السويد.. وملفات حقوق الانسان والهجرة

عبد الامير رويح

2015-03-26 12:10

السويد إحدى الدول الأوروبية وهي كغيرها من الدول تعاني العديد من المشكلات والأزمات والمشكلات السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية، كان آخرها كما يقول بعض المراقبين، الأزمة الدبلوماسية والسياسية التي نجمت عن تصريحات وزيرة الخارجية السويدية مارغوت والستروم ازاء السعودية. بخصوص ملف حقوق الإنسان في المملكة، حيث تمر الحكومة السويدية وكما تنقل بعض المصادر، بأزمة كبيرة جراء العواقب الكبيرة والمحتملة التي تسببت بها تصريحات والستروم مؤخرا. خصوصا وان هذه الحكومة هي حكومة أقلية سياسية تواجه العديد من الضغوط الداخلية من أحزاب المعارضة والتحالفات السياسية.

وقد طلبت مجموعة تحالف يمين الوسط المعارضة، دعوة استجواب لوزيرة الخارجية في البرلمان السويدي جراء ما سمته المجموعة البرلمانية المعارضة الإرباكات السياسية التي أحدثتها الوزيرة في مواقفها المعلنة وآرائها عبر وسائل الإعلام. يضاف الى ذلك المشكلات الاقتصادية الأمنية وقضايا المهاجرين الذين يقصدونها، بسبب ما يكفله نظامها القانوني من قدر كبير من الحقوق والحريات للمهاجرين وهو ما تعارضه الأحزاب اليمينية المتطرفة.

الخلاف مع السعودية

في غضون أشهر قليلة دخلت حكومة الأقلية السويدية في خصومة مع كل من اسرائيل والعالم العربي وفي الوقت نفسه أثارت غضب قيادات قطاع الأعمال في الداخل بينما تدافع وزيرة الخارجية مارجوت فالستروم بثبات عن حقوق الانسان والمرأة. وكشفت أجندة فالستروم والانتقادات التي أثارتها عن صراع بشأن هوية السويد وما اذا كان ينبغي أن تصبح كما يقول بعض الساسة "قوة أخلاقية عظمى" أم تعطي للأمن والاقتصاد الذي تقوده الصادرات أولوية.

وبعد أن ألغت السويد اتفاقا للتعاون الدفاعي مع السعودية بسبب مخاوف بشأن حقوق الانسان نددت جامعة الدول العربية بالوزيرة السويدية وقررت إلغاء كلمة كان من المقرر أن تلقيها امام اجتماع وزاري بالقاهرة. واستدعت السعودية سفيرها من ستوكهولم كما تتعرض استثمارات بمئات الملايين من الدولارات للتهديد. ووعدت فالستروم المفوضة السابقة بالاتحاد الأوروبي بسياسة خارجية "تدافع عن حقوق المرأة" حين شكل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تنتمي له الحكومة الائتلافية في اكتوبر تشرين الأول الماضي. ومنذ ذلك الحين وصفت جلد المدون السعودي الليبرالي رائف بدوي بأنه أمر "ينتمي للعصور الوسطى" فحظيت بإشادة الكثير من المعلقين لوقوفها في وجه المملكة.

وقالت فالستروم "لن أتراجع عن تصريحاتي بشأن حقوق الانسان والديمقراطية وأنه ينبغي عدم جلد المدونين" في إشارة الى الحكم بجلد بدوي الف جلدة وأضافت "ليس هناك ما يخجلني." وتحتل السويد المركز الثاني عشر على مستوى العالم بين الدول المصدرة للأسلحة. كما أن اقتصادها حصل على تصنيف ائتماني ممتاز. وبينما تختبر روسيا دفاعات السويد الجوية وغواصاتها يقول منتقدوها إن الوقت ربما لا يكون مناسبا لتكون حقوق الانسان محورا لسياستها الخارجية.

وللسويد تاريخ من الحياد. لكنها في عهد الحكومة السابقة التي كانت تنتمي ليمين الوسط أقامت علاقات أوثق مع حلف شمال الأطلسي فشاركت في بعثات عسكرية الى افغانستان وليبيا وهو الأمر الذي وعدت فالستروم بتقليصه. وساعد الاتفاق الدفاعي السعودي المؤسسات السويدية على جني 4.8 مليار كورونة (567 مليون دولار) بين عامي 2011 و2014. ووقع الاتفاق في عام 2005 وكان من المقرر تجديده في مايو ايار.

وكتب سلفها المنتمي ليمين الوسط كارل بيلت في مدونته "يتطلب معظم ما تصدره السويد من التقنيات العالية أنواعا مختلفة من الالتزامات طويلة الأجل... هناك خطر حقيقي" مشيرا الى أن الإلغاء سيضر بالمصالح السويدية وليس بالسعودية نفسها وحسب." لكن ربما لا تكون فالستروم هي المسؤولة عن الخلاف مع السعودية الذي أثار اتهامات بسوء التقدير الدبلوماسي من جانب الحكومة الائتلافية التي تعاني من خلافات داخلية.

وقال فردريك اريكسون مدير المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي "هذه سياسة خارجية تطبق من أجل الجماهير في الداخل وتعطي انطباعا قويا بسوء الإدارة السياسي." وقال رئيس الوزراء ستيفان لوفين الذي عمل لنحو 20 عاما عامل لحام في قطاع الصناعات الدفاعية إنه يؤيد إعادة النظر في الاتفاق مع السعودية. لكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر الشريك الأصغر في الائتلاف الذي يحافظ على استمراره في السلطة اعترضا على هذا.

وفي وجود مؤشرات على أن لوفين سيرضخ للخضر نشر اكثر من 30 مسؤولا تنفيذيا بقطاع الأعمال رسالة مفتوحة قالوا فيها إن إلغاء الاتفاق "سيعرض سمعة السويد كشريك تجاري للخطر." ومن بين هؤلاء ستيفان بيرسون المالك الرئيسي لشركة إتش أند إم لبيع الملابس بالتجزئة ورئيس شركة انفستور للاستثمار جاكوب فالنبرج. وقالت انا فايسلاندر نائبة مدير المعهد السويدي للشؤون الدولية "تقليديا كان الاشتراكيون الديمقراطيون براجماتيين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية... وبالتالي فإن هذا قد يكون متعلقا بالشخصيات الموجودة في الحكومة والمشاحنات داخل الائتلاف." بحسب رويترز.

ولم تكن هذه القضية الوحيدة المثيرة للجدل. كانت أول خطوة دبلوماسية اتخذتها فالستروم هي الاعتراف بدولة فلسطين مما دفع اسرائيل لاستدعاء سفيرها كما أغضب هذا الولايات المتحدة. ومن المفارقات أن هذا الدفاع عن الحقوق ربما يكون قد أضر بقدرة السويد على لعب دور يفوق حجمها على الساحة الدولية. وقد يكون أول الضحايا تطلعها للفوز بما يكفي من الأصوات لتصبح عضوا غير دائم بمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة. وقال سفين هيدرمان سفير السويد السابق لدى موسكو "تضررت سمعة السويد كشريك يعتمد عليه ويمكن الحديث اليه بشدة."

من جانب آخر استدعت الإمارات سفيرها في ستوكهولم. وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان أنها استدعت سفيرها سلطان راشد الكيتوب "على خلفية التصريحات المسيئة من وزيرة خارجية السويد"، بحسب وكالة أنباء الإمارات. وقالت الوزارة إن تلك التصريحات "تنتهك مبدأ السيادة التي تقوم عليها العلاقات السوية بين الدول وتعد تدخلا في الشؤون الداخلية ولا تحترم الخصوصيات الدينية والثقافية للدول والمجتمعات"، بحسب الوكالة.

وتعليقا على استدعاء الإمارات لسفيرها، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية إيريك بومان "نأسف لذلك بالطبع، فنحن نرتبط بعلاقات جيدة مع الإمارات العربية المتحدة ونريد أن نحافظ على هذه العلاقات ونطورها". وأضاف، في تصريح لصحيفة "افتونبلادت" السويدية، "ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن السعودية والإمارات مرتبطتان بعلاقات قوية، ولذلك ربما يجب ألا نستخلص نتائج مبالغا فيها من هذا". ومن المقرر أن تلتقي وزيرة الخارجية بعدد من قادة الأعمال القلقين بشان تأثيرات تدهور العلاقات بين السويد ودول الخليج.

مشكلات أمنية

في السياق ذاته وقع هجوم جديد على مسجد في السويد هو الثالث من نوعه خلال أيام، حيث رمى مجهولون عبوة حارقة على مسجد في مدينة أوبسالا وقاموا "بكتابة شعارات عنصرية قبيحة" حسب الشرطة المحلية. ونقلت وكالة الأنباء السويدية عن متحدث باسم الشرطة في أوبسالا قوله أن أحدهم رمى "عبوة مولوتوف حارقة على المكان" موضحا أنها لم تسفر عن اندلاع حريق. وأضاف تورستن هيملن "قاموا بكتابة شعارات عنصرية قبيحة" مشيرا إلى أن المسجد كان خاليا عند وقوع الهجوم.

وأوضحت الشرطة في أوبسالا، رابع مدينة في السويد، أن شخصا أبلغها أنه شاهد أحدهم يرمي العبوة الحارقة. وأضافت في بيان أن الحادث "محاولة إجرامية لإشعال النار وتحريض على الكراهية". وأعلنت الشرطة السويدية أن حريقا اندلع في مسجد وفي وقت سابق لكنه لم يسبب سوى بعض الأضرار في المكان. وكانت النيران اندلعت في مسجد في الطبقة الأولى من مبنى في إيسلوف (جنوب) وتم إخمادها بسرعة. بحسب فرانس برس.

وكان خمسة أشخاص جرحوا في حريق اخر في مسجد في الطابق الأرضي من مبنى في مدينة إيسكيلستونا على بعد نحو 90 كلم غرب ستوكهولم. ولم تفض التحقيقات حول أعمال أخرى تعبر عن الكراهية استهدفت مساجد عن نتائج تذكر، في بلد بات اليمين المتطرف يشكل فيه ثالث قوة في البرلمان عبر حزب "ديموقراطيو السويد".

من جانب اخر أعلن مواطنون سويديون تضامنهم مع المسلمين بعد حريق متعمد تسبب بتخريب مسجد في البلد المعروف بتسامحه ولكن حيث تتنامى قوة اليمين المتطرف. وتجمع أبناء البلدة أمام المسجد تعبيرا عن تضامنهم. وقال رولان لندكفيست المتحدث باسم الشرطة: "حضر المئات للتعبير عن تعاطفهم". ودعت جمعية "معا من أجل بلدة اسكيلستونا" التي وقع فيها الحادث عبر موقع "فيس بوك" إلى "إلصاق قلوب قرب" المسجد. وقالت المتحدثة باسم جهاز الاستخبارات المشارك في التحقيق، سيربنا فرانزن: "إنها جريمة خطرة. ولكن حتى الآن ليست هناك فرضية غالبة".

ودان رئيس وزراء السويد ستيفان لوفن ما وصفه بأنه "عنف بغيض". وقال: "لن نتساهل مع مثل هذه الجرائم. الراغبون في ممارسة شعائرهم ينبغي أن يكون لهم الحق في ذلك". وقال رئيس جمعية مسلمي السويد عمر مصطفى لإذاعة السويد ازدادت الكراهية للأجانب". وأدى إلقاء عبوة حارقة في مسجد اسكيلستونا في وسط البلاد اثناء وجود نحو 70 شخصا بداخله، إلى إشعال حريق وإصابة خمسة أشخاص لا يزال اثنان منهم في المستشفى.

وقالت الشرطة كذلك إن مسجدا آخر في المدينة تعرض لهجوم حيث كسرت نافذة ولكنها لم تؤكد وجود صلة بين الحادثين. وبات اليمين المتطرف ثالث قوة في البرلمان عبر حزب "ديمقراطيو السويد" وغير المشهد السياسي بتأييده في كانون الأول/ديسمبر خطة الميزانية التي قدمها اليمين الوسط مرغما حكومة اليسار على إجراء انتخابات مبكرة.

على صعيد متصل اعلنت الشرطة السويدية ان اطلاق نار وقع داخل حانة في مدينة غوتنبرغ في غرب السويد اسفر عن سقوط "عدة قتلى". وقالت المتحدثة باسم الشرطة أولا بريهم "وقع اطلاق نار داخل حانة. هناك عدة قتلى، وعدد من الجرحى نقلوا الى المستشفى". واضافت "تم استخدام سلاح رشاش... لا يمكننا ان نستبعد ان يكون الامر متعلقا بعصابات. في هذه المنطقة كانت لدينا لبعض الوقت مشاكل ذات صلة بجرائم العصابات".

من جهتها نقلت صحيفة "افتونبلاديت" عن شاهد عيان قوله ان شخصين دخلا الحانة الواقعة في بيسكوبسغاردن في ضاحية غوتنبرغ مسلحين بما بدا انهما رشاشا كلاشنيكوف وأخذا يطلقان النار. واضاف "كنا جالسين نشاهد كرة القدم حين اتى مطلقا النار". وفرضت الشرطة طوقا امنيا حول المكان وفتحت تحقيقا جنائيا في الواقعة.

طالبو اللجوء

الى جانب ذلك يتنافر الريف المحيط بمركز اودنغاردن للاجئين في جنوب السويد بطبيعته الهادئة الخضراء مع الطابع الكئيب للقصص التي يرويها المقيمون هناك. فميسون محمود الحقوقية السورية من اصل فلسطيني البالغة من العمر 35 عاما، اعطت كل ما كانت تملكه لمهربين للوصول الى البلاد الاسكندنافية. لكنها تعيش في خمول وقنوط مع نحو مئة من الواصلين الجدد الاخرين الى هذا المركز المكتظ. وروت "ان الجميع هنا لديه مشكلة"، و"احيانا نرغب في البكاء". ورغم ما تلقاه سياسة السويد النبيلة حيال اللجوء من ترحاب، فان التدفق القياسي لطالبيه يثقل المالية العامة ويغذي الجدل حول الهجرة قبل استحقاق الانتخابات التشريعية.

فالعام الماضي لم يمنح اي بلد اوروبي اذونات اقامة غير السويد، وتتوقع البلاد الشمالية تدفق حتى 80 الف لاجىء اضافي هذه السنة، وهو امر غير مسبوق منذ النزاع اليوغوسلافي مطلع تسعينيات القرن الماضي. وفي مواجهة موجات جديدة من مناطق نزاع مثل سوريا والصومال، طالبت وكالة الهجرة في تموز/يوليو مبلغ 48 مليار كورون (5,2 مليار يورو) يضاف الى مبلغ 91 مليارا يدخل اصلا في الميزانية للسنوات الاربع المقبلة.

وفي حين لم يعد هناك اي مكان في مراكز الاستقبال المكتظة قد تضطر الوكالة لاستئجار فنادق ومراكز للشباب او مجمعات للعطل لاستضافة اكثر من الفي شخص يتوقع وصولهم كل اسبوع. ويصل اكثر من نصفهم الى مرفأ مالمو حيث يتقدمون بطلبات لجوء قبل اسكانهم موقتا في مكان اخر في البلاد. ومركز اودنغاردن الواقع في قرية روستانغا والذي كان مخصصا للمؤتمرات افضل دليل على النظام الخاص باللجوء المتبع في السويد.

وقالت محمود ان المكان "لا بأس به لكنه ليس مريحا لاننا نتقاسم الغرفة نفسها مع اخرين". واوضح مواطن سوري لا يتكلم سوى العربية انه كان صاحب مرآب لكنه بات الان يمضي ايامه يأكل وينام. ويبدو الغد صعبا بالنسبة له لانه لا يتحدث الانكليزية ولا السويدية. وازمة السكن لا تقتصر فقط على المدن الكبرى بل تشمل ايضا المدن والبلدات في الارياف التي يمكن ان يختارها طالبو اللجوء لكن بدون ان توفر لهم سوى القليل من فرص العمل. لذلك فان اللاجئين المقدر عددهم بأحد عشر الفا يبقون محكومين بالعيش فيها رغم حصولهم على اقامة بحسب المكتب الوطني للهجرة.

الى ذلك، فالهجرة اصبحت رهانا انتخابيا لا سيما وان صعود ديمقراطيي السويد، الحزب اليميني المتطرف المناهض للهجرة قد يضعف الحكومة المقبلة بحرمانها من غالبية برلمانية. وراى اندرس هلستروم الباحث في جامعة مالمو والمتخصص في مسائل الاندماج الاوروبي والسياسة الاسكندنافية "ان الاحزاب الاخرى تخشى اي شراكة مع ديمقراطيي السويد". وقال "ان اقلية لا يستهان بها (من الناخبين) تجذبها رسالة ديمقراطيي السويد ليس لديها اي حزب اخر لتصوت له".

وقد برز القلق الذي تثيره الهجرة على اثر اضطرابات ايار/مايو 2013 في الاحياء التي تضم نسبة كبيرة من المهاجرين في ستوكهولم وضواحيها، ما شوه صورة السويد الهادئة والمحبة للمساواة ولفت الى مشكلات الاندماج. وبعد ثلاث سنوات في البلاد حصل اقل من لاجىء من اصل خمسة على عمل. وبعد سبع سنوات ارتفع العدد بنسبة 50% فقط --مقابل 85% للمولودين في السويد. بحسب فرانس برس.

ورغم تأييد غالبية كبيرة من السويديين لسياسة لجوء ليبرالية، فان تساهلهم "يقتصر عمليا على دفع ضرائب مرتفعة" بحسب روبرت حنا مرشح الحزب الشعبي (ليبرالي) في صحيفة سفنسكا داغبلات. فالسويديون يقبلون بان يقصد اولاد المهاجرين المدارس نفسها التي يقصدها اولادهم "شرط ان لا يكون عددهم كبيرا جدا" كما قال حنا المتحدر من مهاجرين اشوريين، مضيفا "ان التمييز اليومي لا يأتي بشكل رئيسي من العنصريين من ديمقراطيي السويد بل من واقع ان من الاسهل الاختلاط مع من يشبهونكم اكثر وتوظيفهم".

مآدب عشاء للتعارف

من جانب اخر تدرس ايبا اكيرمان اللغة السويدية الى مهاجرين، لكن تبين لها سريعا انها الاسكندينافية الوحيدة التي يلتقيها طلابها فقررت جمع مواطنيها مع طالبي اللجوء هؤلاء حول عشاء في مبادرة تثير الكثير من الحماسة رغم بروز اليمين المتطرف في البلاد. وتوضح ايبا "بدأت احل مكان مدرسين اخرين في مطلع السنة وكنت اتشوق للتعرف على تلاميذي. لكن تبين لي سريعا اني السويدية الوحيدة التي يتكلمون اليها. فقلت في نفسي ان الامور ينبغي ان تتغير حول مائدة عشاء مثلا".

فتشاطر الطعام هو افضل وسيلة لكسر الجليد. وتشدد ايبا البالغة 31 عاما على ان "المضيف يزيد صحنا او صحنين ويتشارك مع المدعوين حياته اليومية". وبفضل صفحتها على فيسبوك بعنوان "وزارة الاختراعات" وضعت سويديين على اتصال مع وافدين جدد. وما ان عرفت جيني سيغورز الملحقة الاعلامية (42 عاما) واوربان سودرمان المسؤول التجاري (37 عاما) بهذه المبادرة حتى تطوعا للمشاركة.

وقد نظمت اكثر من مئة دعوة عشاء، وتوسعت المبادرة الى مدن جديدة في السويد ودول اخرى. وتوضح جيني "نتساءل دائما كيف يمكننا مساعدة الوافدين الى هنا. فتح ابوابنا امر سهل وملموس ويعطي نتيجة". وفي احدى الامسيات دق السوري ميخائيل زهير (29 عاما) على باب منزلهما الجميل في ضاحية ستوكهولم حاملا باقة من الورد. ويقول وهو يقدم الباقة الى اصحاب المنزل "في بلدي عندما تدعى الى عشاء ولا تحمل الزهور معك فهذا يعني انه لن تتم دعوتك مرة ثانية".

وهو يجلس من دون اي تكلف حول طاولة المطبخ. وقد اعدت صاحبة المنزل اطباقا من الحياة اليومية السويدية منها سمك السلمون مع البطاطا تليه تورتة لذيذة بالتفاح. ويقول ميخائيل سعيد "في يوم من الايام سمعت طلابا في صفي يقولون انهم لبوا دعوة للعشاء عند سويديين وانهم تناقشوا معهم واستمتعوا بوقتهم. فقلت في نفسي لم لا اقدم على خطوة كهذه؟" فسجل اسمه ووردته دعوة بعد ذلك. ويتابع "انا في السويد منذ عشرة اشهر وعلي ان اتحدث الى سويديين اذا اردت تحسين مستواي وان اندمج" في المجتمع. ويضيف "مع اصدقائي نحاول ان نتكلم السويدية ننجح بذلك لدقيقة ومن ثم ننتقل الى العربية!"

امام مضيفيه الفضوليين والاسئلة التي تنهال عليه يروي ميخائيل، قصته. فهو سوري مسيحي يعمل فني كهربائي اضطر الى هجر مدينته الصغيرة الواقعة قرب الحدود مع تركيا. انتقل اولا الى حمص حيث اصبح وضعه لا يطاق، ويوضح "قال لي والدي ان اغادر البلاد. واخترت السويد لان جدي يقيم فيها منذ 23 عاما ولان الحكومة فيها ستساعدنا. واشعر الان اني بامان".

وهو يرى مستقبله في السويد ويقول "ينبغي علي ان اتقن اللغة جيدا ومن ثم ان يتم الاعتراف بمؤهلاتي كفني كهربائي ومن ثم سابحث عن عمل". بحسب فرانس برس.

وقد توقف الان عن كرة القدم التي كان يمارسها يوميا "على اي حال لا استطيع ان اركض عندما يكون الجو باردا. هذا امر مستحيل!" ويقول اوربان "يبدو عازما جدا امل ان نبقي على الاتصال معه وان نتمكن من مواكبته". لكن يتبين ان سويديا واحدا تقريبا من كل خمسة لا يتواصل مع اي شخص من اصل غير اوروبي فيما اصبح اليمين المتطرف ثالث احزاب البلاد في ايلول/سبتمبر الماضي بحصوله على 12,9 % من الاصوات. وتقول ايبا " زادت الطلبات قليلا فالناس يريدون الالتزام. من خلال مشروعي اقيم الاتصال الاول وازرع البذور. فالاندماج يتم قبل كل شيء على مستوى الافراد".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي