قوانين الهجرة الى أمريكا: قريبة من سياسة ترامب بعيدة عن حقوق المهاجرين
زينب شاكر السماك
2017-05-13 07:00
لم يمضِ كثيراً من الوقت على تسلم ترامب رئاسة الولايات المتحدة الامريكية، وأصدر الكثير من القرارات والقوانين التي تخص الحد من تواصل الهجرة لأمريكيا. حيث ان ملف الهجرة الى أمريكا كان من أولى اهتمامات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب اثناء حملته الانتخابية التي وعد فيها بالقضاء على المهاجرين ومنع دخولهم الى الولايات المتحدة الامريكية. وبحسب الاحصاءات الأممية التي اشارت ان عدد الوافدين الى الحدود تراجع في الاشهر الماضية وان ذلك يعود الى "الخوف الشديد من الخطاب المعادي للهجرة لادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
يعود سبب الانخفاض في اعداد المهاجرين أيضا الى القرارات التعسفية التي اصدرتها إدارة ترامب تجاه المهاجرون لكي تعرقل عملية عبورهم الى امريكا. حيث اقترحت وزارة الخارجية الامريكية إجراءات أكثر صرامة لاستجواب المتقدمين للحصول على تأشيرات لدخول البلاد ممن تعتقد أنهم يحتاجون لدرجة أعلى من التدقيق في مسعى نحو الوصول إلى "التدقيق المشدد" الذي طلبه الرئيس دونالد ترامب.
ومن ضمن تلك الإجراءات المتشددة تطلب السلطات من المتقدمين تسليم أرقام كل جوازات سفرهم السابقة وعناوين صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الخمس الماضية مع عناوين بريدهم الإلكتروني وأرقام هواتفهم ومعلومات شخصية عنهم تعود لخمسة عشر عاما لدى تقدمهم للحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة.
ان هذه السبل الجديدة التي استخدمتها إدارة ترامب مع المهاجرين الوافدين الى أمريكا بهدف حماية الأمريكيين قد اثارت غضب المتخصصون في قضايا الهجرة واعتبروا هذه الإجراءات سوف تتسبب على الأرجح في حرمان متقدمين ممن يخطئون دون قصد أو لا يتذكرون كل المعلومات المطلوبة من الحصول على تأشيرات.
أيضا كشف تقرير لمنظمة "هيومن رايتس فورست" ان الحكومة الاميركية ترفض بشكل غير شرعي وغير قانوني طلبات اللجوء التي يتم تقديمها عند الحدود مع المكسيك مما يجعل المهاجرين عرضة لعصابات تهريب البشر بينما يتعرض بعضهم للخطف او الاغتصاب او السرقة ورفضت وكالة حماية الجمارك والحدود التعليق على الموضوع.
في نفس الوقت وقع الرئيس الأمريكي على تطبيق مرسوم يهدف إلى حجب التمويل الاتحادي عما يُسمّى بـ"المدن الملاذات" التي تُعارض سياسته المتعلقة بالهجرة. ومنها إدارة سان فرانسيسكو وإدارة سانتا كلارا في كاليفورنيا. وقد رفضت المدن تلك الخطوة التي اتخذها ترامب واقامت دعاوى قضائية رفعتها إدارات محلية للطعن في أمر دونالد ترامب المتعلق بالهجرة.
من جانب اخر ومنذ احداث 11/ سبتمبر وافقت إدارة الجنسية والهجرة بالولايات المتحدة على منح نحو 22 ألف استثناء لمن قدموا مساعدة لإرهابيين بالإكراه من قانون (رفض الدخول لأسباب متعلقة بقضايا إرهابية) خلال العقد الماضي وفقا لأحدث البيانات المتاحة والتي تغطي الفترة حتى سبتمبر أيلول 2016.
في حين وجه ترامب وزيري الخارجية والأمن الداخلي بالتشاور مع وزير العدل لبحث إلغاء الاستثناءات في أمر تنفيذي صدر في مارس آذار. لكن ذلك التوجيه طغى عليه الحظر المؤقت الذي فرض على كل اللاجئين وعلى المسافرين من ست دول ذات أغلبية مسلمة.
التدقيق المشدد
اقترحت وزارة الخارجية الامريكية في وثيقة حكومية إجراءات أكثر صرامة لاستجواب المتقدمين للحصول على تأشيرات لدخول البلاد ممن تعتقد أنهم يحتاجون لدرجة أعلى من التدقيق في مسعى نحو الوصول إلى "التدقيق المشدد" الذي طلبه الرئيس دونالد ترامب.
وستنطبق المعايير الجديدة على 65 ألف شخص سنويا وهو ما يمثل نصف بالمئة من عدد المتقدمين للحصول على تأشيرات من مختلف أنحاء العالم وفقا لتقديرات وزارة الخارجية إلا أن تلك الإجراءات لا تستهدف دولا بعينها. وستشمل الإجراءات الجديدة أسئلة عن حسابات مواقع التواصل الاجتماعي. وفق رويترز.
وقالت وزارة الخارجية في مذكرة للسجل الاتحادي إن مجموعة من قواعد الاستجواب ستنطبق على "المتقدمين للحصول على تأشيرة هجرة وتأشيرة دخول الذين تقرر أنهم من بين من يتطلب السماح لهم بالدخول مزيدا من التدقيق فيما يتعلق بالإرهاب أو أي موانع أخرى لتأهلهم تتصل بالأمن القومي".
فحص صفحات التواصل الاجتماعي
وستطلب السلطات من المتقدمين تسليم أرقام كل جوازات سفرهم السابقة وعناوين صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الخمس الماضية مع عناوين بريدهم الإلكتروني وأرقام هواتفهم ومعلومات شخصية عنهم تعود لخمسة عشر عاما لدى تقدمهم للحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة وفقا للوثيقة لكن المسؤولين القنصليين لن يطلبوا كلمات السر لحسابات مواقع التواصل الاجتماعي.
وإذا ما تم التصديق عليها ستكون المعايير الجديدة أول خطوة ملموسة نحو فحص أكثر صرامة وهو ما طلب ترامب من الوكالات الاتحادية تطبيقه على المسافرين من دول اعتبر أنها تمثل تهديدا للولايات المتحدة في أمر تنفيذي أصدره في يناير كانون الثاني ثم أصدره بصيغة معدلة في مارس آذار. وفق رويترز.
معلومات اضافية
يضيف اقتراح وزارة الخارجية أن المتقدمين المعنيين بتلك التغييرات قد يطلب منهم توفير معلومات إضافية عن مواعيد سفرهم إلى مناطق كانت "تحت السيطرة العملية لمنظمة إرهابية" إذا وجد مسؤول قنصلي أنهم سافروا إليها. وقالت وزارة الأمن الداخلي التي تشارك أيضا في مهام مراجعة إجراءات الفرز للمتقدمين للحصول على تأشيرات إن طلب الخارجية لا يمنع وزارة الأمن الداخلي من تحديد "سبل جديدة لحماية الشعب الأمريكي".
وقال ديفيد لابان المتحدث باسم وزارة الأمن الداخلي "بعض التحسينات ستكون سرية والبعض الآخر ستكون علنية لكن الوزارة بدأت للتو فقط في (البحث عن) سبل لتحسين سلامة منظومتنا للهجرة". وقالت المذكرة التي جاءت في رويترز إن المتقدمين لن يمنعوا بالضرورة من الحصول على تأشيرة دخول حال فشلهم في توفير كل المعلومات المطلوبة إذا تبين أن بإمكانهم تقديم "تفسير يمكن تصديقه" للأمر.
فريسة سهلة للمهربين
كشف تقرير لمنظمة "هيومن رايتس فورست" ان الحكومة الاميركية ترفض بشكل غير شرعي طلبات اللجوء التي يتم تقديمها عند الحدود مع المكسيك. اوضح تقرير ان "على عناصر شرطة الحدود احالة طلبات اللجوء او الذين لديهم مخاوف من تعرضهم للاضطهاد الى مراكز تقييم او الى محكمة مختصة بشؤون الهجرة". وفق فرانس برس
واضاف "بدلا من ذلك، يرفض موظفون عند الحدود النظر في الطلبات ما يشكل مخالفة للقانون الاميركي وواجبات الولايات المتحدة بموجب معاهدات قامت بتوقيعها". واضاف التقرير ان طالبي اللجوء الذين ترفض طلباتهم بصورة غير مشروعة في إيل باسو او نوغاليس او سان دييغو او غيرها من نقاط العبور، يجدون أنفسهم عالقين في المكسيك وفريسة سهلة "للعصابات والمهربين"، بينما يتعرض بعضهم للخطف او الاغتصاب او السرقة.
احصاءات
في نفس الموضوع اجريت الدراسة بين شباط/فبراير ونيسان/ابريل 2017 وشملت 125 طالب لجوء ارادوا عبور الحدود اعتبار من تشرين الثاني/نوفمبر 2016، حسب ما اوضحت المتحدثة باسم المنظمة الحقوقية هيومن رايتس فورست كورين دافي لوكالة فرانس برس. وتابعت دافي ان بعض الحالات يعود الى الايام الاخيرة لادارة اوباما السابقة لكن وكالة حماية الجمارك والحدود "باتت اكثر جرأة منذ الانتخابات الرئاسية في 2016".
واشارت دافي الى انه "من المستحيل تحديد العدد الدقيق للاشخاص الذين تقبل طلباتهم للجوء او ترفض في الولايات المتحدة" لكن الاحصاءات الاخيرة لوكالة حماية الجمارك والحدود تشير الى تسجيل 8 الاف طلب بين كانون الاول/ديسمبر 2016 واذار/مارس 2017.
المدن الملاذات
من جانبه وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حكومته في أمر تنفيذي أصدره في 25 يناير كانون الثاني بوقف تمويل المواقع التي توفر مأوى للمهاجرين غير الشرعيين. ولم يبدأ سريان ذلك الأمر بعد لكن تصريحات سيشنز بدت الخطوة الأولى نحو ذلك. ويقول مسؤولو إدارة ترامب إن القيود على الهجرة تركز على المهاجرين غير الشرعيين المدانين في جرائم خطيرة.
كان وزير العدل الأمريكي جيف سيشنز قد هدد بقطع الإعانات عن المدن والإدارات المحلية الأخرى التي توفر ملاذا للمهاجرين غير الشرعيين وتعرقل جهود ترحيلهم. وأضاف سيشنز في إفادة صحفية بالبيت الأبيض "عدم ترحيل المخالفين الذين أدينوا بارتكاب جرائم يعرض مجتمعات بأكملها للخطر." ويهدف مرسوم ترامب إلى حجب التمويل الاتحادي عن تلك "المدن الملاذات" التي ترفض التعاون مع شرطة الهجرة الاتحادية.
قرار تاريخي
من اجل ذلك علّق قاض أميركي، تطبيق مرسوم وقّعه الرئيس دونالد ترامب ويهدف إلى حجب التمويل الاتحادي عما يُسمّى بـ"المدن الملاذات" التي تُعارض سياسته المتعلقة بالهجرة. والمدافعون عن تلك الأماكن يصفونها بأنها "ملاذات" تشمل محاكم وبلديات ومدناً معظمها محسوبة على الديموقراطيين ولا تخفي معارضتها لسياسات ترامب في مجال الهجرة.
وقد اتخذ القاضي في المحكمة الاتحادية في سان فرانسيسكو ويليام أوريك هذا الأمر الموقت، لاعتباره أنّ الحجج التي قدّمها محامون يمثلون سان فرنسيسكو ومقاطعة سانتا كلارا في كاليفورنيا محقّة. وسيحصل نقاش حول صلب هذا الموضوع في وقت لاحق. وفق فرانس برس.
ومقاطعة سانتا كلارا التي تُعتبر "نموذجا" لـ"المدن الملاذات" والتزمت حماية سكانها الذين لا يملكون أوراقا ثبوتية، حيّت في بيان قراراً "تاريخياً". وتقول سلطات سانتا كلارا إن المقاطعة قد تخسر زهاء 1,7 مليار دولار بسبب مرسوم ترامب. وتتلقى سان فرانسيسكو من جهتها ما يصل إلى ملياري دولار سنوياً كتمويل اتحادي.
استثناءات لقانون المنع
بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول 2001 وسع الكونجرس من تعريف من يعتبر إرهابيا وما يشكل "دعما ماديا" للإرهاب في حزمة قواعد ضمن قانون يعرف حاليا باسم قانون (رفض الدخول لأسباب متعلقة بقضايا إرهابية). وأقر الكونجرس لأول مرة استثناءات لقانون المنع لأسباب تتعلق بالإرهاب في 2007 بدعم من الحزبين وفي الأعوام التي تلت ذلك أضافت إدارتا بوش وأوباما مجموعات وظروفا أخرى لتلك الاستثناءات.
وجرت صياغة القواعد التي تحكم تلك الاستثناءات على مدى العقد الماضي بمساندة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. لكن في السنوات الأخيرة انتقدها نواب محافظون من بينهم وزير العدل جيف سيشنز عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ. بحسب رويترز.
الغاء الاستثناءات
لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب بدأت بمناقشة لإلغاء هذه الاستثناءات التي سمحت لعشرات الآلاف الهجرة للولايات المتحدة على مدى العقد الماضي. ويخشى بعض أصحاب المواقف المتشددة من الهجرة أن تلك الاستثناءات قد تسمح لإرهابيين بالتسلل للبلاد. ووجه ترامب وزيري الخارجية والأمن الداخلي بالتشاور مع وزير العدل لبحث إلغاء الاستثناءات في أمر تنفيذي صدر في مارس آذار. لكن ذلك التوجيه طغى عليه الحظر المؤقت الذي فرض على كل اللاجئين وعلى المسافرين من ست دول ذات أغلبية مسلمة. وفق رويترز.
ومراجعة الاستثناءات لم تكن متضمنة في الأوامر القضائية مما جعل هذا الجزء من الأمر التنفيذي ما يزال ساريا. وقال مسؤول في وزارة الخارجية إن الوزارة تعمل مع وزارة الأمن الداخلي على بحث تلك الاستثناءات و"تنظر بالفعل في سحبها بما يتسق مع الأمر التنفيذي". ورفض المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه إعطاء تفاصيل عن توقيت المراجعة أو نتيجتها المرجحة. ورفضت وزارة العدل التعليق.