حقوق المرأة في السعودية: حبر على ورق
عبد الامير رويح
2019-08-15 06:59
على الرغم من التحولات والمتغيرات العديدة التي شهدتها المملكة العربية السعودية، والتي بدأت بحسب بعض المصادر مع منذ تطبيق خطوات برنامج إلاصلاحات المعلن لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تعهد بالانفتاح والقضاء على التشدد، ومنها سلسلة القرارات الخاصة برفع الحظر الاجتماعي عن المرأة السعودية، والسماح لها بتولي الوظائف التي كانت في السابق حكرا على الرجال و قيادة السيارة و رفع بعض القيود عن سفر المرأة، وذلك بالسماح للنساء فوق 21 عاماً، بالسفر خارج البلاد واستصدار جواز السفر دون الحاجة إلى ولي الأمر، غيرها من الممنوعات الاخرى، اضافة الى منح الحقوق الاخرى منها حرية الرأي هذه الحقوق والامتيازات الجديدة التي يسعى بن سلمان لتطبيقها عدها البعض مجرد شعارات غير قابله لتطبيق في مجتمع قبلي يخضع لعادات وتقاليد خاصة، وبحسب بعض التقارير فماتزال المرأة السعودية تعاني الكثير من الظلم والتميز، وخصوصا الناشطات السعوديات المدافعات عن حقوق المرأة في المملكة.
وسمحت السعودية لأول مرة للمرأة بالسفر دون الحاجة إلى موافقة ولى الأمر ومنحت النساء المزيد من الحقوق فيما يتعلق بالأسرة، فيما يعد خطوات جديدة للحد من ولاية الرجال على النساء في وقت تواجه فيه المملكة انتقادات بشأن سجلها في حقوق الإنسان. وتنص القرارات، التي جاءت في عدد من المراسيم الملكية، على أن جواز السفر السعودي يمنح "لكل من يقدم طلباً بذلك من حاملي الجنسية العربية السعودية"، وأن أي شخص يزيد عمره عن 21 عاما ليس بحاجة إلى إذن للسفر.
وتسمح التعديلات الجديدة للمرأة لأول مرة بالتبليغ عن المواليد حالها حال الرجل. وجاء في التعديلات تكليف أي من "والدي الطفل" بالتبليغ عن الولادة بعد أن اقتصرت في السابق على "والد الطفل". كما سمحت للنساء بالتبليغ لتسجيل الزواج أو الطلاق والحصول على سجلات أسرية. وتمنح التعديلات الجديدة المرأة أيضا الحق في الوصاية على الأبناء القصر. وخفف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان القيود المفروضة على النساء في البلاد، مثل السماح لهن بقيادة السيارة، في مسعى لجعل البلاد أكثر انفتاحا.
وفي عام 2016 أطلق الأمير ما سمي بـ "رؤية 2030" التي تهدف إلى إجراء إصلاحات شاملة في المملكة. وقد أطلقت تلك الخطة "استعداداً لمرحلة ما بعد النفط في المملكة" كما وصفت، وقد أقرها مجلس الوزراء السعودي. وبدأ العمل، ضمن إطارها، في نحو 80 مشروعاً حكومياً تتراوح كلفة الواحد منها بين ثلاثة إلى سبعة مليارات ريال سعودي. وتأتي القرارات الأخيرة في وقت تتعرض فيه المملكة لتدقيق دولي متزايد بشأن مكانة المرأة وحقوقها . وفي الشهور الأخيرة فر عدد من السعوديات الشابات من البلاد وناشدن العالم العون، وطالبن باللجوء لحمايتهن من أسرهن والحكومة.
وكثيرا ما أشارت جماعات حقوقية من أن النساء في المملكة يعاملن كمواطنين من الدرجة الثانية. وفي مارس/آذار وجهت الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، انتقادا لاذعا للسعودية، مطالبة الرياض بالإفراج عن ناشطات حقوقيات في مجال حقوق المرأة. وجاء الانتقاد في بيان غير مسبوق، دعمته 36 دولة، بينهم أعضاء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 28 دولة. هذه القرارت والقوانين اثارت ايضا ردود افعال كثيرة داخل وخارج المملكة خصوصا وان البعض يرى انها تعارض الشريعة الاسلامية .
تعذيب مستمر
وفي هذا الشأن قالت أسرة الناشطة السعودية البارزة لجين الهذلول إنها رفضت عرضا بالإفراج عنها مقابل بيان مصور بالفيديو تنفي فيه تعرضها للتعذيب أثناء احتجازها. ولجين الهذلول من بين الناشطات البارزات في الدفاع عن حقوق المرأة ونشطت لمدة طويلة ضد الحظر الذي كان مفروضا على قيادة المرأة السعودية للسيارة والذي انتهى قبل عام لكنها سجنت مع آخريات بتهمة التآمر مع "كيانات معادية".
ويقول المدافعون عن لجين إن التهم الموجهة لها تتضمن "التقدم لوظيفة لدي الأمم المتحدة والاتصال بمنظمات معنية بحقوق الإنسان". وتقول جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن ثلاثة من المحتجزات على الأقل، من بينهن الهذلول، تعرضن للحبس الانفرادي لأشهر وانتهاكات تشمل الصدمات الكهربائية والجلد والتحرش الجنسي، ونفى النائب العام السعودي ما وصفه بالمزاعم الخاطئة. وتقول أسرة لجين إنها تعرضت للتعذيب والاعتداء الجنسي في السجن، وهو ما تنفيه الحكومة السعودية.
وفي تغريدة لها كشفت لينا شقيقة لجين، التي تعيش في بروكسل، عن تفاصيل الصفقة المفترضة. وقال أشقاء الهذلول إن سعود القحطاني، وهو مستشار بارز لولي العهد الأمير محمد بن سلمان قيل إنه متورط في قتل خاشقجي، كان حاضرا خلال بعض جلسات التعذيب وهددها بالاغتصاب والقتل.
وقال المدعي العام السعودي إن مكتبه حقق في تلك المزاعم وخلص إلى أنها غير صحيحة. وقال وليد الهذلول شقيق لجين (30 عاما) على صفحته على تويتر إنها وافقت في البداية على توقيع وثيقة تنفي فيها تعرضها للتعذيب والتحرش. والتزمت أسرتها الصمت في الآونة الأخيرة على أمل حل القضية في سرية. لكن وليد أضاف أن أمن الدولة طلب منها في مقابلة مؤخرا تسجيل النفي في فيديو في إطار اتفاق الإفراج عنها.
وقال في تغريدة "الظهور في فيديو لتقول إنها لم تتعرض لتعذيب.. مطلب غير واقعي". وفي عام 2014، اشتهرت لجين على وسائل التواصل الاجتماعي بعد محاولتها القيادة عبر الحدود السعودية الإماراتية. كما شاركت بحملة ضد نظام "الولاية"، الذي كان يمنح السلطة لأب أو أخ أو زوج أو ابن امرأة لاتخاذ قرارات حاسمة نيابة عنها لكنه سقط بدوره منذ أسابيع. وأثارت القضية انتقادات دولية وغضبا في العواصم الأوروبية والكونغرس الأمريكي خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد سعوديين داخل قنصلية المملكة في اسطنبول.
عمل المرأة
الى جانب ذلك تسبب موضوع خطبة عيد في السعودية، في سجال واسع على مواقع التواصل ما دفع السلطات إلى إيقاف الخطيب، وتحويله إلى التحقيق. فقد أظهر مقطع فيديو وثقته إحدى الناشطات، مقتطفات من خطبة العيد، في أحد مساجد مدينة جدة. وظهر الخطيب وهو يهاجم المرأة العاملة في مواقع مختلطة مع الرجال، بل نعتها بأوصاف اعتبرها كثيرون "نابئة".
وقال الخطيب :"ما أحوجنا إلى المرأة العفيفة التي تضحي بالمال والترف في سبيل العزة والشرف، وهي لا تستجيب لدعوات المبطلين لتصبح بائعة تخالط الرجال". وختم خطبته مستشهدا بعبارة لطالما رددها رجال الدين "تموت الحرّة، ولا تأكل بثدييها". وخلال السنوات الأخيرة، أتيحت فرص عمل لمزيد من النساء السعوديات وأصبح من المعتاد رؤيتهن يعملن في المحال التجارية المنتشرة في البلاد. وقد أثار ذلك ردود فعل مستنكرة من قبل البعض. ولم تمر ساعات على انتشار الخطبة المسجلة، حتى أطلق مغردون هاشتاغ "#خطباء_المساجد_يحرضون_على_الدولة"، طالبوا من خلاله بفتح تحقيق بخطب بعض المساجد.
وبدوره سارع وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد عبد اللطيف آل الشيخ للتعليق على الفيديو، إذ نفى أن يكون هذا الخطيب ضمن قائمة الأئمة المعتمدين لدى الوزارة. وأوضح الوزير في تسجيل نشر على تويتر بأن "المكان الذي أقيمت في الصلاة غير مرخص وبأنه فضاء تم تهيئته من قبل سكان أحد أحياء مدينة جدة". وتم تشكيل لجنة فورية ، وسيحال الخطيب إلى جهة الاختصاص لاتخاذ الإجراء اللازم حياله.
وفتحت الخطبة النقاش مجددا حول مدى تقبل السعوديين للإصلاحات الاجتماعية التي قادها الأمير محمد بن سلمان واعتبرت صادمة للمحافظين في المملكة. فلم يخف مغردون تخوفهم من عودة الخطاب المتشدد، وتساءلوا عن كيفية مراقبة المساجد لحماية الانفتاح الذي تمر به المملكة، على حد تعبيرهم. ويرى مغردون أن الخطبة الأخيرة تؤشر على أن "الاستياء المكتوم لدى التيار المتشدد من الإصلاحات الأخيرة بدأ يخرج إلى العلن". في حين قلل آخرون من الخطبة ووصفوا تصرف الإمام بـ "الفردي والعابر". بينما أيد البعض الآخر كلام الخطيب قائلين إن ما تحدث عنه يندرج ضمن باب النصح فقط، وليس بهدف الطعن في قرارات الدولة. بحسب بي بي سي.
فكتب سعيد العدواني:" قضية الإمام الذي هاجم النساء العاملات في خطبة العيد شمالي جدة لا تستحق كل هذه الضجة التي أثيرت حولها.. صدقوا أن في الولايات المتحدة وأوربا وأكثر الدول ليبرالية وتحرراً في العالم هناك دعاة مازالوا يهاجمون عمل المرأة .. في كل ثقافة هناك من يؤيد ومن يرفض ولكن في حدود القانون" . من جانب آخر، علقت المغردة روزانا بالقول: "#خطيب_يقذف_النساء، هل هذه أخلاق، إمام المسجد يتكلم بأعراض النساء ويقذفهن ويطعن في شرفهن ...!وفي صلاة العيد ؟نطالب بمحاسبته واتخاذ الإجراء المناسب بحقه فهذه الخطابات لا تليق ولا تمثل السعودية "العظمى" !" يذكر أنه في السنوات الأخيرة الماضية، تراجع دعاة سعوديون عن فتاواهم السابقة واعتذروا من الشعب السعودي منتقدين الأخطاء التي وقع بها "تيار الصحوة"سابقا من تحريم مظاهر الفرح.
الولاية على المرأة
من جانب اخر احتفت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية بقرار السلطات السعودية السماح لأول مرة للمرأة بالسفر دون الحاجة إلى موافقة ولى الأمر، ضمن حزمة من التعديلات المتعلقة بالولاية على المرأة. ورأى معلقون أن التعديلات جزء من "خيار الإصلاح" الذي تنتهجه المملكة مؤخراً بينما اعتبرها آخرون رسالة سياسية للمنظمات الدولية التي تنتقد وضع المرأة في السعودية.
وتسمح التعديلات الجديدة أيضاً للمرأة ولأول مرة بالتبليغ عن المواليد حالها حال الرجل وتسجيل الزواج أو الطلاق والحصول على سجلات أسرية، كما تمنحها أيضاً الحق في الوصاية على الأبناء القصر. وفي صحيفة عكاظ السعودية، كتب يحيى الأمير: "ملف الولاية كان لحظة من الماضي لا مكان له في الحاضر، القوامة والولاية شأن عائلي منزلي لا علاقة للدولة به ومؤسسات الدولة معنية بما قد ينتج عن مختلف العلاقات الاجتماعية من أخطاء تؤدي لمخالفة القوانين فقط". وأضاف الكاتب: "الذي يحدث اليوم تخلص من الأخطاء التي طالما انشغلنا بها عن المستقبل والبناء والعمل والتنمية والاستمتاع بالحياة. إنها ملفات أزمنة المعارك المفتعلة وفكر الوصاية والأفكار المتشددة التي كانت تؤثر في الحياة اليومية".
وأشادت هبة عبد الفتاح في صحيفة أخبار اليوم المصرية بالقرارات التي اتخذتها السعودية إذ "تعيش المرأة السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز أزهى عصورها ليحق التعبير أن نقول أنها تعيش في 'العصر الذهبي'". وأضافت الكاتبة: "أصبح للنساء السعوديات دور فعال في المجتمع، وباتت المرأة تحصل على حقوقها مثل الرجل". وأشار عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية إلى أن "السعودية اليوم غير السعودية بالأمس، وها هي آخر الصفحات تُطوى بالقرارات الشجاعة الجديدة بإلغاء جملة من القوانين التي تسيدت المشهد المحلي. أربع سنوات أنهت ثلثي قرن من مظاهر وتقاليد اجتماعية وقوانين حكومية كانت معوقات للتطور، والحياة الطبيعية، والعمل، والعلاقات الاجتماعية".
وانتقد الكاتب "الحملة الشرسة على السعودية، وعلى ولي العهد شخصياً"، مشيراً إلى أنها "تعجز عن فهم أولويات الشعب السعودي، وهي لا تدرك أهمية التغييرات الكبيرة التي تحدث داخل السعودية والتي ستؤثر إيجابياً في محيطيها العربي والإسلامي". وأشارت صحيفة العرب اللندنية إلى أن قرارات السلطات السعودية "بعثت رسالة سياسية إلى المنظمات الدولية التي تنتقد وضع المرأة في البلاد... ويحمل القرار الذي كان متوقعاً في ظل خيار الإصلاح الواسع الذي بدأته الرياض، رسالة أخرى لكسر هيمنة المتشددين من رجال الدين الذين يرفضون تمتع النساء بهامش من الحرية". بحسب بي بي سي.
وتبنت صحيفة الشرق القطرية رأياً مشابهاً إذ رأت أن "الضغوط تدفع السعودية لتعديل وصاية الرجل على المرأة". وأضافت الصحيفة أن القرارات السعودية جاءت "بعد سنوات طويلة من الضغوط ومطالبة المنظمات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان...ما ينهي جزءا من قيود مثيرة للجدل تسبّبت بانتقادات وبمحاولات فرار من المملكة". من جانبها، تساءلت صحيفة الخليج أونلاين الإلكترونية فيما إذا كان "إسقاط قانون الولاية السعودي.. انفتاح أم صدمة؟" وحذرت الصحيفة من أنه "مع كل قانون جديد تمرره الرياض ينقسم المجتمع السعودي بين مرحب وساخط، فتسييس الدين والعزلة التي عاشها الشعب على مدار عقود، دفع بالتغيير الجذري وغير المنضبط فيها إلى حالة من الصدمة والاستغراب، مع وجود قبول وترحيب من جهات فيه".