جنون العظمة يهدد البحرين والمنطقة
علي ال غراش
2016-07-31 08:45
في العصر الحديث شاهد العالم سقوط عدد من الحكام الطغاة المستبدين الدكتاتوريين المصابين بجنون العظمة بطرق بشعة ومذلة، كما حدث في العراق لـلطاغية المستبد صدام حسين، وكذلك في ليبيا للطاغية المريض بجنون العظمة العالمي معمر القذافي وكذلك لغيرهما في دول اخرى.
وللأسف الشديد يوجد بعض الحكام في المنطقة يحملون نفس المرض المركب جنون العظمة والإستبداد وربما بنسب مختلفة، حكام لم يستفيدوا مما وقع على الحكام السابقين الظالمين المستبدين الرافضين لمشاركة الشعب لاختيار الدستور والسلطة عبر صناديق الانتخاب وفصل السلطات ومحاسبة المفسدين.
حاكم البحرين الحالي الملك حمد بن عيسى الخليفة يسير على نفس منهج طغاة مرضى جنون العظمة الذين دمروا بلدانهم وشعوبهم ومنطقتهم، فمنذ وصوله للحكم بذل وسعى وقام بتغيرات كثيرة لإشباع غروره وغطرسته وجنون العظمة لديه، لا لأجل تحقيق مطالب الشعب، حيث طرح وثيقة الميثاق الوطني في 14 فبراير 2001، واعطى الوعود للشعب لبناء دولة حديثة دستورية حسب دستور (العقد) 1973، وصوت الشعب البحريني الطيب العاشق للديمقراطية بنعم على بنود ميثاق العمل الوطني "بنسبة 98,4%، وكانت المشاركة الشعبية عالية إذ بلغت 90,3% من المؤهلين للتصويت"، ولكن العاهل الجديد استغل ثقة الشعب وهذا التصويت الذي يعطيه كامل الصلاحيات، بما يغذي مرضه ويشبع جنونه، فقد قام أولا بتغيير اسم البلد من دولة البحرين إلى مسمى مملكة البحرين، وأطلق على نفسه صاحب العظمة جلالة الملك حمد المفدى، وهذا ما كان يسعى ويطمح له من مرض جنون عظمة في داخله.
ونتيجة هذا الغرور والغطرسة وجنون العظمة، مارس أبشع الأساليب الإستبدادية والقمعية ضد الشعب الذي صوت على الميثاق رغبة في تطبيق دستور (العقد) 1973، حيث قام الملك في 14 فبراير 2002 بطرح دستور بديل باسم (المنحة) يعطيه صلاحيات الدكتاتور المستبد القانوني، وما الأحداث الأخيرة التي تعصف حاليا بالبحرين وتهدد منطقة الخليج ما هي إلا نتيجة استغلاله للميثاق الوطني ولقرارته الملكية المشبعة بجنون العظمة تحت مظلة قوانين دستور (المنحة) الذي هو مجرد لعبة بيده.
وأعظم تلك الجرائم التي يرتكبها النظام البحريني سياسة التغيير الديمغرافي عبر التجنيس الطائفي لتغيير التركيبة السكانية، وتهجير وسحب الجنسيات من المواطنين الاصليين الذين لا يعرفون غير هذا الوطن الذي ولدوا فيه، وتحت ترابه توجد جثث اجدادهم، وتاريخ وجودهم قبل دخول وسيطرة عائلة الخليفة على حكم جزيرة البحرين، وكذلك التضييق على الحريات ومنها الدينية واعتقال ومحاكمة وسجن الرموز الوطنية علماء الدين والساسة والحقوقيين والنشطاء والاعلاميين، وإعتقال الأطفال وانتهاك اعراض النساء!.
ومن شدة وقوة مرض جنون العظمة لدى صاحب العظمة ملك البحرين، اتخاذه قرارات تاريخية جنونية عبر استهدافه للمكون الوطني الرئيسي في البلاد -الطائفية الشيعية- عبر اغلاق المؤسسات الدينية والاعلامية والجمعيات السياسية والتدخل في شؤون الطائفة ومعتقداتها ومحاكمة أعلى رمز ديني للمكون الوطني الاكبر الشيعي آية الله الشيخ عيسى قاسم بتهمة الحصول على المال، وهو الخمس الذي هو فريضة دينية لدى الشيعة!!.
سياسة التصعيد والإعتقالات التعسفية واستخدام أبشع الأساليب القمعية الوحشية والتغيير الديمغرافي من قبل العائلة الحاكمة في البحرين، ستجعل منطقة الخليج وليس فقط البحرين أمام مستقبل مجهول ومخيف بسبب تلك السياسة العبثية، في ظل تأييد أنظمة المنطقة للسلطة البحرينية التي ترفض الإعتراف بوجود رأي مختلف ومعارضة سياسية سلمية وحقوق للشعب، وترفض الإصلاح الشامل ومشاركة الشعب بالحكم في ظل دول دستور شعبي وانتقال السلطة.
ومن يتابع طريقة تعامل النظام الحاكم في البحرين مع المطالب الشعبية البحرينية للإصلاح والتغيير لبناء دولة ديمقراطية تمثل إرادة كافة المواطنين، يجد انه يبحث عن التصعيد والمواجهة وإشعال البلد بنار الطائفية مع الشعب المصر على نيل حقوقه بالسلمية.
نظام عائلة الخليفة في ظل تنامي جنون العظمة عند العاهل البحريني، واصراره على تقليد سياسة الرياض استخدام سلاح الطائفية البغيضة سيؤدي إلى إشعال المنطقة التي تشهد مخاطر كثيرة، وليست هي بحاجة للمزيد من التوتر وصب الزيت على النيران المشتعلة في الجوار.
وان ما تقوم به سلطة البحرين من أساليب وحشية قمعية استبدادية ضد الشعب المسالم بسبب مطالبته بالحرية والديمقراطية تعد مخالفة لكافة القوانين السماوية والوضعية وقوانين الأمم المتحدة وغيرها بل ما يحدث عار على الشعب الخليجي والعربي، وفضيحة وعار للمجتمع الدولي نتيجة صمته على إنتهاكات العائلة الحاكمة في البحرين من اعتقالات تعسفية وتعذيب وقتل وسحب للجنسية ومنع حرية التعبد والتعبير عن الرأي، واعتقال الرموز الوطنية.
الحل يكمن في تغليب العقل والحكمة على الغرور والجنون والدكتاتورية والإستبداد، وتفهم مطالب الشعب وتحقيقها لتشييد دولة حضارية ديمقراطية، دون استبداد وعنف وقمع وقتل، كما ينبغي أن يقف الأحرار في العالم وبالخصوص الشعوب العربية الحرة مع حق الشعب البحريني العربي الأصيل لبناء دولة ديمقراطية تمثل كافة الشعب لا العائلة الحاكمة فقط. نجاح الديمقراطية في البحرين هو نجاح للديمقراطية في المنطقة.
تحية إكبار لشعب البحرين العاشق للحرية والكرامة الذي يواجه سلطة مستبدة ودموية، بصدور عارية للمطالبة بالديمقراطية بشكل سلمي.