جماعات حقوقية: أحكام بإعدام قُصّر لا تزال قائمة رغم تعهد السعودية بوقفها

وكالات

2021-01-23 04:05

قالت جماعتان حقوقيتان إن السلطات السعودية لم تلغ حتى الآن أحكام الإعدام التي صدرت على خمسة أشخاص ارتكبوا جرائم في السعودية وهم قُصّر، وذلك بعد تسعة أشهر من إعلان هيئة حقوق الإنسان السعودية إنهاء العمل بعقوبة الإعدام للقاصرين.

وفي أبريل نيسان الماضي قالت الهيئة المدعومة من الدولة إن أمرا ملكيا أصدره الملك سلمان في مارس آذار نص على أن من يصدر بحقه حكم بالإعدام عن جريمة ارتكبها وهو قاصر لن يُعدم وسيقضي فترة سجن تصل إلى عشرة أعوام في أحد مراكز احتجاز القُصّر، ولم يحدد البيان إطارا زمنيا غير أن الهيئة قالت في أكتوبر تشرين الأول ردا على تقرير من منظمة هيومن رايتس ووتش إن المرسوم أصبح ساري المفعول بمجرد الإعلان عنه، ولم يُنشر المرسوم في وسائل الإعلام الرسمية أو في الجريدة الرسمية كما جرت العادة.

وفي ديسمبر كانون الأول نشرت وكالة الأنباء السعودية قائمة بأبرز "أحداث" عام 2020 تتضمن عددا من الأوامر الملكية غير أن الأمر الخاص بعقوبة الإعدام لم يكن من بينها، وكانت منظمات حقوقية من بينها جماعة ربريف المناهضة لعقوبة الإعدام وهيومن رايتس ووتش والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان وكذلك مجموعة من أعضاء الكونجرس الأمريكي قد أثاروا مخاوف من أن تسمح ثغرات في القوانين السعودية للقضاة بإصدار أحكام تقضي بإعدام من ارتكبوا جرائم وهم قُصّر.

وقالت الجماعات الحقوقية إن أحد الخمسة المحكوم عليهم بالإعدام استأنف الحكم ويواجه ثمانية آخرون اتهامات قد تصدر فيها أحكام بالإعدام، وقد تأكدت رويترز من وضع ثلاثة من الخمسة عن طريق بيانات هيئة حقوق الإنسان لكنها لم تستطع التحقق من مصدر مستقل من الاثنين الآخرين.

وقال مركز التواصل الدولي التابع للحكومة السعودية لرويترز إن الأمر الملكي سيسري بأثر رجعي على جميع الحالات التي صدر فيها حكم بالإعدام على جرائم ارتكبها مدانون وهم دون سن الثامنة عشرة، وقال المركز في بيان بالبريد الإلكتروني إن الأمر الملكي الصادر في مارس آذار 2020 أصبح ساري المفعول فور صدوره وتوزيعه على السلطات المعنية من أجل العمل به مباشرة.

كل العيون على الرياض

تقول الجماعات الحقوقية إن السعودية من أكبر الدول تنفيذا لعقوبة الإعدام بعد إيران والصين. وقد سُلطت الأضواء على سجل المملكة في حقوق الإنسان بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018، وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة يتمتع بتأييد قوي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

غير أن الرئيس المنتخب جو بايدن الذي يتولى السلطة يوم الأربعاء وصف المملكة بأنها "منبوذة" لسجلها في حقوق الإنسان وقال إنه سيتشدد معها، واطلعت رويترز على رسالة كتبها ستة من أعضاء الكونجرس الأمريكي إلى السفارة السعودية في الولايات المتحدة في أكتوبر تشرين الأول حثوا فيها المملكة على مراجعة جميع القضايا الحالية التي صدرت فيها أحكام بالإعدام لتحديد الأفراد الذين أدينوا بارتكاب جرائم وهم في مرحلة الطفولة.

وقال النائب الديمقراطي توم مالينوسكي أحد الموقعين على الرسالة لرويترز في ديسمبر كانون الأول إنه إذا كانت المملكة ستنفذ أحكام الإعدام بحق قُصّر "فستزداد صعوبة عودة السعودية إلى نوع العلاقات التي تريدها مع الولايات المتحدة"، وأضاف أن بايدن سينظر إلى سياسات المملكة فيما يتعلق بحقوق الإنسان نظرة "في غاية الاختلاف عن ترامب"، وامتنع مسؤولون في فريق بايدن عن التعليق على هذا الأمر لكنهم أحالوا رويترز إلى بيان سابق يقول إن الإدارة الجديدة ستعيد تقييم العلاقات الأمريكية مع السعودية.

أرقام مختلف عليها

كان علي النمر وداود المرهون في السابعة عشرة من العمر عند اعتقالهما في 2012 بتهم تتعلق بالمشاركة في احتجاجات واسعة النطاق في المنطقة الشرقية ذات الغالبية الشيعية في المملكة. وكان عبد الله الزاهر في الخامسة عشرة عندما احتجزته السلطات.

وحكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على الثلاثة بالإعدام رغم أن النائب العام أمر بمراجعة الأحكام الصادرة عليهم في أغسطس آب الماضي. والثلاثة من الخمسة القُصّر الذين لم يتم إلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحقهم بعد، وقال مركز التواصل الدولي إن الأمر الملكي سيطبق على قضاياهم، ولم يتسن على الفور الاتصال بمحاميهم للتعليق على الأمر.

وفي 2018 بعد الإطاحة بولي العهد السابق تولى الأمير محمد ولاية العهد وتعهد بتقليل اللجوء إلى عقوبة الإعدام في إطار إصلاحات اجتماعية واسعة، غير أن المنظمات الحقوقية قالت إن المملكة أعدمت في 2019 عددا قياسيا بلغ نحو 185 شخصا.

ولم تستطع رويترز التحقق من هذا الرقم من مصدر مستقل. ولم يعلق مركز التواصل عندما سئل عما إذا كان هذا الرقم دقيق، وفي بيان صحفي صدر يوم الاثنين قالت هيئة حقوق الإنسان إن السعودية خفضت عدد الإعدامات في 2020 بنسبة 85 في المئة مقارنة مع العام السابق مشيرة إلى أنها وثقت 27 حالة.

حالة اختبار؟

في مقال نشر في أبريل نيسان الماضي أكدت صحيفة عكاظ وجود الأمر الملكي لكنها قالت إن إلغاء العقوبة لا يسري إلا على فئة أخرى من الجرائم عقوبتها "التعزير" في الشريعة الإسلامية، ولا يحدد القرآن والأحاديث النبوية هذه الجرائم على نحو واضح ولذا فالعقوبة متروكة لتقدير القضاة ومن الممكن أن تصل إلى الإعدام.

وليس بالسعودية قانون عقوبات مدني يحدد قواعد إصدار الأحكام ولا يوجد بها نظام للسوابق القضائية يمكن من خلاله استنباط الأحكام، وقال محاميان والجماعات الحقوقية إنه لا يزال بإمكان القضاة إصدار أحكام الإعدام على الأطفال في الفئتين الأخريين من الجرائم وفقا للشريعة الإسلامية المعمول بها في السعودية وهما "الحدود" والجرائم الخطيرة الأخرى مثل الإرهاب أو القصاص في جرائم القتل، وامتنع مركز التواصل الدولي عن التعليق ردا على سؤال عن عدم نشر الأمر الملكي وما إذا كان يسري على فئة الجرائم الخاضعة لعقوبة التعزير، وكان بعض المتهمين في قضايا الاحتجاجات حوكموا بتهم الإرهاب.

وفي قضية تابعتها المنظمات الحقوقية عن كثب يواجه محمد الفراج (18 عاما) عقوبة الإعدام رغم أنه كان في الخامسة عشرة من عمره عند إلقاء القبض عليه في 2017 بتهم من بينها المشاركة في الاحتجاجات وحضور جنازات مرتبطة بها كانت إحداها وهو في التاسعة من عمره، وقبل الجلسة التالية في محاكمته والتي تعقد يوم الاثنين قال مصدر قريب من أحد المتهمين في قضيته إنه تم مؤخرا سحب مطلب تطبيق حد القتل وإن النيابة تطلب بدلا منه توقيع أقصى عقوبة بمقتضى "التعزير".

وقال مركز التواصل إن الأمر الملكي سيطبق بأثر رجعي على قضية الفراج، وأبدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان مخاوفها من أنه لا يمكن استبعاد خطر توقيع عقوبة الإعدام في غياب أمر ملكي منشور.

وقالت إن الفراج لم يسمح له سوى بمحام عينته الدولة في أكتوبر تشرين الأول وإنه لم يحضر المحاكمة وتعرض للتعذيب في محبسه. وهذه كلها ادعاءات نفاها مركز التواصل، وقال مصدر قريب من أسرة الفراج إن السلطات سمحت منذ بداية جائحة فيروس كورونا له بمكالمة واحدة أسبوعية مدتها 15 دقيقة لوالديه وتم إلغاء الزيارات، ولم تستطع رويترز التأكد من مصدر مستقل من تفاصيل قضيته.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا