كيف أصبح الإتجار بالأعضاء البشرية سوقا رائجا في العراق؟

دلال العكيلي

2019-07-08 06:00

تزايدت في الآونة الاخيرة ظواهر عدة في العراق كتجارة المخدرات ومافيات التسول وتجارة الاعضاء البشرية التي تقف خلفها عصابات منظمة ويُرجع البعض زيادة هذا الامور، الى عدة أمور منها الفقر الناتج عن الحروب في العراق بالإضافة الى الفساد والازمات الاقتصادية المتكررة قد جعل من العراق محوراً لتجارة الاعضاء البشرية، وبين التقرير أن "شبكات من المتعاملين والوسطاء في بغداد ومحافظات اخرى يتخفون على شبكة الانترنت تحت مسمى جمعية خيرية يستغلون الشباب اليائس والعاطل عن العمل واغرائهم ببيع اعضائهم مقابل المال".

ونوه التقرير الى أن "حوالي 23 ٪ من العراقيين يعيشون في الفقر بمعنى أنهم يعيشون على 2.20 دولار في اليوم أو أقل ، حسب مؤشر موندي، فيما بلغت نسبة البطالة بين الشباب حوالي 18 بالمائة بحسب التقارير الرسمية للامم المتحدة والحكومة العراقية فيما رجحت التقديرات غير الرسمية ان نسبة البطالة قد تصل الى 30 بالمائة بين الشباب العراقيين".

واشار الموقع إلى أن "القانون العراقي يسمح للناس بالتبرع بأعضائهم، إلا أن عملية بيع الاعضاء تعتبر غير قانونية، حيث تعتبر هذه التجارة غير المشروعة مربحة إلى حد كبير بالنسبة للتجار، الذين يأخذون عادة ثلثي مبلغ البيع، ويذهب الثلث الاخير إلى المانح"، مؤكدا أن "معظم الناس الذين يشترون الأعضاء هم عراقيون آخرون، ولكن مع انتشار أخبار السوق في جميع أنحاء المنطقة، كانت هناك تقارير عن أشخاص يسافرون من أنحاء الشرق الأوسط للحصول على تلك الاعضاء المباعة".

كيف يتم الإيقاع بالضحايا؟

أوضح مدير المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر أنه في بغداد تعمل ثلاث شبكات من خلال صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي للإيقاع بالضحية، بعد النصب والاحتيال لانتزاع أعضائهم مقابل مبالغ مالية، وبيّن حسن الشنون، مدير المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر، أن عمل تلك الشبكات يبدأ من خلال ترغيب الضحية بمبالغ مالية، ليتم استدراجها إلى مستشفى خاص، وترتيب أوراق مزورة لاستكمال عملية نزع الأعضاء التي يمكن التبرع بها، بعد تقديم رشاوى تبدأ من 2000 دولار إلى 4000 دولار.

وأضاف أن هناك شبكة أخرى تقوم بعملها ميدانياً في محافظات جنوب العراق، من خلال استدراج وإيهام الضحايا بأنهم تابعون لمنظمات إنسانية كما يتم أحيانا تسفير ضحايا إلى سوريا حيث يسهل التعامل معهم في ظل الفوضى الناشبة هناك من جراء الحرب.

كما تحدث الشنون عن منازل في أرقى أحياء بغداد تؤوي مهاجرين أجبروا على التسول من أجل إيجاد أماكن للإقامة، هذا ودعا المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر، الجهات المعنية والمختصة إلى بذل جهود أكبر للحد من هذه الجرائم ومعالجة أسبابها وتوفير ملاذات آمنة للضحايا، فضلاً عن تفعيل دور اللجنة المركزية العليا لمكافحة الاتجار بالبشر، واللجان الفرعية في المحافظات.

وحذّر المرصد من تفاقم حالات الاتجار بالبشر في بغداد والمحافظات، مما ينذر بخطورة الأمر، خاصة أن هناك تقارير دولية وأممية حذرت من تنامي هذه الظاهرة، وكان تقرير لوزارة الخارجية الأميركية نشر في يونيو/ حزيران الماضي، قد وضع العراق في المستوى الثاني للمراقبة للعام الثاني على التوالي، متوعداً بمحاسبة ومحاكمة عدد من المتورطين بالاتجار بالبشر.

وبحسب قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لعام 2012 الذي أقره مجلس النواب العراقي، فإن الاتجار بالبشر هو كل عمل يقصد به تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بوساطة التهديد بالقوة، أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية.

قلة الموارد

اما المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عمار منعم، في حديث صحافي، إن الوزارة افتتحت العام الماضي أول دار لإيواء ضحايا الاتجار بالبشر في بغداد، وذلك لتوفير جو آمن لهم، وتعويضهم عن حجم الضرر المادي والمعنوي الذي تعرضوا له، وأشار إلى عدم وجود إحصائية رسمية بعدد الضحايا على مستوى البلاد، لأسباب أمنية، ولخوف كثير من ذوي المجني عليهم من الإعلان عن ذلك، خضوعاً لبعض الأعراف الاجتماعية الخاطئة.

وبرر المتحدث باسم وزارة العمل عدم قدرة الوزارة على افتتاح بيوت آمنة في محافظات العراق أسوة ببغداد لإيواء الضحايا، بقلة التخصيصات المالية، مشيراً إلى أن الأموال التي رصدت لهذا الموضوع غير كافية.

بغداد تحتل الصدارة

وقال المرصد في تقريره الشهري الأول إن "المرصد وثق خلال شهر تشرين الثاني الماضي 13 جريمة اتجار بالبشر في بغداد وعدد من المحافظات، تنوعت ما بين استغلال الاطفال في ظاهرة التسول في التقاطعات والاسواق، وتجارة الاعضاء البشرية، واستدراج النساء للعمل ضمن شبكات الدعارة.

وأضاف البيان، أن "الأطفال ممن هم دون السادسة عشرة والنساء يمثلون ثلثي الضحايا ويتم ذلك عبر استغلالهم ماديا أو إجبارهم على العمل بواسطة ذويهم أو تجار تحت التهديد"، مبينا أن "سماسرة وتجارا وشخصيات نافذة في الحكومة متورطة بإيقاع ضحايا في شباك الإتجار مستغلة بذلك نفوذها في مؤسسات أمنية تسهل عليها التملص من المساءلة القانونية والإفلات من العقاب".

كما أكد، أن "قرابة 40% من نسب جرائم الاتجار في البلاد تقع وحدها في بغداد وغالبية تلك الجرائم تقف خلفها عصابات جريمة منظمة تمتلك فروعا وأشخاصا أو سماسرة في عدد من المحافظات مرتبطة ببعضها البعض"، لافتا إلى أن "غالبية الجرائم ضحيتها الاطفال ممن تتراوح اعمار ما بين (4-15) عاما، ونساء استدرجن الى العمل".

وتابع أنه "وثق ثلاث شبكات للاتجار بالبشر في بغداد تعمل على استدراج الضحايا من خلال صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، يديرها سماسرة يقتنصون ضحاياهم بأساليب تنطوي على نصب واحتيال لانتزاع اعضائهم مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 7-10 مليون دينار عراقي"، مشيرة إلى أن "الضحية يحصل على مقدار ما نسبته 10% منها، ويتعهد ما يطلق على نفسه "المعتمد الطبي" بتوفير اوراق ثبوتية (مستمسكات) مزورة وولي امر غير حقيقي، لضمان عبور اللجنة الخاصة بنقل وزرع الاعضاء، التي تأخذ في الغالب رشى مالية تتراوح ما بين (3-5) مليون دينار عراقي".

وأكد أن "الشبكة الاولى تعمل على اجراء عملية نزع الاعضاء بطريقة غير قانونية، في احدى المستشفيات الخاصة "المعروفة" في بغداد، على يد كادر طبي عراقي متواطئ مع السماسرة، فيما تقوم الشبكة الثانية بايقاع ضحايا من محافظات جنوب العراق، ونقلهم الى محافظة السليمانية لانتزاع اعضائهم، بعد مواعدتهم في مراب النهضة وسط العاصمة بغداد، بينما تعمل الشبكة الثالثة على اقناع الضحية باساليب ملتوية لتسفيرها الى العاصمة السورية دمشق لاجراء عملية نزع الاعضاء في مستشفى حكومي باعتبار الدولة المشار اليها لا تضع شروطا محددة لاجراء عملية استئصال ونقل الاعضاء".

كما وثق المرصد "وجود أربع شبكات في السليمانية تعمل مع مستشفيات خاصة تجري فيها عمليات نزع الأعضاء على يد كوادر طبية تركية وكردية، إذ يتم استدراج الضحية عن طريق مكاتب تعرف بـ(مكاتب الدلالين)"، مشيرا إلى ان "السماسرة العاملين ضمن هذه الشبكات مغريات مادية ومعنوية للضحية، بهدف الايقاع بها، من بينها توفير سكن في ارقى فنادق المحافظة ودفع مبلغ (5) مليون دينار عراقي للكلى الواحدة و12 مليون دينار عراقي مقابل بيع "الخصية"، الا ان الضحية لا تحصل على اي من تلك الوعود وتجد نفسها داخل غرف مظلمة بعد سحب جميع المستمسكات الخاصة بها، لضمان عدم فرارها".

كما وثق المرصد "وجود شبكتين في محافظة أربيل تعملان على استدراج الضحايا وانتزاع أعضائها البشرية لاسيما (الكبد والكلى) مقابل مبالغ مالية تبدأ بمبلغ خمسة ملايين دينار وتنتهي عند 10 ملايين دينار"، مشيرا إلى أن عمليات نقل الأعضاء داخل مستشفيات خاصة (أهلية) بعد إغواء الضحايا بوسائل مغرية، وتتم أغلب عمليات البيع بالاتفاق مع أثرياء عرب حيث يقومون بدفع مبالغ طائلة للحصول على تلك الأعضاء.

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال annabaa010@gmail.com
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ لوثائقي)

...................................
المصادر
- وكالة المعلومة
- رووداو
- العربية
- العربي الجديد
- جريدة نداء الجمهورية

ذات صلة

التنمية المتوازنة في نصوص الإمام علي (ع)أهمية التعداد السكاني وأهدافهالموازنة في العراق.. الدور والحجم والاثرفرصة الصعود في قطار الثقافةموقع العراق في سياسة إدارة ترامب الجديدة