السعودية ومهزلة محاكمة الشيعة
مسلم عباس
2016-07-09 04:59
يعد النظام السعودية من اكثر انظمة الحكم انتهاكا لحقوق الانسان في العالم، فالجرائم التي ترتكب على الاراضي السعودية توصف بانها الاكثر اجراما من قبيل احكام الاعدام لاتفه الاسباب وباساليب وحشية مثل قطع الراس او اليد، وهذا لا يقتصر على الكبار فقط بل يشمل القاصرين ايضا.
مسلسل الاعدامات في السعودية لا يتوقف ففي الثلاثين من مايو حكمت محكمة سعودية على الناشط السعودي في مجال حقوق الإنسان عبد العزيز الشبيلي بالسجن ثماني سنوات بتهم"التحريض على مخالفة النظام العام وتوجيه اتهامات إلى قوات الأمن بممارسة القمع والتعذيب".
وفي الاول من حزيران من العام الحالي اصدرت محكمة سعودية اليوم الأربعاء أحكاما بالإعدام على 14 شخصا ادعت السلطات انهم شنوا هجمات على الشرطة في منطقة القطيف شرقي المملكة خلال الفترة بين عامي 2011 و2014. وحكمت المحكمة على 9 أشخاص آخرين بالسجن لفترات تتراوح بين ثلاث سنوات و15 سنة. وأضاف محامي المتهمين أن المدعي عليهم الـ24 محتجزون لدى السلطات السعودية منذ ثلاث سنوات.
وقال محام سعودي إن المملكة قضت بإعدام 14 شخصا لتهم تتصل "بالإرهاب" بعد إدانتهم بهجمات على الشرطة في منطقة القطيف التي تقطنها أغلبية شيعية في المنطقة الشرقية التي شهدت من قبل احتجاجات مناهضة للحكومة. وأضاف المحامي الذي كان يترافع عن المتهمين والذي طلب عدم نشر اسمه أن تسعة أشخاص آخرين صدرت ضدهم أحكام بالسجن لفترات بين ثلاث سنوات و15 سنة وبرأت المحكمة شخصا واحدا.
وتابع قائلا لوكالة رويترز إن المدعى عليهم الأربعة والعشرين محتجزون منذ نحو ثلاث سنوات بتهمة حيازة أسلحة وإطلاق النار على الشرطة وخلال الاحتجاجات التي استمرت بشكل متقطع من عام 2011 حتى عام 2014 قُتل نحو 20 من الشيعة وعدد من رجال الشرطة.
وفي الثاني من يناير/كانون الثاني أعدمت السعودية أربعة من الشيعة بعد إدانتهم بتهم مشابهة إضافة إلى 43 سنيا اتهمتهم بتنفيذ هجمات لحساب تنظيم القاعدة قبل عشر سنوات. وتنتقد جماعات دولية لحقوق الإنسان نظام العدل في السعودية الذي تقول إنه يجري محاكمات جائرة وتقول إن الإدانات بتهم تتصل بالإرهاب تشمل أحيانا محتجين سلميين وتستند لأقوال تنتزع تحت التعذيب وتنفي السعودية ذلك وتقول إن نظامها القضائي مستقل وإنها لا تمارس التعذيب. كما تقول إنها لا تفرق بين السنة والشيعة المتهمين بشن هجمات ذات دافع سياسي على مواطنين آخرين أو على قوات الأمن.
مهزلة قضائية
منظمة "هيومان رايتس ووتش" وصفت منتصف ايار مايو في بيان محاكمة مجموعة معظمها شيعة "بالمهزلة القضائية"، وقد وجهت إليهم تهمة التجسس لحساب إيران، فيما طالب الادعاء بتسليط عقوبة الإعدام على 25 من بينهم. المحكومون هم 30 سعوديا وإيراني واحد وأفغاني، كلهم شيعة باستثناء واحد.
وأوردت المنظمة نقلا عن محامي تكفل الدفاع عن المتهمين حتى آذار/مارس، أن المحاكمة بدأت في شباط/فبراير. مضيفة في بيان أن المحامي "يعتقد أن توقيت المحاكمة له صلة بالتوتر الحالي بين إيران والسعودية".
ووصفت المنظمة الحقوقية في بيانها المحاكمة بأنها "مهزلة قضائية" تنتهك الحقوق الأساسية للمتهمين وخصوصا أن السلطات القضائية تمنع حصول هؤلاء على محامين أو ترفض مد جهة الدفاع بوثائق قضائية.
وأكدت المنظمة أن الادعاء طلب عقوبة الإعدام بحق 25 من المتهمين الاثنين والثلاثين المعتقلين منذ 2013 باستثناء واحد. وتشمل التهم خصوصا "الخيانة العظمى" وتهما "لا تشكل جرائم يمكن التحقق منها" مثل "دعم متظاهرين" ومحاولة "نشر المذهب الشيعي" في السعودية و"تشويه سمعة المملكة".
وفي سياق انتقدت منظمة العفو الدولية "المحاولات الشرسة لمنع أي انتقادات لملف حقوق الإنسان في السعودية". وقالت أنه حكم في(30 ايار/مايو 2016) على الناشط السعودي من أجل حقوق الإنسان عبد العزيز الشبيلي بالسجن ثماني سنوات عملا بـ"قانون قمعي لمكافحة الإرهاب".
وجرت محاكمة الشبيلي، وهو من الأعضاء المؤسسين للجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية، في المملكة بحسب منظمة العفو بتهمة "التحريض على مخالفة النظام العام" و"الدعوة للتظاهر" و"توجيه اتهامات إلى قوات الأمن بممارسة القمع والتعذيب".
وكتب مساعد مدير المنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا جيمس لينش إنه "بعد إغلاق الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية قبل ثلاث سنوات، قامت السلطات بملاحقة اعضائها المؤسسين وسجنهم الواحد تلو الاخر، في محاولة شرسة لمنع أي انتقادات لحصيلة السعودية على صعيد حقوق الإنسان". وتابع جيمس لينش مستنكرا "إنه أمر عبثي ومشين في آن أن يوصف التواصل مع منظمة دولية لحقوق الإنسان على أنه عمل إجرامي وإرهابي"، معتبرا أن "صمت" الأسرة الدولية حيال وضع حقوق الإنسان في السعودية هو أمر "معيب".
تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان
والى الانتهاكات السعودية خارج المملكة وتحديدا في اليمن حيث طلبت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش من الجمعية العامة للأمم المتحدة تعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية إلى أن يتوقف التحالف العسكري الذي تتزعمه في اليمن عن قتل المدنيين.
وقال فيليب بولوبيون نائب مدير برنامج المرافعة الدولية في هيومن رايتس ووتش "السعودية راكمت سجلا مروعا لانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن خلال فترة عضويتها بمجلس حقوق الإنسان. على الدول الأعضاء بالأمم المتحدة الوقوف إلى جانب المدنيين اليمنيين وتعليق عضوية السعودية على الفور."
والسعودية الآن في العام الأخير من عضويتها بمجلس حقوق الإنسان المكون من 47 بلدا تقضي كل منها في عضويته ثلاث سنوات. ولم ترد البعثة السعودية في الأمم المتحدة على طلبات للتعليق. ويمكن لثلثي أعضاء الجمعية العامة البالغ عدد أعضائها 193 بلدا تعليق عضوية أي بلد في مجلس حقوق الإنسان الموجود مقره في جنيف لاستمراره في ارتكاب انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان خلال فترة العضوية.
وقالت هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية إنهما وثقتا 69 غارة جوية مخالفة للقانون في اليمن شنها التحالف وأسفرت عن مقتل 913 مدنيا على الأقل وأصابت منازل وأسواق ومستشفيات ومدارس وأماكن للأعمال ومساجد. وتقول المنظمتان إن بعض تلك الغارات ترقى لمستوى جرائم الحرب.
وكانت الأمم المتحدة أدرجت لفترة وجيزة التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في وقت سابق من الشهر الجاري في قائمة سوداء للجهات المتورطة في قتل أطفال باليمن. لكن الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون رضخ لما وصفها ضغوطا غير مقبولة ورفع اسم التحالف من القائمة السوداء لحين إجراء مراجعة مشتركة.
وقال مراقبو عقوبات من الأمم المتحدة في يناير كانون الثاني الماضي إن التحالف استهدف مدنيين في اليمن بغارات جوية وإن بعض الهجمات قد ترقى لمستوى جرائم ضد الإنسانية. وقالت سارا واتسون رئيسة وحدة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش إنه من المحتمل أن تكون الولايات المتحدة متورطة في جرائم حرب بسبب المساعدة التي يقدمها الجيش الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية.
ورفض مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على الاتهام أو توضيح كيف ستصوت واشنطن في أي إجراء لرفع اسم السعودية من مجلس حقوق الإنسان. وقال تونر للصحفيين "نواصل حث كل الأطراف في الصراع على حماية المدنيين".
سجون الصحافة
محكمة سعودية حكمت بالسجن خمس سنوات على صحافي بتهمة إهانة حكام المملكة و"تحريض الرأي العام"، كما أصدر قرار بمنعه من السفر لمدة ثماني سنوات وتغريمه ب 50 ألف ريال (13300 دولار)، وفق ما أعلنت منظمة العفو الدولية.
وأعلنت منظمة العفو الدولية على صفحتها على تويتر أن السعودية حكمت بالسجن خمس سنوات على صحفي لإهانته حكام المملكة و"تحريض الرأي العام". كما أدانت المحكمة برنجي بالسخرية من شخصيات دينية واتهام رجال أمن بقتل متظاهرين في العوامية في المنطقة الشرقية.
واعتبرت المنظمة الحكم الصادر على علاء برنجي الخميس بأنه "انتهاك واضح للقانون الدولي"وقالت إنه يظهر عدم تحمل حق التعبير السلمي عن الرأي. وأضافت العفو الدولية أن الحكم على الصحفي برنجي الذي عمل مع صحف سعودية منها البلاد وعكاظ والشرق جاء بعد إدانته يوم 24 مارس/ آذار.
وقالت المنظمة إنها حصلت على هذه المعلومات من مصدر على علم بمجريات القضية وأضافت أن المحكمة أصدرت يوم الخميس كذلك حظر سفر على برنجي لمدة ثماني سنوات وغرمته 50 ألف ريال (13300 دولار).
وتابعت المنظمة أن برنجي اعتقل في مايو أيار 2014 وهو محتجز منذ ذلك الحين. واتهم برنجي كذلك بالردة وهي جريمة تصل عقوبتها للإعدام لكن لم تتم إدانته في هذا الاتهام بسبب عدم كفاية الأدلة.
الى ذلك اعلنت منظمة حقوقية في الخليج ان المحامي وليد ابو الخير المسجون في السعودية، انهى اضرابا عن الطعام استمر اياما، بعدما تجاوبت السلطات مع بعض مطالبه. وقال "مركز الخليج لحقوق الانسان" في بيان نشرته وكالة فرانس برس "بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2016، انهى محامي حقوق الانسان البارز وليد ابو الخير اضرابه عن الطعام في سجنه"، والذي كان بدأه في السابع من الشهر الجاري.
واوضح البيان ان هذه الخطوة اتت "بعد ان استجابت ادارة سجن اصلاحية ذهبان (في جدة) جزئيا لبعض مطالبه. لقد سمحوا له ان يراجع المستشفى ووعدوه بانه سوف يمكنه الذهاب الى مكتبة السجن يوميا، وكذلك السماح له بأخذ كتب الى الزنزانة". ورحبت المنظمة بهذه الخطوة، الا انها كررت مطالبتها بالافراج عن ابو الخير حكم عليه في تموز/يوليو 2014 بالسجن خمسة عشر عاما والمنع من مغادرة السعودية مدة مماثلة لادانته بتهم "العصيان والخروج عن طاعة ولي الامر وازدراء السلطات واهانة احد القضاة".
وكان ابو الخير، مؤسس "المرصد السعودي لحقوق الانسان في السعودية" تلقى في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي جائزة لودفيك تراريو الدولية لحقوق الانسان في جنيف. وابو الخير هو صهر رائف بدوي، المدون الذي اوقف بموجب قانون مكافحة الجرائم الالكترونية، وحكم عليه نهاية عام 2014 بالسجن عشر سنوات والف جلدة. وتم جلده 50 مرة في كانون الثاني/يناير عام 2015، لكن تم تعليق هذه العقوبة بعد موجة من الاحتجاجات في انحاء العالم.
ارتفاع احكام الاعدام
منظمة العفو الدولية حذرت منتصف شهر ايار مايو من الارتفاع الكبير لعمليات الاعدام في السعودية حيث تم اعدام نحو مئة شخص منذ بداية العام. وقالت المنظمة التي مقرها في لندن ان 94 شخصا على الاقل نفذت فيهم احكام اعدام في 2016، اي "اكثر من العدد المسجل خلال الفترة نفسها من العام الفائت". ونبهت المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان الى انه اذا استمرت الاعدامات بالوتيرة نفسها "تكون السعودية قد اعدمت اكثر من مئة شخص خلال الاشهر الستة الاولى من السنة".
وقال جيمس لينش مساعد مدير المنظمة للشرق الاوسط وشمال افريقيا ان "الاعدامات في السعودية تزداد في شكل كبير منذ عامين وهذا التوجه المرعب لا يظهر اي مؤشر تباطؤ". واضاف لينش "ان يحكم المرء بالاعدام (في السعودية) بات امرا اعتياديا جدا بعد محاكمات غير عادلة في شكل صارخ"، لافتا الى "شوائب نافرة" في النظام القضائي للمملكة.
وفي الثاني من كانون الثاني/يناير، اعدم 47 شخصا في يوم واحد ، وخصوصا رجل الدين الشيعي المعارض نمر النمر الذي تسبب اعدامه باندلاع ازمة دبلوماسية مع ايران. بدوره، يواجه ابن شقيقه علي النمر الذي اعتقل يوم كان لا يزال قاصرا عقوبة الاعدام. وحض لينش السلطات السعودية على "الغاء الحكم بحقه والبدء فورا بمحاكمة جديدة في الية تنسجم مع المعايير الدولية (...) من دون اللجوء الى عقوبة الاعدام".
واضاف "على السلطات السعودية ان تضع حدا لارتهانها لهذه العقوبة الوحشية وغير الانسانية ووقف تنفيذ الاعدامات". واعدم 153 شخصا العام 2015 في السعودية في عدد غير مسبوق منذ عشرين عاما.