أمريكا وروسيا.. تنسيق الصفقة المعجزة في سوريا

عبد الامير رويح

2016-07-18 08:26

الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا دخلت وبحسب بعض المراقبين، مرحلة جديدة ومهمة بعد الاتفاق الأخير بين الولايات المتحدة الأمريكية ورسيا، التي استطاعت قلب موازين القوى بعد تدخلها المباشر في هذه الحرب، من اجل تامين مصالحها الخاصة واستعادة دورها كشريك أساسي للولايات المتحدة في قيادة العالم وتحديد القرارات المهمة، منها إيجاد حلول جذري للأزمة السورية.

حيث سعت الإدارة الأمريكية وعلى الرغم من المشكلات والأزمات والخلافات الكبيرة مع الروس، الى إيجاد خطط جديدة لتعاون مع روسيا فيما يخص الحرب ضد تنظيم داعش في سوريا، وهو ما تعارضه العديد من الأطراف داخل الولايات المتحدة وباقي الحلفاء بسبب اختلاف وجهات النظر بين الجانبين، الأمر الذي قد يسهم بإفشال كافة التحركات والخطط والقرارات التي يتم الاتفاق عليها، يضاف الى ذلك ان العلاقات الأمريكية الروسية تشهد اليوم توترات وخلافات سياسية, كانت سببا طرد الدبلوماسيين وقيام قوات روسية بمناورات عدائية تجاه طائرات وسفن أمريكية وتجاهل وقف العمليات القتالية في سوريا حيث قصفت روسيا جماعات مسلحة تدعمها الولايات المتحدة هناك.

وما زال القلق يخيم أيضا على العلاقات بين موسكو وواشنطن بسبب الأزمة الأوكرانية وبسبب ما يعتبره الكرملين أنشطة غير مبررة لحلف شمال الأطلسي بالقرب من حدود روسيا مما أثار المخاوف من تحول الخلافات إلى مواجهات إما بشكل عارض في سوريا أو نتيجة خطأ في التقدير خلال المجابهات الجوية والبحرية من البلطيق إلى البحر الأسود. من جانب أخر يرى بعض المراقبين ان هذه التحركات ربما ستهم في خلق مناخ جيد وحدوث تقارب بين البلدين.

اتفاق مهم

فيما يخص اخر التطورات وكما تنقل بعض المصادر، فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على محاربة تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" في سوريا بلا هوادة ووصف لافروف المباحثات مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بالمكثفة جدا، وبأنها تطرقت إلى جوانب مختلفة من العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، مضيفا أن موضوع الأزمة السورية كان محور المباحثات.

وقال لافروف: "فيما يتعلق بتطوير الحوار المكثف الذي أجريناه عند الرئيس بوتين، درسنا بالتفصيل مسألة الخطوات المشتركة، التي يمكن روسيا والولايات المتحدة اتخاذها من أجل تفعيل الجهود الرامية إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن وقرارات مجموعة دعم سوريا". كما اتفقت موسكو وواشنطن على الخطوات المشتركة المحددة، التي يجب اتخاذها لتطبيق وقف إطلاق النار وإعداد الظروف المناسبة للانتقال السياسي في سوريا، دون الكشف عن تفاصيل. وأكد رئيس الدبلوماسية الروسية على أن الهدف المشترك لموسكو وواشنطن هو ضمان هدنة طويلة الأمد تشمل جميع أراضي سوريا، مشددا على أن الطرفين، الروسي والأمريكي، اتفقا على محاربة تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" بلا هوادة.

وفيما يتعلق بمسألة التعاون الروسي الأمريكي في سوريا، قال لافروف إن البلدين اتفقا على بذل كل الجهود الممكنة من أجل مواصلة الحوار السياسي حول سوريا. وشدد على أن أطر المفاوضات الحالية حول التسوية في سوريا غير فعالة والوضع يتطلب إجراء الحوار المباشر بين الأطراف المعنية، موضحا: "أن المفاوضات حينما يذهب وسطاء أمميون من غرفة إلى أخرى محاولين التوسط بين الأطراف السورية لن تسفر عن أي شيء.. وإرادة المجتمع الدولي المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن تتطلب حوارا مباشرا".

وأعلن لافروف أن الاتفاقات بين روسيا والولايات المتحدة، التي تم التوصل إليها خلال هذه المباحثات، سيبدأ تطبيقها في مستقبل قريب. وأضاف لافروف أن موسكو وواشنطن تدعمان تفعيل عمل المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، وتتوقعان أنه "سيقدم اقتراحات محددة حول الانتقال السياسي والإصلاحات السياسية لجميع الأطراف في سوريا، على أن تجلس حول طاولة المباحثات وتبدأ بالحوار السوري السوري الكامل الشامل والحقيقي". وأشار الوزير الروسي إلى التوافق الروسي الأمريكي حول ضرورة المضي قدما في الاتجاهات المذكورة "مع الاحترام الكامل للقوانين الدولية وتأمين الظروف للشروع على الحوار السوري الداخلي بصورة كاملة".

بدوره، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أنه في حال إنجاح تطبيق الاتفاقات، التي توصل إليها الطرفان، الروسي والأمريكي، سيؤدي ذلك إلى تغيير الوضع في سوريا. وقال: "لا نقول أن كل شيء يتغير في يوم واحد.. غير أنه في حال تنفيذ جميع ما طرحناه واتفقنا عليه بالفعل، ستأتي فرصة لتغيير الوضع جديا في حال تابعوا ليس كلامنا فقط، وإنما ما سيحدث".

وعند تطرق موضوع الفصل بين المعارضة المسلحة المعتدلة والإرهابيين، قال كيري إن بلاده وروسيا تريدان التوصل إلى فكرة واضحة حول تحديد هويات الجماعات في سوريا. وتابع: "لقد عملنا باستمرار على تطبيق كامل لنظام وقف إطلاق النار. بالطبع، كانت الصورة غامضة حول مواقع مجموعات مختلفة في سوريا وما الذي يجب عمله مع تلك المجموعات. أقصد أننا نسعى إلى التوصل إلى فكرة واضحة حول من يدعم من، ومن هو الذي ينبغي عليه تغيير سلوكه لتنفيذ نظام وقف الأعمال القتالية". وشدد كيري مجددا على أن الأزمة السورية لا يمكن تسويتها عبر وسائل عسكرية، وإنما تتطلب جهود دبلوماسية. أما أهداف التعاون الروسي الأمريكي في سوريا، فتتمثل في "استرداد وقف إطلاق النار الكامل وتخفيض مستوى العنف وخلق الظروف لتحقيق الانتقال السياسي السلس"، وفقا لكيري.

بوتين وأوباما

من جانب اخر أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي باراك أوباما، خلال مكالمة هاتفية، استعدادهما "لتكثيف التنسيق" العسكري بين بلديهما في سوريا، بحسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان إن "الجانبين أكدا عزمهما على تكثيف التعاون بين العسكريين الروس والأمريكيين في سوريا". كذلك، دعا الرئيس الروسي نظيره الأمريكي إلى السعي لانسحاب مقاتلي المعارضة السورية "المعتدلة" من صفوف جهاديي جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا، ومجموعات متطرفة أخرى "غير معنية بالهدنة"، بحسب المصدر نفسه.

وأضاف الكرملين أن "فلاديمير بوتين دعا محاوره إلى المساهمة في انفصال المعارضة المعتدلة عن المجموعات الإرهابية مثل جبهة النصرة". وذكر الكرملين أن المكالمة جاءت بمبادرة من روسيا وأن الجانبين شددا أيضا على أهمية استئناف محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة. من جهته قال البيت الأبيض في بيان إن أوباما أعرب مجددا لنظيره الروسي عن "قلقه" إزاء عدم احترام نظام الرئيس بشار الأسد للهدنة، داعيا موسكو إلى "الضغط" على حليفها السوري لكي يحترم التزاماته. وقال إن أوباما أكد على ضرورة أن تضغط روسيا على حكومة دمشق لوقف الهجمات على المدنيين ولإحراز تقدم في الانتقال السياسي من أجل إنهاء الحرب في سوريا. وأوضح البيت الأبيض أن الزعيمين أكدا على التزامهما بهزيمة تنظيم داعش و جبهة النصرة. بحسب فرانس برس.

وقال بيان البيت الأبيض "شدد الرئيس أوباما أيضا على ضرورة إحراز تقدم بشأن انتقال سياسي حقيقي لإنهاء الصراع في سوريا علاوة على وصول دائم للمساعدات الإنسانية." وشدد الرئيسان من جهة أخرى على أهمية استئناف مفاوضات السلام برعاية الأمم المتحدة، وذلك بعد فشل جولتين من التفاوض غير المباشر بين الأطراف السوريين منذ بداية العام في جنيف. وتتعاون أجهزة الأمن الأمريكية والروسية سلفا في سوريا، ودعت موسكو في حزيران/يونيو إلى القيام ب"خطوات مشتركة حاسمة ضد جبهة النصرة". ومنتصف أيار/مايو، اقترحت روسيا على الولايات المتحدة تنفيذ ضربات مشتركة ضد المجموعات الجهادية في سوريا، الأمر الذي سارعت واشنطن إلى رفضه.

بقاء ورحيل الاسد

في السياق ذاته قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ان اي تعاون عسكري بين واشنطن وموسكو في سوريا يجب ان يقود الى تشجيع عملية انتقال سياسي يستثنى منها الرئيس السوري بشار الاسد. وادلى الجبير بتصريحاته في وقت يقوم وزير الخارجية الاميركي جون كيري بزيارة لموسكو. وقال الجبير "في ما يتعلق بالتعاون الاميركي الروسي في مكافحة الارهاب، هذا امر كنا طلبناه". لكنه اضاف ان "المهم هو الدفع في اتجاه عملية سياسية في سوريا". وهذه العملية الانتقالية يفترض بنظر الرياض ان "تقود الى سوريا جديدة بدون بشار الاسد" .وقال "سنرحب بكل ما يساعد على دفع العملية في هذا الاتجاه".

من جهته اكد الرئيس السوري بشار الاسد ان موسكو لم تتحدث معه "ابدا" عن عملية الانتقال السياسي ورحيله من السلطة، وذلك في مقابلة مع محطة "ان بي سي نيوز" الاميركية ونشرت نصها الكامل وكالة الانباء السورية "سانا". من جهة اخرى، التقى الجبير في نيويورك الامين العام للامم المتحدة بان كي مون وبحث معه الوضع في اليمن حيث يقوم تحالف عربي بقيادة الرياض بالتدخل دعما لقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي في مواجهة المتمردين الحوثيين وحلفائهم. ويدور جدل منذ اسابيع بين الامم المتحدة والسعودية بشان تقرير صدر في حزيران/يونيو، حملت فيه المنظمة الدولية التحالف العربي بقيادة الرياض مسؤولية مقتل ستين بالمئة من 785 طفلا و1168 قاصرا سقطوا العام الماضي في اليمن. بحسب فرانس برس.

وعلى الاثر، ادرجت الامم المتحدة التحالف على قائمة سوداء تضم البلدان التي تنتهك حقوق الاطفال، وذلك قبل ان تعود عن هذا الاجراء في انتظار معلومات موسعة من الرياض قبل ان تجري مناقشة التقرير في مجلس الامن في الثاني من اب/اغسطس. وقال المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك "نامل ان يكون بوسع التحالف قبل النقاش في 2 اب/اغسطس مدنا ببعض المعلومات حول الخطوات العملية التي اتخذها". وقال الوزير معلقا على لقائه انه "يندرج في اطار حوارنا المنتظم مع الامم المتحدة وجهودنا من اجل تشجيع السلام والاستقرار في المنطقة". واكد الجبير مرة جديدة للصحافيين ان التحالف "يحرص" على عدم التسبب بسقوط ضحايا مدنيين "وعلى الاخص اطفال" في عملياته العسكرية في اليمن.

كما قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم انه لن يكون هناك حل للنزاع في سوريا ولن يزول الخطر الذي تمثله المنظمات الجهادية طالما بقي الرئيس بشار الاسد في السلطة. وكرر يلدريم خلال الايام الماضية تصريحات قال فيها ان بلاده تسعى الى اقامة علاقات مع سوريا بعد انهاء القطيعة مع اسرائيل وروسيا مثيرا تساؤلات حول تغيير الموقف التركي. وقال يلدريم في مقابلة مع هيئة "بي بي سي" ان على الاسد ان يرحل لانه لن يكون هناك حل للنزاع طالما بقي في الحكم.

وقال يلدريم "من جهة هناك الاسد ومن جهة ثانية داعش. اذا سألتم ان كنا نفضل الاسد ام داعش لا يمكننا الاختيار بينهما.

يجب ان يرحل كلاهما، كلاهما يسببان المشاكل للسوريين". وداعش. واضاف "لنتصور انه تم القضاء على داعش، لن يحل هذا المشكلة. طالما ان الاسد هناك، لن تحل المشكلة. وساد غموض بشأن موقف تركيا من سوريا بعد تنفيذ عدة اعتداءات في اسطنبول وفي انقرة في تشرين الاول/اكتوبر نسبت الى تنظيم داعش. ورغم العلاقات الجيدة مع سوريا قبل الحرب الاهلية المستمرة منذ خمس سنوات اتخذت تركيا موقفا عدائيا من نظام الاسد ودعمت فصائل مقاتلة معارضة له.

وقال يلدريم لمسؤولين في حزب العدالة والتنمية خلال لقاء في انقرة انه واثق ان تركيا "ستطبع" علاقاتها مع سوريا وفي حديثه الى "بي بي سي" قال ان الاسد يجب ان يتغير دون توضيح. وقال يلدريم "يجب ان تتغير الامور في سوريا لكن اولا يجب ان يتغير الاسد. طالما لم يتغير الاسد، لا شيء سيتغير".

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا