مقتل خاشقجي: هل يعجل بسقوط صدام السعودية؟
عبد الامير رويح
2018-10-22 05:27
قضية مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي، الذي اختفى بشكل غامض ومثير بقنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ما تزال محط اهتمام سياسي واعلامي واسع خصوصا وان هذه القضية قد شهدت تطورات جديدة اثارت توترات بين الولايات المتحدة الامريكية والسعودية، حيث سعت بعض الشخصيات السياسية الامريكية الى تصعيد خطابها الاعلامي ضد المملكة واتهام حكامها بقتل خاشقجي من خلال ارسال فريق متخصص الى تركيا التي تجري تحقيق خاص بهذه القضية، مطالبين في الوقت ذاته بضرورة معاقبة السعودية. وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن عددا من المشتبه بتورطهم في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي لهم صلات بولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
يرى بعض المراقبين ان ولي العهد السعودي يتبع سياسة القمع والاقصاء والقتل لكل من يهدد حكمه منذ توليه المنصب في السلطة السعودية فكان له الدور الأكبر في الحرب على اليمن وقضية حجز الحريري واحتجاز امراء ورجال اعمال كبار في المملكة لينتهي الامر في مقتل المعارض السعودية خاشقجي، هذه النهج يشبه نهج الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حيث كان دكتاتورا مرعبا طائشا فادخل شعبه الحروب وقمع المعارضة وبالنهاية كانت حقبته من اسوء الحقب التي مرت على العراق.
وأضافت الصحيفة أنه إذا صح ما سربته السلطات التركية من كون 15 سعوديا قدموا إلى إسطنبول في نفس يوم اختفاء خاشقجي وتورطوا في قتله، فإن ذلك يجعل بن سلمان على صلة مباشرة بالقضية، وسيكون من الصعب تبرئته منها. وقالت إن ذلك يضعف الرواية التي حاولت السلطات السعودية والرئيس الأميركي دونالد ترامب ترويجها بشأن هذه القضية، والتي مفادها أن عملية قتل خاشقجي نفذها "قتلة مارقون" وبدون علم السلطات السعودية.
وتمثل القضية، على الرغم من الغضب العالمي، معضلة بالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا والدول الغربية الأخرى. فالسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وتنفق ببذخ لشراء الأسلحة الغربية. كما إنها حليف عسكري وخصم لإيران. وتواجه الرياض انتقادات أيضا من بعض الساسة وجماعات حقوق الإنسان في الغرب بشأن القتلى المدنيين الذين سقطوا جراء قصف طائراتها الحربية في حرب اليمن التي تدخلت فيها قبل ثلاث سنوات. وهدد ترامب ”بعقاب شديد“ إذا تبين أن خاشقجي قُتل داخل القنصلية لكنه استبعد إلغاء صفقات سلاح بعشرات المليارات من الدولارات بينما حثت دول أوروبية على محاسبة المسؤولين.
وكشفت الصحيفة أنها جمعت معلومات عن المشتبه بهم بشكل مستقل اعتمادا على صور وتسجيلات سابقة لأنشطة رسمية لولي العهد السعودي، وعلى حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، وباستخدام برنامج للتعرف على الوجوه. كما اعتمدت الصحيفة في تحقيقاتها بشأن هوية المشتبه بهم على تقارير إخبارية سعودية وعلى وثائق سعودية مسربة وقاعدة بيانات هاتفية وشهادات شهود في السعودية وفي بعض الدول التي زارها بن سلمان.
وخلصت نيويورك تايمز إلى أن بعض هؤلاء ضباط أمن وعملاء استخبارات وموظفون حكوميون، وأن تسعة منهم على الأقل يعملون في الأمن والجيش والحكومة السعودية. وكشفت الصحيفة أن المشتبه به ماهر عبد العزيز مترب كان دبلوماسيا بالسفارة السعودية في لندن وسافر كثيرا مع بن سلمان وربما كان من حرسه الخاص. كما أنه كان برفقة بن سلمان أثناء زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك أثناء رحلات ولي العهد السعودي إلى باريس ومدريد.
أما المشتبه به عبد العزيز محمد الحساوي فقد قالت نيويورك تايمز إن فرنسيا عمل مع الأسرة السعودية المالكة تعرف عليه وقال إنه من الفريق الأمني الذي يسافر مع بن سلمان. وأضافت أن تقارير إخبارية سعودية تحدثت عن أن المشتبه به ثائر غالب الحربي رقِّي العام الماضي إلى رتبة ملازم في الحرس الملكي السعودي "لبسالته وشجاعته في الدفاع عن القصر الملكي الذي تعرض لهجوم في مدينة جدة"، وأن المشتبه به محمد سعد الزهراني هو الآخر عضو في الحرس الملكي.
من جانبها ذكرت محطة (سي.إن.إن) نقلا عن مصدرين لم تسمهما أن السعودية تعد تقريرا تعترف فيه بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي نتيجة تحقيق جرى بشكل خطأ. وقالت (سي.إن.إن) إن أحد المصدرين حذر من أن هذا التقرير ما زال قيد الإعداد وقد يتغير. ونقلت المحطة عن المصدر الآخر قوله إن من المرجح أن يخلص التقرير إلى أن هذه العملية جرت دون إذن وأن من تورطوا فيها سيحاسبون.
اتهام بن سلمان
وفي هذا الشأن اتهم السناتور الأمريكي الجمهوري لينزي جراهام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بإصدار أمر بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ووصف جراهام المقرب من الرئيس دونالد ترامب الأمير محمد بأنه ”ولي عهد مارق“ يعرض العلاقات مع الولايات المتحدة للخطر. ووجه أعضاء كثيرون في الكونجرس الأمريكي انتقادا قويا للسعودية منذ اختفاء خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من أكتوبر الأول. ويشوب توتر علاقة الكونجرس بالسعودية منذ فترة طويلة.
وحمل جراهام ولي العهد المسؤولية المباشرة عن الحادث، وقال إنه يعتزم طرح وجهة نظره على ترامب وتأييد تعليق مبيعات السلاح للسعودية. وقال في مقابلة مع فوكس نيوز ”لا شيء يحدث في السعودية دون علم محمد بن سلمان“. وأضاف ”لقد كنت أكبر مدافع عنهم في مجلس الشيوخ الأمريكي... هذا الرجل أداة هدم. دبر قتل هذا الرجل في قنصلية بتركيا وتتوقعون مني أن أتجاهل ذلك. أشعر بأنه جرى استخدامي وبسوء المعاملة“. وقال ”بالنسبة لي محمد بن سلمان شخصية فظيعة. لا يمكن أن يكون زعيما على الساحة العالمية مطلقا“. بحسب رويترز.
وتنفي السعودية أي دور لها في اختفاء خاشقجي. لكن 22 من أعضاء مجلس الشيوخ فعلوا الأسبوع الماضي تحقيقا فيما إذا كان ينبغي فرض عقوبات بموجب قانون ماجنتكسي للمساءلة العالمية بشأن حقوق الإنسان في واقعة الاختفاء. واتخذ ترامب موقفا أقل قوة ضد السعوديين، إذ أشار يوم الاثنين بعد حديثه مع الملك سلمان بن عبد العزيز إلى أن ”قتلة مارقين“ ربما يكونون وراء اختفاء خاشقجي، وهو منتقد قوي لولي العهد. وقال جراهام في مقابلة منفصلة مع إذاعة فوكس نيوز ”حسنا إنهم ليسوا قتلة مارقين وإنما ولي عهد مارق.. سأعلق مبيعات الأسلحة ما دام في الحكم“.
ترامب يتوعد
الى جانب ذلك قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلة مع شبكة (سي.بي.إس) التلفزيونية إنه سيكون هناك ”عقاب شديد“ للسعودية إذا تبين أن الصحفي السعودي المختفي جمال خاشقجي قُتل داخل قنصليتها في اسطنبول. وأوضح ترامب أنه لا يريد وقف المبيعات العسكرية الأمريكية للمملكة، وهو خيار أثار قلق شركات الدفاع الأمريكية، قائلا ”لا أريد الإضرار بالوظائف“. وخاشقجي من المنتقدين البارزين للسلطات السعودية ومن المقيمين بالولايات المتحدة وكاتب مقالات لصحيفة واشنطن بوست واختفى في الثاني من أكتوبر تشرين الأول بعد دخوله القنصلية السعودية. وقال ترامب ”سنصل إلى كبد الحقيقة وسيكون هناك عقاب شديد“.
وردا على سؤال عما إذا كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أصدر أمرا بقتل خاشقجي، قال ترامب ”لا أحد يعلم حتى الآن، لكننا سنعلم على الأرجح“. وأضاف ترامب في مقتطفات من مقابلته مع برنامج (60 دقيقة)”سنشعر بالانزعاج الشديد والغضب إذا كان هذا هو ما حدث“. وأشار ترامب إلى أن قضية خاشقجي قد تكون لها تبعات خطيرة ”ربما خصوصا“ لكونه صحفيا. بحسب رويترز.
وأبدت شركات دفاع أمريكية كبرى قلقها لإدارة ترامب من أن يمنع مشرعون مبيعات أسلحة جديدة للرياض بدافع الغضب لاختفاء خاشقجي. لكن ترامب قال إنه لا يرغب في خسارة المبيعات العسكرية للسعودية والتي يتهافت عليها منافسون للولايات المتحدة مثل روسيا والصين وكذلك تصدير العتاد العسكري. وأضاف ترامب ”لا أريد خسارة طلبية كهذه“ مشيرا إلى شركات بوينج ولوكهيد ورايثيون. وقال ”هناك طرق أخرى للعقاب“.
من جانبه قال قال السناتور الجمهوري الأمريكي ماركو روبيو إن على الولايات المتحدة مواجهة السعودية وإلا خاطرت بفقد مصداقيتها في مجال حقوق الإنسان إذا ثبت صحة المزاعم القائلة إن الحكومة السعودية دبرت قتل الصحفي جمال خاشقجي. وقال في مقابلة مع قناة (سي.بي.إس) التلفزيونية الأمريكية ”إذا لم نتخذ إجراء، من الممكن أن يشمل مبيعات السلاح، نتيجة لذلك، فإنه إذا اتضح أن الأمر كما يقولون عندئذ لن نكون قادرين على أن نواجه بوجه صارم أو بمصداقية بوتين أو الأسد أو مادورو في فنزويلا، أو بصراحة أن نواجه الصينيين وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان“.
وقال روبيو إن صفقة السلاح يمكن أن توفر ميزة في الرد على هذا الموقف لكنها يجب ألا تمنع العقاب الممكن. وقال ”ليس هناك ما يكفي من المال في العالم لاستعادة مصداقيتنا في مجال حقوق الإنسان إذا لم نمض قدما ونتخذ إجراء سريعا“. وقال روبيو ”لا يمكننا أبدا أن نكون صوتا لحقوق الإنسان في أي مكان في العالم إذا سمحنا لموقف كهذا بأن يمر دون أن نفعل شيئا بشأنه“.
تسجيلات جدبدة
من جانب اخر أفادت صحيفة تركية أن التحقيق التركي في اختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي توصل إلى تسجيلات على ساعة أبل الخاصة به تشير على ما يبدو إلى أنه تعرض للتعذيب والقتل. ولم يتسن التحقق من التقرير الذي نشرته صحيفة صباح الموالية للحكومة ويأتي بعد وصول وفد من السعودية إلى تركيا لإجراء تحقيق مشترك في اختفاء خاشقجي.
وقالت الصحيفة ”لحظات استجواب خاشقجي وتعذيبه وقتله مسجلة في ذاكرة ساعة أبل الخاصة به“ مضيفة أن الساعة متصلة بهاتف آيفون يخص خاشقجي وكان بحوزة خطيبته التي كانت تنتظره خارج القنصلية السعودية في اسطنبول. وكان مسؤولان تركيان بارزان قالا إن خاشقجي كان يرتدي ساعة أبل سوداء عندما دخل القنصلية وإنها متصلة بهاتف محمول تركه في الخارج. لكن لم يتضح ما إذا كانت البيانات على ساعة خاشقجي قد انتقلت إلى هاتفه أو كيف حصل المحققون عليها دون أن يحصلوا على الساعة.
ويقول خبراء في مجال التكنولوجيا إن من المستبعد بشدة أن تكون الساعة قد سجلت ما حدث داخل القنصلية وحملت البيانات على حساب تابع لخدمة الحوسبة السحابية في أبل (آي كلاود). وأضافوا أن معظم أنواع ساعات أبل تتطلب أن تكون الساعة على بعد يتراوح بين 9 و15 مترا من الآيفون المتصلة به حتى تحمل البيانات على خدمة أبل آي كلاود. ويشير الخبراء إلى أن الأنواع الأحدث من ساعة أبل والتي يمكنها الاتصال بخدمة (آي كلاود) مباشرة ولاسلكيا تتطلب إما اتصالا بشبكة إنترنت لاسلكي قريبة أو شكلا من أشكال الاتصال عبر الهاتف المحمول غير متوفر في تركيا.
ونسبت صحيفة صباح تقريرها إلى ”مصادر يمكن الاعتماد عليها في إدارة مخابراتية خاصة“ وقالت إن من المعتقد أن خاشقجي شغّل خاصية التسجيل على الهاتف قبل أن يدخل القنصلية. وأضافت الصحيفة أن عملاء المخابرات السعودية أدركوا بعد مقتل خاشقجي أن الهاتف كان يسجل واستخدموا بصمة إصبعه لفتح الجهاز وحذف بعض الملفات ولكن ليس كلها. وذكرت أنه تم العثور على التسجيلات على هاتفه بعد ذلك. وقالت تركيا إنها اتفقت مع السعودية على تشكيل مجموعة عمل مشتركة بمبادرة من الرياض للتحقيق في القضية. وقال مصدر سعودي إن الأمير خالد الفيصل زار تركيا.
ودخل خاشقجي القنصلية السعودية في اسطنبول يوم الثاني من أكتوبر تشرين الأول للحصول على أوراق تتعلق باعتزامه الزواج. ويقول مسؤولون سعوديون إنه غادر بعد وقت قصير لكن مسؤولين أتراكا وخطيبته التي كانت تنتظره بالخارج أكدوا أنه لم يخرج من المبنى. وقالت مصادر تركية إن تقييم الشرطة الأولي يشير إلى أن خاشقجي، قُتل عمدا داخل القنصلية. وتنفي الرياض هذا وتقول إنه لا أساس له من الصحة. بحسب رويترز.
ونفى وزير الداخلية السعودي مزاعم بوجود أوامر بقتل خاشقجي وأكد شجب المملكة واستنكارها لما يتم تداوله في بعض وسائل الإعلام من ”اتهامات زائفة“. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن الوزير الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف آل سعود قوله ”ما تم تداوله بوجود أوامر بقتله هي أكاذيب ومزاعم لا أساس لها من الصحة تجاه حكومة المملكة المتمسكة بثوابتها وتقاليدها والمراعية للأنظمة والأعراف والمواثيق الدولية“. لكنه أشاد بالتحقيق المشترك مع تركيا.
السعودية تهدد
في السياق ذاته رفضت السعودية تهديدات بمعاقبتها فيما يتعلق باختفاء الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول وقالت إن المملكة سترد على أي عقوبات تفرض عليها بإجراءات أكثر صرامة وذلك وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدد بأنه سيكون هناك ”عقاب شديد“ إذا تبين أن خاشقجي قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول. وخاشقجي منتقد بارز للسلطات السعودية وكان يقيم بصفة قانونية في الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن مصدر سعودي مسؤول قوله ”تؤكد المملكة رفضها التام لأي تهديدات ومحاولات للنيل منها سواء عبر التلويح بفرض عقوبات اقتصادية أو استخدام الضغوط السياسية أو ترديد الاتهامات الزائفة“. وأضاف المصدر ”تؤكد المملكة أنها إذا تلقت أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر، وأن لاقتصاد المملكة دورا مؤثرا وحيويا في الاقتصاد العالمي، وأن اقتصاد المملكة لا يتأثر إلا بتأثر الاقتصاد العالمي“.
ونشرت السفارة السعودية في واشنطن في وقت لاحق على تويتر ما وصفته بتوضيح عبرت فيه عن شكرها لدول من بينها الولايات المتحدة على ”عدم القفز إلى استنتاجات“ بشأن هذه القضية. ودعت بريطانيا وفرنسا وألمانيا السلطات السعودية والتركية إلى إجراء ”تحقيق موثوق به“ في اختفاء خاشقجي قائلة إنها تتعامل مع هذا الحادث ”بأقصى درجات الجدية“. وقال وزراء خارجية الدول الثلاث في بيان مشترك ”هناك حاجة لإجراء تحقيق موثوق به لمعرفة حقيقة ما حدث وتحديد المسؤولين عن اختفاء جمال خاشقجي وضمان محاسبتهم“. وأضاف الوزراء الثلاثة ”نشجع الجهود السعودية التركية المشتركة ونتوقع أن تقدم الحكومة السعودية ردا كاملا ومفصلا. وقد نقلنا هذه الرسالة بشكل مباشر إلى السلطات السعودية“.
ولم يوضح البيان الإجراءات المحتملة التي قد تتخذها الدول الثلاث. وقال جيريمي هانت وزير الخارجية البريطاني في وقت لاحق إنه إذا ثبت تورط السعودية ”فسيتعين علينا بحث الوسيلة الملائمة للرد على هذا الموقف“. ودعا أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي إلى ردود تراوحت بين مقاطعة اجتماع قمة اقتصادي مقبل في الرياض ووقف دعم العمليات العسكرية السعودية في اليمن.
كما يمكن للشعور المعادي للسعودية داخل الكونجرس الأمريكي أن يزيد من ضغوط ترمي إلى إقرار ما يعرف بقانون منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط (نوبك) الذي يسقط الحصانة التي تحمي الدول الأعضاء في أوبك من اتخاذ إجراءات قانونية أمريكية بحقها. وفي عمود نُشر بعد بيان وكالة الأنباء السعودية حذر تركي الدخيل المدير العام لقناة العربية المملوكة لسعوديين من أن فرض عقوبات على السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية عالمية.
وقال الدخيل ”إذا وقعت عقوبات أمريكية على السعودية، فسوف نكون أمام كارثة اقتصادية تهز العالم، فالرياض عاصمة وقوده، والمس بها سيصيب إنتاج النفط قبل أي شيء حيوي آخر. مثل عدم التزام السعودية بإنتاج السبعة ملايين برميل ونصف. وإذا كان سعر 80 دولاراً قد أغضب الرئيس ترامب، فلا يستبعد أحد أن يقفز السعر إلى مئة ومئتي دولار وربما ضعف هذا الرقم“. وتزايدت مخاوف المستثمرين من أن اختفاء خاشقجي قد يزيد من الشعور بأن السياسة السعودية أصبحت أكثر غموضا في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتبنى مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية لتحديث المملكة لكنه قاد أيضا سياسات أدت لتوترات بين الرياض وعدة دول أخرى.
وقال مصرفي خليجي إن قضية خاشقجي إضافة إلى أحداث أخرى مجتمعة أصبحت عاملا مهما بالنسبة لبعض المستثمرين المحتملين في السعودية. وقال ”الأمر تراكمي.. حرب اليمن.. الخلاف مع قطر.. التوترات مع كندا وألمانيا.. اعتقال ناشطات. كل ذلك يضيف للانطباع العام بأن صناعة السياسة تتم بشكل متهور وهذا يقلق المستثمرين“.
ويعد رأس المال الأجنبي عاملا أساسيا في خطط السعودية لتنويع اقتصادها وتوفير فرص عمل . لكن مؤسسات إعلامية ومديرين تنفيذيين انسحبوا من مؤتمر استثمار كبير من المقرر عقده في الرياض بعد أيام في رد على اختفاء خاشقجي. وقال لاري كودلو المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض إن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين لا يزال يعتزم حضور المؤتمر ولكن ذلك قد يتغير.
وأدت هذه الأزمة إلى استقطاب السعوديين مع إنحاء البعض باللوم على أعداء البلاد في حين أبدى آخرون قلقهم من الاتجاه الذي تسير فيه البلاد بقيادة الأمير محمد بن سلمان. وقال ثامر السبهان وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي إن هناك حملة مسعورة لنشر الأكاذيب حول هذه المسألة و“معروف“ من الذي يقف وراءها وهو تعبير استخدم في الماضي للإشارة إلى قطر وجماعة الإخوان المسلمين. ودعا عبد الرحمن بن عبد الله السند الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الوحدة. بحسب رويترز.
وقال على تويتر إن الدفاع عن السعودية والوقوف معها ومع زعمائها واجب ديني ومطلب وطني. وقال مصدران مطلعان إن الأمير خالد الفيصل، وهو شخصية بارزة في الأسرة الحاكمة السعودية، التقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمناقشة اختفاء خاشقجي. ولم يقدم المصدران تفاصيل عن المحادثات. وقال مسؤول تركي إن السعوديين قالوا إنهم سيسمحون بتفتيش القنصلية وإن هذا سيحدث قريبا على الرغم من اعترافه بوجود ”مرونة بشأن الموعد“. وقال المسؤول ”لكن تركيا مصممة على موضوع دخول القنصلية والقيام بتفتيش جنائي. لا يوجد بديل لإجراء هذا التفتيش. الوقت مهم فيما يخص الأدلة“.