العالم أصبح مخيفاً: من يوقف التسلح النووي؟
دلال العكيلي
2018-05-05 06:49
سباق التسلح هو شغف التسابق للحصول على أكبر قدر من الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ولاحقا عدة دول أخرى، بدأ بالأيام الأخيرة للحرب العالمية الثانية بعد إلقاء قنبلتي هيروشيما وناغازاكي، وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي وتكوين فيدرالية روسيا الحديثة التي وقعت معاهدة عدم انتشارها مع حلف الناتو وبالأسفل جدول يوضح الدول النووية وتواريخ حصولها على الاسلحة النووية.
والسلاح النووي سلاح فتّاك، يستخدم عمليات التفاعل النووي معتمدا في قوته التدميرية على عمليات الانشطار أو الاندماج النووي، ونتيجة لهذه العملية تكون قوة انفجار قنبلة نووية صغيرة أكبر بكثير من قوة انفجار أضخم القنابل التقليدية.
الانتشار النووي
تم تطوير القنبلة النووية ضمن مشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية، حيث فُجّرت أول قنبلة نووية للاختبار في 16 يوليو/تموز 1945 بصحراء ألاموغوردو (Alamogordo) الأميركية، وكان ذلك الانفجار ثورة في عالم المواد المتفجرة التي كانت تعتمد على الاحتراق السريع لمواد كيميائية، تؤدي إلى نشوء طاقة معتمدة فقط على الإلكترونات في المدار الخارجي للذرة بينما تستمد القنبلة النووية طاقتها من انشطار نواة الذرة.
وفي 29 أغسطس/آب 1949 نفذ الاتحاد السوفياتي أول تفجير تجريبي لقنبلة نووية في كزاخستان، وتلته بريطانيا عام 1952، ثم فرنسا 1960، "بدأت مرحلة جديدة من نشر الأسلحة النووية -كوسيلة للدفاع الإستراتيجي-عندما نجح الاتحاد السوفياتي في تصنيع صواريخ ذات رؤوس نووية عابرة للقارات في مايو/أيار 1957 واستغل جون كندي ذلك في حملته الانتخابية واعداً بتطوير تقنية الصواريخ الأميركية، وتضييق الفجوة التي كانت تهدد الأمن القومي الأميركي، وكان له ذلك".
وقد بدأت مرحلة جديدة من نشر الأسلحة النووية -كوسيلة للدفاع الاستراتيجي-عندما نجح الاتحاد السوفياتي في تصنيع صواريخ ذات رؤوس نووية عابرة للقارات في مايو/أيار 1957 واستغل جون كندي ذلك في حملته الانتخابية واعداً بتطوير تقنية الصواريخ الأميركية، وتضييق الفجوة التي كانت تهدد الأمن القومي الأميركي، وكان له ذلك.
توجد خمس دول أعلنت أنها نووية وقامت بتوقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهي أميركا (6.970 رأسا نوويا)، والاتحاد السوفياتي سابقا روسيا حالياً (7.300 رأس)، وفرنسا (300 رأس)، والصين (260 رأسا)، وبريطانيا (215 رأسا).
وتضاف لهم الهند (110-120 رأسا)، وباكستان (120-130 رأسا) وهي دول غير موقِّعة، وتمتلك إسرائيل حوالي (200 رأس نووي)، وكوريا الشمالية (10 رؤوس نوية)، فيما تُتهم إيران بالسعي لتطوير برنامجها النووي الذي تم احتواؤه مؤقتاً عبر اتفاقية "5+1".
توجد ثلاثة أنواع رئيسية من الأسلحة النووية، وهي:
1-الأسلحة النووية الانشطارية: وتكمن قوتها في عملية الانشطار النووي لعناصر ثقيلة مثل "اليورانيوم 235" و"البلوتونيوم 239"، حيث تحفَّز هذه العناصر بواسطة تسليط حزمة من النيوترونات على نواتها التي تؤدي لانشطارها إلى عدّة أجزاء، وكل جزء مكون بعد الانشطار الأولي يملك نيوترونات لتحفيز انشطار آخر، وهكذا تتولد سلسلة من الانشطارات.
2-الأسلحة الاندماجية: ويكمن مصدر قوتها في عملية الاندماج النووي الناتج عن اتحاد نوى (جمع نواة) خفيفة الكتلة مثل عنصر الديتيريوم وعنصر الليثيوم، لتكوين عناصر أثقل من ناحية الكتلة منتجةً كميات كبيرة من الطاقة، ويطلق على هذه القنابل الهيدروجينية.
3-الأسلحة النووية التجميعية: وتتم صناعتها بخطوتين بدمج كتلتين كل منهما دون الكتلة الحرجة للوصول إلى الكتلة فوق الحرجة، ومنها القنابل ذات الانشطار فوق المصوب وقنابل الانشطار ذات الضغط العالي.
ويضاف لذلك ما أُطلق عليه "القنبلة النظيفة" أي قنبلة النيوترون، وتسمى أيضا رأس الحربة الإشعاعية، وهي لا تدمر المنشآت ولكنها تبيد الكائنات الحية بكمية النيوترونات المنطلقة منها.
وقد استُخدمت مجموعة من النظم لإيصال القنابل النووية إلى أهدافها، منها الإسقاط الحر والصواريخ الموجهة والصواريخ الجوالة، والمدفعية والألغام الأرضية وقذائف الهاون.
نظريات التعامل النووي
أدى السباق النووي المحموم بين أميركا والاتحاد السوفياتي إلى ظهور العديد من النظريات الإستراتيجية لتحديد وتحييد ذلك الخطر، ومن أهمها:
1-نظرية الردع النووي: وتعني توفر القدرة التي تُرغم الخصم على التراجع عن تصرف معين، أو إحباط الأهداف التي يتوخاها عبر إلحاق خسارة جسيمة به، ويرى البعض أن الهجوم الأميركي النووي على مدينتيْ هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين هو الذي منع ستالين من نقل قواته من منشوريا للمشاركة في الهجوم الأخير على اليابان.
2-إستراتيجية الاحتواء: وتعتبر أولى حلقات الإستراتيجية الأميركية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد وضع أسسها الدبلوماسي الأميركي جورج كينان ونفذها الرئيس الأميركي هاري ترومان، وكانت تمثل الرد على الإستراتيجية التوسعية للاتحاد السوفييتي بتطويقه بجدار سميك من الأحلاف والقواعد العسكرية.
"بدأت مرحلة جديدة من نشر الأسلحة النووية -كوسيلة للدفاع الاستراتيجي-عندما نجح الاتحاد السوفياتي في تصنيع صواريخ ذات رؤوس نووية عابرة للقارات في مايو/أيار 1957 واستغل جون كندي ذلك في حملته الانتخابية واعداً بتطوير تقنية الصواريخ الأميركية، وتضييق الفجوة التي كانت تهدد الأمن القومي الأميركي، وكان له ذلك".
3-نظرية الرد (الانتقام) الشامل: وتُعرف بأنها العمل المتَّخذ لمواجهة أي شكل من أشكال العدوان بقدرة تدميرية هائلة، وهي الإستراتيجية التي تبنتها أميركا بداية خمسينيات القرن العشرين إذ بلور أسسها جون فوستر دالاس.
4-إستراتيجية الرد المرن (الاستجابة المرنة): وتعرف بأنها المقدرة على القيام برد فعل حاسم على أي تهديد أو هجوم، بما يتناسب وظروف الصراع وقد بلور الإطار النظري لها رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال ماكسويل تيلر وتبنتها بلاده في ستينيات القرن الماضي.
5-نظرية التدمير المؤكد: وضع هذه النظرية وزير الدفاع الأميركي روبرت ماكنمارا، ومفادها أن تعزز أميركيا مقدرتها على الرد بالضربة الثانية إلى أقصى ما تسمح به الظروف، وذلك عبر الاحتفاظ بقوات تكون من الضخامة بحيث تستطيع أن تدمر كل الطاقات العسكرية والمدنية والهياكل الاجتماعية للخصم، إذا ما نشبت حرب نووية تامة بينهما.
ورغم سباق التسلّح والتنافس المحموم بين القوتين العظميين؛ فقد برزت أصوات منذ الخمسينيات مناهضة لعمليات الاختبار والتسلح النووي، خاصة بعد أن أُجري ما بين يونيو/حزيران 1945 وديسمبر/كانون الأول 1953 أكثر من 50 انفجارا نووياً تجريبياً بدأت أولى المحاولات للحد من انتشار الأسلحة النووية عام 1963، حيث وقّعت 135 دولة على اتفاقية سُمّيت معاهدة الحد الجزئي من الاختبارات النووية، وقامت الأمم المتحدة بالإشراف على هذه المعاهدة، علماً بأن الصين وفرنسا لم توقعا عليها رغم أنهما من الدول ذات الكفاءة النووية.
في عام 1968، تم التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ولكن الهند والباكستان لم توقعا عليها، فيما انسحبت منها كوريا الشمالية عام 2003 وفي 1978 قدمت أميركا تعهداً بعدم اللجوء إلى استخدام السلاح النووي ضد الدول التي لا تمتلكه، ثم التزمت به الدول النووية الأخرى، كما وقعت أميركا على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية عام 1994.
وفي 10 سبتمبر/أيلول 1996 أُقرت معاهدة جديدة سُمّيت "معاهدة الحد الكلي من إجراء الاختبارات النووية"، وفيها مُنع إجراء أي تفجير للقنابل النووية حتى لأغراض سلمية، وتم التوقيع عليها من قبل 71 دولة فيما تأخرت 41 دولة عن التوقيع أو المصادقة على توقيعها.
الإستراتيجية الأميركية
مع مجيء الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش للسلطة وصعود نجم المحافظين الجدد حصلت تغيرات جذرية في العقيدة النووية الأميركية بناءً على رؤية وزير دفاعه دونالد رمسفيلد التي تمحورت حول إعادة إطلاق الترسانة النووية، بشكل يسمح بتحول السلاح النووي التكتيكي إلى سلاح ميداني، بحجة توفير السلاح اللازم لإجهاض أي هجوم بأسلحة دمار شامل.
وفي مراجعة الحالة النووية عام 2010 كشف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن تعديلات في العقيدة النووية لبلاده، وحددت العقيدة الجديدة كثيراً من المواقف التي يمكن أن تلجأ فيها أميركا إلى استخدام السلاح النووي، مستثنياً جميع الدول ما عدا كوريا الشمالية وإيران، ومتعهداً بالاستمرار في تطوير القدرات الدفاعية التقليدية.
ورغم كل تلك الإجراءات الأميركية فقد بقي جانباً مسكوتاً عنه في العقيدة الأميركية النووية، يتمثل في احتفاظ الولايات المتحدة بـ1670 وحدة نووية تكتيكية، تنشر منها 180 وحدة في عدّة دول أوروبية، حسب معهد استوكهولم لأبحاث السلام ويؤكد العديد من الخبراء استخدام بعضها في حربها لاحتلال العراق.
أعلنت الولايات المتحدة استراتيجيتها النووية الجديدة التي تهدف إلى تطوير رؤوس نووية ذات طاقة منخفضة بناءً على طلب البنتاغون، وذلك رداً على تقارير تفيد بتطوير روسيا ألفيْ وحدة نووية تكتيكية مهدِّدة الدول الأوروبية، ومتجاهلة التزاماتها بموجب معاهدة نيو ستارت.
"سيظل هذا التصعيد النووي عامل خطورة كبيرة ويعيد العالم جزئياً إلى أجواء الحرب الباردة، كما أنه يفتح مجالاً واسعاً أمام القوتين العظميين للتخلي عن التزاماتهما الموقعة عام 1978، واستخدام الأسلحة النووية المنخفضة القوة ضد بعض الدول التي تعتبرها أميركا "خارجة عن القانون" مثل كوريا الشمالية وإيران".
كما بينت الوثيقة أن الإستراتيجية والقدرات النووية الراهنة غير كافية لردع روسيا عن القيام بأمرين شن ضربات نووية محدودة للضغط على حلف الأطلسي في إطار نزاع تقليدي يتفاقم، واستخدام الأسلحة النووية المنخفضة القوة بشكل أوسع لتحقيق انتصار على القوات التقليدية للحلف إذا فشلت التهديدات.
ويبقى الكابوس الذي يخشى الأميركيون تكراره متمثلا في استخدام الروس قواهم العسكرية التقليدية في تحقيق كسب عسكري خاطف (كما حدث في دول البلطيق)، ثم في تهديدهم باستخدام السلاح النووي لمنع أية محاولة لاستعادة ذلك الكسب منهم؛ ولذا فإن تطوير هذا النوع من القوة النووية سيساعد في منع المقامرة الروسية.
يرى هاري كريستنسن مدير مشروع المعلومات النووية لدى اتحاد العلماء الأميركيين عدم الحاجة الأميركية إلى لسلاح الجديد، لأنه موجود ولأن أي تطوير لهذه الأسلحة قد يجعل الرئيس الأميركي أقل انضباطا في استخدام السلاح النووي المنخفض القدرات.
وقد اتفق معه العديد من الخبراء في نزع التسلّح قائلين إن الوثيقة الأميركية توسّع الظروف التي تلجأ إليها الولايات المتحدة في استخدام أسلحتها النووية التكتيكية، بما يمثل تحولاً خطيراً في استخدام الأسلحة النووية من حيث التوسع والانتشار وفي المقابل؛ تخشى روسيا نظراً لوضع القوات الروسية التقليدية والمشكلات المالية التي تواجهها من أن تُمنى بهزيمة سريعة في أي حرب تقليدية مع الغرب، وللتعويض عن ذلك لجأت موسكو إلى استراتيجية التصعيد لخفض التوتر التي تمكّنها من نشر قنابل متدنية القوة في البدء، كجزء من استخدام السلاح النووي على نطاق محدود.
كذلك لا يخفي الأميركيون أن من دوافعهم لإصدار الوثيقة الجديدة الرغبة الصارمة في كبح جماح كوريا الشمالية، التي تمتلك برنامج تسلح نووي حقق الكثير من أهدافه، خاصة بعد إنتاجها صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، صاروخ "هواسونغ 15" القادر على الوصول إلى المدن الأميركية بما فيها العاصمة واشنطن.
وَمِمَّا يخفف حدّة الأزمة؛ إعلانُ وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن واشنطن تسعى عبر سياستها النووية الجديدة إلى إقناع موسكو باحترام اتفاقيات منع الانتشار النووي، ولا سيما معاهدة القوة النووية المتوسطة المدى، وكذلك نفي روسيا أنها تطور أسلحة نووية ذات طاقة منخفضة متهمة أميركا بأنها هي التي تسعى لذلك.
سيظل هذا التصعيد النووي عامل خطورة كبيرة ويعيد العالم جزئياً إلى أجواء الحرب الباردة، كما أنه يفتح مجالاً واسعاً أمام القوتين العظميين للتخلي عن التزاماتهما الموقعة عام 1978، واستخدام الأسلحة النووية المنخفضة القوة ضد بعض الدول التي تعتبرها أميركا "خارجة عن القانون" مثل كوريا الشمالية وإيران، كما قد تُستخدم ضد الدول الأخرى إذا نشبت صراعات عسكرية تقليدية قد تتطور وتستخدم فيها أسلحة الدمار الشامل (الكيميائية والجرثومية مثلا)، أو في حال تنفيذ أعمال إرهابية كبيرة كأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 بأميركا، أو تنفيذ جماعات إرهابية هجمات بهذه الأسلحة انطلاقا من بعض الدول، كما هو الحال في دول بالشرق الأوسط أو في شمال مالي ونيجيريا.
لن يرقى هذا التصعيد النووي الجديد إلى مستوى استخدام الأسلحة النووية الإستراتيجية، خاصة أن لدى القطبين الرئيسيين مخزونات نووية بإمكانها تدمير الحياة على كوكب الأرض مرات عدّة، كما يملك كل منهما القدرة على امتصاص الضربة الأولى، وتوجيه الضربة الانتقامية الثانية الكفيلة بتحقيق التدمير الشامل للطرف الآخر.
ما بعد الحرب الباردة
في الآونة الأخيرة، ازدادت وتيرة السرعة التي يمضي بها سباق التسلح العالمي الذي تتصدره في الوقت الراهن الولايات المتحدة التي يزيد إنفاقها على التسليح على مجموع إنفاق دول العالم قاطبة يعلق "سايمون وايزيمان" خبير تجارة الأسلحة العالمي في "معهد بحوث السلام الدولي في استكهولم السويد" على ذلك بقوله: "إن الزيادة في سباق التسلح قد جاءت بشكل تدريجي" وتعني زيادة وتيرة سرعة سباق التسلح أن "عائد السلام"، الذي نتج عن انتهاء الحرب الباردة أخذ في التلاشي.
ففي عام 1990، أي قبل عام من سقوط الاتحاد السوفييتي، وانتهاء تلك الحرب، كانت النفقات العسكرية العالمية لا تتجاوز حدود المليار دولار سوى بمقدار ضئيل، وذلك قبل أن يتصاعد هذا الرقم تدريجياً عبر السنوات ليصل إلى تريليون دولار عام 2005 وفقا للمعهد نفسه ويقول خبراء معهد بحوث السلام الدولي إن المعهد لن ينتهي من تقدير أرقام الإنفاق الدفاعي في العالم للعام المنصرم قبل شهر يونيو القادم، بيد أنه مع تصاعد نفقات حربي العراق وأفغانستان وزيادة الإنفاق الدفاعي لبعض الدول مثل الصين والهند ودول الشرق الأوسط وغيرها من المناطق، فإن الأمر المرجح هو أن يتجاوز الإنفاق العالمي على الأسلحة حاجز تريليون دولار مرة ثانية.
"إن ذلك يمثل مأساة" كان هذا تعليق "جون سايبيرت" المدير التنفيذي لمشروع "بلاوشيرز"، وهو برنامج مضاد للحرب تابع للمجلس العالمي للكنائس في "واترلو أونتاريو" الذي لا يعارض زيادة الإنفاق على التسليح في حد ذاته، ولكن يدعو أن يتم منح درجة أعلى من الأولوية للتعليم والصحة وغيرها من البرامج الاجتماعية الأخرى.
ويحذر "وايزيمان" من أن الزيادة في الإنفاق على التسليح تمثل لعبة خطرة، لأن زيادة كميات الأسلحة والمعدات العسكرية التي تمتلكها دولة ما، قد تغريها بتجربتها يوماً ما وعدم الاكتفاء فقط بعرضها في المناسبات الوطنية والحق أن زيادة الإنفاق العسكري، قد اجتذبت اهتمام دوائر المال والأعمال في "وول ستريت" المتخصصة في الاستثمارات المصرفية حيث أصدرت مؤسسة "ميريل لينش" منذ شهور تقريراً مكوناً من 20 صفحة موجهاً للمستثمرين في سباق التسلح في العالم أنهته بعرض قائمة بالمجالات التقنية، التي يتوقع لها أن تتلقى المزيد من التمويل من جانب الحكومة الأميركية.
ويشير التقرير إلى أن الإنفاق العسكري العالمي يلتهم 2.5 في المئة في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي لدول العالم، أي أن نصيب كل فرد في هذا العالم من نفقات التسليح يبلغ 173 دولاراً وهذا الإنفاق ارتفع بنسبة 25 في المئة خلال الأعوام الخمسة الماضية، كما أن كافة الدلائل تشير إلى أن الإنفاق سيتصاعد حسب بيانات مؤسسة "ميريل لينش".
وسباق التسلح الجديد يثير القلق لدى بعض الدول، فوزير الدفاع الألماني "فرانك والتر شتاينماير"، أكد في معرض إشارته إلى الخطط الأميركية لنشر درع للدفاع الصاروخي في بولندا وجمهورية التشيك، أنه من الأهمية بمكان ألا يمسح للمشروع الأميركي بأن يشعل شرارة سباق تسلح جديد في أوروبا كما حاول رئيس الوزراء الصيني "وين جياباو" الأسبوع الماضي أيضا أن يطمئن العالم بأن الزيادة السريعة في الإنفاق الدفاعي الصيني لا تشكل تهديداً، وقال إن الميزانية العسكرية الرسمية لعام 2007 قد ارتفعت بنسبة 18 في المئة، حيث تبلغ حالياً 45.3 مليار دولار، وذلك بعد الزيادة التدريجية في ذلك الإنفاق على مدى عقد كامل.
وتقول مصادر "البنتاجون" إن الإنفاق العسكري الصيني من الناحية الفعلية، يقترب من الإنفاق العسكري لبريطانيا وفرنسا وهما قوتان عظميان ولكن رئيس الوزراء الصيني، وفي سياق محاولاته لطمأنة الآخرين من تزايد إنفاق بلاده الدفاعي قال إن ذلك الإنفاق حتى بعد الزيادات الكبيرة التي شهدها لا يزال أقل من الإنفاق الدفاعي لدى العديد من الدول الثرية، بل والدول النامية أيضاً.
ويقول "وايزمان" إن زيادة الإنفاق الدفاعي الصيني ترجع إلى أن الصين لديها جيش ضخم غير أنه كان مسلحاً من قبل بـ"أسلحة متخلفة"، أما الآن فإن الصين تشتري المزيد من الأسلحة المتطورة، كما تبني صناعات عسكرية بالاستعانة بالتقنية الروسية.
وهو يُرجع اتجاه الصين إلى زيادة إنفاقها العسكري إلى أنها أصبحت تنظر إلى نفسها اليوم على أنها قوة كبرى وليس مجرد قوة إقليمية بعض الدول الواقعة في شرق آسيا وخصوصاً تايوان تتساءل عما تريد الصين أن تفعله بهذه الأسلحة ويجيب "وايزيمان" عن هذه التساؤل بالقول إن غرض الصين من ذلك هو "تغيير ميزان القوى في آسيا لصالحها".
ويشير خبراء "عهد بحوث السلام الدولي في استكهولم السويد" إلى أن تقنيات تصنيع السلاح الروسية متخلفة عن نظيرتها الأميركية بعشر أو خمس عشر سنة، وهو ما يعني أن صناعة الأسلحة الروسية، وهي الثانية في العالم من حيث الحجم ستتخلف أكثر خلال السنتين القادمتين، وذلك بسبب تآكل قدراتها التنافسية.
وحديث القادة الروس عن إنجاز مشتريات ضخمة من الأسلحة لقواتهم المسلحة تتضمن شراء 1000 طائرة مقاتلة على مدى 10 سنوات موضع شك من قبل "وايزيمان"، الذي يعتقد أن روسيا لن تكون قادرة على تحقيق طموحاتها في هذا الشأن، على رغم العوائد الهائلة التي تتدفق عليها من صادراتها النفطية والغازية وهو يستند في ذلك إلى حقيقة أن روسيا لم تشتر خلال الخمس سنوات الماضية سوى عدد من الطائرات المقاتلة لا يزيد على 3 أو 4 طائرات في حين اشترت الولايات المتحدة 300 طائرة من هذا النوع.
وتفوق الولايات المتحدة في الإنفاق العسكري واضح، ولا يحتاج إلى دليل فالحرب على الإرهاب على سبيل المثال كلفتها 502 مليار دولار خلال السبع سنوات الأخيرة وذلك حسب تقديرات "ستيفن كوسياك" الخبير بـ"مركز تقديرات الميزانية والاستراتيجية" في واشنطن وحسب "كوسياك"، فإن إدارة بوش تتوقع إنفاق 93 مليار دولار على الأقل في العام المالي 2007 لترتفع إلى 142 مليار دولار في العام المالي 2008 لمواجهة الإنفاق على حربي العراق وأفغانستان والحرب على الإرهاب.
علاوة على ذلك طلب الرئيس بوش من الكونجرس الموافقة على تخصيص483 مليار دولار كميزانية أساسية للبنتاجون لعام 2008 وهذا الرقم يضع الإنفاق العسكري الأميركي حتى مع أخذ نسبة التضخم في الحسبان في أعلى مستوى له منذ عام 1946 حسب السيد "كوسياك"، كما أنه يتجاوز بالتأكيد الإنفاق العسكري الأميركي في وقت السلم حسب معدلات الثمانينيات من القرن الماضي، كما يقول إنه لو قامت الإدارة الأميركية بزيادة حجم الجيش والمارينز حسب الخطط الموضوعة في هذا الشأن فإنها ستضطر في هذه الحالة إلى إضافة 100 مليار دولار خلال السنوات الست التالية.
ويقول "سايبرت" إن هناك 34 صراعاً مسلحاً تندلع في شتى أنحاء العالم في الوقت الراهن، وإن الحل الأفضل لتلك الصراعات ليس بزيادة الإنفاق على التسليح ولكن من خلال معالجة مشكلات الفقر والموضوعات الأثنية والدينية التي تقف دائماً خلف تلك الصراعات كما يرى.
هل بدأ سباق تسلح نووي جديد؟
حذرت موسكو من دخول العالم في دوامة من السباق النووي أو انجراره إلى حرب شاملة في ردها على قرار واشنطن تحديث قنابلها الذرية وترسانتها النووية الأخرى في عقيدتها العسكرية الجديدة وفي الوقت الذي يعزو فيه البنتاغون قراره إلى مواجهة القدرات الروسية، تعيد الخطة إلى السطح تقارير عن سباق أمريكي حثيث للحصول على جيل جديد من الأسلحة النووية ذات الحجم الصغير والقوة التدميرية المحدودة، في تصور جديد قادر على التحكم في نطاق التدمير.
فهل يؤسس هذا التطور لانهيار عقود من الجهود الدولية للحد من أسلحة الدمار الشامل ونطاق انتشارها وهل يؤجج القرار الأمريكي شرارة سباق تسلح جديد بين الدول العظمى، بعدما سعت للحفاظ على السلام النووي لأكثر من نصف قرن؟ وكيف ستتعامل الدول الأخرى مع هذا التوجه الجديد؟
الناتو يتهم روسيا بإطلاق سباق التسلح النووي
اعتبر السكرتير العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ أن تصميم روسيا وتطويرها صواريخ جديدة متوسطة المدى، يمكن أن يضع العالم على شفا جولة جديدة من سباق التسلح النووي، وأضاف ينس ستولتنبرغ في حديث لـBild الألمانية، أن "روسيا تعمل على تحديث قواتها النووية، وتنفيذ المناورات بالأسلحة النووية ما يهدد بإطلاق العنان لجولة جديدة من سباق التسلح النووي في أوروبا".
واستند السكرتير العام للناتو في حديثه إلى بيانات أمريكية تزعم بأن روسيا تصمم صواريخ جديدة متوسطة المدى "وهو ما ينتهك معاهدة 1987 للصواريخ متوسطة وقصيرة المدى"، ودعا ستولتنبرغ موسكو إلى التقيد بشروط معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى التي تمنع نشر صواريخ جديدة في القسم الأوروبي من روسيا وتعتبر جزءا هاما من الحفاظ على السلام في القارة.
بين هواجس الأمن والطموح السياسي والمصالح الاقتصادية
حين تشعر الدول بنسبة أقل وأقل من الأمان، فإنها تضاعف جهودها أكثر وأكثر لتكديس الأسلحة في ترساناتها الى الحد الذي يكفي لإخافة العدو وردعه، ولكن تراكم القدرات العسكرية الكبيرة يزيد فقط من الشعور بعدم الأمن، وهذا ما يؤدي الى سباق تسلح عنيف وبدون نهاية.
تسعى الدول، في كل الأزمان، لتعزيز أمنها، وحماية نفسها ككيان سياسي وسيادي بين غيرها من الدول، والعامل الاعتباري والمهم بالنسبة اليها، هو بأي وسائل يمكن تحقيق هذا الهدف؟ إن الزمن، الذي كانت فيه الدول تؤمن أمنها ببناء قواها العسكرية فقط، قد مضى، ذلك أن الإمكانات المتوافرة في التسلح العصري، لم تترك لأي دولة الأمل بالاعتماد على العامل العسكري وحده، لأن سباق التسلح وأسلحة الدمار الشامل لم تترك لأي منها المجال لأن تربحها، ولأن أي حرب نووية تندلع، ستضع الحضارة البشرية تحت الخطر المباشر، ولن يكون فيها رابح، ذلك أن المخزون الهائل من الأسلحة الفتاكة يمكنه تدمير كل شيء على الأرض.
لذلك صار واضحاً أن أمن الدول يمكن أن يتحقق من خلال الوسائل السياسية، اكثر منه عبر الوسائل العسكرية، خصوصاً أسلحة الدمار الشامل (النووية والكيماوية والجرثومية والاشعاعية وغيرها) فامتلاك هذه الأسلحة (وإن كانت اصطلاحاً عسكرياً يعني القوة والأمن لمن يمتلكها)، يعني أيضاً صعوبة القدرة على استخدامها، لما لتأثير ذلك من خطر على مستعملها أولاً، وهكذا فإن هذا الاصطلاح إتخذ بعده العسكري، في استخدامه سلاحاً سياسياً للتأثير في العلاقات الدولية، وفرض الأمن الجماعي، ورسم السياسات العالمية والاستراتيجيات المختلفة يشغل موضوع أسلحة الدمار الشامل اليوم حيزاً مهماً في التداول السياسي بين الدول، ويعتبر محركاً للتوجه السياسي والعسكري خصوصاً للولايات المتحدة الاميركية باعتبارها "زعيمة العالم اليوم".
البعد الحقيقي لسباق التسلح
يرى البعض أنه لو كانت العلاقات بين الدول مبنية في أساسها على الثقة الكاملة في نوايا بعضها البعض، لما كان ثمة داعٍ للتسلح، ولما وجدت مشكلة نزع السلاح بالصورة التي نعرفها
إن الشك المتبادل يشكل عائقاً كبيراً على طريق نزع السلاح النووي وغيره، وهذا يؤدي الى المبالغة في طلب المراقبة والتفتيش وتعقيداتهما، ويتحول الى حلقة مفرغة، ومأزق سياسي وفني، لم تتمكن الدول من تجاوزه حتى الآن.
كذلك فإن العوامل الفنية والسياسية، ليست هي الوحيدة في إعاقة عملية نزع السلاح، ذلك أن للمؤسسات العسكرية البيروقراطية، والتوجهات السياسية والعقائدية لقادة الدول في العالم، دوراً أساسياً في ذلك، إلا أن السبب الأهم، هو تلك الشبكة المعقدة من المؤسسات، والصناعات العسكرية المعنية مباشرة بإنتاج وتطوير الأسلحة المختلفة، والتي تتدخل باستمرار لإحباط أي مشروع لنزع السلاح في العالم، وهي "كارتل" ضخم من المجمعات الصناعية العسكرية، تتألف من الدوائر العسكرية الرسمية ووزارات الدفاع، والصناعات الحربية الخاصة، والوكلاء الذين يروجون هذه الأسلحة، ويعقدون الصفقات المربحة بين الدول والمصانع.
إن هذه المجمعات العسكرية الصناعية، تقف ضد أي تخفيض في الأسلحة، وتحارب الأفكار التي تروج لنزع السلاح النووي وغيره، وهي تمتلك قدرات وامكانات مالية ودعائية هائلة توظفها في تغذية التوترات الدولية، والتأثير في صناعة القرارات، ورسم السياسات الدفاعية للدول من خلال فرق تضعها في وزارات دفاع الدول الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة الاميركية، وإذا عرفنا أن حجم مبيعات هذه المؤسسات والمصانع السنوية يبلغ آلاف مليارات الدولارات، وان اقتصادات عدد من الدول الكبرى يعتمد على هذه الصناعة، لأدركنا البعد الحقيقي لسباق التسلح، وطوباوية حلم نزع السلاح، وجدوى مراقبته!
أميركا تتصدر سباق التسلح العالمي
رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في العالم، لايزال سباق التسلح يتصدر ميزانية الكثير من الدول، إذ تتربع الولايات المتحدة على رأس قائمة الدول الأكثر إنفاقا على نظامها الدفاعي، الذي وصل إلى 682 مليار دولار هذا العام، تليها الصين بـ166 مليارا.
ويثير لوبي السلاح الذي يتمتع بنفوذ كبير في العالم، الكثير من علامات الاستفهام، إذ يضم عددا من أكبر الشركات المنتجة للأسلحة وتكنولوجيا الدفاع، معظمها أميركية مثل لوكهيد مارتن، وبوينغ، وجنرال دايناميكس، ورايثيون، وحققت وحدها زيادة بـ20% في قائمة الحجوزات من الأسلحة لديها لعام 2013.
وتعد الولايات المتحدة أكبر مُصدِّر للأسلحة، وتستحوذ على 30 في المائة من السوق، تليها روسيا بنسبة 26 في المائة ومن ثم ألمانيا وفرنسا، والصين وإسرائيل وبين عام 2008 و2012 ارتفع معدل تصدير الصين للأسلحة بنسبة 162 في المائة.
وحسب البيانات حتى عام 2011، حلت الهند في المرتبة الأولى مع 10% من إجمالي واردات الأسلحة في العالم، تليها كوريا الجنوبية بنسبة 6 في المائة، وباكستان بنسبة 5 في المائة، والصين بنسبة 5 في المائة أيضا وتشير التقارير إلى أنه بعد دول آسيا مثل الهند واليابان والصين، ودول أوروبا، تحتل منطقة الشرق الأوسط المرتبة الثالثة في إجمالي واردات الأسلحة، فواردات سوريا من الأسلحة مثلا بين عاميّ 2007 و2011، ارتفعت بنسبة 580 في المائة عما كانت عليه في السنوات الأربع التي سبقتها، ومعظمها من روسيا.
وشهدت الأعوام الأخيرة العديد من الصفقات بمليارات الدولارات لعل أبرزها الصفقة السعودية عام 2010 بقيمة 60 مليار دولار، وهي الأكبر في عقدين، ما يضع السعودية في المرتبة الثامنة من حيث الدول الأكثر إنفاقا على نظامها الدفاعي وحسب خبراء عسكريين، فإن ميزانية الإنفاق على التسلّح السعودي توازي ما يُنفَق على جيوش إيران وتركيا وإسرائيل، لكن الولايات المتحدة تبقى من جديد الأكثر إنفاقا على دفاعها في سباق التسلح، تليها الصين وروسيا وبريطانيا على التوالي ولكن الوتيرة التي تمضي فيها الصين بالتسلح ستتخطى واشنطن بحلول عام 2025.
سباق التسلح تأسيس لحرب باردة خطيرة
الدولتان العظميان روسيا وأميركا تنهمكان في تطوير مختلف أنواع أسلحتهما وعلى رأسها الأسلحة النووية، وكل واحدة منهما تريد أن تصل إلى درجة تسليح عالية لا تفوقها درجة ولا تسمح بالمنافسة وبالتأكيد لن تكون الصين غافلة عما يجري من تطوير حربي، وستعمل على رفع سرعتها نحو المنافسة.
وثمة دول أخرى ستكون مهتمة بالموضوع مثل إيران وكوريا الشمالية والهند، حتى لا تضيع هيبتها بين تزاحم الجيوش وسينعكس هذا السباق على دول كثيرة في العالم، فتعمل على تطوير قدراتها الحربية اعتمادا في الغالب على ما يمكن أن تسمح به القوى العظمى ويلبي مصالحها.
خطاب بوتين الصاروخي
ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطابه السنوي عن حالة الاتحاد الروسي (يوم 1مارس/آذار 2018)، فاستغرق ساعتين تحدث فيهما عن إنجازات بلاده خلال العام المنصرم في النواحي الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، لكن حديثه عن التسلح والتطوير الصاروخي شد انتباه العالم، وخاصة الدول التي تعتبر روسيا منافسا وعلى رأسها أميركا.
أكد بوتين أن روسيا تعمل منذ فترة على تطوير قدراتها التسليحية، وأنها أدخلت إلى ترسانتها حوالي 300 نوع من الأسلحة الحديث منذ عام 2012، وهي مستمرة في تطوير أنواع جديدة منها خاصة في المجال الصاروخي ألقى بوتين خطابه أمام الجمعية الفدرالية الروسية وصفّق له الحاضرون عدة مرات هم لم يصفقوا للإنجازات المدنية وإنما للإنجازات التسليحية، الأمر الذي يشير إلى أولويات الروس على المستوى الشعبي.
"الدولتان العظميان روسيا وأميركا تنهمكان في تطوير مختلف أنواع أسلحتهما وعلى رأسها الأسلحة النووية، وكل واحدة منهما تريد أن تصل إلى درجة تسليح عالية لا تفوقها درجة ولا تسمح بالمنافسة وبالتأكيد لن تكون الصين غافلة عما يجري من تطوير حربي، وستعمل على رفع سرعتها نحو المنافسة وثمة دول أخرى ستكون مهتمة بالموضوع مثل إيران وكوريا الشمالية والهند".
وقال إنه تم تزويد الجيش الروسي بـ80 صاروخا باليستياً جديدا (الباليستي هو الصاروخ الذي يسير بصورة منحنية وفق قوانين الفيزياء الكونية التي ترفض وجود الخط المستقيم)، و102 صاروخ باليستي للغواصات وأعلن بوتين تطوير صواريخ استراتيجية لا تستخدم مسار الصواريخ الباليستية، ولا تصدّها منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ، ولا صواريخ الدفاع الجوي. وأضاف أن روسيا اختبرت صاروخا مجنحا يعمل بالطاقة النووية نهاية 2017، وهو فريد من نوعه عالميا ويمكنه التحليق فترات طويلة عبر القارات، كما تم اختبار عدد من الصواريخ على رأسها صاروخ "سارمات" العابر للقارات، والذي يعدّ أقوى من صاروخ "فويفودا" الذي اعتبره الغرب أقوى صاروخ عابر للقارات في العالم، وأطلق الغرب عليه الاتحاد السوفياتي "الصاروخ الشيطان" وحسب بوتين فإن "سارمات" الآن هو الأقوى.
وقال الرئيس الروسي إن لدى بلاده منظومة صاروخية أسرع من الصوت بـ10 مرات، وإن صاروخها يناور أثناء التحليق وقادر على تجاوز كل منظومات الدفاع الجوي وأشار إلى منظومة صواريخ "فانغارد" التي تحلق في أجواء الفضاء الكثيفة، وهي أسرع من الصوت بـ20 مرة وأعلن تصنيع مركبة غواصة مسيّرة وذات مدى غير محدود، وهي أسرع من كل الأسلحة التي تعمل تحت الماء الموجودة في العالم الآن، وقادرة على تدمير المنشآت الساحلية وحاملات الطائرات ولم يُخفِ بوتين تطوير بلاده لتقنية الليزر والأسلحة الفتاكة التي تعتمدها.
من الجدير ذكره أن بوتين استعمل فيديوهات المحاكاة لتوضيح شراسة الأسلحة التي تحدث عنها، وبين كيف تهاجم هذه الأسلحة مواقع أميركية، وكيف حلقت بالقرب من الشواطئ الغربية للولايات المتحدة وذكر أن الغرب عمل على احتواء روسيا لكنه فشل وأكد أن تطوير هذه الأسلحة يلتزم بمعاهدات الحد من الأسلحة المعقودة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقا ثم روسيا لاحقا، كما أنها لا تخالف القوانين الدولية لكن حتى الآن لم يلمس العالم فاعلية هذه الأسلحة، ولا نعلم ما إن كان الجيش الروسي قد تسلمها أو بعضها.