النساء والحكم: محاولات لاقتحام معترك الرجال
زينب شاكر السماك
2016-12-17 08:17
على الرغم من وجود قيادات نسوّية قوية وناجحة حاليا في مختلف انحاء العالم، الا إن التمييز الذكوري في المجتمعات لايزال مستمر وحتى في المجتمعات الاكثر تطورا مثل الولايات المتحدة الامريكية التي استبعدت هلاري كلنتون في الانتخابات الاخيرة لكونها امرأة.. عليه يجب على المرأة ان تتخطى هذه الصعاب وتخوض هذه الحرب المقامة ضدها وان تصل الى المناصب السياسية وتتولى اعلى المناصب متجاهلة اصوات النشاز التي تدوي حولها.
تمكنت المرأة في البلدان الغربية والعالم المتحضّر أن تخوض معركة شرسة تنافس فيها الجنس الاخر على مناصب سياسية عالية كما رأينا نماذج عديدة لسيدات وزيرات ونائبات ومستشارات ورئيسات أحزاب سياسية كبيرة قدنَ دفة الحكم وتسلّمن القيادة منذ سنوات. ورغم ذلك، فإنهن ما زلن اقلية، واعدادهن تزداد ببطء شديد وذلك بسبب التمييز الذكوري المنتشر في المجتمعات وايضا نتيجة لواقع المرأة المجحف، والفكر الذكوري المتغلغل في العقلية البشرية.
ومع ذلك، فان هذا الامر لا يشكل قاعدة عامة، اذ ان العديد من النساء وصلن الى مناصب سياسية وهذا بات واضح في اليابان حيث اختار الحزب الديمقراطي حزب المعارضة الرئيسي في اليابان للمرة الاولى لقيادته امرأة اثارت اصولها التايوانية جدلا. وفي مدينة طوكيو اصبحت يوريكو كويكي (64 عاما) اول رئيسة بلدية لطوكيو ما يشكل استثناء في بلد توجد فيه العديد من العقبات امام النساء. وايضا رئيسة وزراء ولاية تاميل نادو جنوب الهند وواحدة من اكثر السياسيين شعبية في البلاد والتي اثار وفاتها ضجة كبيرة في ارجاء البلاد.
يرى الباحث الاسباني خوان خوسيه غارسيا اسكريبان، من جامعة مورسيا، ان وصول المرأة في الحياة السياسية يمكن ان يساعد على فرض نمط جديد. وقال "اعتقد ان الاسبان يرون بوضوح اكبر انه من المعتاد ان تكون النساء قادرات على ادارة البلاد وايجاد حلول للمشاكل، الاقتصادية مثلا، بعد ان ساهم الرجال في خلقها بشكل كبير".
بالرغم من التطور الذي تمر به الدول الغربية ووصول النساء الى مناصب سياسية مرموقة لكن نجد ان هناك العديد من العقبات امام تلك النساء عند توليهن منصب رئاسي او سياسي مهم وتكثر العقبات والمشاكل امامها والمنافسين والمؤامرات.
كما حدث مع نائبة رئيس الفيليبين ليني روبريدو التي اعلنت بانها ستتنحى مؤكدة ان مؤامرة تستهدف اسقاطها. وكتبت روبريدو التي تنتمي الى الحزب الليبرالي على صفحتها على موقع فيسبوك "تم تحذيري ان هناك مؤامرة تستهدف اقالتي من منصبي. اخترت ان اتجاهل هذه المعلومة واركز على عملي. ولكن يبدو ان المؤامرة في طور التحقق".
حتى في الولايات المتحدة، تواجه المرأة صعوبات اكثر في الوظائف الرفيعة المستوى والتمييز على المجتمع الذكوري "ففي نيويورك، لم يحدث ان تولت امرأة رئاسة البلدية. وبين 100 من رؤساء بلديات اكبر مدن في الولايات المتحدة، هناك 19 امرأة"، بحسب استاذة العلوم السياسية في جامعة كولومبيا. وقد رأينا ذلك واضح عندما سأل الرئيس الامريكي المنتهية ولايته باراك اوباما حول امكانية ترشيح زوجته للانتخابات في عام 22 رفض ذلك وكان رفضه قاطع مما يدل على تفشي المجتمع الذكوري في امريكا بلد الدمقراطية.
وكشف مركز "بيو" الاميركي للأبحاث في تموز/يوليو عام 2015 ان "النساء يشكلن حاليا نحو عشرة في المئة من قادة الدول الاعضاء في الامم المتحدة". ووفقا للأمم المتحدة، مثلت النساء الوزيرات 17,7% في العام 2015.
كما واعتبرت وزيرة الخارجية الارجنتينية سوزانا مالكورا المرشحة لخلافة بان كي مون ان احتمال انتخاب امرأة على رأس الامم المتحدة لا يزال يصطدم بتردد داخل المنظمة الدولية. وصرحت مالكورا لمجلة كلارين ان "التصويت لا يزال ينطوي على تمييز بحق النساء".
ميشال لن تترشح أبدا للانتخابات الرئاسية
وفي هذا الشأن انتشرت شائعات في الآونة الاخيرة في الولايات المتحدة الامريكية عن احتمال خوض السيدة الاولى الحالية للولايات المتحدة ميشال زوجة باراك اوباما غمار المعركة الانتخابية في 2020 ولكن أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن زوجته ميشال "لن تترشح أبدا" إلى الانتخابات الرئاسية في بلاده، نافيا بذلك تلك الشائعات.
ومنذ الفوز المفاجئ لدونالد ترامب على هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية في 8 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري ومواقع التواصل الاجتماعي تزخر بأصوات تطالب السيدة الأولى الحالية بالسعي لنيل بطاقة الترشيح الديموقراطية إلى الانتخابات الرئاسية بعد أربع سنوات.
لكن الرئيس المنتهية ولايته صرح في مقابلة مع مجلة "رولينغ ستون" أن الأمر محسوم لدى زوجته و"ميشال لن تترشح أبدا للانتخابات الرئاسية". وتابع "هي أكثر شخص موهوب أعرفه. يمكنكم أن تروا صداها غير المعقول لدى الأمريكيين لكن كما أقولها بمزاح فإنها أعقل من أن تخوض المعترك السياسي". بحسب فرانس24.
وكانت ميشال أوباما أكدت في أكثر من مناسبة أنها لا تعتزم سلوك نفس الطريق الذي سلكته هيلاري كلينتون بعدما خرجت من البيت الأبيض إثر انتهاء الولاية الثانية لزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون. وبعدما كانت السيدة الأولى على مدى ثماني سنوات (1993-2001) دخلت كلينتون مجلس الشيوخ قبل أن تصبح وزيرة للخارجية في الولاية الأولى لأوباما ثم خاضت الانتخابات الرئاسية حيث منيت بخسارة صاعقة أمام الملياردير دونالد ترامب.
وفي 20 كانون الثاني/يناير 2017 تغادر ميشال أوباما البيت الأبيض مع زوجها بعد أن تكون قد احتفلت بعيد ميلادها ال53 (ولدت في 17 كانون الثاني/يناير 1964)، مع زوجها الذي يكبرها بعامين.
التصويت لا يزال ينطوي على تمييز بحق النساء
"التصويت لا يزال ينطوي على تمييز بحق النساء" هذا ما صرحت به وزيرة الخارجية الارجنتينية سوزانا مالكورا المرشحة لخلافة بان كي مون لمجلة كلارين حيث اعتبرت ان احتمال انتخاب امرأة على رأس الامم المتحدة لا يزال يصطدم بتردد داخل المنظمة الدولية. وفي حال انتخابها امينة عامة، ستكون مالكورا اول امرأة تتولى هذا المنصب. بحسب ماورد من وكالة فرنس24.
واضافت مالكورا (61 عاما) التي كانت مديرة لمكتب الامين العام للأمم المتحدة "هناك دائما عائق صغير بالنسبة الى النساء رغم تكافؤ القدرات. وحين نرى اليوم ان هناك امرأة واحدة فقط في مجلس الامن (الدولي)، من الصعوبة الحفاظ على توازن معين ومساواة معينة".
واعتبرت ان خلافة بان كي مون "هو مسار طويل وليس انتخابا عبر ديموقراطية مباشرة". ولا يزال رئيس الوزراء البرتغالي الاسبق انطونيو غوتيريس الذي تراس لستة اعوام المفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة، في مقدم السباق لخلافة بان كي مون اثر تصويت ثان في مجلس الامن بداية اب/اغسطس. وحلت مالكورا من جهتها في المركز الثالث.
وقالت مالكورا ايضا "على الصعيد الشخصي انا راضية جدا. لا يزال موقعي جيدا كثالث مرشحة واول امرأة. ويخوض سباق الامانة العامة العديد من النساء مثل رئيسة الوزراء السابقة في نيوزيلندا هيلين كلارك والمديرة العامة لمنظمة اليونيسكو ايرينا بوكوفا. ويختار اعضاء مجلس الامن الامين العام الجديد باقتراع سري.
عارضة ازياء تتولى رئاسة حزب رئيسي في اليابان
اما رينهو ذات الاصول التايوانية عرفت في البداية كعارضة ازياء في ثمانينات القرن الماضي ثم صحافية تلفزيون كانت حاضرة في مدينة كوبي التي دمرها زلزال 1995. ودخلت البرلمان في 2004. ثم تولت لفترة وزارة الاصلاح الاداري في حكومة وسط اليسار في 2011. اختارها الحزب الديمقراطي حزب المعارضة الرئيسي في اليابان الذي يجهد منذ اربع سنوات في تحسين صورته لتكون رئيسة له.
وباستثناء نجوم التلفزيون، ليست اليابان معتادة على رؤية شخصيات من اصول متنوعة في مقدم المشهد العام. وفازت رينهو (48 عاما) نجمة التلفزيون المعروفة بصراحتها، برئاسة الحزب امام سيجي ميهارا (54 عاما) الذي تولى منصبي وزير النقل ووزير الخارجية، والنائب يوشيرو تاماكي (47 عاما). وقالت لـ (فرانس24) بعد اعلان فوزها "سأكون في الصفوف الاولى من معركتنا لإعادة بناء الحزب والفوز مجددا في الانتخابات".
وستتولى مهمة ثقيلة تتمثل في تحسين صورة الحزب الديمقراطي (وسط يسار) الذي شهدت فترة توليه الحكم (2009-2012) تقلبات متواصلة وتسونامي 2011 الذي تسبب في كارثة مفاعل فوكوشيما. وكانت رينهو نالت لقب "هيساتسو" (اطلاق النار للقتل) في برامج التلفزيون الحوارية، بسبب طريقتها في مساءلة البيرقراطيين بشان هدر المال العام في بلد تنتقد وسائل اعلامه بسبب نزوعها الى الرقابة الذاتية.
واثارت اصول رينهو التايوانية من جهة الاب، جدلا قبل التصويت. واضطرت للاعتذار عندما تبين انها لم تتخل ابدا عن جنسيتها التايوانية. ولا تعترف اليابان بازدواج الجنسية ومن يبلغون سن العشرين ولهم اصول اجنبية عليهم الاختيار بين الجنسيتين.
وازاء فشله اثناء فترة حكمه (2009-2012) هزم الحزب الديمقراطي في كافة الاقتراعات التي تلت ذلك امام الحزب الليبرالي الديمقراطي بزعامة اليميني رئيس الوزراء شينزو ابي. ويحكم هذا الحزب اليابان منذ 1955 بشكل شبه متواصل.
أول امرأة في التاريخ تشغل هذا المنصب
وعلى صعيد متصل وفي مدينة طوكيو تم اختيار يوريكو كويكي حاكمة للمدينة والتي شغلت سابقا منصبي وزيرة الدفاع والبيئة والتي تتحدث الإنكليزية والعربية بطلاقة، وبهذا ستكون كويكي أول امرأة في التاريخ تشغل هذا المنصب بحسب استطلاعات لرأي المشاركين في الانتخابات لاختيار حاكم لمدينة طوكيو.
والمهمة الأولى لكويكي (64 عاما) الإشراف على الإعداد للألعاب الأولمبية في 2020. وقالت بصوت مرهق في أعقاب حملة استمرت أسبوعين "سأتولى إدارة طوكيو بطريقة غير مسبوقة، ستكون طوكيو كما لم تروها من قبل". وأضافت لـ (فرانس24) "أريد أن يستطيع كل شخص أن يلمع في طوكيو، من الأطفال إلى المسنين والمعاقين، حتى تصبح حياة الجميع أفضل". وتنتهي ولايتها بعيد افتتاح الألعاب الأولمبية.
خلافات لا يمكن تجاوزها
هذا وقد اعلنت نائبة رئيس الفيليبين ليني روبريدو انها ستتنحى وقد واتخذت هذا القرار بعدما تلقت رسالة نصية من وزير اخر هو خون ايفاسكو يطلب منها فيها باسم رئيس الدولة "عدم المشاركة بعد الان في مجلس الوزراء".
وكتبت روبريدو التي تنتمي الى الحزب الليبرالي على صفحتها على موقع فيسبوك "تم تحذيري ان هناك مؤامرة تستهدف اقالتي من منصبي. اخترت ان اتجاهل هذه المعلومة واركز على عملي. ولكن يبدو ان المؤامرة في طور التحقق". بحسب فرنس 24.
وينتخب الرئيس ونائب الرئيس في اقتراعين منفصلين في الفيليبين، ما يعني ان رودريغو دوتيرتي المنتمي الى الحزب الديموقراطي لم يختر روبريدو لهذا المنصب في انتخابات ايار/مايو الفائت. واكد مارتن اندانار المتحدث باسم نائبة الرئيس تنحي الاخيرة في مقابلة تلفزيونية، متحدثا عن "خلافات لا يمكن تجاوزها". لكنه اضاف "اذا كان ثمة مؤامرة فان مصدرها ليس المعسكر الرئاسي" من دون تفاصيل اضافية.
من جهتها، اشارت روبريدو الى "خلافات عميقة في المبادىء والقيم" مع دوتيرتي وخصوصا حول كيفية التصدي لمهربي المخدرات. واسفرت الحرب على هؤلاء عن اكثر من الفي قتيل في البلاد في الاشهر الخمسة الاخيرة.
وفاة قلب الأم
ومن جهة اخرى توفيت جايالاليثا جايارام رئيسة وزراء ولاية تاميل نادو جنوب الهند وواحدة من اكثر السياسيين شعبية في البلاد، بعد مرضها، بحسب ما اعلنت مصادر طبية. وقالت مستشفى شيناي ابولو في بيان للاعلام انه "بحزن لا يوصف، نعلن وفاة رئيسة وزراء تاميل نادو المبجلة.
وتوفيت جايارام عن 68 عاما. وتتمتع بمكانة عالية في تاميل نادو. واضاء مئات من انصارها الشموع على مدار الساعة امام المستشفى الخاص الذي كانت تعالج فيه منذ ادخالها في ايلول/سبتمبر وهي تعاني من الحمى. وتضاعفت اعدادهم بعد تدهور حالتها.
وقدم رئيس الوزراء ناريندرا مودي تعازيه لوفاتها. وكانت جايارام تعرف عند ملايين اتباعها بلقب "اما" (الام). ويسود التوتر في الولاية الجنوبية بعد تقارير عن تدهور حالتها الصحية ووضعها على اجهزة التنفس الاصطناعي. بحسب فرنس24.
وفي وقت سابق اندلعت مشاجرات امام المستشفى بعد ان حاول العديد من الالاف من انصارها الذين تجمعوا خارج المستشفى، اقتحام حواجز الشرطة. وتم تعزيز تواجد الشرطة وقوات الامن في الولاية خشية حدوث الفوضى بسبب الغضب والحزن على وفاتها.
واكتسبت جايارام شعبية واسعة وولاء العديد من الناخبين في الولاية بفضل العديد من المشاريع التي لقيت شعبية كبيرة وبينها "مطاعم الامن" التي توفر وجبة الغداء مقابل ثلاث روبيات (خمسة سنتات اميركية).
وسجنت لفترة وجيزة في 2014 بتهم الفساد، وهو ما اثار احتجاجات واسعة فيما اقدم عدد من اتباعها على الانتحار. والغي الحكم لاحقا بعد الطعن فيه. واضرب الاف المخرجين والممثلين والمنتجين في قطاع صناعة الافلام الناجح بلغة التاميل عن الطعام للمطالبة بالأفراج عنها.