تلسكوب جيمس ويب يشير إلى أن عدد الكواكب الصالحة للعيش أقل مما نظن

دورية Nature

2023-07-20 07:38

بقلم: ألكسندرا ويتزي

للمرَّة الثانية، بحث «تلسكوب جيمس ويب الفضائي» (JWST) عن غلاف جوي كثيف حول كوكب خارجي يحمل اسم «ترابيست-1 سي» TRAPPIST-1c، يقع في واحد من أكثر الأنظمة الكوكبية المعروفة إثارةً للاهتمام، ولم يخرج التلسكوب هذه المرة بنتيجةٍ مختلفةٍ عن سابقتها. فقد رجَّح علماء الفلك، في التاسع عشر من يونيو الماضي، أن الكوكب المذكور ليس له غلاف جوي يستأهل النظر، وهي نتيجة مشابهة للنتيجة التي خلُصوا إليها بشأن جاره «ترابيست-1 بي» TRAPPIST-1 b قبل بضعة أشهر.

لم تنعدم فرصة احتواء كوكبٍ أو أكثر من الكواكب الخمسة الأخرى في النظام النجمي «ترابيست-1» على أغلفة جوية كثيفة، تشتمل على مركبات مثيرة للاهتمام من الناحية الحيوية والجيولوجية، مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان، والأكسجين؛ إلا أنه يبدو أن الكوكبين اللذين خضعا للدراسة حتى الآن عاريان من أي غلافٍ جوي، أو يكادان.

يقول سيباستيان تسيبا، الباحث المتخصص في دراسة الكواكب الخارجية بمعهد ماكس بلانك لعلم الفلك بمدينة هايدلبرج الألمانية، إنه لمَّا كان وجود الكواكب من هذا النوع شائعًا حول الكثير من النجوم، فإن "هذه النتائج تقلل بالطبع من عدد الكواكب التي يُحتمَل أن تكون صالحة للعيش". وقد عرض الباحث وزملاؤه هذه النتائج في دراسة نُشرة بدورية Nature.

إشعاع نجمي كثيف

يبُعد النجم «ترابيست-1» عن الأرض نحوًا من 12 فرسخًا فلكيًّا (40 سنة ضوئية)، وتدور حوله سبعة كواكب، جميعها صخرية السطح، ويعادل حجم الواحد منها حجم الأرض تقريبًا. وينظر علماء الفلك إلى هذا النظام النجميَّ باعتباره واحدًا من أفضل المختبرات الطبيعية لدراسة كيفية تكوُّن النجوم وتطوُّرها، والعوامل التي ربما تجعلها صالحة للعيش. وعلى ذلك، فإن هذه الكواكب أهدافًا رئيسية للتلسكوب، الذي أُطلِق عام 2021، ويتمتع بقوةٍ تُمكنه من مسح الأغلفة الجوية لها بدقةٍ أكبر، مقارنةً بمراصد أخرى، مثل «تلسكوب هابل الفضائي».

النجم العائل لهذا الكوكب هو نجم خافت بارد، وهو نجم قزم من النوع «إم» M، أكثر أنواع النجوم شيوعًا في مجرة «درب التبانة». وتنبعث من النجم الأشعة فوق البنفسجية بكثافة، هي ما يمكن أن تمحو أي غلاف جوي يحيط بكوكب قريب.

يقصفُ هذا النجمُ الكوكبَ الأقرب إليه، وهو الكوكب «ترابيست-1 بي»، بإشعاع يعادل أربعة أضعاف الإشعاع الذي يصل الأرض الأرض من الشمس. وعليه فلم يكن مما يثير الدهش أن وَجد «تلسكوب جيمس ويب» أنه كوكب بلا غلاف جوي معتبر2. لكن الكوكب الذي يليه في الترتيب، ويحمل اسم «ترابيست-1 سي»، مداره أبعد عن النجم، فعزَّز ذلك من احتمالات أن يكون ذلك الكوكب، الأبرد قليلًا، محتفظًا بغلاف جوي أكثف.

ومن هذا المنطلق، صوّب الفريق التلسكوب نحو نظام «ترابيست-1» أربع مرات خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، مما مكّن العلماء من حساب درجة حرارة سطح الكوكب «ترابيست-1 سي»، ووجدوا أنها تبلغ عند الجانب الذي يواجه النجم 107 درجات مئوية تقريبًا، وهذه حرارة أشدُّ من أن تتيح للكوكب الاحتفاظ بغلاف جوي كثيف غنيّ بثاني أكسيد الكربون.

ماءٌ قليل

كما توصّل العلماء، عبر مقارنة نتائج الرصد مع نماذج للكيمياء المحتملة للكوكب، إلى أن الكوكب «ترابيست-1 سي» كانت به كمية قليلة جدًا من الماء عند تكوُّنه، أقل عن عشرة أمثال كمية المياه في محيطات الأرض. وقلة المياه عند مولد الكوكب، جنبًا إلى جنبٍ مع خلوِّه الآن من غلاف جوي كثيف وغني بثاني أكسيد الكربون، يدلَّان على أن الكوكب قد افتقد دومًا إلى العديد من العناصر اللازمة لقيام حياةٍ عليه.

على أنَّ الأمل لا يزال منعقدًا على الكواكب الأخرى في النظام. ففي ورقة بحثية3 نُشرت على موقع «أركايف» arXiv، المختص بنشر المسودات البحثية، في الثامن من شهر يونيو الجاري، يشير جوشوا كريسانسن-توتون، عالم الكواكب بجامعة واشنطن في سياتل، إلى احتمال أن يحوي الكوكبان «إي» و«إف» في النظام – رابع وخامس الكواكب بعدًا عن النجم – غلافًا جويًّا كثيفًا، بالنظر إلى أنهما يقعان على مسافتين أبعد عن النجم، تكفيان لاحتفاظهما ببعض من مياههما، خلافًا لما كان عليه حال الكوكبين «بي» و«سي».

يمكننا القول، بعبارة أخرى، أن ما يتوصل إليه العلماء بشأن الكوكبين «بي» و«سي» قد لا يخبرنا بالكثير عن حال الغلاف الجوي للكواكب الأبعد في النظام. ويقول كريسانسن-توتون: "أظن أنه من المنطقي أن نقول إننا لا ندري كيف ستكون فرص الكواكب الأبعد في الاحتفاظ بغلاف جوي".

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد