غزة تختنق: تحت النار والحصار

عبد الامير رويح

2018-07-12 06:40

صعدت إسرائيل عملياتها العسكرية وإجراءاتها الانتقامية ضد ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع، الذي يعيش اليوم وبحسب بعض ازمة حقيقية بسبب الحصار والغارات الإسرائيلية المستمرة التي ازدات بشكل كبير بعد "مسيرات العودة وكسر الحصار" التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، وهو ما دفع الشباب في فلسطين وكما نقلت بعض المصادر، الى استحداث اساليب قتالية جديد لمواجهة الجيش الإسرائيلي ومنها ظاهرة الطائرات الورقية والبالونات المشتعلة التي كلفت خزينة تل أبيب عشرات ملايين الشواقل بسبب الحرائق التي تشعلها في الحقول المحيطة بقطاع غزة.

وحوّل الشبان الطائرات الورقية والبالونات إلى أداة مقاومة تستنفر الاحتلال، بعد ربط علبة معدنية داخلها قطعة قماش مغمّسة بالسولار في ذيل الطائرة، ثم إشعالها بالنار وإطلاقها نحو أراضٍ زراعية قريبة من مواقع عسكرية إسرائيلية. ونجح الشبان خلال الأسابيع الماضية في إحراق عشرات آلاف الدونمات المزروعة للمستوطنين في مستوطنات غلاف غزة بواسطة تلك الطائرات، ردًا على "مجازر" قوات الاحتلال بحق متظاهري مسيرة العودة السلميين.

وأعلن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة والبدء بأولى الخطوات وهي إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري والوحيد جنوب قطاع غزة والذي يعد المعبر الوحيد للقطاع ، مدعيا أن ذلك جاء بسبب استمرار إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة تجاه مستوطنات غلاف القطاع. وهو ما اثار قلق ومخاوف بعض الجهات التي حذرت من اتساع رقع المواجهات. وفي مايخص اخر تطورات هذا الملف أطلق الجنود الإسرائيليون النار على فلسطينيين اثنين كانا بصدد إطلاق بالونات "حارقة" من غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، ما أدى لإصابتهما بجروح. وكان فلسطينيون أطلقوا أيضا خلال قمع الجيش الإسرائيلي مسيرة العودة على الحدود بين القطاع والدولة العبرية، طائرات ورقية "ملتهبة" في اتجاه الجانب الإسرائيلي من الحدود.

وقال المتحدث باسم جهاز الإطفاء في جنوب إسرائيل إيلي كوهين إنه تم إحصاء نحو عشرين حريقا تسببت بها بالونات أو طائرات ورقية حارقة أطلقت من قطاع غزة، في مناطق إسرائيلية محاذية للقطاع. وأوضح أنه منذ نهاية آذار/مارس، سجل اندلاع أكثر من300 حريق. وتقول وزارة الدفاع الإسرائيلية إنه تم اعتراض نحو 400 طائرة ورقية من أصل أكثر من 600 طائرة ورقية تم إطلاقها من غزة. وقال المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكس "هناك وسائل أخرى قد نستخدمها في المستقبل".

ولقي ما لا يقل عن130 فلسطينيا حتفهم على الأقل برصاص الجيش الإسرائيلي منذ بدء احتجاجات "مسيرات العودة" على طول الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل في30 آذار/مارس. ونظم الفلسطينيون هذه الاحتجاجات لتأكيد حق اللاجئين بالعودة وكسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ أكثر من عقد. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت بغالبية كبيرة قرارا يدين الدولة العبرية لاستخدامها القوة المفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، كما رفضت إدخال تعديل اقترحته واشنطن يدين حماس لأعمال العنف تلك.

عقوبات جديدة

فرضت إسرائيل عقوبات على قطاع غزة وحركة (حماس) التي تسيطر عليه ردا على هجمات شنها فلسطينيون باستخدام طائرات ورقية وبالونات تحمل رايات مشتعلة. وأشعل المشاركون في احتجاجات مستمرة من أكثر من ثلاثة أشهر على حدود غزة عشرات الحرائق عن طريق إرسال طائرات ورقية وبالونات إلى داخل إسرائيل مما يثير انزعاج جيشها المتطور المعتاد على التعامل مع الأسلحة التقليدية.

ودعا سكان الجنوب والأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحاكم إلى وضع نهاية للحرائق حتى إذا تطلب ذلك قتل مطلقي الطائرات الورقية والبالونات. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إغلاق المعبر التجاري الرئيسي مع قطاع غزة. وقال نتنياهو لكتلته البرلمانية وسط تصفيق النواب ”سنضيق الخناق على نظام حماس في قطاع غزة على الفور. وفي خطوة مهمة، سنغلق اليوم معبر كرم أبو سالم (الحدودي). ستكون هناك خطوات إضافية. لن أدلي بتفاصيلها“.

وتقول إسرائيل إن الحرائق أبادت سبعة آلاف فدان من الغابات والأراضي الزراعية. وكانت الطائرات الورقية والبالونات أكثر الأسلحة فاعلية فيما يطلق عليه ”مسيرة العودة الكبرى“ التي بدأت يوم 30 مارس آذار ورد عليها الجيش الإسرائيلي بالقوة الفتاكة. ويقول مسعفون في غزة إن 136 فلسطينيا قتلوا بالرصاص. ويقول منظمو المسيرة إن المتظاهرين في غزة يهدفون إلى التأكيد على مطالب مثل الحق في العودة لأراض فقدوها خلال حرب عام 1948 وتخفيف حصار إسرائيلي مصري على القطاع.

وتعتبر إسرائيل الاحتجاجات محاولة من جانب حماس لصرف الانتباه عن مشكلات الإدارة في القطاع وتوفير غطاء لهجمات مسلحة عبر الحدود. وشجبت حماس الاجراء واعتبرته ”جريمة جديدة ضد الإنسانية“. وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس التي تعتبرها إسرائيل والغرب منظمة إرهابية ”إن الصمت الإقليمي والدولي على جريمة الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من اثني عشر عاما شجع العدو الإسرائيلي للتمادي في إجراءاته الإجرامية المخالفة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية“.

وأضاف ”وعليه فإن حركة حماس تدعو المجتمع الدولي للتحرك الفوري لمنع هذه الجريمة وتداعياتها الخطيرة، ومغادرة الموقف السلبي الصامت، والعمل على إنهاء حصار غزة ووقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته بحق غزة وسكانها، وأن الذي يتحمل كل النتائج المترتبة على هذه السياسات الإسرائيلية العنصرية المتطرفة هي حكومة الاحتلال“. ومعبر كرم أبو سالم هو المسار الرئيسي للتجارة لغزة رغم القيود الإسرائيلية المستمرة منذ سنوات. وقالت إسرائيل إنها ستسمح بعبور بعض البضائع الإنسانية. بحسب رويترز.

وذكر بيان عسكري إسرائيلي أن منطقة الصيد المسموح بها للفلسطينيين قبالة غزة ستعود إلى 11 كيلومترا بعد توسعتها إلى 17 كيلومترا. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان قناة القدس التلفزيونية الفضائية الفلسطينية منظمة إرهابية ووصفها بأنها ”الذراع الدعائية لحماس“. ويضع ذلك طاقم العاملين بالقناة ومنهم 15 في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل وعامل بالقطعة في القدس تحت خطر الاعتقال. وقال ليبرمان إن إسرائيل لا تسعى لإشعال التوتر في غزة من جديد ”لكن الأسلوب الذي تتصرف به حماس مرشح ببساطة للتصعيد والخروج عن السيطرة، وهي مرشحة لدفع الثمن كاملا وثمن أفدح بكثير“ مما دفعته في آخر حرب في غزة عام 2014.

قرارات إسرائيلية

الى جانب ذلك نددت الحكومة الفلسطينية بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي خصم الخسائر الناجمة عن حرائق طائرات ورقية أطلقها شبان من غزة محملة بمواد مشتعلة تجاه الأراضي الإسرائيلية من أموال السلطة الفلسطينية قائلة إن هذا ”عدوان جبان“. وقال يوسف المحمود المتحدث الرسمي باسم الحكومة ”أموال الضرائب هي أموال فلسطينية، نصت الاتفاقات الموقعة أمام العالم على قيام إسرائيل بجبايتها، وردها إلى خزينة دولة فلسطين، مقابل أجر متفق عليه“.

وأضاف في تصريح نقلته وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية الرسمية ”وبالتالي فإن أي مَس بهذه الأموال خارج نطاق الاتفاقات يعتبر لصوصية وعدوانا جبانا على شعبنا ومقدراته“. وأوضح المحمود ”أن حكومة الاحتلال ترتكب جرائم مركبة تسرق خلالها أرضنا، وتقيم عليها المستوطنات وتقتل أبناء شعبنا، وتسرق أمواله“.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تغريدة على تويتر إنه ”أوعز لرئيس هيئة الأمن القومي السيد مائير بن شبات ببدء العمل على خصم التعويضات التي تدفعها إسرائيل للبلدات المتاخمة لقطاع غزة والتي تكبدت أضرار جراء الحرائق التي اضرمها الفلسطينيون في أراضيها من أموال السلطة الفلسطينية“. وتقوم إسرائيل حسب اتفاق باريس الاقتصادي بجمع أموال الضرائب مقابل عمولة مالية تبلغ ثلاثة في المئة على المبالغ التي يتم جمعها شهريا.

على صعيد متصل قالت الحكومة الفلسطينية إن الإفراج عن جندي إسرائيلي قتل فلسطينيا مصابا بعد تسعة أشهر من سجنه سيشجع على قتل المزيد من الفلسطينيين. ونددت الحكومة في بيان ”بقرار سلطات الاحتلال بالإفراج عن الجندي القاتل الذي ارتكب جريمة إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف في الخليل، واعتبر المجلس أن هذا الإجراء ما هو إلا تشجيعا لقتل الفلسطينيين بدم بارد“. وأضاف البيان أن ”هذا الحكم والإفراج المبكر عنه، يعطي الضوء الأخضر لجنود الاحتلال لمواصلة ارتكاب جرائمهم بحق شعبنا الأعزل“.

وكان القضاء قد حكم في البدء على إيلور عزريا الذي يحمل الجنسية الفرنسية بالسجن 18 شهرا لقتله عبد الفتاح الشريف برصاصة في الرأس، بينما كان هذا الأخير ممددا أرضا ومصابا بجروح خطرة من دون أن يشكل خطرا ظاهرا، بعد تنفيذه هجوما بسكين على جنود إسرائيليين. وخفض رئيس أركان القوات المسلحة غادي إيزنكوت بعدها العقوبة بأربعة أشهر في آذار/مارس قبل أن تأمر لجنة بخفض جديد للعقوبة. بحسب فرانس برس.

وأثار الحكم في هذه القضية انقساما كبيرا داخل الرأي العام الإسرائيلي، بين الذين يدعون إلى التزام الجيش بشكل صارم بالمعايير الأخلاقية، والذين يؤكدون ضرورة مساندة الجنود في وجه الهجمات الفلسطينية. وأثار الحكم على عزريا مقارنات مع الأحكام على الفلسطينيين التي تصدرها محاكم عسكرية إسرائيلية، التي تصدر أحكاما أقسى بالسجن على فلسطينيين لجرائم أقل خطورة.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا