حرب الإبادة في العوامية: هكذا يعيش الشيعة رعب القمع والتهجير
عبد الامير رويح
2017-08-03 05:20
صعدت قوات الامن السعودية حملتها القمعية ضد أهالي بلدة العوامية شرق البلاد في محاولة لإخماد احتجاجاتهم وتحركاتهم لنيل حقوقهم. ونقلت وسائل إعلام عن مصادر محلية وشهود عيان قولهم إن هذه القوات أجبرت أهالي البلدة على النزوح من منازلهم ومناطقهم وأقدمت على إطلاق النار بشكل عشوائي على المنازل والسيارات. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن سلطات النظام السعودي تحاول منذ أيار الماضي هدم الحي القديم في العوامية بهدف الحؤول دون إفلات الناشطين داخله من قبضة هذه السلطات.
بدوره اعترف التلفزيون الرسمي السعودي بإقدام أجهزة النظام الأمنية على تهجير السكان وإجبارهم على الرحيل محاولا تبرير هذه الممارسات بدعوى تأمين خروج الأهالي من بلدة العوامية وسط اشتداد اشتباكها مع من سمتهم مسلحين في المنطقة ذاتها. وهذه هي أحدث موجة من الاضطرابات الشديدة في المنطقة الشرقية التي تقطنها أغلبية شيعية تطالب بمزيد من الحقوق.
وكانت العوامية موطن رجل الدين الشيعي، نمر النمر، الذي كان يساند مطالب الشيعة، والذي أعدمته السلطات قبل عام ونصف. ويبدو أن الاضطرابات دخلت مرحلة جديدة أكثر خطورة. حيث تركز قوات الأمن السعودية على الحي القديم من بلدة العوامية. وتسعى السلطات السعودية إلى هدم تلك المنطقة التي يرجع تاريخها إلى نحو 200 عام، وبدأت خطوات الهدم في مايو/أيار. وقد قتل في الاشتباكات الأخيرة عدد المدنيين.
وبحسب ناشطين من داخل العوامية، شهدت شوارع البلدة انتشارًا لعدد من القناصين السعوديين لمنع الأهالي من الوصول إلى العوامية المحاصرة. وواصلت القوات السعودية عمليات تجريف وقصف المنازل، فيما أفيد عن استهداف البيوت بالأسلحة الرشاشة، من جانب اخر ذكرت بعض التقارير ان السلطات السعودية قد سعت ايضا الى الاستفادة من بعض الأشخاص المقيمين في المملكة من خلال تجنيدهم في قوات الامن بهدف قتل وترويع الاهالي.
كماعمدت السلطات السعودية لمعاقبة أهالي البلدة المُحاصرين، بدءاً من القتل و وقف الخدمات الحياتية بإغلاق المستوصف ومركز الدفاع المدني، وما رافق ذلك من قطعٍ للكهرباء والماء عن أحياء البلدة ، وليس انتهاءً بإحراق المنازل والسيارات وسرقة الممتلكات، وبالعودة إلى السياسات التي ينتهجها النظام، فإن من يغادر أرضه ومنزله ويترك أملاكه لتسرقها قوات الاجتياح.. لن يكونَ بمقدوره العودة إليها.. نهائياً.
قتال وتهجير
وفي هذا الشأن ذكرت وسائل إعلام سعودية ونشطاء أن مئات الأشخاص لاذوا بالفرار من بلدة العوامية شرق المملكة، إثر اشتداد المعارك بين قوات الأمن ومسلحين شيعة. واتهم بعض النشطاء قوات الأمن بإجبار السكان على الخروج من البلدة عن طريق إطلاق النار عشوائيا وهو ما نفته الرياض. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لتوفير مأوى للأسر النازحة من البلدة. واشتد القتال في الأيام الأخيرة في العوامية حيث تحاول السلطات منذ مايو/ أيار هدم الحي القديم لمنع المتشددين من استخدام أزقته للإفلات من قبضة السلطات.
وقال نشطاء محليون إن القوات السعودية سهلت خروج الناس الهاربين من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل بينهم شرطيين. وحصلت عشرات الأسر على أماكن إقامة مؤقتة في بلدة قريبة. وظهرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتوفير مأوى للأسر النازحة ورد عدد من الأشخاص بفتح بيوتهم بينما عرض آخرون دفع مبلغ من المال مقابل توفير أماكن إقامة مؤقتة خارج العوامية.
وذكرت صحيفة الحياة أن إمارة المنطقة الشرقية تلقت طلبات من سكان ومزارعين في العوامية لمساعدتهم على الخروج بعيدا عن الاشتباكات بين قوات الأمن ومن تصفهم بإرهابيين مسلحين. ونسبت الصحيفة إلى محافظ القطيف المكلف فلاح الخالدي قوله "تم التعاقد مع عدد من الشقق المفروشة في مدينة الدمام لإيواء الراغبين في الخروج من الأحياء المجاورة لحي المسورة وسط العوامية". وقال التلفزيون الرسمي إن السلطات دعت النازحين للتوجه إلى مقر المحافظة لطلب مساكن مؤقتة أو الحصول على تعويض عن المنازل التي اضطروا لتركها. بحسب فرانس برس.
ويتهم نشطاء محليون قوات الأمن بإجبار مئات السكان على الخروج من العوامية بإطلاق النار بشكل عشوائي على منازل وسيارات وهي تواجه مسلحين في المنطقة وهي اتهامات تنفيها السعودية. وقالوا إن عدة منازل ومتاجر أحرقت أو تضررت بسبب القتال. ووفقا لموقع مرآة الجزيرة الإخباري الذي كثيرا ما يعكس وجهات نظر الشيعة يقول السكان أيضا إن الحياة باتت لا تحتمل بسبب الانقطاع المتكرر للمياه والكهرباء في ظل درجات حرارة تزيد على 40 درجة مئوية.
تجند المرتزقة
على صعيد متصل تداول ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي صوراً لشاب يمني مقيم في المملكة وهو يرتدي خوذة ودرع عسكري ويتجول في حي المسورة بمدينة العوامية شرق المملكة. ويظهر في الصور التي تم تداولها بشكل كبير على صفحات التواصل الاجتماعي شاب يمني من قبيلة مراد بمحافظة مأرب وهو بصحبة عسكري سعودي أثناء حملة مداهمة واقتحام لحي المسورة بالعوامية الذي يتعرض أهلها لهجوم واعتداءات من قبل قوات النظام السعودي ومرتزقته.
واستنكر ناشطون وصحفيون إقدام السلطات السعودية على الزج باليمنيين والأجانب في حربها واعتداءاتها على أهالي المنطقة الشرقية الذين يتعرضون لحملة إبادة ظالمة راح ضحيتها عشرات الشهداء من المدنيين والأهالي. وتشهد المنطقة الشرقية حملات عسكرية وأمنية تنفذها السلطات السعودية منذ عدة أشهر بحق الأهالي في القطيف والعوامية بحجج واهية تسعى من خلالها إلى قمع وإذلال أهالي المنطقة ذات الأغلبية الشيعية.
من جانب اخر أكدت مصادر محلية في السعودية استشهاد الشاب محسن اللاجامي وشاب أخر من أبناء العوامية برصاص قوات النظام السعودي. وقالت أن جثة الشهيد اللاجامي في العوامية لا تزال أمام منزله بسبب إطلاق الرصاص من القوات السعودية مما يحول دون سحبها. وأفادت المصادر في القطيف بتجدد دخول آليات الهدم بلدة العوامية بعد دخول عدد من قوات الأمن الخاصة السعودية التي شاركت في عملية اجتياح العوامية، مستخدمة قذائف المدفعية، مشيرة الى أن قوات الأمن السعودية تقتحم المحال التجارية وتنهب الوقود والمواد الغذائية. إلى ذلك نشر ناشطون من سكان البلدة فيديوهات تظهر القصف التي تتعرض له بلدة العوامية، وتصاعد الدخان الأسود من بيوت المقيمين.
وفي تغريدات له على موقع "تويتر"، قال رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان علي الدبيسي إن العوائل القريبة "من التواجد العسكري في العوامية محاصرة بمنازلها تحت هدير القنابل والمدافع والقناصين، يخشون التحرك بعد وجود ضوء أخضر لقتل المدنيين". وأضاف الدبيسي أن "الذي عرفه معظم أهالي العوامية خلال يومين من تصعيد استخدام السلطات للسلاح، انتشار قناصة لقتل المدنيين يتمركزون في المدرعات أو على أسطح البنايات".
مدرعات كندية
الى جانب ذلك أعربت السلطات الكندية وبحسب بعض المصادر، عن قلقها الشديد من احتمال قيام السلطات السعودية باستخدام آليات مصفحة خفيفة كندية الصنع في عمليات أمنية ضد المواطنين في القطيف شرق البلاد. وقال المتحدث باسم وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند إن الوزيرة تشعر "بقلق شديد" بهذا الخصوص، وطلبت من أجهزتها إجراء "تدقيق فوري في الوضع". وأضاف المتحدث جون بابكوك "إذا اتضح استخدام صادرات كندية لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان فإن الوزيرة ستتخذ إجراءات".
وكانت صحيفة "غلوب اند ميل" الكندية نشرت معلومات تتحدث عن احتمال استخدام آليات مصفحة خفيفة باعتها الحكومة الكندية السابقة للسعودية، ضد المدنيين في إطار عملية أمنية واسعة أسفرت عن سقوط ضحايا في بلدة العوامية شرق السعودية، وقالت الصحيفة إنها حصلت على تأكيد من خبراء عسكريين أن الآليات التي أظهرتها الصور وتسجيلات الفيديو هي من طراز "غوركا ار بي في" التي تنتج في كندا.
وتقضي القوانين الكندية بتطبيق قيود على بيع المعدات العسكرية في حال انتهاك الحقوق الإنسانية لمواطني البلد الذي اشترى المعدات. وكانت الحكومة الكندية أعربت في وقت سابق عن مخاوفها من تصعيد العنف في شرق السعودية الذي ألحق خسائر في صفوف المدنيين.
معلومات عن العوامية
تشهد بلدة العوامية شرق المملكة العربية السعودية منذ فترة اضطرابات تتخللها أحيانا اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحين سقط فيها ضحايا. وفيما يلي معلومات عن بلدة العوامية والحي التاريخي بها: بلدة العوامية، التي يقدر عدد سكانها بـ 30 ألفا وتطل على الخليج العربي، ذات أغلبية شيعية وتقع في المنطقة الشرقية بالمملكة. منطقة المسورة،الحي التاريخي، بالعوامية يبلغ عمرها 400 عام، وتتمتع بتراث فريد، وذلك بحسب الأمم المتحدة.
العوامية هي مسقط رأس رجل الدين البارز نمر النمر الذي أدى قيام السلطات السعودية بإعدامه إلى تصاعد الاضطرابات في المنطقة الشرقية. المظاهرات والإحتجاجات بدأت في العوامية في شهر فبراير/شباط 2011 حينما كانت المنطقة العربية تعيش ذروة ما يسمى بالربيع العربي واتهمت السلطات السعودية حينها رجال دين شيعة وعلى رأسهم نمر النمر بالتحريض على المظاهرات.
الرياض تقول إنها ستقوم بإزالة حي المسورة، الذي يتألف من شوارع ضيقة، بعدما أصبح ملاذا "للمسلحين الشيعة" حسب قول السلطات. السلطات السعودية تقول إن الهدف من هدم الحي يأتي في إطار تطويره وإن بعض البيوت في الحي تعود لمئة عام وإجمالي عددها 488 بيتا حسب مسح أجرته عام 2014 وقد تم تقدير قيمة كل المنازل وقبض أصحابها قيمتها وانتهت المهلة المعطاة لهم للخروج من الحي. بحسب بي بي سي.
الأمم المتحدة تقول إنه يجب على الحكومة السعودية وقف ما وصفته بأعمال الهدم لحي تاريخي، والذي يتعرض سكانه لضغوط الإخلاء بدون توفير سكن بديل أو تعويض مناسب، وتتهم قوات الأمن السعودية بالإقدام على "إحراق يتعذر إصلاحه" لمبان تاريخية وبإجبار السكان على الفرار من منازلهم.