كيف يعامل المسلمون في الصين؟
عبد الامير رويح
2018-06-03 04:20
ازدادت معاناة الاقليات الدينية في الصين في السنوات الاخيرة بشكل كبير ولأسباب مختلفة، وتوجه الصين كما نقلت بعض المصادر، اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في شينجيانغ وتعذيب المعتقلين الويغور وتشديد القيود على ممارستهم لشعائرهم الدينية وثقافتهم. وهو ما اثار قلق ومخاوف المنظمات والمؤسسات الانسانية واثار ايضا انتقادات دولية للصين، المتهمة بالتمييز على أساس ديني عِرقي في تعاملها مع المسلمين، لاسيما مع أقلية الأويغور في إقليم شينجيانغ ،وترى ضرورة تقديم الهوية الصينية على الهوية الدينية الخاصة بالأقليات، بينما يعتبر الأويغور أنفسهم في حالة دفاع عن حقوقهم الإنسانية والسياسية. وتنفي بكين ارتكاب مخالفات. وعلى مدى سنوات فر مئات وربما آلاف من الويغور من الاضطرابات في شينجيانغ.
ووفق بيانات الإحصاء الرسمي الصيني والتي اعلنت في سنوات سابقة، فإن من بين السكان البالغ تعدادهم 1,3 مليار نسمة، تشكِّل الأقليات الخمس والخمسون في مجملها من عدد السكان ما نسبته 8,4 % فقط، وتبلغ نسبة المسلمين فيها 1,7 % فقط. ومن بين الخمس والخمسين أقلية في الصين، يواجه باستمرار كلٌّ من الأويغوريين والتبتيين نظام الدولة الصارم الذي يعكر صفو حياتهم اليومية، بما في ذلك المجال الديني.
والواقع أن نظام جمهورية الصين الشعبية يبقى دائمًا في حالة تأهب في إقليمي شينجيانغ والتبت؛ بسبب الاضطرابات السياسية المستمرة منذ عام 2009، والمتمثلة بالهجمات العنيفة في شينجيانغ والاحتجاجات في التبت؛ مما حدا بالصين لتكثيف الإجراءات الأمنية في كلتا المنطقتيْن، وفرض قيود واسعة من قبيل منع صوم شهر رمضان والأنشطة الدينية بهدف منع أي شكل من أشكال المعارضة السياسية التي قد تتطور من خلال الشبكات الدينية.
الأسلمة الزاحفة
وفي هذا الشأن دعا مسؤول صيني مسلم بارز المسلمين الصينيين إلى الحذر مما وصفه ”بالأسلمة الزاحفة“ بما في ذلك انتهاج المساجد أساليب أجنبية وحثهم على ممارسة عقيدتهم بالطريقة المعتادة في بلادهم. ويعيش في الصين نحو 20 مليون مسلم يقطن كثير منهم في الجزء الغربي من البلاد. وعلى الرغم من أن الصين تكفل رسميا حرية الأديان فقد شددت الرقابة في الأعوام الماضية في المناطق التي يقطنها الكثير من المسلمين خشية التطرف أو العنف.
وقال يانغ فامينغ رئيس الرابطة الإسلامية الصينية المرتبطة بالحكومة أمام الهيئة الاستشارية التابعة لمجلس نواب الشعب إن للإسلام تاريخا طويلا ومجيدا في البلاد. لكنه حذر من مشكلات قال إنها أصبحت واضحة في الأعوام الماضية ولا يمكن تجاهلها وذلك وفقا لنسخة من نص خطابه نشرتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا). وقال ”على سبيل المثال أسلوب بناء بعض المساجد يقلد بالضبط نماذج أجنبية... وبات الدين يتداخل مع الحياة العلمانية“. وأضاف ”البعض يولي تعاليم الدين أهمية أكبر بكثير جدا من أهمية القانون الوطني... علينا بالقطع أن نتوخى الحذر بشدة“. بحسب رويترز.
ويعقد البرلمان والهيئة الاستشارية التابعة لمجلس نواب الشعب جلساتهما السنوية حاليا. وألقت الصين مسؤولية سلسلة من الهجمات وقعت في السنوات الأخيرة في شينجيانغ على متشددين إسلاميين. وتقول جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن العنف ما هو إلا رد فعل على القيود المفروضة على الحقوق الدينية والثقافية للويغور المسلمين الذين يعيشون هناك. وتنفي الصين الاتهامات بحدوث قمع في الإقليم.
اعتقالات مستمرة
من جانب اخر قالت دبلوماسية كبيرة بوزارة الخارجية الأمريكية إن عشرات الآلاف اعتقلوا في إقليم شينجيانغ المضطرب الواقع في أقصى غرب الصين، وذلك وسط تصعيد حملة أمنية تستهدف الويغور وأقليات أخرى مسلمة في البلاد. وقالت لورا ستون، القائمة بأعمال نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادي، للصحفيين في بكين إن الاعتقالات الجماعية داخل ما يعرف بمراكز إعادة التأهيل السياسي ”ترسم صورة مقلقة“، ودعت السلطات الصينية لاتباع ”نظام أكثر شفافية ومساءلة“.
وأضافت ”نشعر بقلق من الجهود الصينية لتقييد الحقوق المشروعة للويغور ومسلمين آخرين في شينجيانغ... نواصل إثارة الحديث عن مخاوفنا مع الحكومة الصينية وندعو إلى اتباع الإجراءات المشروعة عند احتجاز مواطنيها“. وقالت إن قلة المعلومات الواردة من شينجيانغ جعلت من الصعب استنتاج أعداد موثوق بها للمحتجزين، لكنهم يقدرون ”بعشرات الآلاف على الأقل“.
وأشرفت السلطات المحلية على مدى العامين الماضيين على تصعيد كبير في إجراءات الأمن والرقابة في شينجيانغ في ما يبدو أنه مسعى لفرض سلطة مركزية أكبر ووقف سلسلة هجمات تقول الصين إن منفذيها انفصاليون إسلاميون. وتقول جماعات حقوقية وأشخاص فروا إلى الخارج إن القيود التي تفرضها الصين على الدين والثقافة وحرية الحركة في شينجيانغ غير مسبوقة، مع تقارير عن اعتقالات واسعة النطاق لأسباب تشمل السفر إلى الخارج أو اعتبار المعتقل شديد التدين. بحسب رويترز.
وتنفي الصين على نحو متكرر أي قمع في شينجيانغ، ولا يقر المسؤولون علنا بحدوث اعتقالات جماعية في مراكز إعادة التأهيل السياسي في الإقليم. وقالت هوا تشون ينغ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ردا على سؤال بشأن تصريحات ستون، ”بإمكان الجميع رؤية أن الناس في شينجيانغ بمختلف الانتماءات العرقية يعيشون ويعملون في سلام واطمئنان“. وقالت في إفادة صحفية دورية ”نأمل أن تستطيع الولايات المتحدة وغيرها أن تقيّم وتنظر على نحو إيجابي لموقف الصين وأن تتوقف عن أي شكل من أشكال التدخل في شؤونها الداخلية أو توجيه انتقادات غير المبررة“.
وحثت الولايات المتحدة ماليزيا ايضا على توفير حماية مؤقتة لأحد عشر شخصا من مسلمي الويغور الذين تسعى الصين إلى تسلمهم. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها دعت ماليزيا إلى السماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بلقاء الويغور لتحديد مدى أحقيتهم في الحصول على حماية دولية وتوطينهم في بلد ثالث في نهاية الأمر. وكان هؤلاء الأشخاص ضمن مجموعة مؤلفة من 20 من الويغور من الصين الذين فروا من تايلاند العام الماضي. وقال مايكل كافي المتحدث باسم مكتب شرق آسيا بوزارة الخارجية الأمريكية ”نحث السلطات الماليزية على إجراء تحقيق شفاف وتوفير حماية مؤقتة لأي من هؤلاء الأشخاص الذين ربما يتعرضون لتعذيب أو اضطهاد إذا عادوا رغما عنهم“.
وكان أحمد زاهد حميدي نائب رئيس الوزراء الماليزي قد قال إن ماليزيا تلقت طلبا رسميا من الصين بتسليمها هؤلاء الويغور. وقال حميدي إن ماليزيا تدرس الطلب وإن الشرطة تحقق فيما إذا كان أي فرد من هذه المجموعة كان له دور في أنشطة إرهابية. ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش ماليزيا إلى ضمان عدم ترحيل هؤلاء الويغور قسرا لأنهم يواجهون ”تهديدات موثوقا بها بالسجن والتعذيب“. وتتهم الصين متشددين انفصاليين من أقلية الويغور بالتخطيط لشن هجمات في منطقة شينجيانغ بأقصى غرب الصين ومناطق أخرى في البلاد على صينيين من الهان الذين يشكلون غالبية السكان.
العلم الوطني
الى جانب ذلك أعلنت السلطات الاسلامية في الصين ان على كل المساجد في البلاد رفع العلم الصيني ل"تقوية روح الانتماء للوطن"، في وقت يُحكم فيه الحزب الشيوعي الحاكم قبضته على المنظمات الدينية المسلمة. وقالت المنظمة الاسلامية للصين في بيان نشرته على موقعها في الانترنت إنه يجب وضع الأعلام لتكون "ظاهرة بصفة جلية" في أماكن العبادة. وأكدت المنظمة التي يشرف عليها الحزب الشيوعي الصيني أن "هذا يقوي الشعور بالانتماء الوطني ومشاعر المواطنة ويُنمي الروح الوطنية".
وعلى القائمين بالمساجد الاطلاع على الدستور الصيني (المنقح في 2018 لابراز أفكار الرئيس الصيني شي جينبينغ) وعلى القيم المحورية للاشتراكية" التي يدافع عنها الحزب الصيني. وينتشر الدين الاسلامي في الصين منذ القرن السابع، ويبلغ عدد المسلمين في البلاد اكثر من عشرين مليون من مجموع عدد سكان يناهز 1,38 مليار. وبينت المنظمة الاسلامية في بيانها الذي خصصته للدعوة لادماج أوسع للاسلام "بعد نحو قرن من التقدم، أصبحت الثقافة الاسلامية جزءا من الثقافة الصينية".
كما دعت المنظمة المسؤولين في المساجد الى "دراسة المؤلفات الثقافية الصينية الكلاسيكية المتميزة" وإعطاء أهمية اكبر لمدرسي الاسلام العقلاء أكثر من الاجانب. ويحكم الحزب الصيني منذ 1949 ويتصدى لكل القوى المناهضة لنظامه. كما تتم مراقبة المنظمات الدينية بشكل مكثف، وتقول السلطات انها تواجه تهديدات متنامية من الاسلام المتطرف. وتعبر الصين عن قلقها تجاه الوضع في شينيانغ (شمال غرب) التي يقطنها العديد من المسلمين. وكان قتل المئات من الأشخاص في اعتداءات خلال السنوات الاخيرة. وتحذر بكين من علاقات بين ناشطين متطرفين وجماعات متطرفة اجنبية. بحسب فرانس برس.
وتمنع السلطات المحلية منذ2017 ارتداء النقاب في هذه المنطقة، ولا تشجع الصيام خلال شهر رمضان بين الموظفين والطلبة. ومنذ مطلع شباط /فبراير الفائت، دخلت مجموعة من القوانين المؤطرة للديانات حيز التطبيق في الصين، وهي تمنع الهبات الخارجية، كما تضع قيودا على فتح مدارس دينية.