وزارة التسامح الاماراتية وقرار طرد الشيعة
احمد شرار
2016-03-14 07:54
قررت دولة الامارات العربية مؤخرا استحداث وزارة للسعادة، وأخرى للتسامح في إطار تغيير حكومي كبير، وقد يبدو هذا الخبر حقيقيا، ولكن الوقائع الفعلية على الأرض تجعله نوعا من الهذيان السريالي، هكذا كان الخبر الذي لم تغفل عن تناقله اي وسيلة اعلامية مع استضافة محللين لزيادة الزخم له كونه من الامور الغريبة في البلدان العربية، وقبل ان تخرج وزارتي السعادة والتسامح من شهر عسلهما اعلنت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي قبل ايام قيام دولة الإمارات بابعاد 436 عراقيا غالبيتهم من الشيعة.
طرد العراقيين الشيعة من الامارات في هذا التوقيت يجعلنا نفكر بان الامارات بدأت تسلك نفس الطريق الذي تسير عليه شقياتها من الانظمة العربية الاستبدادية والتي تعتمد على مسميات خالية المحتوى، وهو ما يؤدي في النهاية الى فقدان دولة الامارات مكانتها كانموذج اثبت نجاحا كبيرا في بيئة تسودها الصراعات السياسية والعسكرية، فمنذ الاعلان عن هذه الوزارة بدأت الامارات بتضادها ضد العراق، لعل ابرزها بث السموم والتصريحات المعادية ضد الحشد الشعبي، وطرد مواطنين ساهموا بشكل فاعل في نهضة الامارات الحديثة من خلال اعمالهم ووظائفهم.
واستعراضا للوجود الشيعي في الإمارات فانه يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، حينما بدأ الشيعة من البحرين والساحل الشرقي للسعودية، بالتوافد إلى الإمارات، وتبعهم من ثم شيعة إيران والهند، إذ يشكل شيعة الإمارات جزءاً من النسيج الاجتماعي للبلاد، ويجسدون أكثر حالات الاندماج نجاحاً في منطقة الخليج، حيث يشهد المجتمع الإماراتي استقراراً سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كبيرا على عكس ما شهدته مجتمعات خليجية أخرى كالسعودية والبحرين.
وحسب الخطط السياسية وابعادها المرسومة من صديقة الخليج ومحتلة فلسطين (اسرائيل) فان ممارسة العنصرية والتمييز وطرد الشيعة وسحب جنسياتهم قمعهم وتخويفهم امر حدوثه ليس سابقة، وانتهائه ليس بَعد، ولعل قرار طرد العراقيين خطط له منذ وقت سابق حين طردت الامارات 40 شيعيا لبنانيا من اراضيها دون سابق انذار على الرغم من تواجدهم لاكثر من عشرين عاما.
والنقيض واضح بين تشكيل وزارة للتسامح والمشاركة بتحالف عسكري ضد الحوثيين اليمنيين الشيعة، والاعلان عن المشاركة بـ 30 مقاتلة، كثاني أكبر قوة جوية في التحالف، اذا اين التسامح في دولة تشارك في عدوان سافر ضد مدنيين عزل، واين السعادة في طرد شيعة لبنانيين وعراقيين من اراضيها دون خرقهم لاي قانون او قيامهم بجرم او اخلالهم بامن الدولة؟.
عليه فان دول الخليج تتسامح فيما بينها، تُسْعِد الارهابي والوهابي، توثق العلاقات مع اسرائيل والموساد، تنتهج اليهودية وتعبد الابقار، واي عمل مشين مستعدة لفعله شريطة الخلاص من الشيعة وهذا واضح من خلال ما كشفته الوثائق السعودية المسربة في 19 حزيران/يونيو من قبل موقع ويكيليكس، والتي بينت مدى قلق الأنظمة الخليجية لاسيما السعودية، من علو الهوية الشيعية في المنطقة، وتواصل شيعة الخليج مع شيعة العراق وإيران، ففي 17 كانون الأول ٢٠٠٩ قال ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد لوزير الطاقة الأميركي إن إيران تؤسس إمارات شيعية في مختلف مناطق العالم الإسلامي، وفي وثيقة أخرى في 9 نيسان ٢٠٠٩ كشف وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد أن السعودية قلقة من صعود آصف علي زرداري إلى رئاسة جمهورية باكستان لاعتباره شيعيا، وأنه سيساعد في إيجاد مثلث شيعي مع إيران والعراق.
ولعل ما يفسر التناقض الخليجي هو عدم القدرة على التعامل السليم مع المواطنين والجاليات التي تختلف معهم فكريا، ما ادى إلى فقدان الثقة بين الشيعة والأنظمة الخليجية الدكتاتورية المتسلطة ، وبهذا يثبت الشيعة ان استمرار الانظمة في سياسة الاقصاء ضدهم يجعلهم اكثر قوة ونفوذ، وهو ما يدعوا الانظمة والسلطات الخليجية الى التفكير بجدية والتخطيط المعمق لدمجهم في مجتمعاتها، وفتح ابواب الحوار في التعامل مع المواطنين الشيعة، واعطائهم الحقوق المتساوية والكرامة والانتماء إلى البلاد وعدم التضييق، والا ستكون وزارتي السعادة والتسامح في الامارات بصمة الفشل الذريع لنظام يحكم في الظاهر سلما وتسامحا اما الباطن فليس للشيعة والمتحررين مكانا في دولة لم تعرف بعد صنع حضارة لنفسها.