المهاجرون في ألمانيا: البقاء مقابل العمل؟

عبد الامير رويح

2018-08-26 06:22

قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا والتي اثارت أزمة حادة وتوترات داخلية وخارجية بعد اعلان المستشارة أنغيلا ميركل استقبال مئات الآلاف من طالبي اللجوء، ماتزال محط اهتمام واسع خصوصا وان هذا الملف قد شهد تطورات ومتغيرات مهمة في الفترة الاخيرة، وأعلن وزير الداخلية الألماني في وقت سابق خطته الرئيسية للهجرة واللجوء، قال الخطة الرئيسة هي خطة تخص وزارة الداخلية، وستحدث تحولًا في سياسة اللجوء.

وأوضح أن الخطة المكونة من 24 صفحة “تهدف لتدشين نظام حدودي جديد؛ لمنع طالبي اللجوء المسجلين في دول أوروبية أخرى من دخول البلاد”. وتابع: “سننشئ على الحدود مراكز عبور يتجمع فيها طالبو اللجوء المسجلون في دول أوروبية أخرى، تمهيدًا لإعادتهم لهذه الدول”.

وأضاف سأعمل على تكوين صورة كاملة عن طبيعة الاتفاقات التي نحتاجها مع الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي بشأن استعادة طالبي اللجوء المسجلين في هذه الدول”.

وفي يوليو/تموز، توصلت ميركل مع زيهوفر لحل توافقي لخلافهما بشأن طالبي اللجوء المسجلين في دول أوروبية أخرى. وينص الاتفاق الذي توصل إليه على تأسيس مراكز عبور يقيم فيها طالبو اللجوء الذين سبق تسجيلهم في دول أوروبية أخرى، تمهيدًا لترحيلهم للدول المسجلين فيها، وهو البند الذي ورد في الخطة الرئيسية التي أعلنها وزير الداخلية، اليوم.

تكثيف الجهود

وفي هذا الشأن قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن حكومتها ستكثف وتسرع وتيرة ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين بعد أن طالبها مئات من المتظاهرين من اليمين المتطرف بالاستقالة بسبب سياساتها المتعلقة بالهجرة. ونظمت حركة أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب (بيجيدا) الألمانية المناهضة للإسلام احتجاجات ضد قرار ميركل عام 2015 فتح حدود البلاد واستقبال نحو مليون لاجئ أغلبهم من دول إسلامية.

وتسبب ذلك في تنامي الشعور المناهض للمهاجرين وساهم في الدفع بحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف لدخول البرلمان في انتخابات جرت العام الماضي. وردد المحتجون هتافات تطالب ميركل بالرحيل وشعارات أخرى مناهضة للمستشارة الألمانية لدى وصولها إلى مدينة دريسدن في ولاية ساكسونيا للقاء نواب محليين من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي له. بحسب رويترز.

وقالت ميركل بعد لقائها بالنواب إنها تدرك أن قرارها المتعلق باللاجئين أقلق الناخبين وأثار مخاوف بشأن قدرة الدولة على التصرف في الأمر وعدم خروجه عن السيطرة. وأضافت في مؤتمر صحفي ”أوضحت أن لدينا وضعا الآن لم تحل فيه كل المشكلات خاصة فيما يتعلق بعمليات الترحيل التي تظل مشكلة كبيرة“. وتابعت قائلة ”الحكومة الاتحادية ستتولى مزيدا من المسؤوليات في هذا الشأن خاصة من خلال المساعدة على إصدار الوثائق المطلوبة“.

مزيد من اللاجئين يعثرون على وظائف في ألمانيا

تفيد بيانات صدرت أن عددا متناميا من اللاجئين يعثرون على وظائف في ألمانيا الأمر الذي سيكون مطمئنا لداعمي قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالسماح بدخول مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من الحروب منذ 2015. كانت أرقام أظهرت تمكن الشركات الألمانية من جذب مزيد من الدارسين إلى برامج التدريب المهني العملي نظرا لزيادة كبيرة في طلبات الساعين للجوء القادمين من أفغانستان وسوريا.

وستغذي الأرقام السجال الدائر في ألمانيا عن تأثير قرار ميركل في 2015 فتح الحدود الألمانية أمام أكثر من مليون مهاجر، الكثير منهم لاجئون من مناطق حروب في العراق وسوريا وأفغانستان. ويقول منتقدون مثل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف إن المهاجرين يثقلون كاهل نظام الرعاية الاجتماعية والاقتصاد الألماني. لكن ديتليف شيله مدير مكتب العمل الألماني أبلغ وكالة الأنباء الألمانية أنه لا يوجد ما يدعو للإفراط في التشاؤم بخصوص قدرة البلد على استيعاب العدد الضخم من المهاجرين. بحسب رويترز.

وقال ”كل هذا يمضي على ما يرام تماما“ مضيفا أن الأعداد أفضل قليلا من المتوقع. وقال شيله ”هذه أرقام جيدة، مع الأخذ في الحسبان أيضا أن الناس يأتون إلى هنا لأسباب إنسانية وليس للعثور على وظيفة“. وأوضحت بيانات مكتب العمل أن عدد المهاجرين الموظفين من الدول الثماني التي يأتي منها أكبر عدد من طالبي اللجوء زاد أكثر من 100 ألف إلى 306 آلاف و574 في مايو أيار مقارنة مع الشهر نفسه في العام الماضي.

العمالة الماهرة

الى جانب ذلك كشف تقرير أن الحكومة الألمانية ستتخذ قرارا قريبا بشأن اقتراح يسهل على العمالة الماهرة من خارج الاتحاد الأوروبي الانتقال إلى ألمانيا للعمل حيث تسعى ألمانيا لسد نقص حاد في الأيدي العاملة. وقد تكون لمثل هذه الخطط حساسية في بلد يسوده اتجاه مناهض للهجرة ساهم في حشد الدعم لحزب البديل من أجل ألمانيا المنتمي لليمين المتطرف وفجر نزاعا بشأن سياسة الهجرة كاد أن يطيح بحكومة المستشارة أنجيلا ميركل في يوليو تموز.

ويهدف الاقتراح الجديد بشكل أساسي لتخفيف سياسة الهجرة للمتخصصين من خارج الاتحاد الأوروبي نظرا لأن مواطني دول الاتحاد يتمتعون بحرية الحركة للعمل داخل التكتل. وأصبح نقص العمالة الماهرة وقلة عدد الشباب المستعدين للالتزام بتدريب وظيفي يصل إلى ثلاثة أعوام ونصف العام من أهم مصادر قلق المديرين في أكبر اقتصاد أوروبي. وتعلق ألمانيا آمالا على أكثر من مليون لاجئ وصلوا إليها في عام 2015 لسد الفجوات في القوة العاملة لكن نقص العمالة الماهرة التي تتحدث الألمانية وفشل معظم اللاجئين في إثبات كفاءتهم أبطأ العملية.

وقال مكتب العمل الاتحادي إن 1.2 مليون وظيفة ما زالت شاغرة في ألمانيا. وذكر التقرير أن وزارات الداخلية والعمل والاقتصاد الألمانية اتفقت على توظيف المزيد من العمالة الأجنبية الماهرة في البلاد. وقال مصدران بالحكومة إن هذه الوزارات أرسلت التقرير إلى بقية الحكومة التي ستتخذ قرارا بشأنه قريبا وأضافا أن هناك إمكانية لإجراء تعديلات عليه. ويقترح التقرير أن تتخلى الحكومة عن إلزام الشركات بتفضيل المواطنين الألمان لشغل الوظائف الشاغرة قبل البحث عن مواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي. بحسب رويترز.

كما يقترح إتاحة فرصة للخريجين والعمال الحاصلين على تدريب مهني للقدوم إلى ألمانيا بحثا عن فرصة عمل في إطار فترة زمنية محددة إذا انطبقت عليهم شروط الكفاءة واللغة. وأضاف التقرير أنهم لن يكونوا مستفيدين من مزايا التأمين الاجتماعي خلال هذه الفترة لكن سيسمح لهم بالعمل في وظائف أقل من مؤهلاتهم لكسب المال. وقال التقرير إن إجراءات تحديد الكفاءة في ألمانيا ستكون أسرع وأسهل مضيفا أن الحكومة تخطط لحملة ترويجية في البلدان المختارة.

لم شمل اللاجئين

الى جانب ذلك استأنفت ألمانيا لم شمل أسر بعض اللاجئين مما أثار غضب جماعات يسارية ترى أن الحد الأقصى المسموح له بدعوة أقاربه وهو ألف شخص شهريا عدد قليل، وكذلك غضب حزب يميني متطرف معارض للهجرة على إطلاقها. وكانت الحكومة قد علقت في عام 2016 الحق في استقدام أقارب الدرجة الأولى لطالبي اللجوء المتمتعين بحماية محدودة، في محاولة لتخفيف العبء عن القائمين على تسجيل تدفق قياسي للمهاجرين بلغ مليون مهاجر. ولم يطبق الحظر على المتمتعين بوضع اللجوء الكامل إذ يكفل لهم الدستور استقدام أسرهم.

وبعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها حزب مناهض للمهاجرين في انتخابات العام الماضي اتفق حزب المستشارة أنجيلا ميركل مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي، شريكه الأصغر في الائتلاف الحاكم، على تسوية تتضمن رفعا جزئيا للحظر اعتبارا من الأول من أغسطس آب 2018. وقال وزير الداخلية هورست زيهوفر في بيان ”القاعدة الجديدة تمكننا من تحقيق توازن بين قدرة مجتمعنا على الدمج وبين الإنسانية والأمن... هذا عنصر مهم في استراتيجية الحكومة المتعلقة بالهجرة“.

لكن حزب الخضر فضلا عن منظمات الرعاية الاجتماعية المسيحية تقول إن القواعد الجديدة جائرة إذ تضع معايير غير واضحة لاختيار الألف شخص شهريا. ومن بين المعايير التي سيأخذها مسؤولون الهجرة في الاعتبار لاختيار من سيسمح لهم بدخول البلاد طول فترة الابتعاد وسن الأقارب الموجودين خارج ألمانيا بالإضافة إلى الاعتبارات الصحية واعتبارات السلامة. كما أن اللاجئين الذين بذلوا جهدا للاندماج في المجتمع عن طريق دورات تعلم اللغة والتدرب والعمل ستكون لهم الأولوية في دعوة بقية أفراد أسرهم. بحسب رويترز.

وقال حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة إن القواعد الجديدة ستشجع المزيد من المهاجرين على القدوم لألمانيا سعيا للجوء. وكتبت أليس فايدل النائبة عن حزب البديل على تويتر ”في خضم أزمة الهجرة التي لا تنتهي في أوروبا، ترسل ألمانيا إشارة قاتلة باستئناف عمليات إعادة لم شمل الأسر“. ومسألة الهجرة والاندماج في المجتمع من الموضوعات الشائكة في ألمانيا نظرا لأن هناك شخصا من كل أربعة أشخاص إما من مواليد بلدان غير ألمانيا أو أن أحد أبويه على الأقل ليس ألماني الأصل.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا