تركيا وسياسة تصفير المشاكل في ملتقى النبأ الأسبوعي
عصام حاكم
2016-07-23 02:33
ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية في ملتقى النبأ الأسبوعي ورقة اعدها الباحث الدكتور قحطان حسين بعنوان (تركيا والعودة الى سياسة التصفير)، تناول خلالها تفاصيل المتغيرات السياسية الجارية في المحيط الاقليمي للعراق، وذلك بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام في كربلاء المقدسة بمشاركة نخبة من الاساتذة الأكاديميين والمهتمين بالشأن العراقي.
واكد مدير الجلسة الدكتور قحطان حسين على "ان التحولات الأخيرة في السياسة الخارجية التركية، أعادت لتركيا بناء علاقاتها الاستراتيجية كاملة مع إسرائيل في الوقت الذي قدّم فيه السلطان التركي اعتذارا رسمياً للقيصر الروسي عن قيام تركيا بإسقاط الطائرة الروسية، وقد سبق هذا الاعتذار تحركات سياسية واضحة إذ بدأت تركيا بإرسال إشارات تتضمّن رغبتها بتصحيح المواقف وفتح صفحة جديدة في العلاقة مع روسيا وكذلك إسرائيل، وتجاوز تراكمات الماضي القريب".
ويبدو ان تركيا في ظل زعامة اردوغان قد جعلت نفسها في موقف حرج للغاية فسياسة التصعيد مع دول المنطقة كإيران ومصر واسرائيل وسوريا وحتى مع العراق وبعدها مع روسيا قد اعطى انطباعا عاما إن تركيا تنتهج سياسة تقوم على مبدأ التدخل في شؤون الاخرين مما اوجد ردود فعل لدى هذه الدول دفعها لتبني مواقف متشددة باتجاه تركيا على المستوى الامني والسياسي والاقتصادي، ادت هذه المواقف الى احراج اردوغان ووضعه في موقف غاية في التعقيد فالاقتصاد التركي قد تأثر بالغ التأثر بالأزمة مع روسيا".
واضاف حسين "ان ازمات المنطقة قد تعقدت مما انعكس على مصالح تركيا الاستراتيجية بشكل واضح ومما فاقم من درجة الحرج التي يواجهها اردوغان، ان الولايات المتحدة التي تربطها علاقات تحالف افتراضية مع تركيا باتت تلعب بوضوح في قلب مركز منطقة المصالح الاستراتيجية لتركيا وخصوصا فيما يتعلق بالدعم الامريكي للأكراد وعدم مبالاة امريكا بهواجس تركيا ومخاوفها من تزايد قوة الاكراد سوآءا في سوريا او في العراق او في الداخل التركي ادركت تركيا بعد فترة ثقل الضغط الاقتصادي عليها بعد العقوبات الروسية اثر حادثة اسقاط الطائرة الروسية على الاراضي التركية وهو الذي افقد تركيا ميزة التبادل التجاري مع روسيا الذي تصل قيمته الى ستين مليار دولار سنويا".
ويكمل حسين قائلا "ان الحرب في سوريا ومع مضي الوقت خلقت بعض التحولات في الموقف التركي مؤخرا فالخلاف بين روسيا وتركيا بشان سوريا قائم ومستمر ولكنه بدأ يخف شيئا فشيئا وهذا واضح من خلال قيام تركيا بفتح قناة اتصال مع الاسد والتلويح بإمكانية بقاء الاسد في منصبه اذا كان ذلك يخدم المصلحة والامن التركيين هذه البرغماتية في المواقف التركية الاخيرة قد تنسحب ايضا على العلاقات المصرية التركية اذا ترغب تركيا باستعادة العلاقات الطبيعية مع دول عربية مؤثرة بحجم وثقل مصر، نستطيع القول ان هناك اعادة تفكيك وتشكيل للعلاقات الدولية والاقليمية في المرحلة المقبلة قائمة على صياغة جديدة لخريطة التحالفات والتفاهمات".
ثم اردف قائلا "ان الاتراك ربما اصبحوا لا يثقون بالمواقف الامريكية بعد الدعم الامريكي لأكراد سوريا خلافا للرغبات التركية كما ان امريكا ماطلت وما زالت تماطل في طلب تركيا القاضي بإقامة منطقة امينة على حدود تركيا مع سوريا ولا ننسى كيف ان حلف الناتو قد سحب بطاريات صواريخ باتريوت من الحدود التركية بعد التدخل الروسي في سوريا مما اعطى اشارة بغياب الدعم الاطلسي لتركيا في مواجهتها مع روسيا كل هذه التطورات اوجدت رؤية قائمة على ان تركيا تعاني من الوحدة في العمل السياسي ومن اجل تلافي تلك الوحدة اخذت تفتح قنوات جديدة مع دول المنطقة للخلاص من وحدتها خصوصا بعد توتر علاقتها مع دول الاتحاد الاوربي بسبب ازمة اللاجئين".
واشار الباحث الى ان التقديرات الاخيرة تتحدث عن ان رئيس الوزراء التركي الجديد بن علي يسعى لزيادة عدد اصدقائها وتقليل عدد اعدائها، وقد سعى وبالسرعة الممكنة الى إجراء تغيير في سياسة تركيا الخارجية بشكل واضح في محاولة لتحقيق هدف تصفير المشاكل مع الدول لأن الاتراك أدركوا إن المشاكل مع الآخرين تلحق الضرر بهم، وإن الإمكانيات المتاحة لا تسمح لتركيا بإدارة هذه المشاكل بما يخدم المصالح الستراتيجية.
وطرح مدير الجلسة عدة اسئلة:
الاول: ماهي الاسباب الرئيسية للتحول التركي الجديد؟ وهل هو اعتراف بفشل السياسات السابقة؟
الدكتور علاء الحسيني الباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات قال بالحرف الواحد ان ما حصل في الآونة الاخيرة لا يدع مجالا للشك بأن تركيا قد ادركت ان السياسة التي كانت تنتهجها والعناد الذي تمارسه السياسية التركية ولاسيما شخص الرئيس أردوغان اوصله الى ابواب مؤصدة كثيرة في كل الملفات المطروحة كملف العراق وسوريا واللاجئين وغيرها من الملفات الاخرى".
واشار الحسيني الى ان الايجابيات التي حققها اردوغان وحزب العدالة والتنمية مهددة بالزوال، لا سيما بعد الانفتاح الاقتصادي والانجازات الاقتصادية التي حققها خلال الخمس سنوات الاخيرة، والعلاقات الخارجية التي بنيت خلال مدة طويلة اصبحت مهددة اليوم اذا ما استمرت تركيا على ذات النهج.
واوضح الحسيني ان تركيا قد أدركت مؤخرا باعترافها بالأخطاء التي ارتكبتها وخصوصا بعد حادثة اسقاط الطائرة الروسية على الاراضي التركية والتدخلات السافرة في العراق وسوريا وتحاول تصحيح تلك الاخطاء.
وقال الحسيني لاسيما ان تركيا قد أدركت بأن الولايات المتحدة الامريكية لا تبالي لأي اعتراض امام الدعم المتزايد للكرد في الوقت الذي يصرح فيه أردوغان بازدواجية التعامل مع الارهاب بوصفه هو الكرد بالإرهابيين بسبب تدخل حزب العمال في العراق وسوريا وتركيا الا انه على النقيض من ذلك يلقي الحزب الدعم المباشر من الولايات المتحدة.
مضيفا بالقول "ان المجتمع الدولي لا يطيق تركيا المتمردة والشعب التركي ايضا لا يستطيع التحمل اكثر بسبب تردي الوضع الاقتصادي وزيادة المشاكل الداخلية، لذا جاء قرار الشعب بالتغيير".
انقلاب لتصفية الخصوم
من جهته قال الحقوقي احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، "عندما نتحدث عن تركيا لابد ان تنصرف اذهاننا نحو حزب العدالة والتنمية وعندما نتحدث عن هذا الحزب بطبيعة الحال كأننا نتحدث عن شخص اردوغان وقد استطاع هذا الشخص وخلال وجوده في السلطة ان يعمد الى تصفية خصومة السياسيين والعلمانيين خصوصا وان مشوار عمله السياسي افضى الى نجاحات بسيطة في القطاع الاقتصادي التركي واستطاع ايضا التخلص من بعض المنافسين له بالحزب وبالنتيجة ترتب على ذلك طموحات ملموسة على صعيد التدخل بالشؤون الداخلية لبعض دول الجوار التركي ناهيك عن موقف الاتحاد الاوربي من تركيا وموقف الولايات المتحدة وكل تلك الاسباب وغيرها عقدت من مهمة اردوغان للبقاء والحفاظ على السلطة".
مواقف عدائية خاطئة
وقال الاستاذ حمد جاسم التدريسي في جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات، "ان تركيا لا تستطيع ان تستغني عن الدول المجاورة لها كالعراق وسوريا وروسيا ورغم تخبطها في بعض المواقف العدائية اتجاه تلك الدول الا انها أدركت تماما خطورة موقفها وحتى موقفها من الكيان الاسرائيلي له تبعات ملموسة على الواقع التركي وان حقيقة ومصداق تلك التوقعات جاءت من خلال التغيير السياسي في رئاسة الوزراء التركية وما نتج عنها من مواقف مغايرة بعض الشيء".
مكاسب سياسية
ويعتقد الباحث محمد، "ان المكاسب التي حصلت عليها السياسية التركية خلال العشرة سنوات الماضية هي مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة اما التراجع في السياسة والاقتصاد اعطت للسياسي التركي فرصة التفكير بالداخل من اجل الحفاظ على المكتسبات أفضل من خلق مكتسبات جديدة، وهذا مما عزز من قنوات للتصالح مع الاكراد في تركيا وبناء علاقة مع اكراد العراق استثماريا واقتصاديا".
مواقف متراكمة
في السياق ذاته قال الباحث الاقتصادي الاستاذ حامد عبد الحسين خضير، "ان السبب الرئيس لمتغيرات العمل السياسي والاقتصادي في تركيا جاء نتيجة الموقف الاوربي وعدم قبول تركيا كعضو بالاتحاد لاسيما وان دخول تركيا في الاتحاد له تبعات ايجابية مهمة على الواقع التركي سياسيا واقتصاديا وتجاريا وحرية تبادل السلع وتنقل الاشخاص".
من جانبه اعترض الاستاذ حيدر الجراح، مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث على اصل الاعتذار التركي وانه مجرد اسف على حادثة اسقاط الطائرة الروسية".
ضغوط لتغيير سياسات
وتساءل الاستاذ باسم عبد عون التدريسي والباحث في مركز الفرات، هل السياسية التركية تتوافق مع البنية والاقتصاد التركي؟، مشيرا الى ان حزب العدالة والتنمية خلق من تركيا دولة منعزلة اكثر من اسرائيل خاصة وحجم المشاكل الموجودة مع العراق وسوريا وايران وروسيا واليونان كل تلك الدول اصبحت دول معادية بسبب سياسية الرئيس التركي اردوغان وبالتالي فالاقتصاد التركي والجانب العسكري خلق نوع من انواع الضغط السياسي على اردوغان من اجل تغيير سياسته، اضف الى ذلك ان التحول في الموقف الاوربي اتجاه سوريا في نفس الوقت التفجيرات الاخيرة التي حصلت في تركيا وايضا بروز دور الاكراد في سوريا والتقارب الكردي الامريكي وكردستان العراق، هذا مما دفع بالسياسة التركية ان تنتهج اسلوب اخر ومنفتح اتجاه دول المنطقة وان هذا الموقف كان سريع وغير محسوب".
التدخلات الخارجية تسبب الخسائر
ويرى الاستاذ جواد العطار القيادي في المجلس السياسي للعمل العراقي وعضو سابق في البرلمان العراقي، "ان في السياسة الخارجية هناك مستويين من التعاطي، المستوى الاول يتركز على الاهتمام وان هذا الدور لا يتعدى فكرة المتابعة وتبادل المصالح والاستنكار والشجب بعيدا عن الفعل والتأثير الحقيقي، والمستوي الثاني من التعاطي ان يكون لهذه الدول دورا فاعلا على الارض فتركيا بعد استلام حزب العدالة والتنمية سياستها الخارجية كانت على اساس التأثير في المنطقة هذا ما تحدث عنه داوّد اوغلو في كتابه، لكن المفارقة الغريبة ان هذا التدخل بدل ان يكون ايجابيا كان العكس على تركيا والمنطقة والفضل يعود بذلك لأردوغان نفسه وان معدل التحول الحاصل في السياسة التركية الان جاء من جراء التصدع الداخلي وحتى داخل حزب التنمية والعدالة تفاقم المعارضة في الداخل التركي، وايضا التدخلات الخارجية لتركيا سببت لتلك الدول خسائر ضخمة".
مشاكل تركيا بسبب تدخلاتها الخارجية
الاستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، يرى "ان تراجع الدور التركي يعود لسببين: الاول حب عودة الإمبراطورية العثمانية من جديد وعدم قراءة الواقع السياسي العالمي بشكل صحيح وهذا الحلم جعل من تركيا تذهب بعيدا من خلال التدخل بشؤون الاخرين ورسم سياسة تفوق قدراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، والشيء الاخر المشاكل الداخلية التي تعصف بالواقع التركي خاصة ومع وجود هذا الكم من الانتكاسات الداخلية وايضا الانتصارات المتحققة في الجانب العسكري في سوريا والعراق".
اردوغان يحلم بالهيمنة العثمانية
الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام قال، "ان مشكلة الدول العظمى المندثرة انها تعيش حلمها بالعودة والامر هنا يكاد ينطبق على حلم اردوغان وهو يعاني من مشكلة العثمنة، الشيء الثاني اراد ان يعود كقوة عظمى بالمنطقة من خلال مشروع الاخوان المسلمين لكن هذا المشروع فشل وجاءت من بعده داعش وان كل الخيارات والتوافقات التي اعتمد عليها اردوغان كانت خاطئة، لذا فان تركيا اليوم ليس لها صديق في العالم بل هناك كراهية للدور التركي وان اردوغان ادرك متأخرا وجود نظام عالمي جديد يقوم على التحالف الامريكي والروسي وبالنتيجة افضت كل تلك المتغيرات الى رسم سياسة تركية تتناغم مع اصل وجوهر التحولات المرسومة على ارض الواقع".
السؤال الثاني: ما هو انعكاس سياسة التهدئة التركية الجديدة على الدور التركي بالمنطقة وما هي المكاسب السياسية التي من الممكن ان تجنيها تركيا مستقبلا؟.
الدكتور علاء الحسيني، قال "ان هذا الامر يتوقف على مصداقية حزب العدالة والتنمية وبالتحديد اردوغان فاذا اراد ان يصفر المشاكل فعلا فعليه ان يكون صادق مع نفسه ومع المجتمع الدولي من اجل تصفير المشاكل ولعب دور مهم واساسي في محارب تنظيم داعش الارهابي الذي يتخذ من تركيا الممر الامن والوحيد لدعمه بالمال والرجال".
واوضح احمد جويد "من الطبيعي في العمل السياسي التخلي عن الحلفاء وبناء تحالفات جديدة لاسيما وان تركيا لها سجل عالي من الاخفاقات اثر تدخلها في الشؤون الخارجية وبالتالي ان تخليها عن مواقفها السابقة وبناء علاقات سليمة مع دول الجوار والاهتمام بالشأن الداخلي سوف يعود عليها بمكاسب لا حصر لها وفي كافة القطاعات الامنية والاقتصادية والاستثمارية".
الدكتور سليم جوهر ناقد وعضو اتحاد الادباء والكتاب العراقيين وطبيب في سرية العباس القتالية للحشد الشعبي، صرف تحليلاته نحو معرفة حجم الدور التركي وهل لها تأثير محدود ام غير محدود في المرحلة المقبلة، معتقدا بوجود اتفاق استراتيجي روسي امريكي بهذا الاتجاه، فان العراق سيصبح مجالا رئيسيا لأمريكا مع احتمال مرور المصالح الروسية وسوريا هي المجال الحيوي لروسيا مع احتمال مرور المصالح الامريكية هذا الاتفاق قد يكون غير معلن لكنه اتفاق استراتيجي بعيد المدى ما يحدث بالمنطقة الان هو نتيجة للصراع الاقليمي للدول الاقليمية الكبرى الثلاث وهي تركيا السعودية ايران".
ويضيف جوهر "طبيعة هذا الصراع هي التي ستحدد الادوار وان النجاحات التي تحدث في سوريا واليمن هي التي تحدد طبيعة العلاقة بهذه المنطقة بين الاطراف الثلاثة لان العراق بطبيعة الحال انتهى من مرحلة داعش بشكل من الاشكال فبالتالي الرهان سيبقى على سوريا وعلى اليمن في كيفية التفاهمات بين الدوليتين الاقليميتين بالدرجة الاساس والسعودية بالدرجة الاخرى وهنا نستطيع ان نسأل هل امريكا تستطيع ان تضحي بتركيا وان تضحي بالسعودية وان الخيار الاقرب هو التضحية بالسعودية على حساب تركيا ولأسباب استراتيجية عميقة، اضف الى ذلك ان السعودية اصبحت الان بؤرة قلق للجانب الامريكي وان قوتها الاقتصادية مهددة بالتحجيم مقابل تنامي الاقتصاد الايراني التركي".
ووصف الباحث حمد جاسم العلاقة التي تربط تركيا مع الاتحاد الاوربي وروسيا واسرائيل (علاقة برغماتية) وهي تسير جانب الى جانب مع المصالح المتبادلة اما علاقة تركيا بسوريا والعراق فهي تحتاج لمديات طويلة وليس من السهل ترميم تلك العلاقة والعراق وان تأثير السياسة التركية على المنطقة لا يعطى دور اكبر لأنها ليست اللاعب الابرز في تشكيل الاحداث الدولية في سوريا والعراق.
وتحدث الباحث حامد عبد الحسين خضير، عن ان تركيا سعت فعلا الى انتهاج سياسية تصفير المشاكل وهذا مما ينعكس تلقائيا على تنامي القطاع الاقتصادي والسياحي والاستثماري التركي.
ويرى باسم عبد عون ان السياسة التركية ووفق تلك المعطيات خرجت من اللعبة خصوصا ومع وجود تلك الاصلاحيات الخارجية في السياسة التركية اتجاه سوريا والعراق وايران وروسيا ومصر وان هذا التغيير سوف يلاقي ممانعة من قبل امريكا لاسيما ومع وجود التقارب الروسي التركي.
من جانبه تساءل الناقد عادل الصويري، وبشكل صريح عن من يرسم السياسة التركية اليوم ما بعد وقبل الانقلاب الفاشل في تركيا الى جانب ذلك يمكن وصف المتغير السياسي التركي بانه صحوة موت.
ويعتقد جواد العطار ان مؤشرات تراجع القرار التركي له اسبابه وان من اولويات ذلك التحول هو غياب الدعم التركي لداعش وايضا خروج تركيا عن المحور السعودي القطري وبالمقابل هناك ترطيب للعلاقات الايرانية التركية وايضا تخلي تركيا عن دورها في سوريا وان مردودات تلك التكتيكات السياسية لها منافع كبيرة وكبيرة جدا لتركيا العلمانية.
واوضح عدنان الصالحي، ان تركيا لن تغير سياستها وان حجم المشكلة في تركيا اكبر من تركيا وان شخص الرئيس اردوغان وضع نفسه في مشكلة مزاحمة الدول الكبرى، وهذا ما لا تتجاهله الدول العظمى وان بوادر الانقلاب التركي الفاشل هو عنوان مقتضب للعقوبات الامريكية لتركيا وهناك حلقات اخرى لابد ان نصل اليها في سجل انتكاسات السياسة التركية في الداخل والخارج.
ويرى الشيخ مرتضى معاش ان تركيا لم تتخذ الخيار الصحيح والصديق الصحيح والعدو الصحيح، وتساءل عن هوية تركيا هل هي علمانية ام اسلامية ام قومية وهذه هي مشكلة جدا معقدة وهناك ايضا عقدة تعاني منها تركيا لاسيما مع أوربا وهي تعاني من عقدت النقص وعلى النقيض من ذلك هي تتعامل مع الشرق الاوسط ومع المسلمين بعقدة التفوق هذا مما اوجد مجموعة تناقضات في التعامل التركي مع الاحداث.
ويضيف معاش، "ان تركيا تمثل العمق الاستراتيجي لأوربا مع اسيا وهي لم تستغل تلك الميزة بما يخدم مصالحها بل عاشت على انقاض تلك الفكرتين لأبعد مسافة ممكنة ناهيك عن القضية الكردية التي تعاني منها تركيا وان السياسة التركية تتخبط لاسيما وان راسم السياسة الخارجية التركية يذهب للتحالف مع قطر او مع مسعود البارزاني على حساب العراق وايضا في قضية ارمينيا واذربيجان بالضد من روسيا فالتراكم التاريخي في تركيا خلق الكثير من الازمات".
ويعتقد خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية بوجود تحول جوهري في السياسة التركية اتجاه الاحداث بالمنطقة واتجاه الداخل التركي ايضا وهذه ارهاصات ناتجة عن السياسة السابقة وهي كانت على الاعم الاغلب خاطئة الا ان بوادر ذلك الانفراج تحققت من خلال تصفير المشاكل مع كل من الامارات وروسيا واسرائيل وايضا هناك اشارات على ترطيب العلاقات مع سوريا والعراق ومصير الانقلاب الفاشل هو الاخر يشكل دلالة مهمة نحو التغيير في السياسة الخارجية التركية وان تبعات تلك المحاولة له بصمات امريكية واضحة وهناك ثمة مواقف مشجعة وداعمة للمشروع التركي الجديد من قبل روسيا وايران وبريطانيا وعلى الدول الاخرى كالعراق وايران ومصر وسوريا استثمار الحالة التركية الجديدة ومساعدتها من اجل افشال المشروع الامريكي بالمنطقة.
السؤال الثالث: توقعات ما بعد الانقلاب في تركيا على شخص الرئيس التركي؟.
الدكتور علاء الحسيني، "يصف ان مجريات الانقلاب ستنعكس سلبا على الواقع التركي وعلى شخص الرئيس اردوغان".
واعتقد احمد جويد بانفراط عقد الثقة بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة السياسة وان اردوغان سيندفع نحو ردة فعل انتقامية ضد المؤسسة العسكرية وهو بطبيعة الحال سيخرج مجروحا من بعد الانقلاب الفاشل.
سليم جوهر يرى ان اردوغان سيعتمد على التداعيات التي افشلت الانقلاب لاسيما اذا ما تمثل الامر حالة النضوج الديمقراطي او الاصطفافات الحزبية.
باسم عبد عون وصف الانقلاب الفاشل بانه رسالة بعثها الجيش التركي للساسة الاتراك وان دور الرئيس التركي وحزب التنمية قد انتهى.
واشار حامد عبد الحسين خضير الى ان الشارع التركي يجد عنوان دعم ومساندة لمخططات اردوغان ولولا تلك الحقيقة لما اعاد الحراك الشعبي ميزان القوة للرئاسة التركية الحالية.
واعتبر حمد جاسم الحالية الأردوغانية اليوم ان صح ذلك القول هي اليوم اضعف من ذي قبل.
جواد العطار انحاز نحو حقيقة ان المنطقة تجربتين تاريخيتين الاولى ثورة الشواف ضد عبد الكريم قاسم وحينها عاد الزعيم عبد الكريم قاسم اقوى والتجربة الاخرى تجربة شاه ايران في العام 1952 ايضا اثناء عودتها عاد اقوى مع الفارق فان المؤسسات في العراق وايران ليست بمستوى المؤسسات في تركيا وان رأس السلطة في تركيا سيعود اقوى، وان بعض التكهنات تتحدث ان ذلك الانقلاب هو رسالة لعودة الرئيس التركي لبيت الطاعة الامريكية.
عدنان الصالحي، يعتقد بأن تاريخ الانقلابات في المنطقة دائما مايكرر حقيقة والنقيض منها كأن يكون راس السلطة المنقلب عليها يعود اقوى الا ان النظام يكون اضعف وهذا ما سجلت احداث الانتفاضة الشعبانية في العراق، علما ان الانقلاب بحد ذاته هو مؤشر على وجود خلل في الدولة، اضف الى ذلك ان الجيش التركي هو جزء من قوة تركية التي يلوح بها اردوغان خصوصا وان كل تصريحات وخطابات هذا الرجل جاءت مختلة ومرتبكة ومنفعلة.
وقال مرتضى معاش ان الهدف الاساس من الانقلاب هو انهاء حلم اردوغان في الاستمرار بالرئاسة، وان الدولة العميقة الموازية لديها تحالف مع بشار وهي تضغط على اردوغان من اجل ترميم العلاقة مع الرئيس السوري.
من جانبه الدكتور خالد العرداوي، قال من اللافت للنظر ان توقيت الانقلاب جاء بعد التغيير المفاجئ بالسياسة التركية بالمنطقة وهي رسالة امريكية بدون ادنى شك، الى جانب ذلك فان مؤسسة الرئاسة التركية وحزب العدالة والتنمية سيعود بقوة، وان المؤسسة العسكرية ستواجه مشكلة فليس من السهل ان تعيد قادة الجيش خصوصا وان لديها خبرات كبيرة وايضا هناك من يتوقع ان تمرر دعوات اردوغان لتشكيل النظام الرئاسي".
وختم الدكتور قحطان حسين مدير الجلسة حلقته النقاشية قائلا: ان مصير حكومة اردوغان ستحدد بعدة عوامل، منها هل يختار اردوغان اسلوب الاستبداد بقمع المعارضين ام ينتهج اسلوب الارضاء النقطة التالية الجماعات الاقتصادية الضاغطة سوف تعمل على تفعيل النشاط الاقتصاد والاستثماري مع الدول المحيط العربي والاوربي، اضف الى ذلك ان المواقف الدولية لتركيا المستقبل سوف تكون محطة مهمة للاستقرار في تركيا، والشيء الاخير ان طبيعة الجيش التركي عادة ما يرفض فكرة ان تكون محسوبة على نظام سياسي او حكومي لذا اعتقد ان النزاع سيستمر مع حكومة اردوغان مما سيفتح المجال اما محاولات انقلاب اخرى واذا ما توفر لها الدعم الدولي ستنجح ويصبح اردوغان نسيا منسيا.