طريقة دفع القسط تتم بطريقة الكترونية بعيداً عن طرق الدفع التقليدية، وتعد وسائل الوفاء الالكترونية من الوسائل الحديثة والتي تسمح للمؤمن له أن يسدد القسط عبر الانترنت سواء كان من خلال القيام بالدفع مباشرة أو الغير مباشر(19)، وتتعدد وسائل الوفاء الالكترونية ومن اهمها بطاقات الوفاء الالكترونية وبطاقات الوفاء المدنية وبطاقات الوفاء الائتمانية(20).
لذلك يتضح مما تقدم ان التأمين الالكتروني قد أفرز لنا طريقة الدفع الالكتروني لأداء الاقساط وهو ما يحقق منافع ومزايا لأطراف العلاقة التأمينية، وخصوصاً ان المشرع العراقي قد أجاز تحويل الاموال بوسائل الكترونية(21). ولأجل تحقيق هذا الهدف ندعو المصارف العراقية الى تطوير انظمتها الالكترونية وادخال وسائل الدفع الالكتروني في العمل المصرفي وهجر الوسائل التقليدية التي تتعامل بها وذلك اختصاراً للجهد والزمن.
الفرع الثالث
الالتزام بأشعار المؤمن بتحقق الخطر المؤمن منه
إذا تحقق الخطر المؤمن منه التزمت شركة التأمين بدفع مبلغ التأمين أو تعويض الضرر الذي لحق بالمؤمن له، وهذا لايحدث تلقائياً ما لم يقوم المؤمن له بأعلام المؤمن بوقوع الخطر لكي يتخذ التدابير اللازمة لحصر نطاق الضرر والرجوع عن المسؤول عن وقوع الخطر (22)، وحيث ان عملية التأمين الكترونيا، فإن بإمكان المؤمن له ارسال رسالة الكترونية يشعر فيها المؤمن بتحقق الخطر المؤمن منه، ويتم ارسال الرسالة الى الموقع الالكتروني لشركة التأمين، وعلى هذه الاخيرة ان ترسل رسالة الى المؤمن له تعلمه فيها بتلقي الاشعار واستلامه(23).
يتضح مما تقدم ان على المؤمن له ان يقدم تقرير مفصل عن تحقق الخطر والاضرار التي أصابت الشيء المؤمن ضده ويمكن تقديم هذا التقرير الكترونيا بشكل ينسجم مع ابرام عقد التأمين الكترونيا.
لذلك نجد أن عدم القيام بالالتزام المتقدم من قبل المؤمن له ربما يعرضه الى فقدان حقه بالمطالبة بالتعويض. لذلك نجد ان بعض شركات التأمين الالكترونية قد أنشأت موقعاً شبكياً وقامت بإنشاء ((اكسترانت))(24) للتعامل مع وكلائها عبر العالم، حيث ان هذا النظام يبيح امكانية التحاور والتشاور بين المستهلكين وخبراء الشركة وأرسال البيانات المطلوبة وإشعار شركة التأمين بوقوع الخطر التأميني أو تفاقمه.
المطلب الثاني
التزامات المؤمن
يمثل الالتزام الابرز على عاتق شركة التأمين الالكترونية هو دفع مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن ضده أو حلول أجل العقد اذا كان التزام المؤمن مضافاً الى أجل، وهذا ما نصت عليه المادة (988) من القانون المدني العراقي على انه ((متى تحقق الخطر، أو حل أجل العقد، اصبح التعويض أو المبلغ المستحق بمقتضى عقد التأمين واجب الاداء)).
ويشترط لاستحقاق مبلغ التأمين أن يكون المستهلك (المؤمن له) قد اوفى بجميع التزاماته التي فرضها عليه عقد التأمين الالكتروني تجاه شركة التأمين(25).
أضف الى ذلك ان على المؤمن له أن يقدم طلباً عن طريق الموقع الالكتروني لشركات التأمين ضمن استمارة متاحة على موقع الشبكة وأن يرفق معها مايؤيد صحة معلوماته من مستندات وأدلة تؤكد صحة طلبه. يضاف الى الالتزام المتقدم التزام شركات التأمين الالكترونية بالسرية التامة وذلك بالمحافظة على اسرار العميل وعدم إفشائها لأي طرف كان وعدم تسريب أو استغلال المعلومات والبيانات المتحصلة عليها بحكم عملها، وتلزم شركات التأمين الالكترونية جميع موظفيها ووكلائها التابعين لها والمصارف المتعاقدة مع شركات التأمين بعدم افشاء اسرار العملاء، ويكون كل مسؤول مسؤولية تضامنية وتكافلية، ولأجل ذلك الزمت الهيئة جميع الجهات المستخدمة للنظام الالكتروني بالتوقيع على نموذج سرية المعلومات والذي يعتبر جزءاً لايتجزأ من عملية التأمين الالكتروني(26)، وهذا العقد كسائر العقود لابد ان ينقضي، لذلك يمكن ان ينقضي عقد التأمين الالكتروني، أما بانتهاء مدته، أو بتحقق الخطر المضمون ودفع التعويض، أو بفسخ العقد وغيرها من الاسباب الاخرى للانقضاء(27)
الخاتمة
بعد ان تناولنا موضوع ((التنظيم القانوني للتأمين الالكتروني ـ دراسة مقارنة)) في مبحثين توصلنا الى جملة من النتائج وعدد من التوصيات , ولذلك سنسلط الضوء على النتائج أولا" والتوصيات ثانيا" كالاتي:
أولا": النتائج
1ـ تبين لنا ان فكرة التأمين الالكتروني حديثة عند أغلب الدول وخصوصا" النامية منها، فهي تتطلب مستلزمات تقنية وفنية تساهم في النهوض بواقع التأمين التقليدي.
2ـ توصلنا من خلال البحث الى تعريف التأمين الالكتروني بأنه (العقد الذي يلتزم به المؤمن بتقديم التغطيات التأمينية وما يتعلق به من عرض أو تفاوض وتعاقد عبر الانترنيت في مقابل اقساط أو اي دفعة ماليه اخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن عن طريق وسائل الدفع الالكتروني).
3- ان التطور الهائل في واقع التجارة الالكترونية أستلزم ظهور التسوق الالكتروني لخدمات التأمين، لذلك على الدول أن تسعى جاهدة نحو التحول الى اجراء عقود التأمين الكترونيا" بما يساهم في زيادة التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الى بلدانها.
4- تبين لنا من ذاتية التأمين الالكتروني تميزه بجملة من الخصائص الخاصة، فهو عقدا" الكترونيا" وكذلك من عقود الاذعان، اضف الى ذلك انه يعد من عقود حسن النية.
5- وجدنا من خلال البحث ان التأمين الالكتروني يحقق لنا جملة من المزايا والتي تكون عاملا" مشجعا" للمستهلكين نحو التوجه لإبرام عقود التأمين الكترونيا".
6ـ توصلنا من خلال البحث بيان اهم الاثار التي يرتبها ابرام عقد التأمين الالكتروني فهو يفرض التزامات على المستهلك (المؤمن له) وعلى المؤمن (شركة التأمين) وهي بطبيعة الحال تمثل حقوقا" لكلا الطرفين.
ثانيآ: التوصيات
1- ندعو مجلس الوزراء الى اصدار تعليمات تتعلق بتبني فكرة عرض خدمات التأمين الكترونيا" انسجاما" مع صدور قانون التوقيع الالكتروني والمعاملات الالكترونية رقم (78) لسنة2012 النافذ..
2- ندعو وزارة المالية للنهوض بواقع شركات التأمين في العراق وتطوير إمكانيات العاملين فيها وادخالهم في دورات حول معرفة تسويق التأمين الكترونيا".
3- ندعو الدولة العراقية الى زيادة فعالية وسرعة شبكات الانترنيت في العراق بما يلبي طموح التحول نحو التجارة الالكترونية وعرض خدمات التأمين الكترونيا".
4- ارتباطا" بفكرة التأمين الالكتروني، ندعو المصارف العراقية الى تطوير انظمتها الالكترونية وادخال وسائل الدفع الالكتروني في العمل المصرفي وهجر الوسائل التقليدية التي تتعامل بها وذلك اختصارا" للجهد والزمن.
5- ندعو شركات التأمين في العراق ان تنشأ مواقع الكترونية افتراضية تعرض من خلالها خدمات التأمين بما يسهل وصول المستهلكين اليها والتعامل معها وامكانية التحاور والتشاور بين المستهلكين وخبراء الشركة وارسال البيانات المطلوبة وغيرها من الاجراءات الاخرى التي تتطلبها العملية التأمينية.
واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الانبياء والمرسلين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين.