الصحافة صراع القيد والقلم

حيدر الجراح

2015-01-10 12:41

تعتبر الصحافة المهنة الاخطر في العالم، وهي قديمة يرجع تاريخها الى زمن البابليين حيث استخدموا كاتبا لتسجيل اهم الاحداث اليومية لاطلاع الناس عليها.. اما في روما فقد كانت قوانين وقرارات مجلس الشيوخ والعقود والاحكام القضائية والاحداث ذات الاهمية التي تقع في الامبراطورية، تسجل لتصل الى الشعب ليطلع عليها، اصيبت هذه الفعالية بعد سقوط روما، وتوقفت حتى القرن الخامس عشر، وفي اوائل القرن السادس عشر وبعد اختراع الطباعة من قبل غوتينبيرغ في مدينة ماينز بالمانيا ولدت صناعة الاخبار والتي كانت تضم معلومات عما يدور في الاوساط الرسمية وكان هناك مجال حتى للاعلانات.

في حوالي عام 1465م، بدأ توزيع أولى الصحف المطبوعة وعندما أصبحت تلك الأخبار تطبع بصفة دورية، أمكن عندها التحدث عن الصحف بمعناها الحقيقي وكان ذلك في بدايات القرن السادس عشر. وفي القرنين السابع عشر و الثامن عشر أخذت الصحافة الدورية بالانتشار في أوروبا و أمريكا، وأصبح هناك من يمتهن الصحافة كمهنة يرتزق منها, وقد كانت الثورة الفرنسية حافز لظهور الصحافة الحديثة، كما كانت لندن مهداً لذلك.

في عام 1702 ظهرت في لندن صحيفة الديلي كوران Daily Courant أولى الصحف اليومية في العالم, أما صحيفة التايمز Times فقد أسست في عام 1788 ، وفي عام 1805 ظهرت صحيفة الكوريية Courier، وفي عام 1814 استخدمت آلات الطباعة البخارية لطباعة صحيفة التايمزاللندنية.

الصحافة كسلطة رابعة

يستخدم مفهوم الصحافة كسلطة رابعة لمقارنة الصحافة (وسائل الإعلام عموما) بفروع مونتيسيكيو الثلاثة للحكومة وهي: التشريعية والتنفيذية والقضائية. وقد قال إدموند بروك بهذا الصدد: (ثلاث سلطات تجتمع هنا تحت سقف في البرلمان، ولكن هناك في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهم منكم جميعا). إن تطور الإعلام الغربي كان موازيا لتطور الليبرالية في أوروبا والولايات المتحدة. وقد كتب فرد. س. سايبرت في مقالة بعنوان النظرية الليبرالية لحرية الصحافة: (لفهم المباديء التي تحكم الصحافة في ظل الحكومات الديمقراطية، ينبغي للمرء أن يفهم فلسفة الليبرالية الأساسية والتي تطورت طوال الفترة بين القرن السابع عشر والقرن التاسع عشر). لم تكن حرية التعبير حقا تمنحه الدولة بل حقا يتمتع به الفرد وفق القانون الطبيعي. لذا كانت حرية الصحافة جزء لا يتجزء من الحقوق الفردية للإنسان التي تدعمها الآيديولوجيا الليبرالية.

حرية الصحافة وانتهاكها

تقوم منظمة مراسلون بلا حدود كل عام بنشر تقريرها الذي تصنف فيه بلدان العالم وفق شروط حرية الصحافة. ويستند التقرير على نتائج الاستبيانات المرسلة إلى الصحفيين الإعضاء في منظمات مماثلة لـ "مراسلون بلا حدود" بالإضافة إلى بحوث الباحثين المختصين والقانونيين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان. يتضمن الاستبيان أسئلة حول الهجمات المباشرة على الصحفيين ووسائل الإعلام بالإضافة إلى مصادر الضغط الأخرى على حرية الصحافة مثل الضغط على الصحفيين من قبل جماعات غير حكومية. وتولي مراسلون بلا حدود" عناية فائقة بأن يتضمن تقرير التصنيف أو "دليل حرية الصحافة" الحرية الصحفية وأن يبتعد عن تقييم عمل الصحافة..

الدول غير الديمقراطية

وفقا لتقارير "مراسلون بلا حدود" فإن ثلث سكان العالم يعيشون في بلدان تنعدم فيها حرية الصحافة. والغالبية تعيش في دول ليس فيها نظام ديمقراطي أو حيث توجد عيوب خطيرة في العملية الديمقراطية. تعتبر حرية الصحافة مفهوما شديد الإشكالية لغالبية أنظمة الحكم غير الديمقراطية، سيما وان التحكم بالوصول إلى المعلومات في العصر الحديث يعتبر أمرا حيويا لبقاء معظم الحكومات غير الديمقراطية وما يصاحبها من أنظمة تحكم وجهاز أمني. ولتحقيق هذا الهدف تستخدم معظم المجتمعات غير الديمقراطية وكالات إخبارية تابعة للحكومة لتوفير الدعاية اللازمة للحفاظ على قاعدة دعم سياسي وقمع (وغالبا ما يكون بوحشية شديدة عن طريق استخدام أجهزة الشرطة والجيش ووكالات الاستخبارات) أية محاولات ملحوظة من قبل وسائل الإعلام أو أفراد لتحدى "خط الحزب" الصحيح في القضايا الخلافية. وسيجد الصحافيون العاملون في هذه البلدان غالبا مايكونون هدفا لتهديدات متكررة من قبل عملاء الحكومة. وقد تتراوح هذه المخاطر بين تهديدات بسيطة على مستقبلهم المهني (الطرد من العمل، وضع الصحفي على القائمة السوداء) لتصل إلى التهديد بالقتل والخطف والتعذيب والاغتيال.

في اخر تقرير لها أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود، لرصد الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون على مستوى العالم، والتي تمثلت طبقاً للمنظمة في قتل 66 صحفي والأكثر دموية منهم 5 حالات، وتعرض 119 صحفي للاختطاف، وسجن 178 آخرين في مناطق متفرقة من العالم .

وأشارت المنظمة إلى أن تراجع حالات القتل ذلك العام عن الماضي، في مقابل ارتفاع في أعداد المختطفين، حيث كانت حصيلة 2013 قتل 71 صحفي واختطاف 87.

وأشارت المنظمة إلى أن معظم حالات اختطاف الصحفيين ارتكزت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشملت حالات الاختطاف: 33 حالة في أوكرانيا، 29 في ليبيا، و27 في سوريا، و20 في العراق، و3 في المكسيك، و7 في بقية أنحاء العالم، فيما لا يزال 40 صحفيا محتجزين كرهائن في مناطق متفرقة من العالم.

ولفتت المنظمة إلى أن عمليات القتل أصبحت أكثر وحشية وباتت وتيرة عمليات الاختطاف تتزايد بسرعة ، وأن هؤلاء الذين ينفذونها يسعون لمنع التغطية المستقلة للأخبار وردع التدقيق من العالم الخارجي. وعزت المنظمة الأسباب الرئيسية لذلك إلى هجوم “داعش” في العراق وسوريا، والاضطرابات في ليبيا واختطاف العديد من الصحفيين في أوكرانيا، لاسيما في شرق البلاد، حيث يستمر الصراع على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار هناك في سبتمبر الماضي.

ووفقا للتقرير، احتفظت سوريا بموقع الصدارة للبلدان الخمسة “الأكثر خطورة” على الصحفيين، في ظل تفاقم حدة الصراع المسلح في البلاد التي شهدت مقتل 15 صحفيا، بينما قتل 7 في فلسطين، و6 في أوكرانيا، و4 في ليبيا و4 في العراق، علاوة على 30 في بقية العالم.

أما فيما يتعلق بالبلدان التي يفر منها الصحفيين فقد جاءت ليبيا في الصدارة التي بإجمالي 43 صحفيا، ثم سوريا 37، وإثيوبيا 31، وإيران، 9، وإريتريا 6، و33 في بقية العالم.

وفي صدارة “أكبر خمسة سجون للصحفيين في العالم”، بإجمالي 178 صحفيا مسجونا، جاءت الصين بـ29 صحفياً، يتبعها كل من إريتريا 28 صحفياً، وإيران 19 صحفياً، ثم مصر 16 صحفياً، وسوريا 13 صحفيا، و73 في بقية العالم.

أما أكثر خمسة بلدان في العالم تشهد وقائع احتجاز صحفيين، بإجمالي 853 صحفيا، جاءت في الصدارة أوكرانيا بـ47 صحفيا، ثم مصر 46 صحفيا، وإيران ونيبال 45 صحفيا لكل منهما، وفنزويلا 34 صحفيا، و636 في بقية العالم.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي