حقوق الشعب البحريني إلى أين؟
جميل عودة ابراهيم
2015-08-03 11:28
هناك شبه اتفاق دولي على أن السلطات الحاكمة في البحرين تمارس انتهاكات ممنهجة ضد حقوق الإنسان.. وبحسب تقارير المنظمات الدولية وتقارير لمركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات، فأن النظام يمنع حرية التعبير والحريات العامة من خلال منع الاجتماعات السلمية في مختلف المجالات، ويعتقل المواطنين تعسفيا، وأن النظام يمنع العمل السياسي عبر التضييق على الجمعيات السياسية وغلق بعض الجمعيات، ويمنع تكوين الجمعيات؛ سواء الحقوقية أو غيرها كمؤسسات أهلية، كما قام بتبديل إدارات الجمعيات واستيلاء عليها.
ومن ضمن الانتهاكات التي يمارسها النظام البحريني هي توسيع صلاحيات سحب الجنسيات، واستخدام وتوظيف القضاء ضد المعارضين للعقاب وتجريده من الأهداف الأساسية للتقاضي وإحقاق الحق، كذلك استمرار منهجية التعذيب ورفض قدوم مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب، وظاهرة اعتقال الأطفال، فضلا عن الفساد المالي والإداري المستشري في المنظومة الحاكمة. وأهم الانتهاكات التي تداولتها المنظمات الحقوقية هي مسألة التمييز الطائفي ضد المواطنين الشيعة، وهو من أكبر المشكلات التي يعاني منها البحرين.
ومع استمرار إنكار المشكلة السياسية في البحرين، وتبنّي الحلول الأمنية؛ عبرت العديد من التقارير الدولية عن المخاوف التي تحيط بالدول الغربية وعلى رأسها الإدارة الأميركية، إذ أشار تقرير صادر عن مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إلى أن (أولئك الذين يؤكدون أن المخاوف الأميركية بشأن حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية يجب أن تتوارى وراء الواقعية والضرورات الإستراتيجية، سرعان ما يجدون أنفسهم وقد تجاوزتهم أحداث البحرين).
بلا شك أن هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في البحرين دون إذعان النظام لها والعمل على معالجتها وفق القوانين المحلية والدولية اثر على نواحٍ عديدة من الحياة البحرينية بدءاً من مستوى علاقات الأفراد بين بعضهم البعض وصولاً إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية خاصة مع تنامي إنكار المشكلة السياسية في مقابل تنامي الراديكالية والعنف التي نجم عنها فوضى سببه احتقان شريحة كبيرة من الشباب الذي يشعر أنه مهمَّش على اعتبارات تقصيه من وجوده كمواطن من المفترض له صوت وحقوق.
بحسب دعاة حقوق الإنسان، كان المطلوب من البحرين حين "صادقت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن تفي بالتزامات في الحقوق والمساواة والعدل والأمن والحريات والمشاركة السياسية، وحين صادقت البحرين على العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية فعليها التزامات في كل الحقوق المنصوص عليها في العهدين، وأهمها وأولها المشاركة السياسية".
فقد أشار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مادة (21) والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المادة (25) على أن لكل مواطن حق " أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية" وأن إدارة الشؤون العامة هو مفهوم واسع يتعلق بممارسة السلطة السياسية، وعلى وجه الخصوص، السلطات التشريعية والتنفيذية والإدارية.
ولان حكومة البحرين لم تلتزم بالمواثيق الدولية التي صادقت عليها وتعهدت بالالتزام بها، فقد ظهر نقد كبير من قبل عدد من الدول الغربية التي تصنف بأنها صديقة للبحرين، كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، تجاه عدد من الإجراءات الأمنية التي قامت بها الحكومة البحرينية. وقد عكست تقارير وبيانات وتصريحات هذه الدول قلقاً متصاعداً من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى الانزلاق في توتر وعدم استقرار داخلي قد يستغرق زمناً طويلاً، فضلاً عن القلق من أن تؤدي تلك الإجراءات إلى توتير الوضع الإقليمي بالشكل الذي يخدم الجهات المعادية لمصالح الغرب وحلفائه.
قال الرئيس أوباما (1/5/2011) إن الولايات المتحدة (تعتقد أن استقرار البحرين مرتبط باحترام الحقوق العالمية لشعب البحرين، وبعملية إصلاح حقيقية تلبي تطلعات كل البحرينيين). وقال وزير الخارجية البريطاني (21/4/2011): لازلت قلقاً بشأن الأحداث في البحرين. هناك تقارير كثيرة ذات مصداقية تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان. إن اعتقال قيادات معارضة وتقارير عن حالات وفاة في الاحتجاز، ومزاعم التعذيب والحرمان من الحصول على العناية الصحية، تثير قلقنا الشديد. أدعو الحكومة أن تحقق في ذلك بشكل شامل وشفاف. أحثّ السلطات البحرينية بأن تتصرّف وفق القانون، وأن تلتزم بالمعايير الدولية فيما يتعلق بمعاملة المعتقلين. يجب احترام الحقوق المدنية لقيادات المعارضة السلمية وحقوقهم في حرية التعبير والتجمع. الأحداث في الشرق الأوسط تظهر حاجة الحكومات إلى الاستجابة للتغيير بدل القمع، إن كانت تسعى لاستقرار طويل الأمد، وللرخاء. أشجع الحكومة البحرينية والقيادات في كلا الطائفتين لإظهار قيادة حقيقية في تعزيز التسامح، وإظهار الالتزام المشترك لمستقبل البحرين. ومن المهم أن يسمح لشعب البحرين بأن يقرر مستقبله بنفسه. إن الحوار هو الطريق لتحقيق تطلعات كل البحرينيين وأحثّ كل الأطراف للانخراط فيه).
من خلال ما تقدم فان على المنظمات الدولية والدول الأوربية أن تقف إلى جانب الحراك الشعبي المطالب بحقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية وفقا للمواثيق الدولية التي التزم بها البحرين، وعلى الحكومة البحرين أن تبذل ما بوسعها لتحقق مطالب الشعب البحريني من خلال:
- التوقف الفوري عن استخدام القضاء للأغراض السياسية في معاقبة الخصوم السياسيين والحقوقيين...
- الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي السياسي والحقوقيين بما فيهم الأطباء والصحافيين والنساء والأطفال...
- إيقاف أعمال التعذيب بحق سجناء سجن "جو" المركزي، وتشكيل لجنة محايدة للتحقيق ومساءلة المتورطين في جرائم التعذيب.
- الالتزام بأصول المحاكمات العادلة وفق المعايير الدولية. وإلغاء كافة قرارات وأحكام إسقاط وسحب الجنسية عن المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين لمخالفتها القوانين المحلية والشرعة الدولية.
- السماح للمقررين الخاصين المعنيين بحالة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بزيارة البحرين وبخاصة المقرر المعني بالتعذيب.
ولن يتحقق كل ذلك، ولن تعترف حكومة البحرين بالحراك الشعبي وتحقق مطالب الشعب البحريني إلا بالضغط المتواصل والمستمر على النظام البحريني من طرف المنظمات الحقوقية والدول الأوربية لتمتثل البحرين بشكل كامل للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك احترام الحق في حرية التعبير بما فيها على الإنترنت، والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، على النحو الذي يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) الذي صادقت عليه البحرين.
...................................................