فلسطين وإسرائيل: 70 عاما من ذاكرة الانتداب البريطاني
وكالات
2018-06-26 04:11
(رويترز) - جولة الأمير وليام في إسرائيل والأراضي الفلسطينية هي الزيارة الرسمية الأولى التي يقوم بها عضو في الأسرة المالكة لكن الأرض المقدسة مكان معهود بالنسبة للدولة البريطانية.
استولت القوات البريطانية على القدس من الإمبراطورية العثمانية في 1917 وفي 1922 منحت عصبة الأمم بريطانيا انتدابا دوليا على فلسطين في فترة ما بعد الحرب التي شهدت صفقات أعادت رسم خريطة الشرق الأوسط.
وكان منح بريطانيا انتدابا دوليا على فلسطين إقرارا بوعد بلفور الذي صدر في 1917 والذي عبرت فيه بريطانيا عن تأييدها لقيام وطن قومي لليهود في فلسطين، في 1948 انسحب البريطانيون تحت وطأة الإنهاك الذي لحق بهم من الحرب العالمية الثانية وكذلك بسبب متاعب الفصل بين القوات العربية والقوات اليهودية المتحاربة، وبعد 70 عاما يتذكر فلسطينيون وإسرائيليون ما حدث لكن من زاويتين مختلفتين تماما.
لا أفهم ذلك
تحت الانتداب البريطاني استطاعت الحركة الصهيونية الباكرة وضع الأساس العملي لما صار إسرائيل الحديثة. فيحمل برلمانها وقوانينها وجيشها بصمات بريطانية كما هو الحال بالنسبة لأسماء كثير من المباني والشوارع.
لكن الإسرائيليين يتذكرون كيف فرض البريطانيون قيودا على أعداد اليهود الفارين من أوروبا تحت سيطرة النازي. تم نقل عشرات الآلاف ممن حاولوا الدحول بطريق غير مشروع إلى معسكرات اعتقال في قبرص وفلسطين.
وقال شلومو هيليل (95 عاما) وهو دبلوماسي ووزير سابق ”أحببنا البريطانيين لكن سياساتهم أثارت، عندما كانت ضدنا، غضبا واستياء مفهومين“، فرت سوزانا، زوجة هيليل الراحلة، من النمسا عندما ضمها النازيون في 1938. وبعد عام قضته في البحر نقلت مع أسرتها إلى معسكر اعتقال بريطاني في فلسطين حيث بقوا عاما آخر.
جعة ساخنة
مضى هيليل إلى تشغيل مصنع ذخيرة سري تحت مزرعة أقيمت قرب تل أبيب للتغطية على عملياتهم لإنتاج الرصاص الحي.
ومن وقت لآخر كان البريطانيون يأتون إلى المزرعة للزيارة. وكان هيليل يقدم لهم الجعة والشطائر لكن من أجل تجنب زياراتهم المفاجئة قدم لهم في يوم صيفي جعة ساخنة قائلا ”يمكن أن أجهز لكم الجعة وأن أضعها في الثلاجة“ إذا أبلغوه مقدما بموعد الزيارة. وبعد ذلك عرف منهم متى مواعيد مجيئهم إلى المزرعة.
مشاعر مختلطة
خدم رام هافيف (93 عاما)، وهو موظف حكومي كبير متقاعد، في الجيش البريطاني في العراق ومصر وإيران في الحرب العالمية الثانية.
وقال ”العلاقة لم تكن جيدة جدا من جانب الحكومة البريطانية وقتها. لكننا نفضل الآن أن نتذكر الجوانب الإيجابية التي نحن شاكرون لها فحسب“، وتابع قائلا ”بعد الحرب العالمية الثانية... نشأت دولة إسرائيل على الأسس التي وضعها الحكم البريطاني في فلسطين“.
فندق الملك داود
أسس عزرا موصيري، وهو مصرفي يهودي مصري ثري، فندق الملك داود،الذي سيقيم فيه الأمير وليام في القدس، في ثلاثينيات القرن الماضي.
واستخدم البريطانيون الفندق مقرا أثناء فترة الانتداب. وفي يوليو تموز عام 1946 فجر مسلحون من منظمة إرجون اليهودية الفندق مما أسفر عن سقوط أكثر من 90 قتيلا.
لا يزال محمد جاد الله (97 عاما) يتذكر هذا اليوم عندما وصل للتو لعمله نادلا في الفندق. وقال وهو يسترجع الواقعة إن المتفجرات ”قسمت الغرفة إلى قسمين... كان هناك حالة من الفزع. كان الناس يركضون في غرفة الطعام وفي أماكن أخرى من الفندق“.
وبعد أقل من عامين من ذلك اليوم توقف جاد الله عن العمل ولم يعد يقدم الخدمة للبريطانيين على الطاولات لأنه أصبح يحارب مع الجانب العربي في الحرب التي اندلعت فيما كان العهد البريطاني يوشك على الأفول.
أعطوا بلادنا لليهود
جل ما يتذكره عبد الفتاح شجاعية وهو جالس تحت شجرة تفاح في قرية دير جرير في الضفة الغربية المحتلة عن العهد البريطاني أنه كان وجودا عسكريا غير مرحب به تسبب في سجن والده وفي إصدار مذكرة بالإعدام في حق أخيه لمشاركتهما في الانتفاضة العربية في الثلاثينيات، وانضم شجاعية (96 عاما) للشرطة تحت القيادة البريطانية ”بسبب حالة الفقر... لم يكن لدينا مال ووالدي كان في السجن“.
ولم يقبض على شقيقه أبدا وصدر عفو بحقه بعد ذلك. ثم حمل شجاعية نفسه السلاح فيما بعد في الأربعينيات مع زيادة الشعور العربي المعادي لبريطانيا وبتزايد أعداد المهاجرين اليهود التي تفد لفلسطين، وقال إنهم مقتنعون بأن ”اللي سلم بلادنا لليهود اللي هي بريطانيا... وعد بلفور“.
مؤقت
في أرشيف غزة لا تزال سجلات الأراضي البريطانية القديمة مستخدمة. ويظهر على الصفحات المصفرة ختم عهد الانتداب باسم حكومة فلسطين. وجاءت من بين أسماء الجهات المالكة لبعض الأحياء ”المفوض السامي المؤقت لحكومة فلسطين“.
وفي مخيم للاجئين في خان يونس في قطاع غزة عرض أحمد جرغون (75 عاما) وثيقة لملكية قطعة أرض يقول إن والده اشتراها وسجلها مع السلطات البريطانية في عام 1944. وتقع الأرض على الجانب الآخر من الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل في مدينة اللد، وقال ”أريد استعادة أرضي... كل الفلسطينيين يريدون استعادة أرضهم فلسطين. بلفور أعطى أرضا لا يملكها لمن لا يستحقها“.